|
العم حسام الالوسي .. اجراس لذكرى رحيله .
بديع الآلوسي
الحوار المتمدن-العدد: 6697 - 2020 / 10 / 8 - 16:06
المحور:
الادب والفن
ما الزمن يا عم ؟ كل شيء حدث وكأنه البارحة ، فكيف لي ان اصدق ، انه وفي مثل هذا اليوم 7 اكتوبر ، قبل سبع سنوات في عام 2013، غادرنا والى الأبد العم حسام ، الذي كرمه المشتغلون معه ولقبوه بشيخ فلاسفة العراق . للأسف ، لم يتسع وقتي لأنعم بصحبته أو اكون قريبا منه ، وظلت علاقتي بهذا العم الطيب لا تتعدى لقاءات متباعدة واحاديث مبعثرة ، لكنني استطيع ان ازعم اليوم ، بأني قد عرفته من خلال كتبه التي اطلعت عليها في الغربة ، تلك الكتب التي اضافت لي الكثير واضاءة لي الدروب . اجل ، انفرط عقد السنين سراعا ً ، ولم تتح لي فرصة التحاور معه ، فيوم كنت في بغداد ، كان هو استاذا جامعيا ً في ليبيا والكويت واليمن ، ويوم عاد اواخر الثمانينيات ، كنت انا قد غادرت العراق ، وظل حلم اللقاء به مؤجلا لأكثر من عقدين من الزمن ، على الرغم من ذلك ، ظل العم حسام بالنسبة لي ولأخوتي ولكل من قرأ له ، مفكرا المعيا ً ذا تجربة هائلة ، يحق لنا ان نفخر به ، وكيف لا .. ومن يتتبع سيرة حياته ، يجدها كفاحا ً عنيداً ضد الجهل والتخلف ، ونضالا ً طويلا ضد الظلم بكل اشكاله والوانه ومعانيه . تلك المسيرة التي بدأها متفلسفا في مطلع شبابه ، والمتأمل لديوان الشعري ( زمن البوح ) يلحظ ذلك جليا في بواكير اشعاره ، اما سفره الحقيقي فقد بدأ مع أطروحة الدكتوراه التي حملت عنوان : ( مشكلة الخلق في الفكر الإسلامي ) .. ليواصل بعدها تدريس الفلسفة كأستاذ جامعي لنصف قرن تقريبا ، الف خلالها ما يربو على الثلاثين كتابا ً وبحثا ً اصيلا ً ، اعتمد في تأليفها على المنهج الجدلي التاريخي او ما اطلق عليه لاحقا بالمنهج التكاملي ، مؤكدا على جدلية العلاقة ما بين ( الفلسفة والعلم والفن ) وعلاقة كل ذلك لفهم الانسان والمجتمع والعالم ، من دون ان يغفل تلك الرؤية الحاذقة بربط التراث بالمعاصرة ، وهذا باعتقادي اجمل ما في كتبه ، واعني تلك النظرة الموسوعية التي يحتاجها كل قارئ له شغف بالفلسفة وحب للمعرفة . اليوم وانا احتفي بفكره النير ، واقرع الأجراس في ذكرى رحيله اقول : كثيرة هي خصاله الطيبة ، لكن اكثر ما كان يعجبني بالعم حسام الالوسي ، هو روحه المثابرة ونشاطه الدؤوب ، حيث واصل عمله في التأليف والاشراف على طلبة الدكتوراه حتى بعد احالته الى التقاعد ، وكذلك مساهماته الفاعلة كمحاضر ومحاور ومستشار في دار الحكمة . باذلا ً قصارى جهده لجعل الفلسفة زاداً يوميا في متناول الجميع ، فهل كان يحلم بتغيرنا ام بتغير العالم من خلالنا !؟ . اي تكن الاجابة لا ضير .. فهو كمثقف نوعي كان ينتمي لذلك الجيل من المثقفين العراقيين امثال : علي الوردي ، وصلاح خالص ، ومدني صالح ، وسامي عبد الحميد ، وفؤاد التكرلي ، والمخزومي ، ونوري جعفر ، ومنير بشير ، وجواد سليم ...الى اخره ، فجميع هؤلاء حاولوا تغيير العالم ، الذي للأسف لم يتغير بسبب الردة الفكرية التي حدثت في عموم عالمنا العربي !!! اما كيف تمكن الالوسي ( وسط هذه المعممة ) من التصدي لتلك الردة الظلامية ، وظل أمينا ً لرؤاه الفكرية التنويرية !؟ فالجواب برأيي : يكمن في اسلوبه الخاص بتأليف كتبه ، القائم على عرض الافكار بحيادية ، اخذا ً بالرأي وضده ، وصولا ً لما يريد قوله ضمنا ً، من دون ان ينسبه لنفسه علنا ً، وتلك لعمري براعة قل نظيرها في المؤلفين والكتاب ، ومن قرأ كتبه يفهم قولي وما اعنيه . ربما لهذا ، كان مع نخبة من المفكرين امثاله ، ممن حاولوا قرع اجراس الحقيقة وتجاوزوا الخطوط الحمراء ، وظلوا يراهنون على قدرة العقل في تفسير الظواهر الحياتية منها والكونية ، ناهيك عن نظرته الخاصة في دراسته كتب تراثنا الفلسفي القديم برؤى تنويرية حديثة ، مؤكداً في كل محفل ومناسبة : ان التفلسف قديم قدم الانسان ، وانه ضرورة حياتية لا محيص عنها .. وكل الفلسفات التي ندرسها اليوم ، هي مفيدة بهذا القدر او ذاك ، ولكنها ـ برأيه ـ لا تكتسب حيويتها وقوتها وخلودها ، إلا فيما إذا طرحت وعالجت قضايا واسئلة معاصرة ، وقد الف كتبا عديدة في هذا المنحى ، متصديا لمشاكل عصره ، وكان جريئا ً وشجاعا ً في طرح رؤاه . فتحية لهذا المفكر الجليل في ذكرى رحيله ، وله الذكر الطيب مع كل اشراقة شمس ، لأنه زرع فينا حب المعرفة ، وعلم الكثير منا جدوى التفلسف والاندهاش ...
لمعرفة اخر تطورات فيروس كرونا في بلدك وفي
العالم كله انقر على هذا الرابط
https://ahewar.org/Corona.asp
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,227,660,669
|
-
اغنية الكتابة
-
مع روحي على انفراد
-
الحجيج إلى شكفته خَمري
-
قصة قصيرة : الأرغن الذائع الصيت
-
ماذا يخبي الله لنا
-
86 نبراسا ً من المقاومة
-
هواجس كخبز القربان
-
الهبوط الرهيب
-
البوهيمي
-
عاشقان
-
احلم يا ولدي
-
نداء وطن وهدير التغيير
-
اللامنتمي والأبواب الخمس
-
اليوم المحتفي بنفسه
-
قصة قصيرة : القَبْرُ القرمُزيُ
-
كريم كطافة وحصار العنكبوت
-
قصة قصيرة جدا ً : الشبح
-
نحن موتى أذن !
-
ثلاث جرعات من الترياق
-
إيماءات رأس السنة
المزيد.....
-
مصدر طبي يتحدث عن تطورات الحالة الصحية ليوسف شعبان
-
جورج وسوف ينتظر دوره لتلقي لقاح كورونا ويوجه رسالة
-
أحمد عريقات: أدلة جديدة تدحض الرواية الإسرائيلية عن مقتله
-
كيف نسرّع عملية التمثيل الغذائي؟
-
فنانون ينتقدون النظام الكوبي بـ-الراب- والرئيس: أغنيتكم لا ت
...
-
أثر الوجود اليهودي في الثقافة المغربية
-
قادة سياسيون ومنتخبون حول العالم يراسلون جو بايدن لدعم القرا
...
-
مصر... لبنى عبد العزيز: دخلت التمثيل بالصدفة
-
الفنانة إليسا تهاجم وزير الصحة اللبناني وبعض النواب بتغريدة
...
-
معظم مقتنياته ما زالت مفقودة وإعادة إحيائه خجولة.. متحف المو
...
المزيد.....
-
هل يسأم النهب من نفسه؟
/ محمد الحنفي
-
في رثاء عامودا
/ عبداللطيف الحسيني
-
ظلال الاسم الجريح
/ عبداللطيف الحسيني
-
أسأم / لا أسأم...
/ محمد الحنفي
-
ستّ مجموعات شِعرية- الجزءالثاني
/ مبارك وساط
-
ظلال الاسم الجريح
/ عبداللطيف الحسيني
-
خواطر وقصص قصيرة
/ محمود فنون
-
هل يسأم النهب من نفسه؟
/ محمد الحنفي
-
قصة المايكرو
/ محمد نجيب السعد
-
ديوان شعر 21 ( غلاصم الزمن )
/ منصور الريكان
المزيد.....
|