أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال حسن - صعاليك بغداد














المزيد.....

صعاليك بغداد


جلال حسن

الحوار المتمدن-العدد: 6913 - 2021 / 5 / 30 - 13:58
المحور: الادب والفن
    


مرة، كان عبد اللطيف الراشد يقف بيني وبين المترجم حسين حسن في شارع الرشيد من بداية شارع المتنبي خلف مطعم كص "أم كلثوم" في صيف تموز ساخن من عام 2003، وحدث ان دبابة أمريكية دخلت شارع الرشيد من جهة تمثال الرصافي، وفوق برجها ضابط يلقي التحية على المارة، وحين اقتربتْ الدبابة من مكان وقوفنا رفع الضابط يديه للسلام، فما كان من عبد اللطيف إلا أن يرد التحية، فنظرنا أنا والمترجم حسين حسن اليه بغضب، كأننا نريد ان نفترسه بنظرات استنكار وامتعاض، فرد عبد اللطيف ببرود وعفوية قائلاً: لم أصافح الأعداء، أنه خطأ الرومان، بس خويه تره السلام لله.
كنت ألتقي به بلا موعد في فندق رائد الذي يقع في منطقة الميدان محلة البارودية خلف مصرف الرافدين جوار باعة بطاقات اليانصيب ومحلات بيع الخمور في منتصف دربونة يواجهها مقهى صغيرة يبيع أفضل شاي بالعالم يخدره على الفحم، وأكثر المرتشفين لهذا الشاي المذهل يشربون أكثر من استكان وبعضهم يطلب من الجايجي ان لا يغسل الاستكان للمرة الثانية لكي يبقى نفس المذاق.
في يوم حزين حكي ليّ عبد اللطيف عن ما يشعر به من أعراض المرض الذي استفحل عليه وجعل حياته لا تطاق، وطلب مني أن أذهب معه الى طبيب جراح لكي يخلصه من معاناته، وأنه لا يملك المال الكافي لفحص الطبيب، لكن دبر المبلغ، وأخبره الطبيب بضرورة الإسراع بإجراء عملية جراحية مستعجلة، وعلى أثرها دخل مستشفى الحيدري ” زايد” حاليا، لكنه لم يجري العملية.
وفي تلك الفترة انتقل عبد اللطيف الى فندق أكثر بؤسا بجانب الحيدرخانه قبالة فندق الشمال، فكنت أزوره مع الراحل الشاعر سليم السامرائي الذي كان يتحدث معه بالتخلص من حياة الفنادق والذهاب الى عائلته في قضاء المحمودية، لكن الراشد لم يكترث للحديث لأنه يعشق بغداد ويعتبرها ملهمته وسر عشقه، ولا يفارق اتحاد الأدباء والكتاب مساء كل يوم، لذا يعتبر لحظات وجوده في الاتحاد خلاص مؤقت من الوجع،
ولم أذكر يوما أن عبد اللطيف كان عدوانياً من أجل غرض سيء رغم مشاكساته الكثيرة وخطبه الرنانة، دائما كان باسماً ويحاول أن ينال رضا الجميع على الرغم من سكره الذي يصل الى الثمالة، لذلك حظي بمحبة خاصة عند الأدباء والأصدقاء حتى صار البعض يطلق عليه صفة الحمامة، وتكبر هذه الصفة الى الحميمية بينه والأصدقاء، فكان يصغي بهدوء ويضحك بصوت عال حين يصفه المرحوم سليم السامرائي بقوله: يا عبد اللطيف الراشد، أنت لا لطيف ولا راشد.!؟
مرة قلت له: يا لطيف أشعارك جميلة عليك أن تجمعها في ديوان لأنك تمتلك مملكة شعرية جميلة ومدهشة، وقدرة رائعة على الوصف ونسج الصور، فقال: أمنيتي أن أصدر ديوانا شعريا، ولكن الناقد الدكتور حسين سرمك حسن لا يقتنع بأشعاري.!
قلت له: ربما يأتي يوم ويقتنع الدكتور حسين سرمك بشعرك، والرجل لا يكره أحداً، لكنك تعكر صفوه بملحتك الزائدة عن الحدود، لذلك لا يقتنع بشعرك لان مواصفات الشاعر بذهنه لا تتصورها. ضحك ملء شدقيه وقال: عندي ديوان شعر بعنوان نزق سوف أصدره قريبا وأهدي النسخة الأولى منه الى دكتور حسين سرمك. وبالفعل طبع مخطوطة نزق بطريقة الاستنساخ، وبعدد محدود من النسخ نتيجة لتكاليف الطبع آنذاك، ووزعها على كثير من المقربين له.
كانت أمنية عبد اللطيف أن يعيش حياة جديدة بعد ان تعرف على امرأة طرحتْ عليه فكرة الزواج وكان هائما بها ويحكي عن مشاعرها وحنانها ويكتب لها رسائل وقصائد لكنه لم يكمل المشوار لان حياته عبارة عن مفارقات وعوز ومعاناة واحباطات قاسية.
وفي أخر لقاء معه في شارع المتنبي وجدته مهموما وحزيناً ويمشي بخطى ثقيلة ويتجعد على وجهه هدوء يشيء الى صمت ثقيل، صمت مليء بالصراخ والاحتجاج على حقيقة مرة، وهذه آخر مرة أرى فيها عبد اللطيف الراشد، وأخفي دمعة كبيرة بلا وداع على رحيله الذي صادف تعطيل كافة الصحف ولم ينشر خبر وفاته حينها إلا بعد أيام، في ذلك اليوم الحزين الذي صادف 15/12/ 2005
***
نماذج من قصائد الشاعر في ( نزق ):
قصائد للوطن الغالي
…………………
بلادي.. يا قرة العين
ما يطرب القلب رصاص سوى الناي
ولا يكتب الشعر سواي
**
انت الابجدية الاولى
ذاكرتي.. كوخ الملمات
كوخ الشاكرية… وشم الأمهات
بدرية والليالي الماطرات
صفير القطار في الكرخ يطربي
بلادي صحن مزار… مطر
صيحة مأذنة
استريحي رويداً
رأسك مرفوعا بحجم الأرض
وغبار الحروب ليس غبارا
خمسون من العمر مرت
ويدي في يديك
لا يغريني موج البحر
ولا فلك سواك
**
فاجأتك العواصف يا وطني
والشظايا والثعالب… والرصاص
**
الرمال قاتلت
والنار على رمالك صارت رمادا
البصرة كانت شاهدة هناك
وجرح تطهر بماء الفرات
**
كل المدافع تعطبت
كل العواصف تعبت
واخرس ازيز الطائرات
احلام الطغاة صارت مأتما
وانت باق بظهرك
تغسل وجه الارض يا وطني
العراق.



#جلال_حسن (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جنائز على قيد الحياة
- سحر الدهشة
- في ذكرى قدوري
- أيتها السمكة
- ثنائية الأسئلة
- عابرون
- لا تأت متأخرا
- ورقة من خريف أيلول
- موجة تستغيث من الغرق
- سينما أطلس
- في مراسيم تشييع جنازة
- في رحيل نزيهة أديب
- هذا ليس أنا
- أصابع على وتر الكمان
- مرآيا الغياب
- عكاز يتوكأ بلا بوصلة
- آخر المطبات
- لا أحد يتوقع أن يرحل
- جزع الانتظار
- محابر الغياب


المزيد.....




- المشاهير العرب يخطفون الأنظار في المهرجان الدولي للفيلم بمرا ...
- خمسون عاماً على رحيل حنة آرنت: المفكرة التي أرادت إنقاذ التف ...
- احتفاء وإعجاب مغربي بفيلم -الست- في مهرجان الفيلم الدولي بمر ...
- عيد البربارة: من هي القديسة التي -هربت مع بنات الحارة-؟
- افتتاح معرض فن الخط العربي بالقاهرة بتعاون مصري تركي
- عام فني استثنائي.. 5 أفلام عربية هزت المهرجانات العالمية في ...
- صناع فيلم -الست- يشاركون رد فعل الجمهور بعد عرضه الأول بالمغ ...
- تونس.. كنيسة -صقلية الصغيرة- تمزج الدين والحنين والهجرة
- مصطفى محمد غريب: تجليات الحلم في الملامة
- سكان غزة يسابقون الزمن للحفاظ على تراثهم الثقافي بعد الدمار ...


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال حسن - صعاليك بغداد