أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الله ظل الإنسان














المزيد.....

الله ظل الإنسان


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6912 - 2021 / 5 / 29 - 11:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
٤٤ - الله ظل الإنسان وصورته في السماء

لا شك أن الأنثروربولوجيا anthropology، كعلم لدراسة الإنسان قد ساهم بدرجة كبيرة في إلقاء الضوء على ظاهرة الأديان وأسباب ظهورها. مصطلح الأنثروبولوجيا من كلمتين يونانيتين، anthrôpos - ἄνθρωπος، والتي تعني "الإنسان"، وλόγος logos، والتي تعني العلم، أوالكلمة والكلام. كانت الأنثروبولوجيا حتى القرن التاسع عشر فرعًا من فروع المعرفة الفلسفية التي تضع الإنسان في مركز اهتماماتها، ولكن مع ولادة العلوم الاجتماعية، تغير معنى المصطلح ليشير بشكل أساسي إلى العلم الجديد والذي بدأ في التطور في منتصف القرن التاسع عشر.
ولا شك أن كتاب الغصن الذهبي The Golden Bough لمؤلفه "جيمس فريزر" James Frazer 1854 -1941 يعد من أهم الكتب الرائدة في مجال الميثولوجيا وعلم مقارنة الأديان، حيث تعرض فريزر في هذه الموسوعة الهائلة إلي العديد من المواضيع الميثولوجية المعروفة في الأديان والمعتقدات المختلفة في تاريخ البشر وقام بدراستها وتحليلها في إطار مقارن بالمعتقدات الحديثة موضحا مدي التشابه و ربما التطابق في العديد من الحالات بين ممارسات هذه المعتقدات القديمة البدائية و طقوس الديانات الحديثة
أما Émile Durkheim إميل دوركايم، عالم الإجتماع الفرنسي، 1858 - 1917، فهو أول من حاول إرجاع الممارسات الطوطمية Totemism إلى الدين، واعتبر هذه الطقوس والمعتقدات تعبير عما يوازيها من التنظيم الاجتماعي وهو العشيرة أو القبيلة باعتبار أن القوى الدينية هي القوة الجماعية والمجهولة للعشيرة. أما سبب اعتبار الطوطم مقدس فيرجع إلى أنه يمثل رمز للجماعة نفسها فهو يجسد القيم المحورية في حياة القبيلة أو المجتمع. وليست مشاعر الإجلال والإكبار التي يحملها أفراد الجماعة إزاء الطوطم إلا تعبيرا عن احترامهم للقيم الاجتماعية الأساسية السائدة بينهم.
إن موضوع العبادة هوالمجتمع نفسه الذي يسعى إلى أن يؤكد ذاته بذاته، ويرسخ شرعيته وقيمه ومن هنا فإن الآلهة هي صورة للمجتمع وليس المجتمع صورة للآلهة، ولم يخلق الله الإنسان على صورته كما تدعي الأديان التوحيدية، بل هو الإنسان نفسه الذي خلق الله على صورته وأعطاه صفات وقدرات بشرية كالحب والرحمة والعدل ولكن أيضا القسوة والجبروت والإنتقام. وأن الديانات لا تنحصر في المعتقدات فحسب، بل تتجاوزها لتشتمل على مجموعة من الأنشطة الطقوسية والاحتفالية الدورية التي يتجمع فيها المواطنون ويلتقون معاًوينظمون حياتهم. ويؤدي الانفعال الجماعي دورا مهما في التحولات الاجتماعية الكبرى حيث يولد الدين داخل بيئة الانفعال الجماعي من خوف ورهبة وقلق. تعتبر مجتمعات حضارة ما بين النهرين، من أوائل المجتمعات التي قامت بفصل الآلهة والقوى اللامرئية الكونية عن أشكالها الطوطمية البدائية، وأرتقى بها إلى صور مجردة في أفكار ومفاهيم لغوية. حيث أن تسمية الآلهة كانت عملية بالغة الأهمية ولها علاقة مباشرة بوظيفة الإله وتاريخه وإمكانياته ورتبته أو موضعه في التسلسل التراتبي الثيولوجي. فالتسمية كانت تضفي الوجود على هذه الكائنات الخيالية وتعطيها نوعا من الصلابة المادية والتاريخية أكثر فعالية من عملية التجسيم أو التمثيل البلاستيكي التي عادة ما تأتي في مراحل لاحقة لعملية التعميد والتسمية. ذلك أن العديد من هذه الآلهة نحتت في الحجر أو الطين بأشكال بشرية، وقد احتفظ العديد منها برأس الحيوان الطوطمي الأصلي. ويمكن تتبع آثار التقدم الفكري في هذه المجتمعات بمتابعة تطور اللغة واختراع أعظم وسيلة لتقدم البشرية وهي الكتابة. عملية التجريد النظري أدت بسرعة إلى تجاوز الطريقة التصويرية المباشرة للكتابة إلى الشكل الرمزي الإشاري والذي يستعمل العلامة المسمارية المكونة من خطوط مجردة بدل صورة الشيء نفسه. وهذا التجريد لم يحدث في الحضارة الفرعونية إلا لاحقا، حيث احتفظت بالكتابة التصويرية الهيروغليفية فترة طويلة من الزمن، ولم يتحرر المصريون من هذه الكتابة الصورية إلا بعد إحتكاكهم بالشعوب الأخرى وبعد غزوات متلاحقة لأراضي النيل في نهاية الإمبراطورية المصرية وسقوط الدولة الفرعونية. ويذهب البعض إلى إعتبار "التجريد" خاصية لشعوب ومجتمعات شرقي المتوسط ما أدى ليس فقط لظهور الكتابة، بل أدى إلى ظهور الفكر الفلسفي، حيث يعتبرون الفلسفة اليونانية إمتدادا طبيعيا لفكر هذه الشعوب، حيث الفلسفة اليونانية تعد في المقام الأول فكرا مشرقيا أيونيا انتشر مع الأساطيل البحرية التجارية الفينيقية في حوض البحر الأبيض المتوسط في الألف الأولى قبل الميلاد.
الحضارة السومرية تمثل إذا مرحلة مميزة من مراحل تكوين المربع الإبداعي البشري الذي مكن الإنسان من الإنعتاق من مملكة الحيوان الطبيعي، وخوض تجربة جديدة ومغامرة فريدة أدت إلى تحول هذا الكائن إلى "مشروع حرية" منطلقا من الطبيعة ذاتها ليبدع مفاهيم ومقولات نظرية مكنته من إنشاء حضارة زاهرة، مركبة وفريدة من نوعها.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموت بالتقسيط
- طفولة الآلهة
- تتحطم غزة ولا تنهزم
- الإيغريغور أو ميلاد الروح
- إعتراف مهاجر سيء الحظ
- كينونة الحجر
- سفينة السيد نوح
- الدين داء أم دواء ؟
- الثورة .. هي الحل
- الله والفيلسوف
- القاتل والمقتول
- عشتار وموت الله
- الإسلام والإغتيال السياسي
- التضحية بتموز
- عشتار تحت الأرض
- عن البداوة والحضارة
- القديسة العاهرة
- المهرج والساعة
- رأس فارغة للبيع
- عشتار


المزيد.....




- -لا يفهم كيف تعمل-.. شاهد كيف علق بولتون على قرار ترامب تحري ...
- -مكر الليل والنهار-.. الداعية علي الجفري يثير تفاعلا بدعائه ...
- بعد -صدمة- أرقام الوظائف.. ترامب يطيح بمسؤولة رفيعة في وزارة ...
- البشر الأوائل كانوا نباتيين .. هل تصدق؟
- أزمة النزوح المتكرر وانعدام الخيام في غزة
- أنظمة المنزل الذكي.. تحت المجهر
- الناس يرتدون قمصان النوم في كل مكان ما عدا السرير!
- ترامب عن ملفات جيفري إبستين: لا أريد إصابة أشخاص غير مذنبين ...
- أنقاض رومانية اعتُقد أنّها لكنيسة قديمة.. لكنّ الأدلّة تروي ...
- فيديو لمطاردة جنونية لرجل يقود شاحنة قمامة في شوارع مدينة أم ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - الله ظل الإنسان