أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سعود سالم - تتحطم غزة ولا تنهزم














المزيد.....

تتحطم غزة ولا تنهزم


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6898 - 2021 / 5 / 14 - 22:47
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


غزة تتحطم ولا تهزم

القليل جدا من الصحف الغربية وأدوات الإعلام تتجرأ على وصف ما تقوم به إسرائيل تجاه سكان غزة بالمجزرة أو بالمذبحة، والقليل من أدان الإستعمال "الغير متكافيء" للسلاح من قبل الجيش الإسرائيلي، وكأنه هناك إمكانية للتكافؤ بين جيش الإحتلال بمدرعاته وفيالقه وطائراته وأدواته الجهنمية، وبين شعب أعزل جائع محاصر مهان محتل مهزوم ممزق ضائع مراقب من السماء والأرض والبحر .. ولكن هذه الصحف وأدوات الإعلام - القليلة - التي تدين قصف غزة بالطائرات، لا تمارس سوى الإنشاء الركيك وإعادة نفس الإسطوانة القديمة في كل مرة، التنديد والإدانة للطرفين والدعوة للعمل من أجل السلام، وينسون ويتناسون أن المذبحة أو المجزرة أو القتل بالمئات أوأي من الصفات التي يمكن ذكرها واختراعها ليست مصطلحات " قانونية "، هم الذين يتغنون بالقانون والشرعية والديموقراطية ليل نهار، وإنهم يستعملون هذه الكلمات لمجرد التمويه والتعمية، مجرد كلمات بائسة عاجزة عن أن تقول شيئا له نتائج ملموسة، كلمات تظل ملقاة على الورق بلهاء خرساء صماء. إن ما قامت به وتقوم به إسرائيل يسمى في لغة القانون الدولي "جريمة حرب" ينفذها جيش إسرائيل الرسمي تحت سمع وبصر العالم بأسره، وهذا هو ما لا تريد الصحافة ولا الإعلام الغربي الإعتراف به ولا مجرد ذكره. لأن جريمة الحرب يعاقب عليها القانون الدولي بواسطة محكمة العدل الدولية والتي أخترعها الغرب ذاته لمحاكمة الأشرار الذين يرتكبون الجرائم في فترات الحروب .. ولكن من سيجرؤ على إتهام إسرائيل بارتكاب الجريمة، وهي الضحية التي تدافع عن حدودها، بايدن وماكرون وغيرهم من كبار ديموقراطي الغرب صرحوا بكل صفاقة : " إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها " فمن سيجازف بالمطالبة بمحاكمة الدولة الصهيونية ؟ وحتى إن وجدت هذه الدولة أو هذه الجهة الشجاعة، فهل تتجرأ محكمة العدل الدولية على قبول القضية المرفوعة ثم إدانة هذه الدولة الديموقراطية الوحيدة في المنطقة كما يرددون في كل يوم؟ وحتى لو حدثث المعجزة، وأدينت دولة إسرائيل أو المسؤول عن الجريمة، فمن سيجرؤ على تطبيق الحكم على إسرائيل؟ وربما لإستحالة العملية لرفع القضية ضد هذه الدولة المخيفة إن لم نقل المرعبة أدى في نهاية الأمر، إلى التخلي عن أية مطالبة بهذا الخصوص والإستسلام للأمر الواقع، لقناعة الجميع باستحالة التأثير على دولة إسرائيل، وعدم فعالية المؤسسات الدولية على كل حال لإنهاء الإحتلال وتوقيف الإستيطان والحد من المجازر.
إن الجريمة التي تقوم بها إسرائيل في هذه الساعات ليست الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة. والعالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا يعرف هذه الحقيقة المروعة، العالم لديه كل التفاصيل، عدد الموتى وعدد الجرحى وكمية الدم المسفوح وكمية الدموع، ويعرف عمق المأساة ومرارة الظلم، ولكن، هناك شلل وعجز أصيب العالم بأسره، فلا أحد يستطيع أن يتحرك، فلماذا يخاف العالم من إسرائيل؟ أم أنهم يصدقون حقا بأنهم شعب الله المختار ؟
ولكن جريمة الجيش الإسرائيلي تلقي ضوءا ساطعا على المنطقة بأسرها وتمكننا من أن نرى بوضوح معنى أحداث السنوات الأخيرة، بطبيعة الحال نحن هنا لا نتذرع بوجود أية خطة أو مؤامرة تستهدف هذه المنطقة الموبوءة بالبترول والطغاة والأمراء والشيوخ والعسكر والأنبياء والآلهة، ذلك أن الظروف وحدها هي التي أدت إلى تحطيم العراق وتفجير سوريا وتفتيت السودان وتمزيق اليمن وأسلمة ليبيا وعسكرة مصر، والصدفة وحدها هي التي جعلت هذه الكوارث تسقط على هذه الدول والمجتمعات المختلفة في لحظة واحدة. فليس هناك مؤامرة ولا "بطيخ" كما يقول إخوة السودان الذي مزقته ضباع أخرى بدورها قبل الأوان، إن الظروف الإجتماعية والسياسية والإقتصادية، وكذلك الظروف الجوية والبيئية من الرياح والعواصف هي التي حطمت هذه الشعوب وجعلتها تهيم في مدنها وعواصمها القذرة المليئة بالأوساخ والغبار، كالأشباح تجري وراء قنينة الغاز ورغيف الخبز وعلبة الحليب والطماطم. وعندما نذكر غزة أمامهم، يقولون والدموع في عيونهم: الله يكون معاهم. ولكن للأسف، الله نفسه هاجر للجانب الآخر حيث الضوء والدولار والويسكي، الله يتواجد في الجانب الآخر للأسلاك الشائكة، حيث تحالف الله الإسرائيلي مع الله الأمريكي يساندهم الله القريشي لتحطيم إرادة الشعب الفلسطيني، هذا الشعب الغريب والذي يرفض بعناد أن يموت ويرفض أن يترك خشبة المسرح، هذا الشعب الغريب الذي يتحطم وينكسر ويفجر ويفقد كل مقومات الحياة ولكنه مع ذلك لا ينهزم، لم يبق معه سوى صدره وذراعيه وأحجار بيته المهدم، وربما قصيدة لمحمود درويش أو لشاعر آخر يخرج من تحت الأنقاض ليجفف دموع الأطفال .



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإيغريغور أو ميلاد الروح
- إعتراف مهاجر سيء الحظ
- كينونة الحجر
- سفينة السيد نوح
- الدين داء أم دواء ؟
- الثورة .. هي الحل
- الله والفيلسوف
- القاتل والمقتول
- عشتار وموت الله
- الإسلام والإغتيال السياسي
- التضحية بتموز
- عشتار تحت الأرض
- عن البداوة والحضارة
- القديسة العاهرة
- المهرج والساعة
- رأس فارغة للبيع
- عشتار
- فرانكنشتاين
- لولبية العبث
- صخرة سيزيف


المزيد.....




- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- من اشتوكة آيت باها: التنظيم النقابي يقابله الطرد والشغل يقاب ...
- الرئيس الجزائري يستقبل زعيم جبهة البوليساريو (فيديو)
- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - سعود سالم - تتحطم غزة ولا تنهزم