أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - سمير غانم … بهجةُ الحيّ الشرقي














المزيد.....

سمير غانم … بهجةُ الحيّ الشرقي


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6908 - 2021 / 5 / 24 - 22:54
المحور: الادب والفن
    


حين رحل الشاعرُ الفرنسي "لويس آراجون" عام 1982، قطع التليفزيونُ الفرنسيّ برامجَه ليعلن كلمةَ الرئيس الفرنسي "فرانسوا ميتران" في رثاء الشاعر الكبير: (أيها الفرنسيون، اليومَ غربتْ شمسُ فرنسا. مات آراجون!). هكذا الدولُ التي تقدِّرُ الفنونَ وتحترمُ رموز القوى الناعمة التي تنهضُ بوعي الشعوب وترتقي بذائقته. ومصرُ من أولى الدول التي شيّدت حضارتَها على أعمدة العلوم والفنون. لهذا أكبرنا في الرئيس "عبد الفتاح السيسي" كلمتَه الطيبة في رثاء أسطورة الكوميديا المصرية والعربية "سمير غانم"، الذي غادرنا أول أمس تاركًا دمعةً في كل بيت، ووخزة حزن في كل قلب. قال الرئيسُ السيسي: (أنعي بمزيد من الحزن والأسى الفنان سمير غانم الذي رحل عن عالمنا تاركًا خلفه ميراثًا عظيمًا من الأعمال التي رسمتِ البسمةَ على وجوه المصريين، والأمة العربية. كان الراحلُ خيرَ نموذجٍ للفنان الذي عاش من أجل نشر البهجة وإسعاد الجميع.) كلمة رثاء محترمة عن فنان محترم من رئيس محترم. هنا يتوقفُ قلمي دهشةً، فما كنتُ أحسبُ أن أذكرَ اسمَ "سمير غانم" بقلب حزين. فهو "صانعُ الفرح" الذي ملأ قلوبَنا بالفرح مدى أعمارنا. بدأ عشقي للراحل العظيم في طفولتي حين شاهدتُ مسرحية "موسيقى في الحيّ الشرقي"، وتصوّرتُ نفسي طفلةً لذلك الأب القبطان الذي يكره الموسيقى ويُربّي أطفالَه بالحزم الممزوج بخفّة الظلّ. “سمير غانم" ليس وحسب فنانًا يقدم لك مشاهدَ كوميدية تنتزعُ من قلبك الهمَّ وتُشرقُ وجهك بالابتسام، بل هو "حالة إنسانية مبهجة" لا تتكرّر إلا كلّ ألف عام. "سمير غانم" ظاهرة بشرية مفطورةٌ على المرح وحب الحياة وإشاعة السرور في كلّ مكان يحلُّ به. لم تعتمد كوميدياه على ملامح جسدية غير مألوفة مثل السمنة المفرطة والنحافة كما لدى "لوريل وهاردي" أشهر ثنائي كوميدي بريطاني، أو على ملامح وجه مميزة كالشارب الكثيف القصير أو الفم الواسع مثل العظيمين: "شارلي شابلن" و"إسماعيل ياسين"، بل كان "سمير غانم" وسيم الملامح متناسق الجسد. وتلك في ذاتها مشكلةٌ لدى الكوميديان الذي يبدأ في استلاب ضحكات المشاهدين بتلك المفارقات الجسدية، منذ الوهلة الأولى. وأعرب "سمير غانم" نفسه عن ذلك القلق في بداية تكوين فرقة "ثلاثي أضواء المسرح" قائلا للضيف أحمد: (أنت تأسر قلوبَ الناس بنحافتك وضآلة جسمك، وجورج يخطف قلوب الناس بسمنته وملامحه الطفولية، أما أنا فبمَ اجتذبُ الناس؟) فأجابه الضيف أحمد: (أنت الكوميديان الوسيم، وتلك سابقة.) وهذا ما حدث. سرق "سمير غانم" قلوبَنا ولكن ليس بوسامة وجهه، بل بوسامة روحه التي كانت طوال الوقت تَضحكُ وتُضحكُ. في جميع الأفلام التي شارك فيها "سمير غانم"، كان يشيعُ البهجة والفرح؛ حتى في الَمشاهد التراجيدية وفي ذروات الصراع الدرامي. إنها مِنحةُ الله لهذا الأسطورة التي منحها اللهُ لأرضنا الغنيّة بمواهب أبنائها؛ لكي يرسمَ الفرحَ في قلوب المصريين. “ثلاثي أضواء المسرح" ليس مجرد فريق كوميديّ قدّم للمسرح المصري والشاشة العربية أعمالا كوميدية خالدة في ذواكرنا، بل كان هذا الفريق ويظلّ قطعةً من نسيج مصرَ، تحملُ رسالةً فنية واجتماعية مهمة: الضيف أحمد، جورج سيدهم، سمير غانم". يظلُّ الثلاثي "ثلاثي"، حتى بعد سقوط ورقاته الثلاث بالتتابع.
لم أر حزنًا جماعيًّا على رحيل نجم مثلما حدث مع "سمير غانم". فلم يكن فقط كوميديانا فريدًا، لكنه زوجٌ جميل وأبٌ جميل. أهدى لنا موهبتين رائعتين في عالم الكوميديا ورثتا عن والدهما خفّة الظل وحلاوة الروح. دنيا وإيمي سمير غانم، بارك الُله في رفيقي حياتهما الرائعين: "رامي رضوان”، و"حسن الرداد"، اللذين كانا ابنين بارين للوالدين الكريمين سمير ودلال.
أما صديقتي الجميلة "دلال عبد العزيز"، فلها عندي "سبحةٌ من العقيق الأحمر" جلبتُها من "المدينة المنوّرة”. فأنا أعلمُ أنها تعشقُ السبحات ولا تنقطع عن التسبيح طوال الوقت. اللهم مدّ يدَكَ الطيبة بالشفاء العاجل للسيدة التي وقفت جوار كل مريض وواست أسرة كلّ فقيد في الوسط الفني، ولها في قلوب المصريين مكانةٌ ومكان، وامنحها الصبرَ على مصابها الموجع في فقْدِ رفيق حياتها، حين تعلمُ برحيله بعد تعافيها بإذن الله. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بناءُ الإنسانِ المصريّ الجديد
- أشرف عبد الباقي … فنُّ إتقانِ الأخطاء!
- في عيد الفطر المبارك … مَن يغنّي للعيد؟
- بنو صهيون … والمسجد الأقصى
- شم النسيم … عيد ثقافة الحياة
- قالها الرئيسُ/ السيسي: تصويبُ الخطاب الديني
- الرقصُ ... بجناح مكسور
- نصومُ رمضانَ … ونجدلُ السعفَ ... لأننا نحبُّ
- أعطني هذا الدواء!
- ثكنة -رابعة- الإرهابية… لكي لا ننسى!
- شريهان ... فراشةُ البهجة ووهجُ الحياة
- المحبةُ المنثورةُ على وجه رمضان
- ماذا يقول المسيحيون عن رمضان؟
- ملكاتُ وملوكُ السَّلف الجميل ... يجوبون العالم!
- كمال الجنزوري …. وداعًا فارسَ البسطاء!
- هل أنتَ متسامحٌ دينيًّا؟ لستُ متسامحة!
- نوال السعداوي … عيناها في وهج الشمس
- هدايانا لأمهاتنا في عيد الأم… وهداياهن لنا!
- المصريون في وداع قداسة البابا شنودة
- مقتل سيدة السلام … والتطهُّر الأرسطي


المزيد.....




- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - سمير غانم … بهجةُ الحيّ الشرقي