أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - أشرف عبد الباقي … فنُّ إتقانِ الأخطاء!














المزيد.....

أشرف عبد الباقي … فنُّ إتقانِ الأخطاء!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6907 - 2021 / 5 / 23 - 02:42
المحور: الادب والفن
    


Facebook: @NaootOfficial
Twitter: @FatimaNaoot

“جريما" مكتملةُ الأركان، يتمُّ ارتكابُها الآن يوميًّا على خشبة "مسرح الريحاني" العريق في شارع عماد الدين بوسط البلد، على يد الكوميديان الكبير “أشرف عبد الباقي” وفريقه المسرحي. وليس من خطأ إملائي في كلمة "جريما"، فهكذا كُتبت على الأفيش، تحت عنوان العرض المسرحي: “مسرحية كلها غلط"، لكي تكتملَ أركانُ "الجريمة الكاملة" التي تنهج "فلسفة الأخطاء”. ساعتان من "الأخطاء الفنية" المقصودة، والمصنوعة بحِرفية عالية ودقّة وانضباط وتزامن مُتقن حتى تخرج للمشاهدين على هذا النحو الكوميدي المدهش. (حين تكون الأخطاءُ متقنةً؛ على نحو لا خطأ فيه). فيكون الخطأُ هو المتن، ويغدو تصحيحُ الخطأ جزءًا أصيلا من صناعة الخطأ القادم.
الديكور يتهاوى أثناء العرض، فيعيد الممثلون تركيبه، أثناء التمثيل، ويفقد بعضُ الممثلين الوعي جراء سقوط قطع الأثاث فوق رؤوسهم، فيتم استبدالهم فورًا بآخرين لا يحفظون الدور، فيدخلون خشبة المسرح حاملين أوراق النَّصّ ليقرأوا منه، ويتداخلُ الحوارُ مع السيناريو، فتحدث المفارقاتُ الفوضوية التي تبني جسدَ العرض على أعمدة مدرسة "كوميديا الأخطاء". وربما تذكّرنا العبارةُ بإحدى مسرحيات وليم شكسبير التي كتبها في بدايات القرن السادس عشر تحت نفس الاسم: Comedy of Errors التي تطرح السؤالَ الوجوديَّ الأشهر: “هل إدراكُنا لذواتِنا، يتطابق مع إدراك الآخرين لنا؟" لنخرج بالحكمة الإغريقية الشهيرة: “اعرف نفسَك”.
مسرحية "جريما في المعادي" مستوحاه من المسرحية البريطانية The Play that Goes Wrong التي كتبها هنري لويس، جوناثان ساير، وهنري شيلدز، وترجمتها للعربية "نادية حسب الله". اشترى حقوقَها الفكرية، وقام بتمصيرها وإخراجها وتدريب الممثلين على أدائها الحركي الصعب: النجمُ "أشرف عبد الباقي"، ليكسرَ بها الشرنقةَ النمطية التي يدور فيها المسرحُ المصري والعربي منذ عقود طوال، ويقدّم لنا عرضًا مسرحيًّا طازجًا من "خارج الصندوق" يجعلنا نفكّر كيف تتفجّرُ الكوميديا من جسد الفوضى الفنية المدهشة ومحاولات إصلاح "الأخطاء"، على مرأى من المشاهدين. فإن كان "بريخت" قد تكلم عن "كسر الحائط الرابع" الوهمي بين الممثلين والمشاهدين، وإدماج المشاهدين في متن العرض، فقد صنعت "جريما في المعادي" العكسَ، حين "أوهم" الممثلون أنفسَهم بأن ذلك الحائطَ الرابعَ المتخيَّلَ: موجودٌ و"مُصمتٌ"؛ وكأن المشاهدين لن ينتبهوا إلى الفوضى الحادثة على خشبة المسرح من انهيار قطع الديكور وخروج الممثلين عن النص، فتتفجّر الكوميديا ويتورط المشاهدون مع الممثلين في ملحمة كوميديا الأخطاء، فينتظرون الخطأ القادم، ثم الذي يليه، حتى يكتملَ نسيجُ الأخطاء الفنية المدروسة بعناية والمصنوعة بدقة فائقة وتوازن حركي بصري محكم؛ بعد تدريبات هائلة ومكثفة على فن "صناعة الخطأ". هنا يبرز السؤالُ السقراطي من جديد: “اعرفْ نفسك!" على لسان حال الممثلين: “هل يرانا المشاهدون كما نحن عليه من فوضى، أم كما نريدُ نحن أن يرونا عليه بعد محاولات إصلاح الفوضى؟"
نجح "أشرف عبد الباقي" في توظيف جميع أفراد طاقم العمل، بمن فيهم مهندسو الصوت والإضاءة والديكور ومصممو الملابس وفنانو ال BackStage، بالإضافة إلى نجوم العرض ليعزفوا معًا "سيمفونية الأخطاء الجميلة"، حتى خرجت للمشاهدين وقد أضحى "نشازُها" فنًّا رفيعًا.
"مسرحية كلها غلط، جريما في المعادي"، تُقدّم الآن وعلى مدى الشهور القادمة بإذن الله على خشبة "مسرح الريحاني" العريق، الذي أعاده للحياة عاشقُ المسرح "أشرف عبد الباقي" وفريقُه؛ بعدما تحول مع السنوات والنسيان إلى ركام وأطلال خربة، ليغدو اليومَ قطعة معمارية متلألئة بالنور والحياة والفن الرفيع. شاهدتُ المسرحية أول أمس مع أسرتي، وبعد العرض جلسنا مع النجم ساعةً للحديث، فاكتشفتُ فيه عاشقًا مُتيّمًا بفن المسرح، وليس نجمًا كوميديًّا ومخرجًا كبيرًا وحسب. اشترى "أشرف عبد الباقي" مسرحًا كاملا متنقلا، سوف يجوبُ به قرى مصرَ ونجوعَها، لكي يصل بهذا الفن العظيم إلى كل شبر من أرجاء المحروسة، من خارج العاصمة. المسرحُ مدرسة نتعلّم فيها ما فاتنا أن نتعلمه على مقاعد المدرسة. لهذا قال قسطنطين ستانيسلافسكي قبل قرنين: “أعطني مسرحًا، أعطِكَ شعبًا مثقفًا". طوبى لصُنّاع الفنون الراقية، لأنهم يساهمون في بناء الأوطان. “الدينُ لله، والوطن لمن يحترم فنونَ الوطن.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في عيد الفطر المبارك … مَن يغنّي للعيد؟
- بنو صهيون … والمسجد الأقصى
- شم النسيم … عيد ثقافة الحياة
- قالها الرئيسُ/ السيسي: تصويبُ الخطاب الديني
- الرقصُ ... بجناح مكسور
- نصومُ رمضانَ … ونجدلُ السعفَ ... لأننا نحبُّ
- أعطني هذا الدواء!
- ثكنة -رابعة- الإرهابية… لكي لا ننسى!
- شريهان ... فراشةُ البهجة ووهجُ الحياة
- المحبةُ المنثورةُ على وجه رمضان
- ماذا يقول المسيحيون عن رمضان؟
- ملكاتُ وملوكُ السَّلف الجميل ... يجوبون العالم!
- كمال الجنزوري …. وداعًا فارسَ البسطاء!
- هل أنتَ متسامحٌ دينيًّا؟ لستُ متسامحة!
- نوال السعداوي … عيناها في وهج الشمس
- هدايانا لأمهاتنا في عيد الأم… وهداياهن لنا!
- المصريون في وداع قداسة البابا شنودة
- مقتل سيدة السلام … والتطهُّر الأرسطي
- براءةُ أطفالنا … في رقبة من؟
- بيتٌ لا يعرفُ الحَزَن!


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - أشرف عبد الباقي … فنُّ إتقانِ الأخطاء!