أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - براءةُ أطفالنا … في رقبة من؟














المزيد.....

براءةُ أطفالنا … في رقبة من؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6840 - 2021 / 3 / 14 - 11:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


Facebook: @NaootOfficial

بعد واقعة التحرّش الأخيرة بطفلة المعادي على يد أحد الأشقياء، حاولتُ أن أتخيّل مدى رعب كلّ أمٍّ لديها طفلة. أوقنُ أن الهلعَ يسكنُ الآن كلَّ بيت مصري يضمُّ بين جدرانه طفلةً، خوفًا على براءتها من الخدش والعبث. براءةُ الأطفال هي اللؤلؤةُ المُشعّة التي ننهلُ من عذوبتها في قصائد الشعراء ولوحات التشكيليين وحكايانا وأسمارنا وطرائفنا. ولأنها حجرٌ كريم هشٌّ وسريع الزوال، نحاول أن نحمي أطفالنا من شظايا الواقع التي تجرحُ تلك الجوهرة قبل أوان انطفائها. نحاولُ إطالة زمن البراءة في أرواح أطفالنا قدر الإمكان، لكي يحيوا حياةً صحيّة مبهجة، قبل نضوج وعيهم وتراكم طبقات المعارف فوق سطح تلك الجوهرة النقية حتى يخبو بريقُها، حين يصيرُ الصغارُ كبارًا، يعرفون عن الواقع ما كنّا نخفيه عنهم؛ لكيلا ينطفئ البريقُ قبل الأوان.
بعض الرخصاء مرضى البيدوفيليا (عشق الأطفال الجسدي)، يُشوّهون جوهرة البراءة في لحظة (بفعلٍ)؛ حين يتحرّشون بطفلة أو طفل؛ كما فعل متحرشُ المعادي، وآلافٌ غيره لم تكشفهم كاميرا سيدة مثقفة مثل "أوجيني أسامة" التي فضحت المتحرش صوتًا وصورة. وبعضُهم يفعلون ذلك (بكلمةٍ) خسيسة غير ناضجة، حين يظهر شخصٌ على شاشة أو صفحة سوشيال ميديا قائلا إن (الطفلةَ يجوز نكاحُها، إن كانت "مربربة" تتحمل الوطء)! حين يسمعُ الأطفالُ هذه الكلمات، لن يفهموا المعنى، لكنهم سوف يستنتجون من أحاديث الكبار أن النكاحَ هو الزواج، والوطء هو انسحاقُ جسد طفلة تحت ثِقَل رجل ضخم. تتكونُ في مخيلة الأطفال صورةٌ مرعبة من حكايا الساحرات الشريرات اللواتي يخطفن البنات ويقدّمنهن للوحش المخيف. لكنّ مع هذه الصورة البشعة، ستستقرُّ عدةُ مفاهيمَ مخيفة في ذهن كلٍّ من: الطفلة، الطفل، والرجال.
أما الطفلةُ فسوف تنجرحُ براءتُها وتدرك أن شرًّا مرعبًا ينتظرها في مقبل الأيام، فترخُصُ قيمةُ جسدها في وعيها الصغير. وأما الطفلُ فسوف ينظرُ إلى شقيقته وزميلته في الفصل بنظرة دونية، ويتنامى داخله شعورٌ، يكبرُ مع الأيام، بأن البنات خُلقن ليكُنّ لُعبةَ لهوٍ وعبث لأجساد الذكور. وأما الرجالُ غير الأسوياء، فسوف تُريحُ تلك الفتوى ضمائرَهم، فيوقنون أن العبثَ بجسد أي طفلة أمرٌ عاديٌّ لا تهتزُّ له الجبالُ. يُقرّه الشرعُ إن كان بورقة زواج. ولا تنهدمُ به أركانُ المجتمع إن كان دون ورقة؛ مادام في الخفاء بعيدًا عن عيون الناس، في مدخل عمارة أو شقة مهجورة أو حافلة ركّاب!
انتفضَ المجتمعُ المصريُّ بكامله بعد واقعة تحرش "ذَكَرٍ" رخيص بطفلة تبيعُ المناديل، في مدخل عمارة بحيّ المعادي. هذه الانتفاضةُ لها دلالةٌ طيبة تشي بأن ضمير الوعي الجمعي يقظٌ وسليمٌ. وتلك نقطةٌ بيضاءُ في اللوحة السوداء الكابية. النقطةُ البيضاءُ الأخرى صنعها ترتيبُ الله الذي شاء أن يفضح شخصًا من أولئك الذين يتّخذون "الدينَ" ستارًا يخفون خلفه أوساخَهم. المتحرشُ المجرم صفحته الشخصية حاشدة بآيات القرآن الكريم، وصورٍ التقطها لنفسه في الحرم الشريف، لكي يوهمَ الناسَ أنه تقيٌّ ورعٌ يخافُ الله. وربما بالفعل يقيمُ فروضَ الله من صلاة وصيام، ولكنه من أولئك الذين صدّقوا قول "أدعياء الدين" الذين يفتون بشرعية "نكاح الطفلة المربربة التي تتحمّل الوطء". فإن كان لا يستطيع الزواجَ الشرعيّ بورقة ومأذون، فلا بأس أن يعبثَ بجسدها الصغير بعيدًا عن عيون الناس!
ولأن "براءة الأطفال" قيمةٌ شديدةُ الخطورة لبناء مجتمع صحيّ غير متهدّم الأركان، أنشأ العالمُ منظمة "اليونيسيف" UNICEF لحماية الطفل، وأعلنتِ الأممُ المتحدة اتفاقية حقوق الطفل، وإعلان جنيف عام 1924، وفي جميع دساتير العالم ثمّة مادة تشير إلى حقوق الطفل في المجتمع. وفي الدستور المصري الجديد تنصُّ المادة (80) على (التزام الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكل العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسيّ والتجاريّ.) ونتساءلُ هنا: هل الإساءةُ للطفل تنحصرُ فقط في التحرش الجسدي "بالفعل"، أم كذلك "بالقول"؟ هل يحاكمُ القانونُ المتحرشَ (بذات الفعل )، ويتركُ من أجاز انتهاكَ جسد الطفلة (بالقول)؟!
المجتمعُ الذي أشار بإصبع غاضب في وجه المتحرش الرخيص، لابد كذلك أن يشير بإصبع أشدّ غضبًا في وجه أدعياء يزعمون أنهم رجالُ دين، ويفتون بشرعية زواج الصغيرة! ففضلا عمّا بأقوالهم المريضة تلك من هتك لبراءة الأطفال وتقويض أركان المجتمع، إلا أنهم كذلك يُخرجون "الزواج" من مضمونه "المقدس" بوصفه "السكن والرحمة"، إلى كونه مجرد شراء جسد للهو والعبث والوطء، ويخرج العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة من إطار المشاعر الراقية، إلى عتمة الشهوات الرخيصة؛ ومن طرف واحد "يستمتع"، بينما الطرفُ الآخر يئن ويتألم وينزف ويتوجّع وتتدمر حواسُّه ومشاعره! “الدينُ لله والوطنُ لمَن يُكرمُ أطفالَ الوطن.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيتٌ لا يعرفُ الحَزَن!
- الانفجارُ السكّاني … والضفدعُ المغلي
- في انتظار … كوكو!
- القليلُ كثيرٌ … في الطعام والعيال والفرح!
- ثروت عكاشة … أسطورةٌ مصريةٌ خالدة
- هل نستحقُّ كورونا وما يليها؟
- البرنيطة … أمّ شريطة صفراء!
- إلهام شاهين … فارسةُ دراما الرسالات
- الإنسانيةُ بوابةُ النهوض والحضارة
- صخرةُ محمود أمين العالم
- ماذا علّمتني سيدةُ: الباقياتُ الصالحات؟
- بيكار … مايسترو صناعة النور
- ضحكات المصريين ... في زمن الكورونا
- قلقاسُ الغطاس … في بيت ميرنا ذكري
- هديةٌ السيدةِ التي لم أرها!
- بوابـةُ العَدَم
- -الكريسماس- على الطريقة الإنسانية
- وحيد حامد … رجلٌ لهذا الزمان
- الوعي بالحياة … الوعي بالموت
- لا يرون … لكن اللهَ يرى!


المزيد.....




- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - براءةُ أطفالنا … في رقبة من؟