أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - القليلُ كثيرٌ … في الطعام والعيال والفرح!














المزيد.....

القليلُ كثيرٌ … في الطعام والعيال والفرح!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6827 - 2021 / 2 / 28 - 11:43
المحور: حقوق الانسان
    


Facebook: @NaootOfficial

"القليلُ كثيرٌ، والكثيرُ قليل”. نظريةٌ معماريةٌ تعلّمناها في كلية الهندسة، لكنني اكتشفتُ أنه تنطبق على كلّ مناحي الحياة في الطعام والعيال، وكذلك في الفرح. "الإضافةُ عن طريق الحذف"، هي الفلسفة العبقرية التي انتهجها المعماري الأشهر: “لودفيح ميس ڤان ديرّو" ليعلّمنا أن التفاصيل الكثيرة تُفقِد الإنسان القدرة على تذوّقها والاستمتاع بها. كلّمنا قلّت التفاصيل زاد الجمال، والعكس صحيح. وتلك الفلسفة: Less is More, and More is Less تنطبق على كل شيء في الحياة تقريبًا.
دعوني أشارككم تجربتي الخاصة مع الطعام والوزن الزائد وأشياء أخرى. مع شهور الحظر العام الماضي، اكتسبتُ بضعة كيلوجرامات من الوزن الزائد. هرعتُ إلى صديقتي د. ريهام صفوت الحبيبي، استشاري التغذية وأمراض السمنة، فوضعتْ لي برنامجًا غذائيًّا علميًّا أفقدني ما أثقلَ كاهلي من أحمال، وأكسبني صحةً واستمتاعًا بطقس الطعام. الوجبةُ تكفي عصفورًا، لكن استمتاعي بالطعام زاد أضعافًا. فحين تتحوّلُ الوجبةُ إلى لوحةٍ فنيّة بها القليلُ جدًّا من الطعام موزّعٌ بأناقة على حوافِّ الصحن الأبيض، تكتشفُ أن احترامَك لكلِّ لُقيمة قد زاد، واستمتاعك بمذاقها قد تضاعف. ثمرةُ الجوافة التي تلتهمها في ثوانٍ، جرّب أن تتناولها ببطء في عشرين دقيقة، (لأنك تعلّم أنها كلُّ نصيبك من الطعام لساعات). سوف يجعلُك هذا تستحلبُ رحيقَها بتروٍّ واحترام؛ فتشعر بحلاوة مذاقها على نحو مغاير تمامًا من تناولها ضمن صحن به خمس ثمرات.
تلك فلسفةُ أشهر وأغلى مطعم في العالم: “أوستريا فرانشيسكانا" Osteria Francescana بمدينة "مدوينا" الإيطالية. صاحبُه ومديرُه الشيف: "ماسيمو بوتورا" الذي كان عاشقًا منذ طفولته لمكرونة التورتيليني؛ وكان يزعجُه تناولُ الناس لهذا الصحن بعجلة ودون احترام لمجرد الشبع. فقرر ابتكار صحن أطلق عليه اسم: “تورتيليني يتجوّلُ في الحساء"؛ وهو عبارة عن 6 حبّاتٍ مكرونة لا غير، تسبحُ في قليل من الصوص الأبيض، موزعةً في صحن أبيض كبير من الصيني. وللحصول على هذا الطبق "الشحيح" عليك الحجزُ مقدمًا في المطعم لشهور طوال، مقابل مبلغ باهظ لتلك الوجبة التي لا تُشبِع. لكنها في الواقع كافية لمنحك الشبع؛ لأنك سوف تتناول ببطء شديد، "وباحترام"، كلَّ مكرونة من المكرونات الستّ، إضافة إلى متعة تأملك اللوحة الفنية على خلفية الصحن الأبيض. هذا كلامٌ علميّ بالمناسبة؛ ففي تلك الوجبة الخفيفة ما يُشبِعُ الإنسانَ. لكننا لا نفطنُ إلى ذلك بسبب الاعتياد على التهام أطباق هائلة من المكرونة والأرز والطبيخ واللحوم؛ فتحمل أجسادُنا الدهونَ الزائدة، وتفقد أرواحُنا متعةَ الاستمتاع بالطعام واحترامه. وهذا يتفق مع الحديث الشريف: “بحسب ابن آدم لقيماتٌ يقمن صلبَه".
أظنُّ أن تلك الفلسفة: "القليلُ كثيرٌ، والكثيرُ قليل” تنطبقُ كذلك على عدد الأطفال الذين ننجبهم. لهذا يقولُ المثلُ الشعبيُّ الفطن: “عيّل مكسي، ولا عشرة عريانين". فلا شكّ أن الرعاية، بل والحب، الذي يُمنح لطفل أو طفلين، أكثرُ مما يمكن منحُه لخمسة أطفال أو عشرة. وشكرًا للرئيس السيسي الذي قرّر الوقوفَ بحسم أمام "غول" الانفجار السكاني الذي يبتلع جميع محاولات النهوض بالوطن، ويجعلُنا ندور في فلك العوز والاستدانة والمرض، ويرهق كاهل الوطن بمأساة أطفال الشوارع والتسرّب من التعليم وغيرها من كوارثَ مجتمعية لم نعد قادرين على مواجهتها؛ إلا بتنظيم النسل بأمر القانون، وليس بالمناشدة والتوسّل. وشكرًا لشيخ الأزهر د. أحمد الطيب الذي استجاب لمطلب رئيس الدولة بمكافحة الانفجار السكاني، وأعلن "أخيرًا" أن تنظيم النسل "حلالٌ حلالٌ حلال". وشكرًا دار الإفتاء المصرية التي أعلنت جواز اتِّخاذ الدولة ما تراه من تدابير لتنظيم عملية النسل وترغيب الناس فيه. ولن نتساءل: لماذا لم تُعلنِ المؤسسةُ الدينية هذا منذ عقود، لنوفّر على أنفسنا ما نواجهه الآن من أزمات طاحنة؟! فالوصول إلى الهدف "متأخرًا جدًّا"، خيرٌ من عدم الوصول على الإطلاق.
كان فيلم "أفواه وأرانب" في سبعينيات القرن الماضي أولَ ناقوس إنذار يُقرعُ لينبّه الناسَ بالكارثة القادمة. لكن الفيلم للأسف وضعَ نهاية "رومانسية" للمأساة بتشغيل الأطفال في مزرعة الرجل الثريّ؛ وهو حلٌّ فرديّ رهين مصادفة، ضاربًا صفحًا عن تعليمهم والرعاية الصحية والنفسية لهم. وبدأت المشكلةُ تتفاقم يومًا بعد يوم لأن مشايخَ متأسلمين أفتوا بتحريم تنظيم النسل، وراحوا يشوّهون الدينَ ويدمرون الوطن؛ لصالح "البزنسة" التي يتربّحون منها. أتمنى اليومَ أن تتخذ الدولةُ إجراءاتٍ حاسمة بشأن تنظيم النسل بإلغاء الدعم كليًّا عن الأسرة التي تنجب الطفلَ الثالث. فلن نشعر بجميع مظاهر النهوض التي نحياها الآن؛ إلا بمواجهة الانفجار السكاني الذي يلتهم كل بناء وتشييد في هذا الوطن الطيب. “الدينُ لله والوطنُ لمن يُصلِحُ الوطن.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثروت عكاشة … أسطورةٌ مصريةٌ خالدة
- هل نستحقُّ كورونا وما يليها؟
- البرنيطة … أمّ شريطة صفراء!
- إلهام شاهين … فارسةُ دراما الرسالات
- الإنسانيةُ بوابةُ النهوض والحضارة
- صخرةُ محمود أمين العالم
- ماذا علّمتني سيدةُ: الباقياتُ الصالحات؟
- بيكار … مايسترو صناعة النور
- ضحكات المصريين ... في زمن الكورونا
- قلقاسُ الغطاس … في بيت ميرنا ذكري
- هديةٌ السيدةِ التي لم أرها!
- بوابـةُ العَدَم
- -الكريسماس- على الطريقة الإنسانية
- وحيد حامد … رجلٌ لهذا الزمان
- الوعي بالحياة … الوعي بالموت
- لا يرون … لكن اللهَ يرى!
- ميري كريسماس … يا مصر
- الجميلةُ … كلّ عامٍ وأنت جميلة!
- عصفٌ ذهنيٌّ عن أمراض الكبد في الجلالة
- باقي صدقة … الذي مصرُ تعيشُ فيه


المزيد.....




- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...
- آلاف الأردنيين يتظاهرون بمحيط السفارة الإسرائيلية تنديدا بال ...
- مشاهد لإعدام الاحتلال مدنيين فلسطينيين أثناء محاولتهم العودة ...
- محكمة العدل الدولية تصدر-إجراءات إضافية- ضد إسرائيل جراء الم ...
- انتقاد أممي لتقييد إسرائيل عمل الأونروا ودول تدفع مساهماتها ...
- محكمة العدل تأمر إسرائيل بإدخال المساعدات لغزة دون معوقات
- نتنياهو يتعهد بإعادة كافة الجنود الأسرى في غزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - القليلُ كثيرٌ … في الطعام والعيال والفرح!