أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - -الكريسماس- على الطريقة الإنسانية














المزيد.....

-الكريسماس- على الطريقة الإنسانية


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6787 - 2021 / 1 / 13 - 12:11
المحور: حقوق الانسان
    


علّ البعضَ لا يعرفُ أن كلمة "كريسماس" مصرية صميمة. وهي تجميع كلمتين: “كريست" ومعناها السيد المسيح عليه السلام، و"ماس" وتعني: “ميلاد"، باللغة المصرية القديمة. ويكون جُماع ما سبق: “كريسماس Christmas أي ميلاد المسيح. وهذا يدعونا كمصريين للفخر بأن لغتنا القديمة كانت المرجع لكل ثقافات العالم وأدبياته منذ قديم الأزمان. ولا عجب لأن مصرَ العظيمة حرثت في حقل الحضارة قبل الحضارات، وشيّدت مجدَها الفريد في فجر التاريخ الإنساني، قبل إشراق نوره. ولا شكّ أن عام 2020 كان العام الأكثر قسوةً من بين الأعوام التي عاشتها البشريةُ المعاصرة. فحتى في أزمنة الحروب العالمية، الأولى والثانية، ورغم نعت: "عالمية"، إلا أنها كانت في مناطق محددة وبين دول محددة، وكان حصد الأرواح مفهومًا ومنطقيًّا. فحين يتكلم السلاحُ، ينطق العنفُ والمصالحُ، فيكون الموتُ. الموتُ في الحروب منطقيٌّ ومفهوم، مهما كان لا إنسانيًّا وغير رحيم. لكن ذلك الفيروس الضئيل كوفيد 19، له منطقٌ مختلف غير مفهوم ولا منطقي. فقد جاء دون مقدمات على عكس الحروب، ودون سبب، عكس الحروب، ودون منطق سياسي أو عسكري، عكس الحروب، ولم يترك بقعة سالمةً في هذا الكوكب، عكس الحروب. حصد أرواحًا ما كنا نحسبُ ان نخسرها مبكرًا. وأصبح عدّادُ حصد الأرواح نشطًا واعتياديًّا وحزينًا على نحو لا تستوعبه عقولنا. وكان على البشرية أن تُعيد حساباتها وتنحو نحوًا أكثر رقيًّا وتحضرًأ ورحمةً. هذا ما أرجوه لكي نقول لله إننا تعلّمنا شيئًا من هذه المحنة الكونية التي لا ندري متى تنتهي، وعلى أي نحو ستنتهي، وما حجم الخسائر البشرية والمادية التي سوف تنتهي عليها، إن انتهت، بإذن الله ورحمته.
لهذا لفت انتباهي خبرٌ صغير في إحدى الصحف الغربية؛ منحني بعضَ الرجاء في أن الرسالة الأخلاقية والوجودية وراء الجائحة قد وصلت إلى البشر. رجلُ أعمال أمريكي يُدعى "مايكل إزموند" من ولايد فلوريدا، قرّر الاحتفال بالكريسماس وفرحة العام الجديد بطريقة مختلفة وجميلة، وتتناسب تمامًا مع ضائقة عام كان وبالًا على البشر، صحيًّا ونفسيًّا وماديًّا، في جميع أنحاء الأرض. قرّر رجلُ الأعمال أن يتقمّص دور "بابا نويل" الذي يدور على مداخن البيوت ليمنح الأطفالَ جميع ما تمّنوه من هدايا طوال العام المنصرم. لكنه بدلا من ذلك قام بدفع فواتير 144 أسرة مستحقة على جيرانه لجهاز الخدمات العامة من ماء وغاز وكهرباء ووقود وغيرها. وكانت تلك العائلات مهددة بقطع تلك الخدمات عنها لتأخرها في تسديد الفواتير. وقال إزموند في تصريحاته إن انتشار الوباء وتفاقم المرض والوفيات أجبرت الكثيرين على الانقطاع عن العمل، فأصبح الناسُ في معظمهم غير قادرين على تلبية احتياجاتهم من الطعام والسكن والدواء، إضافة إلى تراكم الفواتير المستحقة عليهم، فكان قرارُه بتخفيف حدّة حزنهم بسداد ديونهم في حضرة الميلاد المجيد.
هذا رجلٌ استوعب الرسالةَ التي ترسلها السماءُ إلى الأرض مع الجائحة المخيفة. أن نعود إلى إنسانيتنا ونتحرَّرَ من الأدران النفسية التي تُباعد بيننا وبين باحة الإنسانية. أن نسمو فوق أنانيتنا ونتعلم كيف نحبُّ الآخرَ؛ مهما اختلف عنّا وتباعدت بيننا المسافاتُ فكريًّا أو دينيًّا.
تعوّدنا أن نُزيّن شجرات الصنوبر في العام الجديد بالنجوم الملونة وكرات الثلج والأجراس وثمرات الفواكه المضيئة. واليوم علينا أن نتعلّم كيف نُزيّن شجرات أرواحنا بالحب والحنوّ والطيبة والتحضّر حتى يحبّنا الله، علّه يزيح عنّا تلك الغمّة الصعبة. وقد نبهنا اُلله تعالى في غير موضع بأن الخير والشرَّ في هذا العالم ليس إلا حصادَ ما زرع الإنسانُ لنفسه. فيقول تعالى في سورة الأنفال: “ذلك بأنّ اللهَ لم يكُ مُغَيِّرًا نِّعمَةً أنعمَها على قَومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم، وأن اللهَ سميعٌ عليمٌ.”، وفي سورة "الرعد" يقول تعالى: “إنَ اللهَ لا يُغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسِهم، وإذا أراد اللهُ بقومٍ سوءًا فلا مَرَدَّ له وما لهم من دونه من والٍ.”
والحقُّ أننا لو لم نخرج من جائِحة كورونا الكونية، أكثرَ أخلاقًا وحنوًّا وتحضّرًا وجمالا، فيا خُسران بني الإنسان! النوازلُ الفاجعاتُ ليست إلا مُعلِّمًا تمنحُه الطبيعةُ للإنسان ليتّضِعَ ويتهذَّبَ ويتأدَّبَ ويسمو ويتأمل نفسه، ليعرف كم هو صغيرٌ وكم هو بحاجة إلى أشقائه في الإنسانية، فلا يتعالى ولا يتنمَّرُ ولا يغترُّ بمال وجبروت وصحّة. وهذا المعلِّم الحاسمُ أتعابُه باهظةُ الثمن، بكل أسف. فليس من تعليم مجانيّ. لهذا وجب علينا التعلُّم بقدر ذلك الثمن الباهظ الذي ندفعه، لكيلا نكون جماعةً من الحمقى. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحنو على أبناء الوطن.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وحيد حامد … رجلٌ لهذا الزمان
- الوعي بالحياة … الوعي بالموت
- لا يرون … لكن اللهَ يرى!
- ميري كريسماس … يا مصر
- الجميلةُ … كلّ عامٍ وأنت جميلة!
- عصفٌ ذهنيٌّ عن أمراض الكبد في الجلالة
- باقي صدقة … الذي مصرُ تعيشُ فيه
- عمّ نجيب … لقاءٌ أولُ .. لقاءٌ أخير
- صندوق تحيا مصر … هاتريك!
- أوركسترا وطني بقيادة المايسترو عبد الفتاح السيسي
- واحد من المصريين
- الوصية … اعرفْ جيشَك
- الذبائحُ
- أضواء -سوهو- … نبوءةُ مصرَ للنور
- أولُ لصٍّ … أولُ مفتاحٍ ... في التاريخ
- فاروق الجوهري …. مايسترو الخطوط والألوان
- شمعةٌ مصرية ضد البغضاء
- في الهالوين … يكبر الأطفال ويحبّون العالم
- معجزةُ الأسمرات …. مدينةُ الأميرات
- جانا نهار وقدر يدفع مهرها … ثلاثةُ متاحفَ مصرية


المزيد.....




- شاهد.. لحظة اعتقال اكاديمية بجامعة إيموري الأميركية لدعمها ق ...
- الشرطة الاميركية تقمع انتفاضة الجامعات وتدهس حرية التعبير
- صحف عالمية: خيام غزة تخنق النازحين صيفا بعدما فشلت بمنع البر ...
- اليونيسف تؤكد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الأطفال الأوكرانيين ...
- يضم أميركا و17 دولة.. بيان مشترك يدعو للإفراج الفوري عن الأس ...
- إيران: أمريكا لا تملك صلاحية الدخول في مجال حقوق الإنسان
- التوتر سيد الموقف في جامعات أمريكية: فض اعتصامات واعتقالات
- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - -الكريسماس- على الطريقة الإنسانية