أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - الجميلةُ … كلّ عامٍ وأنت جميلة!














المزيد.....

الجميلةُ … كلّ عامٍ وأنت جميلة!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6772 - 2020 / 12 / 27 - 11:40
المحور: الادب والفن
    


Facebook: @NaootOfficial

ذهب شخصٌ لزيارة صديقه المريض. قدّم له باقةَ زهور كتب عليها: (لا شفاك الله.) اندهش الصديقُ من صديقه الذي يدعو له بعدم الشفاء! وتزول الدهشةُ حين نعرفُ أن الرجلَ قد أغفل وضع "الفاصلة"؛ لتصيرَ الجملةُ الصحيحة: (لا، شفاكَ الله!). الفاصلةُ الصغيرة أوضحت أن (لا ) استنكارية، وليست نافية. فالصديقُ استنكرَ مرضَ صديقه، ثم صمتَ برهةُ (الصمتُ هو الفاصلة)، ثم دعا له بالشفاء. غيابُ (الفاصلة الصغيرة ) حوّل المعنى من (المحبة)، إلى (العداء).
ولو قرأنا هذا الحوار بين رجل وسيدة: (أظنُّكِ لا تحبّين الأوبرا.) فتجيبُ السيدةُ: (لا، أحبُّها). هنا نفهم أنها تحبُّ الأوبرا. لو حُذِفتِ (الفاصلةُ)، لفهمنا أن السيدةَ لا تحبُّ الأوبرا.
وكالعادة، مرَ عيدُ ميلادِها دون أن يتذكّرَها أحدٌ ودون أن تُوقدَ لها شمعةٌ! الجميلةُ الساحرةُ الآسرةُ التي لا أحدَ يُحبُّها. من فرط جمالها، يكرهُها العشّاق! ثمّة درجاتٌ من الجمال تجعلُ الناسَ يهابون ويهربون. درجاتُ الجمال العُليا تٌخيفُ فيؤثرُ الناسُ الفرارَ، ثم يتخفّون خلف الأشجار يرشقون الجميلةَ بالحجارة، ويشدّون الأقواس لتنطلقَ السهامُ تخترقُ قلبها.
18 ديسمبر 1973 هو يومُ الاحتفال بها. ليس يومَ ميلادها بالطبع، فقد وُلدتِ الجميلةُ قبل الأزمان. ولكنه اليومُ الذي انتبه فيه العالمُ بأسره إلى سحرها وذكائها وغنجِها وألغاز أسرارها وسعة ثقافتِها وشساعة موسوعيتها، فاعترف بها الدبلوماسيون لتكونَ إحدى فاتنات العالم الست، المعتمدة رسميًّا في الأمم المتحدة. إنها اللغةُ العربيةُ التي أجلَّها العالمُ وسكَر بحلاوة كأسها، ويتبقّى أن يُجلُّها الناطقون بها. في مثل هذه الأيام عام 1973، أصبحتِ اللغاتُ الستُّ المُتحدَث بها رسميًّا في الأمم المتحدة هي: الروسية، الصينية، الإسبانية، الإنجليزية، الفرنسية، ثم العربية.
اختار اليونسكو يوم 21 فبراير من كلِّ عام، يومًا للاحتفال بعيد "اللغة الأمّ" لدى الأمم المتحدة. وهو اليومُ الذي تحتفل به كلُّ دولة من دول العالم، باللغة الأمّ الخاصة بها. فاختار الروسُ يوم 6 يونيو، وهو يوم ميلاد الشاعر الروسي "ألكسندر بوشكين"، واختار الصينيون 20 أبريل، ذكرى "سانج چيه" مؤسس الأبجدية الصينية، واختار الإنجليز 23 أبريل يومَ ميلاد عظيم العالم الأديب الإنجليزي "وليم شكسبير". أما نحن، الناطقين بالعربية، فلم نختر مثلا يومَ ميلاد المتنبي، أو طه حسين، أو أبي العلاء المعرّي، أو أبي الأسود الدؤلي، أو الخليل بن أحمد الفراهيدي، أو سيبويه، أو ابن رشد، أو أدونيس، أو درويش، أو غيرهم من عمالقة العربية، بل اخترنا يوم 18 ديسمبر ليكون عيدًا عالميًّا للغة العربية، وهو ذكرى اعتماد العربية لغةً رسمية في الأمم المتحدة عام 1973! وكأننا لا نعترفُ بلغتنا الجميلة، إلا يومَ اعتراف العالم بها!
ولأنني أودّ أن يصفو مقالي هذا للاحتفال والاحتفاء، لا للنقد والتباكي على ما وصلت إليه لغتُنا الجميلة من حالٍ تعسة على ألسن الناطقين بها، سوف أختتم مقالي بطرفة وأحجية، نبتسم للأولى ونفكّر في الثانية.
الطرفة: في ستينيات القرن الماضي، قال مذيعُ الراديو: (والآن نستمعُ إلى أغنية: 51 بحبّه). ثم راح يُنصتُ مع المستمعين إلى الأغنية الجميلة بصوت الساحرة "نجاة الصغيرة"، وموسيقى العظيم "محمد عبد الوهاب"، وكلمات الشاعر الغنائي "أنور عبد الله.” بعد الأغنية عاد المذيعُ يقول بنبرة اعتذار: “كنتم مع أغنية: "آه بحبّه!”
هل أخطأ المذيعُ؟ لا، بل أخطأ المُعدُّ كاتبُ الاسكريبت؛ الذي أغفل وضع أداة "المدّ" فوق حرف الألف (آ)، فقرأها المذيعُ: الرقم (1). وبالاستدعاء القياسي، ترجم عقلُه حرف "الهاء"، إلى رقم: (5). فأضحت الكلمةُ: (51)، بدلا من: (آه)! وضحكَ الناسُ كثيرًا على تلك الطُرفة سنواتٍ وسنوات. شرطةٌ صغيرة متموّجة فوق الحرف، تغيّرُ المعنى. فيفقدُ الناسُ خيطَ التواصل بينهم: الحديث، الفهم.
الأحجية: اقرأ الجملة التالية ثم استخرج المعنى بعد وضع علامات الترقيم المناسبة. Woman without her man is nothing
الرجالُ سوف يكتبونها هكذا:
Woman, without her man, is nothing. (المرأةُ، دون رَجُلِها، لا قيمةَ لها.)
أما النساءُ سوف يكتبنها هكذا:
Woman: Without her, man is nothing. (المرأةُ: دونَها، الرجلُ لا قيمة له.)
لا شيء أكثر من فاصلةٍ هنا ونقطتين هناك ليتغيرَ المعنى من النقيض إلى النقيض. كلّ سنة وأنت طيبة وجميلةٌ أيتها الفاتنة المهجورة.
“الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن، ويحترم لغةَ الوطن.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصفٌ ذهنيٌّ عن أمراض الكبد في الجلالة
- باقي صدقة … الذي مصرُ تعيشُ فيه
- عمّ نجيب … لقاءٌ أولُ .. لقاءٌ أخير
- صندوق تحيا مصر … هاتريك!
- أوركسترا وطني بقيادة المايسترو عبد الفتاح السيسي
- واحد من المصريين
- الوصية … اعرفْ جيشَك
- الذبائحُ
- أضواء -سوهو- … نبوءةُ مصرَ للنور
- أولُ لصٍّ … أولُ مفتاحٍ ... في التاريخ
- فاروق الجوهري …. مايسترو الخطوط والألوان
- شمعةٌ مصرية ضد البغضاء
- في الهالوين … يكبر الأطفال ويحبّون العالم
- معجزةُ الأسمرات …. مدينةُ الأميرات
- جانا نهار وقدر يدفع مهرها … ثلاثةُ متاحفَ مصرية
- عيد ميلاد -دولة الأوبرا- المصرية
- مهرجانُ الجونة … رسالةُ مصرَ للعالم
- دموع جمال الغيطاني … في باريس
- بانوراما السِّحر في سيرة حبّ بليغ
- هل أنت فقيرٌ حقًّا؟


المزيد.....




- بعد افتتاح المتحف الكبير.. هل تستعيد مصر آثارها بالخارج؟
- مصر.. إصابة الفنان أحمد سعد في ظهرة ومنطقة الفقرات بحادث سير ...
- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...
- لقاء خاص مع الممثل المصري حسين فهمي مدير مهرجان القاهرة السي ...
- الممثل جيمس فان دير بيك يعرض مقتنياته بمزاد علني لتغطية تكال ...
- ميرا ناير.. مرشحة الأوسكار ووالدة أول عمدة مسلم في نيويورك
- لا خلاص للبنان الا بدولة وثقافة موحدة قائمة على المواطنة
- مهرجان الفيلم الدولي بمراكش يكشف عن قائمة السينمائيين المشار ...


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - الجميلةُ … كلّ عامٍ وأنت جميلة!