أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - المحبةُ المنثورةُ على وجه رمضان














المزيد.....

المحبةُ المنثورةُ على وجه رمضان


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6869 - 2021 / 4 / 14 - 13:46
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


Facebook: @NaootOfficial
Twitter: @FatimaNaoot

يأتي شهرُ رمضان؛ فلا يشبه أيَّ شهر آخر يمرُّ على مصر. ولا يشبهه أيُّ رمضانَ آخرَ يجولُ العالم. يتفق المسلمون، وغيرُ المسلمين، على أن لرمضانَ في مصرَ طعمًا مميزًا، ونكهةً لا مثيلَ لها في أية دولة آخرى. ما السبب؟ إنه سرُّ المصريين الخاص، منذ آلاف السنين، قبل نزول الرسالات. تعويذةٌ تصبغُ الأشياءَ بلون مصر، وتسبغُ على الأيام طعمَ النيل والحياة. إنها فرادةُ المصريين في صناعة الفرح، وامتلاكهم مَلَكةَ "الاحتفال". المناسباتُ الدينية عندنا هي مناسبةٌ للحياة. فتلتقي السماءُ والأرضُ في مقطوعة موسيقية بديعة، ليست تشبه المقطوعاتِ السماويةَ الخالصة، ولا المعزوفات الأرضية الخالصة. مزيجٌ فريد. فقط في مصرَ، يأتيك من السماء، صوتُ "سيد النقشبندي" عند الفجر يشدو: "قلْ اِدعُ اللهَ، أو اِدعُ الرحمنَ، أيًّا ما تدعوه فله الأسماءُ الحُسنى"، ثم يأتيك عند المغرب شجوُ "محمد رفعت" مؤذّنًا؛ فلا تُخطئُ صوتَه بين ألف صوت عداه. تخرجُ، فتجدُ الشوارعَ غارقةً في اللون والضوء والصَّخب. فكأنك في عيد قوامُه ثلاثون ليلةً متّصلات، ليغدو أطولَ عيد في التاريخ. الناسُ في بلادي ساهرون لا يعرفون النومَ في ليالي رمضان. يتجاوزون الفجرَ، وينتظرون حتى ينسلَّ الخيطُ الأبيضُ من الخيطِ الأسود. هو الشهرُ الذي لن تميّز فيه المسلمَ من المسيحيّ. فالكلُّ يحتفل؛ كأنه شهرٌ "مصريٌّ قبطيٌّ"، وليس "إسلاميًّا" وحسب. المسيحيُّ يصومُ مع المسلم؛ لأنه يؤمنُ أنه لا يليقُ أن يشبعَ وأخوه جائع. وإن باغته أذانُ المغرب وهو في الطريق، سيجد الصِّبيةَ والصبايا يستوقفونه مبتسمين يلوّحون له بأكياس الخير والماء. يفتح زجاج سيارته ويتناول كأسَ العصير وحبّاتِ البلح لكي "يكسر صيامه". فإن ابتسمَ قائلا إنه مسيحيّ، قد يُفاجأ بأغربَ ردٍّ في الوجود: "ونحن أيضًا، كل سنة وأنت طيب!" يحدث فقط في مصر؛ أن يقفَ شبابٌ مسيحيّون ليسقوا مسلمين صائمين، زارهم المغربُ وهم خارج بيوتهم. زرتُ العديدَ من بلاد العالم العربي في رمضان. رمضانُ هناك صامتٌ خامدٌ لا يختلفُ عن بقية شهور العام. رمضانُهم لا يشبه رمضانَنا. رمضانُنا حيٌّ يتكلمُ ويغنّي ويزغرد. الشارعُ المصريّ يعرفُ كيف يستقبلُ شهرَ الصوم بما يليق به. لذلك يحبّنا رمضانُ ويحبُّ أماسينا وسهراتنا. يحبُّ صوتَ محمد رفعت حين يرفعُ الأذانَ وقت المغرب، بعدما يتأكد أن كلَّ الشوارع قد انفضَّ الناسُ عنها، ليتحلّقوا حول أكواب الخُشاف على موائد الإفطار، وبعدما ينطلقُ المدفع من قنوات الإذاعة المصرية. صوتُه العميقُ الآتي من مسارب الجنّة يجعلُ الزمنَ يتوقفُ، والأرضَ تسكنُ عن دورانها. الأرضُ تنتبه أن تلك اللحظةَ ليس من شبيه لها في الدنيا بأسرها. لأن لا مكانَ بكل الدنيا مثل مصر الجميلة.
ونحن صغار، كنا نجمع قروشنا النحيلة لنشتري الورقَ الملوّن والصمغ ونسهر مع أطفال الحيّ لنصنع زينة رمضان. لم ننتبه، إلا حين كبرنا، أن نصفَ أطفال شارعنا من صنّاع الزينة مسيحون. رمضانُ بهجةُ الجميع، وصلاةُ الجميع لإله واحد نعبده جميعًا، كلٌّ عبر رؤيته. نحبُّه كما أحبَّنا وخلقنا وجعلنا شعوبًا وقبائلَ لنتعارفَ ونتحابّ ونتآخى. دمُ المصريين وعِرقنا العريق، لا يعبثَ به العابثون. فهذه مصرُ التي حيّرتِ الدنيا بفرادتِها.
قُبيل رمضان 2013، الذي أعقب ثورتنا الخالدة في 30 يونيو، وقفتُ على مِنصّة الاتحادية أمام قصر الرئاسة الذي كانت تحتلُّه عصابةُ الإخوان، وألقيتُ كلمة للحشود الهادرة التي نزلت تطالب بإسقاط الإخوان، ثم هتفتُ في ثقة هي من عند الله: (رمضانُ القادم بلا إخوان بإذن الله تعالى.) واستجاب الرحمنُ لرجائي ورجاء ملايين المصريين، وعاد لنا وجهُ مصرَ الناصعُ الكريم. وتوالتِ السنواتُ الطيباتُ في إثر السنوات، وفي كل يوم وكل ساعة نشهدُ تنميةً ونهوضًا حقيقيًّا في مصر الحديثة، يصنعُها الرئيسُ/ "عبد الفتاح السيسي" الذي أنقذ مصرَ من ويل حقيقيّ مُخيّم، ليُعيدَ لمصرَ نصوعَها وبهاءَها. وبإذن الله تعالى، سوف يمدُّ الله يدَه الكريمة ليزيح كابوس "سد أثيوبيا" بحلول دبلوماسية ناضجة، دون عنف لا نسعى إليه. وكلي إيمانٌ بأن الله سوف يُلهم الجانبَ الأثيوبيَّ الصوابَ ورجاحة العقل فلا يجورُ على حقّ مصر والسودان في الحياة، ولا يُجبرنا على حلول عسكرية ستكون خسائرُها وبالًا على الجميع. وهذا شهر رمضان الكريم، أعادة اللهُ على العالم أجمع بخير وفرح ورغد وأمان وسلام. كل عام وكل العالم في سلام. كل عام وهذا الكوكب المنذور للمحن والأحزان، أكثر سلامًا ومحبة وتحضّرًا ورقيًا وعِلما وإيمانًا. "مولاي إنّي ببابكَ قد بَسَطتُ يدي، مَنْ لي ألوذُ به إلاكَ يا سَنَدي؟". “الدينُ لله، والوطن لمن ينثرُ المحبةَ على وجه الوطن.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يقول المسيحيون عن رمضان؟
- ملكاتُ وملوكُ السَّلف الجميل ... يجوبون العالم!
- كمال الجنزوري …. وداعًا فارسَ البسطاء!
- هل أنتَ متسامحٌ دينيًّا؟ لستُ متسامحة!
- نوال السعداوي … عيناها في وهج الشمس
- هدايانا لأمهاتنا في عيد الأم… وهداياهن لنا!
- المصريون في وداع قداسة البابا شنودة
- مقتل سيدة السلام … والتطهُّر الأرسطي
- براءةُ أطفالنا … في رقبة من؟
- بيتٌ لا يعرفُ الحَزَن!
- الانفجارُ السكّاني … والضفدعُ المغلي
- في انتظار … كوكو!
- القليلُ كثيرٌ … في الطعام والعيال والفرح!
- ثروت عكاشة … أسطورةٌ مصريةٌ خالدة
- هل نستحقُّ كورونا وما يليها؟
- البرنيطة … أمّ شريطة صفراء!
- إلهام شاهين … فارسةُ دراما الرسالات
- الإنسانيةُ بوابةُ النهوض والحضارة
- صخرةُ محمود أمين العالم
- ماذا علّمتني سيدةُ: الباقياتُ الصالحات؟


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - المحبةُ المنثورةُ على وجه رمضان