أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - بناءُ الإنسانِ المصريّ الجديد














المزيد.....

بناءُ الإنسانِ المصريّ الجديد


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6907 - 2021 / 5 / 23 - 02:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


Facebook: @NaootOfficial
Twitter: @FatimaNaoot

منذ توليه حكم مصر، وفي أكثر من مناسبة، أعربَ الرئيسُ عبد الفتاح السيسي عن رغبته في "إعادة بناء المواطن المصري" على نهج عصري يتواكبُ مع الطفرات الاقتصادية والتنموية التي تحدث بالوطن في ملفّات الصحة والتعليم وتطوير البنية التحتية ومكافحة التطرف والمشروعات القومية التي توفر فرص عمل للشباب وتكافح غول البطالة. ولا شك أن ما يحدث الآن في مصر من تغيير إيجابي سوف يُسهم، على المدى البعيد، في خلق أجيال جديدة ناضجة وفاعلة حتى نصل إلى الشخصية الوازنة التي تستحق حمل اسم مصر العريق. فإن كانت الدولةُ تقوم بدورها في "بناء الوطن الجديد" فإن علينا نحن المواطنين دورًا مهمًّا في "بناء المواطن الجديد" الذي يليقُ بهذا الوطن.
هنا نستحضرُ شخصية المواطن الياباني، ونتأملُ لماذا دائمًا ننظرُ إليه بعين الإعجاب والاحترام، ولماذا نطلق على وطنه: "كوكب اليابان"؟ ليس فقط لأنه الأكثرُ تطوّرًا في البرمجيات والتكنولوجيا والصناعات الدقيقة على مستوى العالم. ولا لأنه الأكثر نظامًا في شوارعه ومبانيه وأروقته. وليس فقط لأن أبناءه هم الأكثر انضباطًا في المواعيد، والأكثرُ تقديسًا للعمل والأوغل إتقانًا له. وليس وحسب لأنهم الشعب الأكثرُ احترامًا للعقل، والأشرق ابتسامًا في الوجه. وليس لأن قنبلتين أمريكيتين ذريتين قصفتا جبينه، أعقبهما احتلالٌ أمريكي رذيل، لم يتحرر منه اليابان إلا عام 1952، ليخرج من القصف والاحتلال أقوى وأصلب وأشدّ إصرارًا على النهوض، ليس قفزًا، ولا وثبًا، بل طيرانًا صاروخيًّا، ليغدو القوة الاقتصادية والصناعية الأولى في العالم. ليس فقط لكل ما سبق من معجزات نسميه “كوكب اليابان”، بل يكمن السرُّ في كلمة واحدة هي: “الأخلاق". هذا شعبٌ يتعلم الأخلاق في طفولته قبل تعلّم المشي والكلام والقراءة والكتابة. الأخلاق هي متلازمة الحضارة والتحضُّر والرقي والمجتمع السويّ. الأخلاق هي فنُّ مراقبة الآخر. ليست "مراقبة الآخر" كما نفعل عندنا، أن نقتحم خصوصياته فننتقد ما يلبس وندسَّ أنوفنا في حياته الشخصية وكم ورث عن أبيه وكم أنفق في السفر، وكم مرة حج وصلى وصام! "مراقبة الآخر" تعني في الأدبيات اليابانية: العمل على راحة "الآخر" والاجتهاد في تكريس شعوره بالأمن والراحة.
يقول أحدُ اليابانيين: أعظم ما في بلادي هو “الوعي بالآخر". في اليابان، يتصرفُ الناسُ وهم يحملون "الآخرين" في عقولهم، بدلا من التفكير فقط في أنفسهم. في اليابان بوسعك النوم في مترو مزدحم، لأن الآخرين هادئون لا يثرثرون بصوت عال. في اليابان تستطيع أن تستمتع بالشوارع النظيفة، لأن الناس لن يلقوا بمخلفاتهم في الطرقات. في اليابان بوسعك أن تشعر بأنك "مَلك"؛ لأن الناس سيقدمون لك الخدمات مع ابتسامة وانحناءة تبجيل. ثقافة "الاحترام" تخلق حالا مدهشة من أجواء الأمان من حولك، تلك التي تؤدي إلى معجزات اليوم الحديثة. في مقهى مزدحم في اليابان، بوسعك أن تترك هاتفك أو حاسوبك على الطاولة، ولن تجد من يسرقه. بوسعك أن تترك دراجتك بالخارج دون جنزير يشدّ وثاقها، وسوف تجدها في ذات المكان حين تعود إليها. فقط في اليابان سترى موتوسيكلات واقفة على الرصيف، والموتور دائر جاهز للسير، ولا أحد يفكر في أن يستغل الفرصة. حينما تُنشئ مجتمعًا يفكر فيه الناس بالآخرين، ستكون الحياة أفضل "لكل" الناس. إنه الدرس الذي يجب على كل العالم أن يتعلموه من اليابان: "احترام الآخر.”
"احترام الآخر” هو سرُّ معجزة اليابان والتي نتمنى أن تغدو سرَّ معجزة مصرَ الجديدة. أن يحرص المواطنُ على راحة وسلامة ورفاهية "الآخر". أن يعرفَ المواطنُ حقَّ الآخر، ويُقدّمه، قبل أن يطالب بحقه الخاص. وذاك قمة الذكاء. لأنك حين تقدمُ واجبَك تجاه الآخرين، فإنك تضمن "حقَّك" الشخصي، الذي يقدمه لك الآخر كواجب. "الحقُّ" و"الواجب" معًا يغدوان: "واحدًا صحيحًا" لا تنفصمُ عُراه، وليسا فعلين منفصلين: يتمّان معًا أو يختلفان فيفترقان. الحضارةُ هي الأخلاق، واحترام الآخر. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يعيدُ بناء شخصية الوطن.”
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أشرف عبد الباقي … فنُّ إتقانِ الأخطاء!
- في عيد الفطر المبارك … مَن يغنّي للعيد؟
- بنو صهيون … والمسجد الأقصى
- شم النسيم … عيد ثقافة الحياة
- قالها الرئيسُ/ السيسي: تصويبُ الخطاب الديني
- الرقصُ ... بجناح مكسور
- نصومُ رمضانَ … ونجدلُ السعفَ ... لأننا نحبُّ
- أعطني هذا الدواء!
- ثكنة -رابعة- الإرهابية… لكي لا ننسى!
- شريهان ... فراشةُ البهجة ووهجُ الحياة
- المحبةُ المنثورةُ على وجه رمضان
- ماذا يقول المسيحيون عن رمضان؟
- ملكاتُ وملوكُ السَّلف الجميل ... يجوبون العالم!
- كمال الجنزوري …. وداعًا فارسَ البسطاء!
- هل أنتَ متسامحٌ دينيًّا؟ لستُ متسامحة!
- نوال السعداوي … عيناها في وهج الشمس
- هدايانا لأمهاتنا في عيد الأم… وهداياهن لنا!
- المصريون في وداع قداسة البابا شنودة
- مقتل سيدة السلام … والتطهُّر الأرسطي
- براءةُ أطفالنا … في رقبة من؟


المزيد.....




- بعد سنوات من الصمت.. “الجمل” يعيد الروح الرياضية للمؤسسة الع ...
- العراق يدعم اجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية في إسطنبول ب ...
- ريشون ليتسيون أول مستوطنة لليهود في فلسطين
- وزير خارجية إيران يدعو الدول الإسلامية للتحرك ضد إسرائيل
- هل عارض ترامب خطة إسرائيلية لقتل المرشد الأعلى الايراني؟
- “ماما جابت بيبي”.. تردد قناة طيور الجنة بيبي 2025 على جميع ا ...
- إعلامي مصري شهير يتهم الإخوان المسلمين بالتعاون مع إسرائيل
- إيران تفتح المساجد والمدارس للاحتماء من ضربات إسرائيل
- وزير الخارجية الإيراني يدعو الدول الإسلامية إلى التحرك ضد إس ...
- TOYOUR EL-JANAH TV تردد قناة طيور الجنة للأطفال الجديد على ن ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - بناءُ الإنسانِ المصريّ الجديد