أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بير رستم - تركيا وإسرائيل؛ عدوان لدودان أم صديقان ودودان؟!















المزيد.....

تركيا وإسرائيل؛ عدوان لدودان أم صديقان ودودان؟!


بير رستم
كاتب

(Pir Rustem)


الحوار المتمدن-العدد: 6896 - 2021 / 5 / 12 - 12:22
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


بالرغم من أن هناك مقولة معروفة في السياسة تقول؛ “لا أصدقاء ولا أعداء دائمين، بل هناك مصالح دائمة”، لكن ورغم تلك البديهة السياسية، فإن العلاقات الدولية كانت وما زالت تتسم دائماً؛ إما بنوع من الصداقات -أو بالأحرى التحالفات- وفي المقابل هناك الخصوم والأعداء، أو على الأقل المواجهة والمجابهة، إن كانت من خلال الأزمات الديبلوماسية بين بلدين أو الحصار الاقتصادي وقطع العلاقات التجارية، وصولاً لشن حروب متبادلة وذلك كما شهده صفحات التاريخ المريرة والمؤسفة والتي راحت نتجة تلك الأزمات والخلافات آلاف، بل ملايين الضحايا والقرابين وللأسف. وبالتالي فما يطبق في العموم سيكون سارياً أيضاً على العلاقة بين بلدين يعتبران محورين مهمين في سياسات الشرق الأوسط وإن كنا نختلف -أو نتفق- مع هذه أو تلك الجهة السياسية وأجنداتها وسياساتها، ونقصد كل من إسرائيل وتركيا وما يثار دائماً من جدال حول العلاقة بين الدولتين والحكومتين حيث هناك بين من يعتبرها علاقة تحالف وصداقة وتعاون وبين من يعتبرها خلافاً لذلك بأنها كانت علاقة خصومة وصراع بينهما.. وما سنحاول أن نقف عليه هنا في مقالتنا، هو البحث عن حقيقة تلك العلاقة محاولين جهدنا أن نكون موضوعيين حياديين في بحثنا وقراءتنا قدر الامكان -رغم صعوبة المسألة ولأسباب كثيرة ليس هنا مجال البحث فيه- وهكذا دعونا نستكشف معاً العلاقة التاريخية بين كل من تركيا وإسرائيل وهما كدولتان حديثتان تعودان تقريباً لنفس المرحلة والعمر الزمني، طبعاً دون أن ننسى بأن لتركيا ميراث “الدولة العثمانية” والتي تمتد لأكثر من خمسة قرون، بينما ميراث إسرائيل تمتد لعقود مضاعفة من السبي والتهجير والتشريد في أصقاع الدنيا!

إننا سنبدأ مع الموسوعة الحرة (ويكيبيديا) حيث تقول بخصوص العلاقة بين البلدين ما يلي؛ “تم إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الإسرائيلية التركية في مارس 1949،[1] عندما كانت تركيا أول دولة ذات أغلبية مسلمة تعترف بدولة إسرائيل.[2][3] أعطى كلا البلدين أولوية عالية للتعاون العسكري والاستراتيجي والدبلوماسي، مع مشاركة المخاوف فيما يتعلق بعدم الاستقرار الإقليمي في الشرق الأوسط.[4][5] ومع ذلك، تدهورت العلاقات بين البلدين بشكل متزايد في العقد الماضي”. وتضيف؛ “في 1958، وقع رئيس الوزراء الإسرائيلي دافيد بن غوريون و رئيس الوزراء التركي عدنان مندريس اتفاقية تعاون ضد التطرف ونفوذ الاتحاد السوڤيتي في الشرق الأوسط. ترتبط جمهورية تركيا ودولة إسرائيل بعلاقات اقتصادية وعسكرية متميزة. وفي 1986 عينت الحكومة التركية سفيراً كقائم بالأعمال في تل أبيب. وفي 1991، تبادلت الحكومتان السفراء، وفي فبراير وأغسطس 1996، وقعت حكومتا تركيا وإسرائيل اتفاقيات تعاون عسكري. وقد وقع رئيس الأركان التركي الجنرال چڤيق بير على تشكيل مجموعة أبحاث استراتيجية مشتركة، ومناورات مشتركة بين جيشي البلدين، منها تدريب عروس البحر المعتمد عليها،[هوامش 1] وهي تدريبات بحرية بدأت في يناير 1998، والعملية أورتشارد[هوامش 2] للقوات الجوية لكلا البلدين، كما يوجد مستشارون عسكريون إسرائيليون في القوات المسلحة التركية. وتشتري جمهورية تركيا من إسرائيل العديد من الأسلحة وكذلك تقوم دولة إسرائيل بتحديث الجيش التركي من دبابات وطائرات حربية” و”في عام 1999 ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن الشراكة الاستراتيجية بين تركيا وإسرائيل قادرة على تغيير سياسات الشرق الأوسط، فقد ازدهرت التجارة والسياحة بينهما، ومارست القوات الجوية الإسرائيلية مناورات في المجال الجوي التركي، وكان الفنيون الإسرائيليون يحدثون الطائرات المقاتلة التركية، وكانت هناك خططٌ للتعاون في مجالي التكنولوجيا الفائقة وتقاسم المياه” وللعلم أيضاً ولكون المجال الجوي لإسرائيل لا يساعد الطيران الحربي للمناورات والتدريب لضيقه، فإن تركيا فتحت مجالها الجوي للطيران الإسرائيلي وربما هذه فريدة في نوعها من العلاقات الدولية، كأن تفتح بيتك لجارك، لن نقول صديق أو عدو!

أما موقع “صحيفة مكة الالكترونية” تقول بخصوص الموضوع المطروح للبحث ما يلي: “..المتابع للعلاقات الإسرائيلية –التركية، يجد أنها لم تتوقف أبداً بل نمت في عهد الرئيس “السلطان”. ولا تظهر تركيا في التقارير الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية ضمن الدول التي ينظر إليها على أنها “عدوة” وهو ما يعني أنها لا تشكل تهديداً أمنياً لإسرائيل. ولكن وإن كانت تصريحات أردوغان شديدة فإن العلاقات الإسرائيلية- التركية تبدو حميمية وأشد ومتصاعدة إلى أبعد الحدود”. وتوضح الصحيفة “العلاقات بالأرقام” حيث تقول: “وإن كانت الأرقام تتحدث عن نفسها فإنه في الربع الأول من العام الجاري 2017 ارتفعت الصادرات التركية إلى إسرائيل بنسبة 20% في حين أن الصادرات الإسرائيلية إلى تركيا ارتفعت بنسبة 45%. ووصل التبادل التجاري بين إسرائيل وتركيا إلى 3.9 مليار دولار سنوياً، حيث يقول المسؤولون الإسرائيليون والأتراك إنهم يطمحون لرفعه إلى 10 مليارات دولار في غضون السنوات الخمس المقبلة. أما في عام 2016 بلغ التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل 3.9 مليار دولار ارتفعت خلاله الصادرات التركية إلى إسرائيل بنسبة 6% لتصل إلى 2.6 مليار دولار مقارنة مع 2.4 مليار في عام 2015. وبحلول عام 2013 أشار مدير سلطة الطيران المدني الإسرائيلي إلى أن شركات الطيران التركية تقوم بأكثر من 60 رحلة جوية أسبوعياً إلى إسرائيل، وتنقل بين إسرائيل وتركيا أكثر من مليون مسافر سنوياً. وتعتبر تركيا من بين الوجهات المفضلة للإسرائيليين. وفي هذا الصدد قال وزير الثقافة والسياحة التركي، في زيارة له إلى إسرائيل، في شهر فبراير/ شباط، إن تركيا تطمح لرؤية 600 ألف سائح إسرائيل في تركيا سنوياً . وبحسب معطيات إسرائيلية فإن آلاف الأتراك يعملون في قطاع البناء بالداخل الإسرائيلي، وقد يعمل البعض منهم في بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بالإضافة إلى أن هذه الأعداد في ازدياد إضافة إلى شركات تركية كبرى تعمل في مجال البناء بإسرائيل”.

ولكي لا نتهم بالانحياز لقناعات سياسية محددة وبأننا من خلالها نود أن نحكم على الموضوع، فإننا سوف نورد رأي جهة هي أقرب لتركيا ونقصد موقع قناة (RT) الروسية والتي تقول التالي بصدد موضوع بحثنا:

((وكانت العلاقات التركية الإسرائيلية التي تأسست في وقت مبكر في عام 1949، قد سارت بشكل طبيعي، بل وتطورت بشكل لافت في السنوات الأولى لوصول حزب العدالة والتمية إلى سدة الحكم في تركيا عام 2002. وشهد عام 2005 زيارة قام بها رئيس الوزراء التركي حينها رجب طيب أردوغان إلى إسرائيل التقى خلالها برئيس الوزراء أرييل شارون، ووضع إكليل زهور على قبر الزعيم اليهودي الشهير، ثيودور هرتزل. إلا أن الأمور انقلبت مع الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2008، حيث تأزمت العلاقات بين البلدين بشدة، وتبادل ساسة البلدين التصريحات الغاضبة والحادة. وخلال منتدى دافوس في عام 2009، انسحب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إثر مشادة حادة مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، اتهم خلالها أردوغان إسرائيل بقتل الفلسطينيين، ورد بيريز بعنف مدافعا عن عمليات بلاده العسكرية في القطاع. وازدادت هذه العلاقات توترا في أعقاب اعتراض البحرية الإسرائيلية سفينة “مافي مرمرة” في مايو 2010، وقتل 10 نشطاء أتراك خلال هجوم الكوماندوز الإسرائيلي للسيطرة عليها. وعقب تسريب تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن أحداث أسطول الحرية في عام 2011، وصف الإنزال الإسرائيلي الذي نفذ بأنه كان مفرطا ومبالغا به، أعلنت تركيا طرد السفير الإسرائيلي وتخفيض تمثيلها الدبلوماسي الى مستوى السكرتير الثاني -لاحظوا لم تقطع العلاقات الديبلوماسية، بل خفضت-، وتجميد الاتفاقيات العسكرية معها. وبدا في ربيع عام 2013 كما لو أن الأزمة بين البلدين في طريقها إلى الانفراج، حين اعتذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رسميا خلال مكالمة هاتفية مع أردوغان، وتعهد بدفع تعويضات لأسر ضحايا السفينة التركية واتفق الجانبان على وقف الملاحقة القضائية وإعادة تبادل السفراء وتطبيع العلاقات، إلا أن العلاقات لم تعد إلى سابق عهدها بل وتواصل التوتر بينهما وزاد الشقاق. تواصلت هذه الحالة إلى مطلع العام الجاري، حين أدرجت شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان”، تركيا لأول مرة في تاريخ علاقات البلدين، في قائمة الأخطار المهددة للدولة العبرية. واستبعد التقرير الاستخباراتي الإسرائيلي حدوث مواجهة مباشرة مع تركيا في العام 2020، لكنه قال إن “الأعمال العدائية المتزايدة التي تقوم بها تركيا في المنطقة جعلتها واحدة من أكبر المخاطر التي يجب مراقبتها في العام المقبل”)).

ويضيف الموقع الروسي؛ ((اللافت أن توتر العلاقات بين البلدين لم يؤثر على التبادل التجاري بينهما، ما دفع خصوم تركيا إلى التشكيك في حقيقة “العداوة” القائمة بين البلدين. وتقول التقارير أن حجم المبادلات التجارية بين تركيا وإسرائيل في عام 2016 بلغ أكثر من 4.2 مليار دولار، وأنها ارتفعت في العام التالي 2017 بنسبة 14%. كما أن مدير الطيران المدني الإسرائيلي كشف في عام 2013 أن شركات الطيران التركية تقوم بأكثر من 60 رحلة جوية أسبوعيا إلى إسرائيل، وأنها تنقل بين البلدين أكثر من مليون مسافر سنويا. وكانت إسرائيل مصدر السلاح الرئيس لتركيا لفترة طويلة، علاوة على التعاون العسكري في مجال التدريب وتطوير الأسلحة. وكان التعاون العسكري بين البلدين لعقود في ذروته منذ سيطرة القوات التركية على شمال قبرص في عام 1974. واعتمدت تركيا حينها على إسرائيل في تطوير جيشها، نظرا لعقوبات أمريكية وأوروبية فرضت على أنقرة على خلفية المشكلة القبرصية)). وبعد سرد كل تلك الحقائق والوقائع التاريخية في علاقة البلدين، فإن الموقع يكتب قائلاً؛ ((وهكذا تسير العلاقات بين تركيا وإسرائيل منذ أكثر من عقد متعثرة، أقرب إلى العداوة منها إلى الصداقة، والسبب المحوري رسميا مرده الغضب من سلوك إسرائيل تجاه الفلسطينيين، تقابله ريبة إسرائيلية من علاقات تركيا الوثيقة مع حماس في غزة، لكن في هذه الظروف البينية والإقليمية الشائكة حاليا، لا أحد يستطيع أن يتنبأ بما سيأتي، لصعوبة تحديد الثابت والمتحول في علاقات أنقرة وتل أبيب)). طبعاً عندما كتبت في المقدمة؛ بأنني سأحاول قدر الامكان أن أكون موضوعياً غير منحاز لقناعات وأحكام مسبقة جاهزة، قصدت ما وقع به كاتب الخبر في الموقع الروسي حيث وبعد سرد كل تلك الحقائق فقد أراد الانحياز للأيديولوجي وليس للواقع الموضوعي وخاصةً أن هناك الكثير من الأخوة الفلسطينيين داخل تلك المؤسسة الإعلامية بحيث جعلهم يلوون عنق الحقيقة والواقع الموجود على الأرض والذي تكشفه الأرقام وبالأدلة؛ بأننا لم نشهد منذ عام 1949م -وهو عام إعتراف تركيا بإسرائيل كأول دولة إسلامية تعترف بها- نوع من القطيعة بين البلدين وليس “العداوة”، كما يريد الموقع أن يوصلها للقارئ بقصد أو دون قصد، رغم أن لا براءة للإعلام عموماً!

والآن دعونا نعود لجذر المشكلة في العلاقة التركية الإسرائيلية حيث الصراع على المستوى الإعلامي -أو لنقل الديبلوماسي- الكلامي في حين على المستويات الاستخباراتية والاقتصادية والعسكرية وحتى السياحية في نمو وتطور أو على الأقل لم تقطع يوماً وبشهادة المقربين للطرفين -وهم الروس من خلال موقع قناتهم الرسمية- وهذا ما يؤكد لنا وبالدلائل القطعية؛ إن العلاقة بين البلدين فعلياً تشهد بعض الخلاف السياسي الأيديولوجي وخاصةً بعد صعود حزب العدالة والتنمية وهيمنة شخصية أردوغان وفريقه السياسي على كل مفاصل الدولة حيث المنهجية الإسلامية وحلمه في استعادة “أمجاد الخلافة العثمانية” من خلال مشروع أسماه هو ب”العثمنة الجديدة” وذلك في مواجهة المشروع الغربي الأمريكي -ومعهم إسرائيل- في تكوين شرق أوسط جديد يتوافق مع مصالحهم الاستراتيجية وهذا ما شكل ساحة صراع بين الأيديولوجيتين سياسياً ديبلوماسياً “كلامياً منبرياً” ولم تصل الأمور يوماً للمواجهة العسكرية أو حتى الاقتصادية من عقوبات اقتصادية أو خنق الاقتصاد التركي، رغم بعض العقوبات الخفيفة مؤخراً من أمريكا على بعض القطاعات التركية نتيجة أزمة الصواريخ الروسية. وهكذا فإننا نجد بأن الجانب المصلحي، كما في المقولة الشهيرة عن السياسة والعداوات والصداقات الدائمة أم المصالح الدائمة، هي التي كانت وما زالت لها الغلبة الدائمة في علاقة الدولتين والحكومتين وهذه تنطبق عموماً على سياسات الدول وبالأخص التي تكون في حلف واحد سياسي أو عسكري حيث تركيا عضو ب”الناتو” وإسرائيل أكثر دولة تتم رعايتها من ذاك الحلف العسكري ولكن ورغم ذلك فهناك ما يميّز العلاقة التركية الإسرائيلية؛ ألا وهو الصراع على السطح -إعلامياً كلامياً، كما قلنا سابقاً- بينما في الأعماق هناك تحالف وتعاون قوي على عدد من الصعد والمجالات الدولتية المختلفة.

لكن ورغم كل ما سبق وما سيأتي لاحقاً؛ إن كان بخصوص العلاقة بين البلدين أو حتى ما سوف يرد من مواقف على لسان بعض القادة الفلسطينيين وكذلك من الشارع الفلسطيني -شعبوياً أو ثقافياً، كما رأينا في عدد من المحطات السياسية- بخصوص القضية الكردية وفي مختلف أجزاء كردستان وبالأخص في كل من روجآفا (سوريا) وإقليم كردستان (العراق)، فهل يعني ذلك أن نكون ضد حقوق شعب يناضل هو الآخر لنيل حياة حرة مستقلة، ربما يكون الموقف محرجاً للبعض منا نحن الكرد وخاصةً شهدنا مواقف سلبية من الجانب الفلسطيني ومن بعض قياداتها التاريخية وللأسف -طبعاً لا نعمم- لكن ورغم ما كل سبق وما قد يلي؛ فإن القضية الفلسطينية هي مثل القضية الكردية لشعب يحاول أن يكون سيد مصيره، بالرغم أن واقع الفلسطينيين أفضل بكثير، بل لا يقارن مع واقع شعبنا الكردي عموماً وبالأخص في تركيا -حددنا هذه الأخيرة- كون الموضوع متعلق أساساً بالعلاقات التركية الإسرائيلية ووجود القضيتين الكردية والفلسطينية مرتبط بهذين الكيانين السياسيين وبالتالي فمن يطالب بحقوق الشعب الفلسطيني -رغم أن هناك مشروع حل الدولتين؛ الفلسطينية والإسرائيلية متفق بين طرفي الصراع وكذلك متفق دولياً عليه وهذا يعتبر حلماً للكرد في باكوري كردستان (تركيا) بأن تعترف هذه الأخيرة ومعها العالم بهكذا حل بالنسبة للشعبين الكردي والتركي فيما تسمى زوراً بتركيا- نعم؛ من يطالب بحق الفلسطينيين -أردوغان وتركيا مثالاً ومعها إيران أيضاً- عليهم أن يعملوا به في بلدانهم مع من يدعونهم ب”أخوتهم في الدين”، أما أن تطالب بحماية الآخرين خارج حدود دولتك وأنت تحكم بالنار والحديد على مواطني بلدك وتحرمهم من أي حقوق إنسانية، ناهيك عن حقوقهم الثقافية والسياسية فذاك يعتبر نفاقاً ودجلاً، بل وخيانة للمبادئ والقناعات التي تدعيها على منابر الإعلام حيث جميعنا نعلم؛ بأن إسرائيل ورغم كل ممارساتها ضد الفلسطينيين فهي أفضل، بل لا تقارن مع كل من تركيا وإيران في تعاطيهما مع الملف الكردي.

بالأخير وبعيداً عن الجدلية الإشكالية في علاقة البلدين؛ تركيا وإسرائيل، بين مؤيدٍ لفكرة إنهما صديقتان ودودتان أو منافياً لها، قائلاً بأنهما عدوتان لدودتان، فإن الحقيقة هما متشابهتان تكويناً بنيوياً أيديولوجياً حيث الاثنتان قائمتان على فكرة العنصر الواحد؛ فهناك العنصر “القومي التركي”، كما لخصها أتاتورك بمقولته الشهيرة أو كما ينسب له والتي تقول؛ “شعب واحد، علم واحد، دولة واحدة” وقد كررها أردوغان بعد محاولة الانقلاب الفاشلة.. وبالمناسبة فقد تبناها هتلر أيضاً وذلك عندما قال: “دولة واحدة، شعب واحد، زعيم واحد” وللأسف فقد جاء كل زعماء الشرق ليطبقوا هذه المقولة الاستعلائية الالغائية بحق الآخرين ومنهم دولة إسرائيل -كما تركيا- حيث تم تسمية الدولة بالمكون العنصري القومي أو الديني لفئة ومكون واحد ملغياً وجود الآخرين وبالتالي ورغم إتفاق الإسرائيليين والفلسطينيين على مبدأ حل الدولتين؛ الفلسطينية والإسرائيلية، لكن ولكون أن الأحداث والوقائع على الأرض أثبتت فشل هكذا حل سياسي حيث التداخل الجيوسكاني بين المكونين يصعب تقاسم الجغرافيا السياسية بين كيانين ودولتين ولذلك فمن الأفضل البحث عن حل سياسي آخر وأعتقد أن حل الدولة الواحدة الاتحادية الديمقراطية سيكون ناجحاً ناجعاً، أو كما أسماها الراحل القذافي يوماً ب”إسراطين” حيث يعتبر هذا النموذج الفيدرالي القائم على اللامركزية السياسية وحكومات الأقاليم أفضل المخارج والحلول للطرفين وكذلك بخصوص واقع “تركيا” بحيث يتم القبول بالمشاركة والتعددية في دولة وطنية ديمقراطية علمانية فيدرالية ويبدأ التغيير أولاً من تغيير لاسم الدولة مروراً بالدستور والاعتراف القانوني بحقوق متساوية بحيث تعبر عن المكونان الوطنيان الموجودان وليس تعبيراً عنصرياً لمكون ملغياً الآخر تماماً.. ربما هذه تنقذنا جميعاً، أما العناد والإلغاء فلن تجلب لنا إلا المزيد من الأزمات والحروب والمآسي.

الهوامش:

موقع ويكيبيديا؛ مقالة بعنوان: العلاقات الإسرائيلية التركية.
موقع “صحيفة مكة الالكترونية”؛ مقالة بعنوان: العلاقات الاستراتيجية بين تركيا وإسرائيل .. حقائق و أرقام وصور تفضح أكاذيب أردوغان.
موقع قناة (RT) الروسية؛ خبر تحت عنوان: العلاقات التركية الإسرائيلية بين الثابت والمتحول.



#بير_رستم (هاشتاغ)       Pir_Rustem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الفرق بين سياساتنا وسياسات خصومنا؟!
- “أورينت” وتزوير التاريخ!
- أمريكا وقنديل ليس في حالة صراع بروجآفا!
- الدولة الكردية في محاضر ولقاءات الدول الغاصبة لكردستان.
- هل حان الوقت لتصحيح سياسات المجلس الكردي؟
- الدولة الاتحادية الفيدرالية هي “المنقذ” لتركيا!
- برهان غليون و”الحكم الذاتي” للكرد!
- زيارة الحريري والمصالح المشتركة
- استقلال كردستان قد يكون قريباً!
- إفهموها.. أنتم من أجبرتمونا على الخيار الأمريكي!
- العلاقات الكردية الكردية.. هل هي خاضعة لقضية الصراع على النف ...
- المرتزق أو المرتزقة و”حكاية بيشمركة روج”
- لما نحن كرد روجآفا لا نملك قرارنا الإقليمي؟!
- أردوغان لم يكن صادقاً يوماً!
- أصنامكم “بشر” أيضاً!
- ردود وإجابات بخصوص مقالتي الأخيرة؛ (ملاحظات على حوار “آلدار ...
- ملاحظات على حوار “آلدار خليل” الأخير
- جيفري يكشف عن المخططات الأمريكية بخصوص الملف الكردي
- رؤية “مظلوم عبدي” بخصوص العلاقات الكردية
- الكرد ومعاهدة سيفر


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بير رستم - تركيا وإسرائيل؛ عدوان لدودان أم صديقان ودودان؟!