أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - في رثاء نوادر الرجال .














المزيد.....

في رثاء نوادر الرجال .


يوسف حمك

الحوار المتمدن-العدد: 6893 - 2021 / 5 / 9 - 02:00
المحور: الادب والفن
    


ما أقسى قلبك أيها الموت ، كم مرعبٌ أنت ، و ما أقبح وجهك ! مخادعٌ و غدَّارٌ ، خصمٌ ماكرٌ تأتي على غفلةٍ . و ما أشد بأسك ! كما لئيمٌ أنت أيها العدو المشترك للجميع ! حينما تمزق الأجساد ، و تطحنها طحناً .
و كم جريءٌ للغاية أنت ، عندما تنتشل أعز الناس من لذة الحياة !
و تخطفه على مرأى محبيه و حراسه دون أن تحسب لهم وزناً !

كم عنيدٌ في صراعك مع الحب و الحياة .
للفرح عدوٌ أنت ، و للسعادة ألد الخصوم .
وحدها التعاسة من صميم عملك ، و تجلب معك الحزن و العويل إلى كل بيتٍ تدخله .
لا يصدك سد الأبواب و كل المنافذ ، حتى القلاع الحصينة تعجز عن ردعك .
بلطجيٌّ أنت و سفّاحٌ . ولاؤك ليس للمال و المناصب ، أو التبعية للطغاة .
تبيع الأرواح بالمفرق و الجملة مقابل وجع القلوب و عذاب النفوس .


فجيعةُ رحيلِ عزيزٍ - لا لقاء بعده – موجعةٌ للغاية ، و لاذعةٌ كرش الملح على الجرح . و أمواج الحزن على القلوب تتهيج ، و الحزن للروح يتأجج ، و العذاب يستفحل بعجالةٍ .
ينطفئ نور العين فجأةً ليسود الظلام ، و كأن وجود الفقيد على قيد الحياة كان لعبةً .

في اللحظات الأولى من سماع نبأ الرحيل ، يصبح طعم الحياة مراً كالعلقم ، لحظاتٌ رهيبةٌ و مرعبةٌ و أنت تصارع أعاصير الحزن .
تداهمك موجة البكاء التي قد لا تجدي البتة ، لكنها ربما تخفف اجترار الوجع .

نعم بفقد العزيز تنفطر القلوب ، و النفوس تشتعل حسرةً و ألماً ، ولاسيما إذا كانت العشرة الطويلة تجمعك به ، و كان مميزاً بشمائل ارتفعت به ، و في مجتمعه كان عالي المقام ، و مسيرة حياته كانت عامرةً ، و تاريخه حافلاً بالجوانب الحميدة ، و الحديث عن صفاته الطيبة لا يقفل بابه ، و بصماته طُبعت في كل مكانٍ ، تاركاً خلفه جرحاً في كل القلوب ، و له مرتبةٌ أسمى ، فنكاد نسمع أنين كل فراغٍ تركه ، و الكثير من الناس اجتمعوا على محبته ، و برحيله أحرق قلوبهم .
قد يكون غادر من أمام أعينهم للأبد ، غير أنه لم يفارق تلك القلوب المكسورة ، و لن يخرج من أعماق الأرواح المجروحة .
لذا فكتابة مقالةٍ في رثائه ، لا تعالج جروح القلب ، و لا ترمم تصدعات النفس ، و لا حتى إن اعترتنا نوبة بكاءٍ .


ما ذنب المرء أن يُتخم قلبه بوجعٍ لا يفارقه ، حينما يصله خبر خطف أعز الناس كالصاعقة ؟!! فلا يفيق من هول الصدمة إلا بصعوبةٍ ، من زيارة الموت المشؤومة تلك .

عن صهوة الحياة يترجل الأحبة بصمتٍ ، ليتركوا غصةً مرةً في الأحلاق ، في وقتٍ يعصرنا كابوس البعد و التشرد .
نغمض أعيننا ، كي نراهم على شاشة الذاكرة ، بعد أن خذلونا برحيلهم الأبديِّ و على حين غرةٍ .

العيون تقطر دماً لا دمعاً ، و الروح تذوب وجعاً ، أما الحزن فيغدو ظلنا لوقتٍ مديدٍ ، فنشعر بالضعف فجأةً ، حتى و إن كنا أشد الأشخاص قوةً .
و ناهيك عن الرحيل في غير أوانه الذي يجعل اللسان يتلعثم ، و القلم في تسطيره للكلمات يتعثر .
ثم تثير الشجون ، و تُفتح الجروح ، و الكثير من الآمال تندثر .



#يوسف_حمك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقوق العمال ، لا تكتمل بالشعارات الكاذبة .
- و بقيت عالقاً بالذاكرة ، طوال النهار .
- المجد لمراقد الخالدين .
- انجاز المصالحة الوطنية أولى من المهرجانات الصاخبة .
- بالقراءة تُبنى الأوطان ، و ترتقي الأمم .
- كذبة شعار تحرر المرأة .
- الافتخار بتقليد المشاهير ، فقدانٌ لهوية الذات .
- كل لحظات الحب للعاشقين عيدٌ .
- رحيل الثلج ، بالنسبة للصغار طعمه مرٌ كالعلقم .
- الاعلام المرتزق ، متآمرٌ على الوطن و رخيصٌ .
- المنظومة الاستخباراتية الشرقية ، هدفها ترسيخ سلطة المستبدين ...
- شهداء الوطن فداءٌ لخاطفيه .
- سلوكيات أباطرة المال ، مدعاةٌ للاحتجاجات .
- حينما يتطوع المثقف برتبة بيدقٍ في إعلام السلطة .
- لا تغيير على ملامح العام المقبل .
- للمبادرين بالدخول إلى القفص الزوجيِّ .
- و مازلنا نبحث عن ذواتنا التائهة
- حينما يكذبون جهاراً و علانيةً .
- العبرة بالخواتيم .
- من تمنطق فقد تزندق !!!


المزيد.....




- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يوسف حمك - في رثاء نوادر الرجال .