أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حاتم الجوهرى - أثيوبيا ومصر: بين سياسات المسألة الأوربية، وما بعدها















المزيد.....

أثيوبيا ومصر: بين سياسات المسألة الأوربية، وما بعدها


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 6881 - 2021 / 4 / 27 - 13:46
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


من وجهة نظر أوسع يدور في العالم الآن جدل ما، بين "المسألة الأوربية" ومتلازماتها الثقافية وعقدها، وما ترتب عليها من سياسات الفعل ورد الفعل، وفي الوجهة الأخرى توجد بعض المحاولات للانعتاق من "المسألة الأوربية" وعقدها إلى ما بعدها.
وفي ملف "سد النهضة" الأثيوبي يبدو تعقد الملف وصعوبته أكثر ارتباطا بسياسات "المسألة الأوربية" ومتلازماتها الثقافية، ويبدو الأمل في تخطي صعوبات الملف وتعقده أكثر ارتباطا بسياسات "ما بعد المسألة الأوربية" وتجاوزها.
ففي ارتباط الملف بمتلازمات "المسألة الأوربية" على الجانبين المصري والأثيوبي؛ وعلى الجانب الأثيوبي يمكن القول إن الغرب والصهيونية دعما المشروع، بهاجس السيطرة على مصر كمركز ثقل للذات العربية وحاضنتها التاريخية، مغذين الشعور بالاضطهاد عند الأثيوبيين وكأن مصر امتدادا للرجل العنصري الأوربي/ الأبيض.
وفي الجانب المصري كان دونالد ترامب يضغط على مصر لقبول "صفقة القرن"، التي تنتصر للصهيونية بوصف "إسرائيل" واحدة من أبرز متلازمات "المسألة الأوربية" التي ارتبطت بها، وكان ترامب يدفع مصر إما لضرب السد تحت غطاء سياسي منه، أو لإخضاع أثيوبيا في نهاية المطاف لاتفاق ما، يحتفظ بالتناقضات بين البلدين تحت سيطرته أيضا.
والحقيقة أن تخطي "المسألة الأوربية" وسياسات المتلازمات الثقافية المرتبطة بها، يقع على عاتق أثيوبيا بشكل أساسي، لأنها هي الطرف الذي يملك المبادرة في الموضوع، ويستطيع بناء التعاون ومساراته مع الجانب المصري بدلا من الصدام معه واستعدائه، بما يدفع مصر الآن لتبني سياسات المواجهة دفاعا عن نفسها.
علاقة الطرفين بـ"المسألة الأوربية" ومتلازماتها الثقافية الكلية يمكن حصرها كالتالي؛ مصر ترتبط بـ"دولة ما بعد الاستقلال" عن الاحتلال الأوربي في القرن الماضي، ومركزية فكرة: التحرر والاستقلال المستمرة حتى الآن، كرد فعل لحضور الصهيونية ممثلة لـ"المسألة الأوربية" وتناقضاتها في المنطقة العربية.
أثيوبيا علاقتها بـ"المسألة الأوربية" ترتبط أيضا بفترة "ما بعد الاستعمار"، والتناقضات والسياسات التي تركها المستعمر في القارة، لتكون دائما في حالة من الصراع السياسي والهوياتي المتعدد، عبر الحدود السياسية المرتبكة غير المعبرة عن الواقع الطبيعي للسكان، وعبر خلق التناقضات باستمرار بين الأطراف المتنوعة.
لكن كيف يمكن للجانبين تجاوز السياقات التاريخية لـ"المسألة الأوربية" وهما ما زالا في الدائرة نفسها؟ وتحت ضغوط العوامل ذاتها! كيف يمكن تجاوز التناقضات التي زرعتها "المسألة الأوربية" وآثارها الجانبية على القارة السمراء والمنطقة العربية؟
وأعتقد أن ذلك لابد أن يكون عبر شعار: التحرر و"المشترك القيمي الإنساني" بعيدا عن تمثلات "المسألة الأوربية" المادية عن حتمية الصراع دوما، بين الرأسمالية والماركسية اللذان هما وجهين لعملة واحدة هي المادية الأوربية ذاتها، مع ظهور مشاريع للتعاون المشترك عالميا وفي القارة السمراء، بعيدا عن استقطابات وتمثلات "المسألة الأوربية" ومفاهيمها الليبرالية أو الماركسية.
ولقد قدمت الذات العربية مشروعا كامنا لتجاوز "المسألة الأوربية" مع ثوراتها الجديدة، بشعارات تتجاوز اليمين واليسار ومتلازمات "المسألة الأوربية"، بما فيها أحزاب الدين السياسي، كما أن بعض البلدان الأفريقية قطعت بعض الخطوات نحو تجاوزها أيضا، لكنها لم تشكل بعد نموذجا واقعيا للوعي بأهمية تجاوز متلازمات "المسألة الأوربية" تلك، والوعي بتجاوز تناقضاتها وسياساتها التي تخلق الصراع دوما.
إنما إلى أن يتطور ذلك الوعي بتجاوز "المسألة الأوربية" ومتلاماتها، لابد من الإشارة لبعض المواقف الأثيوبية ذات الصلة بها، والتي تتطلب مراجعة سريعة منها.
فهي تسقط على مصر موقفها من الاستعمار الأوربي، وتعتبرها مصر امتداد للمستعمر الأبيض، وترى في جدلية "العبد والسيد" حلا، أى في التسلط وممارسة القهر نفسه تجاه مصر، وتقمص دور المستعمر القديم تجاه المصريين بديلا لذهنية "العبد" القديمة.
مع الإشارة لأزمة تاريخية وحالية في الذهنية الأثيوبية تجاه مصر والعرب؛ تاريخيا تشعر أثيوبيا بتفوق الحضارة المصرية القديمة، وارتباطها بنهر النيل رغم كونه ينبع من أرضها، وفي الزمن الحالي توجد أزمة أخرى هي رواج عمل بعض الأثيبوبيات كعاملات منزليات في البلدان العربية، وما ينتج عن تلك أحاسيس مختلفة ومتضاربة يمكن أن تغذي متلازمة "العبد والسيد" التي تشبعت بها العقلية السياسية للنخبة الحاكمة المرتبطة بـ"المسألة الأوربية" ومتلازماتها في أديس أبابا.
من جهة ثالثة ترتبط أثيوبيا بالمشروع الصهيوني ودولة إسرائيل، التي تكاد تكون هي التمثل الاستعماري العنصري الوحيد القائم لـ"المسألة الأوربية" وتمددها في القرن التاسع عشر، بعد تفكك النظام العنصري في جنوب أفريقيا، واستعمال "إسرائيل" والغرب لأثيوبيا كأداة طيعة للهيمنة على مصر والتحكم فيها، عبر تغذية الإحساس بالدونية العرقية عندها، وتفجير التناقضات المختلفة، وقلب الأمور وتقديم مصر في صورة المستعمر والعدو.
ومن جهة رابعة؛ تحاول أثيوبيا أن تربط بين محاولتها السيطرة على حصة المصريين من الماء، والصراع مع القاهرة، على أنه امتداد لتفجر تناقضات "المسألة الأوربية" في أمريكا، مع اغتيال "جورج فلويد" وتصاعد دور حركة "حياة السود مهمة"، لتلعب على تناقضات المشاعر الغربية/ الأوربية وكأن تمرد أثيوبيا في مواجهة مصر التاريخية، هو انتصار لحركة "حياة السود مهمة"!
والجدير بالذكر أن التكيكات نفسها كانت الصهيونية قد استخدمتها للترويج لاحتلالها العنصري والإرهابي لفلسطين، حينما استغلت تفجر تناقضات "المسألة الأوربية" العنصرية، مع هتلر ضد يهود أوربا في الحرب العالمية الثانية، لتقدم احتلال فلسطين عبر قوة السلاح وجدلية "العبد والسيد" أيضا، كرد فعل على اضطهاد هتلر لهم، أي أنهم قاموا بفعل عنصري ردا على فعل عنصري آخر، واستخدموا السلاح والإرهاب والاضهطاد، رد فعل على استخدام السلاح والإرهاب والاضطهاد ضدهم.
يبقى الأمل في أن يتجاوز العالم مرحلة "المسألة الأوربية" بأقل الخسائر الممكنة، ويتجاوز التناقضات التي أنتجتها بإرادة أكبر للبناء، وتجاوز عقد التطرف الأوربي والعنصرية تجاه الآخر المتعدد.
وتبقى سياسات "ما بعد المسألة الأوربية" حلما و"مشتركا قيميا إنسانيا" جديدا، يتجاوز تطرف المادية الأوربية وعنصريتها، وتبريراتها المتعددة، سواء في الليبرالية أو الماركسية.
لأن "ما بعد المسألة الأوربية" وسياساتها، يجب أن تقوم على فلسفة "قيمية" إنسانية مشتركة، تستعيد مكانة "القيم والمثل" في الحضارة البشرية، بعدما وصل النموذج المادي الأوربي الليبرالي والماركسي، لمرحلة الموات وتفجر تناقضاته ومتلازماته.



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاصم الجزار والفساد المستمر بالعبور الجديدة
- ما وراء السد: السياسات المصرية بين محور التطبيع القديم ومحور ...
- الرئيس الجديد لجهاز العبور الجديدة وبناء الثقة مع صغار الملا ...
- مصر وأثيوبيا: من يقاوم ومن التابع للاستعمار!
- سد أثيوبيا وتنويع محفظة السياسات الخارجية لمصر وفق أمنها الق ...
- مقاربة ما قبل السلام وما دون الحرب: مواجهة الحجز الثاني لسد ...
- زيارة السيسي لإسرائيل: أزمة تيار الاستلاب للصهيونية في مرحلة ...
- 25 يناير العظيمة: أسئلة وإجابات العقد الثاني
- في وداع ترامب: دروس تفجير مستودع الهوية العربي
- انصار ترامب وأعداؤه: تفجر تناقضات المسألة الأوربية
- العلامات الثقافية لمقتحمي الكابيتول: رؤية ما بعد المسألة الأ ...
- انتفاضة أنصار ترامب وعالم ما بعد المسألة الأوربية
- العبور الجديدة بين القرار 142 والمذكرة الرئاسية
- البطل الشعبي مشوها: محمد رمضان وتيار الاستلاب والإمارات
- المواطن الشريف الانتهازي متحدثا عن رئيس العبور الجديدة
- الاستلاب للآخر وتسريبات هيلاري: لا الجمهوريون أصدقاء ولا الد ...
- مصر بين صفقة القرن وخطاب الاستلاب: محددات، ومتغيرات، وبدائل
- خطاب الاستلاب: بين الحرب بالوكالة والهيمنة بالوكالة
- الاستلاب السلطوي: القدس والمنسلخون عنها باسم السلطة
- الاستلاب العلماني: القدس والمنسلخون عنها باسم العقلانية


المزيد.....




- السعودية الأولى عربيا والخامسة عالميا في الإنفاق العسكري لعا ...
- بنوك صينية -تدعم- روسيا بحرب أوكرانيا.. ماذا ستفعل واشنطن؟
- إردوغان يصف نتنياهو بـ-هتلر العصر- ويتوعد بمحاسبته
- هل قضت إسرائيل على حماس؟ بعد 200 يوم من الحرب أبو عبيدة يردّ ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن قتل عضوين في حزب الله واعتراض هجومين
- باتروشيف يبحث مع رئيس جهاز المخابرات العامة الفلسطينية الوضع ...
- قطر: مكتب حماس باق في الدوحة طالما كان -مفيدا وإيجابيا- للوس ...
- Lava تدخل عالم الساعات الذكية
- -ICAN-: الناتو سينتهك المعاهدات الدولية حال نشر أسلحة نووية ...
- قتلى وجرحى بغارة إسرائيلية استهدفت منزلا في بلدة حانين جنوب ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حاتم الجوهرى - أثيوبيا ومصر: بين سياسات المسألة الأوربية، وما بعدها