أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حاتم الجوهرى - في وداع ترامب: دروس تفجير مستودع الهوية العربي















المزيد.....

في وداع ترامب: دروس تفجير مستودع الهوية العربي


حاتم الجوهرى
(Hatem Elgoharey)


الحوار المتمدن-العدد: 6794 - 2021 / 1 / 21 - 11:16
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    


مدخل:
من الحرب الخشنة إلى الحرب الناعمة

بعد تنصيب بايدن رئيسا بالأمس، ووداع ترامب للبيت الأبيض، يجب علينا أن ننظر في الدروس المستفادة والتكتيكات التي اتبعها ترامب مع العالم العربي، ليفرض صفقة القرن ومرحلة "الاستلاب للآخر" الصهيوني ثقافيا وحضاريا.
من هنا لابد من القول إنه تختلف تكتيكات "الحرب الناعمة" وتفجير التناقضات التي تم استخدامها في عهد ترامب، لفرض خطاب "الاستلاب للآخر" الصهيوني/ الغربي، وصفقة القرن والثقافة الإبراهيمية، وإعلان القدس كاملة عاصمة "إسرائيلية" ونقل السفارة الأمريكية إليها، تختلف تلك التكتيكات عن تكتيكات عملية "التطبيع" القديمة.
حيث تختلف تكتيكات "الحرب الناعمة" الجديدة هذه، عن تكتيكات الحرب الخشنة المباشرة قديما، وما كان يحدث في عملية التطبيع لفرض وجود إسرائيل عبر الحرب الخشنة والمباشرة، بداية من حرب 1948م مروار بكل حروب القرن الماضي وحتى حرب احتلال بغداد عام 2003م.
إذ تم في صفقة القرن استخادم تكتيكات "الحرب الناعمة"، ليظهر عندنا "نمط سياسي" بوضوح الآن بعد رحيل ترامب، وهو ما يمكن تسميته بـ "تكتيك تفجير مستودع الهوية" العربي، وطبقاته المتراكمة والمتنوعة، كأعلى مستويات الحروب الناعمة لتفكيك وجود الآخر داخليا وبشكل ناعم، ودون حرب خشنة مباشرة.
فحدث أن تم تمرير صفقة القرن وفرض همينة إسرائيل؛ عبر تفجير التناقضات الداخلية وفي الحاضنة العربية، وبين محيطها الإسلامي (إيران وتركيا) والأفريقي أيضا (سد النهضة نموذجا)، وفي معظم مستوياتها.

الهيمنة بالوكالة بعد الحرب بالوكالة
نخبة "الاستلاب للآخر" عربيا
وفي مستوى من المستويات؛ تم ذلك عبر توظيف طبقة أو نخبة ثقافية عربية مأزومة تجاه ذاتها التاريخية العربية، ولديها من الأسباب والدوافع الشخصية أو التجارب العامة، ما يجعلها في حالة "استلاب" للآخر" ولمتلازمات "المسألة الأوربية" وقيمها الثقافية التي صدرتها للعالم، في تواكب بين تفجير مستودع الهوية العربي ضغطا على الأنظمة العربية، وتطوع البعض ليعلن انسلاخه تماما عن مستودع الهوية العربي ذلك وفساده كلية.
أي كانت عملية هدم وبناء في الوقت نفسه، هدم للذات العربية وتشويه صورتها الذاتية عند أهلها عبر خطاب الاستلاب الذي قدمته نخبة ثقافية في صف طويل، وفي الآن نفسه عملية بناء وتقييم مرتفع وترويج للذات الأوربية/ الغربية وقيمها.
والارتماء في حضن المسألة لأوربية" ومتلازماتها الثقافية، والدعوة إلى إلحاق الذات العربية بالآخر الأوربي/ الغربي، باعتبار الصهيونية ممثل لتلك الذات الأوربية، وواحدة من تمثلات "المسألة الأوربية"وهيمنتها، بمركزيتها على حساب الذوات الأخرى.
إذ تواكب هنا فعلان لتمرير صفقة القرن؛ هما تفجير تناقضات "مستودع الهوية" سياسيا، والدعوة الثقافية كـ"حرب ناعمة" لإلحاق الذات العربية بمستودع الهوية الغربي/الأوربي، والانسلاخ عنها تماما، والسير في تبعية "المسألة الأوربية" بمتلازماتها عن التقييم المرتفع للثقافة الأوربية، وقيمها التاريخية التي تنظر للآخرين وقيمهم الثقافية "نظرة دونية" متعالية.
إذ يحق هنا للتاريخ أن يسجل واحدة من أبرز التكتيكات السياسية في القرن الجديد، وهي تكتيك "تفجير تناقضات مستودع الهوية"" وتوظيفها، التي طبقها دونالد ترامب ببراعة في ملف تمرير صفقة القرن و"الاتفاقيات الإبراهيمية".

في وداع ترامب
يسجل له التاريخ تكتيكه السياسي البارز
الآن وبعد يوم واحد من تنصيب بايدنر ونهاية الفترة الرئاسية لترامب، يحق للتاريخ أن يسجل واحدة من أبرز التكتيكات السياسية في القرن الجديد، وهي تكتيك "تفجير تناقضات مستودع الهوية" وتوظيفها، التي طبقها دونالد ترامب ببراعة في ملف تمرير صفقة القرن و"الاتفاقيات الإبراهيمية".
ولكن الحق يقال إن الاستراتيجية الأمريكية عموما -وقبل ترامب- كانت تعتمد على بناء النماذج المعرفية/ الثقافية، التي تقوم على دراسة السمات الثقافية لبلدان العالم، ووضع السيناريوهات والبدائل المقترجة تجاهها، بما يضمن السيادة الأمريكية واستمرار تفوقها بأي ثمن، إنما الذي أضافه ترامب فقط لتلك الاستراتيجية هو تفجير النتاقضات بشكل علني ومباشر وسريع ومتلاحق، وإدارتها لصالح تحقيق أهداف كان قد اعلن عنها في حملته الانتخابية، والتي يبدو أنها أيضا لم تكن محض صدفة.
أقصد أن التكتيكات التي استخدمها ترامب وظِّفت لصالح تنفيذ أهداف اليمين الأمريكي بمرجعياته العنصرية والدينية المتطرفة، التي تعود لـ"المسألة الأوربية" ومتلازماتها وأثر العنصر الجرماني البري المتطرف الكامن فيها، أي أن ترامب فقط طور التكتيك ضمن الاستراتيجية نفسها.

تفجير التناقضات المصرية
وقد نفذ ترامب التكتيك ببراعة يحسد عليها حقا، نفذه مع مصر دولة المركز وحجر الزاوية القديم، حين فجر لها كافة الجبهات الخارجية المحيطة بها لكي تخضع لبنود صفقة القرن، ولو بشكل نسبي، فجر لها الملف الغربي في ليبيا، والملف الجنوبي الأهم مع سد النهضة والتنافس الأثيوبي القديم مع التاريخ المصري. وكذلك في الشمال مع تركيا، وفي الشرق والجماعات المسلحة والجبهة التي كانت مشتعلة أيضا. لكن مصر وحفظا لماء الوجه ومواجهة للمتغيرات، استعادت بعض خطابها القديم بالعودة لحل الدولتين ومرجعية القرارات الأممية، في مواجهة تفجير ترامب لمستودع الهوية وتناقضاته إقليميا، خاصة عندما فجر التنافس المصري الإماراتي في بعض الملفات المهمة، وخلق التناقض هنا أيضا.

السودان والصفقة
ونفذ ترامب تكتيك تفجير التناقضات وتوظيفها مع السودان لتخضع للصفقة، عبر التلويح برفعها عن قائمة الإرهاب، ومنحها الدعم عبر ما عرف باسم "الصندوق الإبراهيمي" الذي ساهمت فيه الإمارات، ليصل تفجير التناقضات لمداه بين اليمين واليسار هناك، إذ وافقت حكومة مفترض انها محسوبة على حركة الثورات العربية الجديدة وأقرب لليسار العربي، على التطبيع مع الصهيونية.

الاصطفاف ضد إيران
وقبل أن يرحل ترامب استطاع تفجير وتوظيف المزيد من تناقضات "مستودع الهوية" العربي، حينما رعى تصالحا بين قطر وبين دول الخليح ومصر، من أجل أن يُعد اصطفافا ضد إيران ويخترع عدوا جديدا، وفي السياق نفسه أعلن "الحوثيين" جماعة إرهابية في اليمن، لينفجر التناقض السني الشيعي داخل الحاضنة العربية، لصالح "إسرائيل" والصهيونية.

المغرب في اللحظة الخيرة
وكانت آخر ضرباته المدوية قبل ان يرحل بفترة قصيرة، مع المغرب حينما فجر التناقض القديم الذي تركه الاستعمار الأوربي بها، عن الصراع حول الصحراء الغربية، وحينما ساوم المغرب على الانضمام لصفقة القرن والتطبيع مع إسرائيل أو الاستلاب لروايتها، في مقابل الاعتراف بأحقية المملكة المغربية في الصحراء الغربية.

خاتمة: عن الدرس والعبرة
الدرس القوي هنا هو غياب السنياريوهات العربية البديلة في مواجهة تفجر "مستودع الهوية" العربي، وعدم الاهتمام الكافي بدراسة "أنماط التدافع" التاريخية في الحاضنة العربية والإسلامية، سواء داخليا بين مكوناتها المتنوعة، أو في العلاقة بين السني والشيعي، أو بين العربي والفارسي والتركي، وكذلك البحث في "أنماط التدافع" المستقبلية مع الآخر الدولي المتعدد.
إذ نجح ترامب في تمرير العديد من بنود صفقة القرن واقعيا في فلسطين، ونقل السفارة الأمريكية في فلسطين إلى القدس، عبر سياسات الخنق والتجويع والحصار، ولولا قدرة الشعب الفلسطيني على المقاومة والتضحية دفاعا عن مكونات "مستودع الهوية" الخاص به، خاصة إزاء مخططات تهويد القدس واحتلال المسجد الأقصى، لبلغت الأمور هناك حدا صعبا.
الدرس مع الإدارة السياسية الأمريكية الجديدة لبايدن؛ هو أن غياب المبادرة وحضور "سياسات عامة" خارجية، ناعمة وخشنة للدول العربية مجتمعة أو منفردة، سيسمح للآخرين بالتعامل مع الذات العربية كحقل تجارب لمخططاتهم، إذا حاول ترامب تحقيق نقاط في الملف الروسي والكوري والصيني دون جدوي، في حين وجد الطريق مفتوحا في الحالة العربية.
الحالة العربية التي يجب أن تبحث لها عن سردية كبرى جديدة، تستعيد اللحمة بين طموح جماهيري وشعبي شديد، وجمود سياسي وحزبي موروث، وأبنية سياسية رسمية تتمترس حول لحظة قديمة لـ"الاستقلال عن الاحتلال" الأجنبي نتاج القرن الماضي.



#حاتم_الجوهرى (هاشتاغ)       Hatem_Elgoharey#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انصار ترامب وأعداؤه: تفجر تناقضات المسألة الأوربية
- العلامات الثقافية لمقتحمي الكابيتول: رؤية ما بعد المسألة الأ ...
- انتفاضة أنصار ترامب وعالم ما بعد المسألة الأوربية
- العبور الجديدة بين القرار 142 والمذكرة الرئاسية
- البطل الشعبي مشوها: محمد رمضان وتيار الاستلاب والإمارات
- المواطن الشريف الانتهازي متحدثا عن رئيس العبور الجديدة
- الاستلاب للآخر وتسريبات هيلاري: لا الجمهوريون أصدقاء ولا الد ...
- مصر بين صفقة القرن وخطاب الاستلاب: محددات، ومتغيرات، وبدائل
- خطاب الاستلاب: بين الحرب بالوكالة والهيمنة بالوكالة
- الاستلاب السلطوي: القدس والمنسلخون عنها باسم السلطة
- الاستلاب العلماني: القدس والمنسلخون عنها باسم العقلانية
- الاستلاب الديني: القدس والمنسلخون عنها باسم الدين
- في تفسير الاستلاب للصهيونية: بين الدوافع الدينية والعلمانية ...
- من التطبيع إلى الاستلاب: صفقة القرن والخضوع لرواية الآخر الص ...
- علمانية السودان: استحقاقات ثورية أم ثورية مضادة!
- أماني فؤاد وخطاب الاستلاب: تهافت منطق الجزرة
- ورقة استشرافية: سردية كبرى بديلة لمصر لعبور المأزق الحضاري
- تفكيك الذات العربية: بين السلب الخشن والاستلاب الناعم
- اتفاقية إبراهيم والإمارات: خطاب الاستلاب من النخب إلى الدول
- سبتمبر 2020: استمرار تجاهل الجزار للمذكرة الرئاسية في العبور ...


المزيد.....




- البنتاغون: انتصار روسيا في الصراع الأوكراني سيكلف الولايات ا ...
- الجيش الإسرائيلي ينشر ملخص عملياته في رفح (فيديو)
- زخارف ذهبية وعرش خشبي.. مقاطع مسربة من -قصر بوتين- تكشف عن ...
- ممثلة إباحية تدلي بشهادتها عن علاقتها الجنسية بترامب في المح ...
- غموض يحيط بمقتل رجل أعمال إسرائيلي في مصر، ما الذي نعرفه عن ...
- محيطات العالم تعاني من -ارتفاع قياسي- في درجات الحرارة هذا ا ...
- بعد أشهر من المماطلة.. اتهامات تطال فون دير لاين بتجاهل وعرق ...
- اتفاق أوروبي على استخدام الأموال الروسية المجمدة لتسليح أوكر ...
- وزير مصري سابق يوضح سبب عدم تحرك جيش بلاده بعد دخول إسرائيل ...
- كيم جونغ أون يودع -سيد العمليات الدعائية- في كوريا الشمالية ...


المزيد.....

- روايات ما بعد الاستعمار وشتات جزر الكاريبي/ جزر الهند الغربي ... / أشرف إبراهيم زيدان
- روايات المهاجرين من جنوب آسيا إلي انجلترا في زمن ما بعد الاس ... / أشرف إبراهيم زيدان
- انتفاضة أفريل 1938 في تونس ضدّ الاحتلال الفرنسي / فاروق الصيّاحي
- بين التحرر من الاستعمار والتحرر من الاستبداد. بحث في المصطلح / محمد علي مقلد
- حرب التحرير في البانيا / محمد شيخو
- التدخل الأوربي بإفريقيا جنوب الصحراء / خالد الكزولي
- عن حدتو واليسار والحركة الوطنية بمصر / أحمد القصير
- الأممية الثانية و المستعمرات .هنري لوزراي ترجمة معز الراجحي / معز الراجحي
- البلشفية وقضايا الثورة الصينية / ستالين
- السودان - الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ - / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني - حاتم الجوهرى - في وداع ترامب: دروس تفجير مستودع الهوية العربي