أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بشير الحامدي - تونس: القبول بشروط البنك الدولي الجديدة أو الإعلان الصريح عن إفلاس البلاد















المزيد.....

تونس: القبول بشروط البنك الدولي الجديدة أو الإعلان الصريح عن إفلاس البلاد


بشير الحامدي

الحوار المتمدن-العدد: 6880 - 2021 / 4 / 26 - 16:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1 ـ تاريخ العلاقة بين صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية المانحة وتونس

علاقة تونس بصندوق النقد الدولي وبالمؤسسات المالية الدولية وتدخل هذه المؤسسات في السياسة الاقتصادية التونسية علاقة قديمة تعود لسنة 1959 حين نصح مدير البنك الدولي آنذاك "ايجين بلاك" الحكومة التونسية، بضرورة تخفيف الرقابة العمومية على الأنشطة الاقتصادية، وحثها على فك ارتباطها بقطاع الإنتاج لتمويل نموّها والتوجه للاقتراض الخارجي بدل ذلك. وبتبني السياسة البورقيبية لهذا التوجه تحول البنك الدولي وخلال عشريتي الستينيات والسبعينيات من "مساعد سرّي" إلى "إملاء سياسته" على الحكومة التونسية والتدخل المباشر في سياساتها الاقتصادية.
سنة 1984 حصلت الحكومة التونسية على قرض من صندوق النقد الدولي بعد قبولها بشروطه المتعلقة باتباع سياسة تقشّف وبالإلغاء التدريجي لصندوق دعم المواد الأساسية مما ضاعف أسعار مشتقات الحبوب بـ 112 في المائة وفجّر انتفاضة الخبز التي وقع مواجهتها بإطلاق النار على المتظاهرين وبالتراجع عن الترفيع في سعر الخبز بعد تصريح بورقيبة الشهير وقتها.
عام 1986 منح صندوق النقد الدولي تونس قرضين قطاعيين للفلاحة والصّناعة بقيمة 150 مليون دينار لكلّ منهما مشترطا التزام الحكومة التونسية بخصخصة أكثر من 250 مؤسسة عمومية وهو ما نفذ في إطار ما سمي ببرنامج الإصلاح الهيكلي سنوات حكم الديكتاتور بن علي.
سنة 2013 أبرمت الحكومة التونسية برئاسة حزب حركة النهضة اتفاقا مع البنك الدولي وحصلت بموجبه على قرض قيمته 1،7 مليار دولار نتج عنه ارتفاع نسبة التداين الخارجي إلى مستويات قياسية تجاوزت طاقة البلاد القصوى على الاقتراض وهو ما حولها إلى دولة مصدرة للأموال لفائدة المؤسسات المانحة بتخصيصها لجانب هام من الأموال المقترضة لتسديد القروض القديمة المستحقة أصلا وفائدة.
سنة 2016 منح صندوق النقد الدولي الحكومة التونسية قرضا جديدا بقيمة 2،8 مليار دولار وقع صرفه على أقساط على مدى الأربع سنوات الماضية.
وهكذا بلغ مجمل القروض التي حصلت عليها الحكومات التونسية من صندوق النقد الدولي حتى سنة 2016 ما قيمته 4،6 مليار دولار مما جعله من أهم الممولين لتونس إلى جانب البنك العالمي الذي وافق أيضا على منح تونس قروضا إضافيا بقيمة 5 مليار دولار ناهيك عن مبالغ التي تحصلت عليها من المؤسسات المالية الأوروبية في شكل قروض أو هبات ومساعدات.
وتجدر الملاحظة أنه تم توظيف أكثر من 80 في المائة من القروض التي تحصلت عليها تونس بين عامي 2011 و2016 لسداد الديون القديمة لنظام بن علي.
لقد انجر عن سياسة التداين التي سلكتها الحكومات التونسية بعد 2010 تضاعفت كتلة الديون لتمر من 25 إلى أكثر من 50 مليار دينار وهو ما انجر عنه انهيارغير مسبوق للتوازنات المالية الكبرى لتونس. فتفاقم العجز التجاري وتدهور ميزان المدفوعات إلى مستويات قياسية وتهاوت قيمة العملة المحلية وتخلّي البنك المركزي عن دوره التعديلي في الحفاظ على قيمة الدينار الذي فقد حوالي 50٪ من قيمته إزاء العملة الأوروبية والدولار الأمريكي مما أدّى إلى ارتفاع جنوني في نسب التضخم وتزايد أسعار المواد الأساسية بحوالي 300٪ منذ 2011 وارتفاع مواز في نسبة التداين الخارجي وتضخم كلفة الاقتراض الخارجي التي أصبح تسديدها يتم بالعملة الصعبة. وقد وصل عجز الموازنة العامة سنة 2021 حدود 12٪ وارتفع الدين العام من 72.2٪ من إجمالي الناتج المحلي عام 2019 إلى الذروة بنسبة 86.6٪ من إجمالي الناتج المحلي عام 2020، وهو مستوى أعلى بكثير من المعيار القياسي لعبء الديون البالغ 70٪ من إجمالي الناتج المحلي.

2 ـ شروط البنك الدولي الجديدة: من موقع المانح إلى موقع المشرف المباشر المنفذ للسياسات

في زيارته الأخيرة لتونس قال نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا إنه "يتعين على تونس تسريع الاصلاحات في ظل الوضع الاقتصادي الدقيق الذي تعيشه البلاد، مشددا على أن عدم اجرائها أو التأخير فيها سيترتب عنه مجابهة صعوبات كبيرة." مضيفا أن "البنك غيّر مقاربته في التعامل مع الحكومة التونسية "موضحا "أصبحنا نقدم الخبرة التقنية في مستوى مالي مع توفير التمويلات المناسبة". وهو ما يعني مرور البنك الدولي من موقع المانح بشروط إلى موقع المشرف المباشر والمنفذ للسياسات بعد أن تبين لهذه المؤسسة الدائنة عدم قدرة الحكومة التونسية على الإيفاء بتعهداتها تجاه تنفيذ سياسات هذا البنك وأن المقاربة الجديدة تقتضي أن يباشر البنك الدولي عبر خبرائه الإشراف على المالية التونسية وهو ما يعني بصريح العبارة إعلان تونس دولة مفلسة.
مقاربة البنك الدولي والتي سيتحول من أجلها رئيس الحكومة إلى مقر البنك الدولي مع وفد سيضم برلمانيين وممثلين عن الاتحاد العام التونسي للشغل وعن منظمة الاعراف تتمثل في تقديم الحكومة التونسية لبرنامج إصلاحات وليدرسها البنك وأن تتعهد هي وشركائها بتنفيذها وتهم:
ـ مراجعة سياسة صندوق الدعم
ـ مراجعة كتلة الأجور
ـ إعادة هيكلة بعض المؤسسات العمومية
البنك الدولي لم يتوقف عند هذا الحد بل تعهداه لاشتراط ضرورة أن يتعهد البرلمان واتحاد الأعراف والاتحاد العام التونسي للشغل بتبني هذا البرنامج وأن يقبلوا بخبراء البنك الدولي للإشراف على تنفيذه.

3 ـ الكارثة على الأبواب

الكارثة هذه المرة تختلف عن كل سابقاتها من الكوارث التي عرفتها تونس سواء في عهد الديكتاتور أو في العشر سنوات التي خَلَفَه فيها تحالف الخوانجية والعائلات المافيوزية.
كارثة هذه المرة هي اشتراط البنك الدولي والشركات المالية المانحة ضمانا من نوع جديد لمواصلة إقراض الحكومة وتأجيل إعلان إفلاس الدولة. والضمان يتمثل في ضرورة موافقة اتحاد الشغل واتحاد الأعراف والبرلمان على تنفيذ شروط المانحين وعدم تعطيل تنفيذ املاءاتها المتعلقة بخفض كتلة الأجور وبخفض نفقات صناديق الدعم وبإصلاح القطاع المالي والمؤسسات العمومية.
الالتزام بهذا الشرط سينجر عنه إعادة هيكلة سبع مؤسسات هي:
ـ شركة الخطوط التونسية
ـ شركة الفولاذ
ـ ديوان الأراضي الدولية
ـ شركة الكهرباء والغاز
ـ الصيدلية المركزية
ـ شركة الشحن والترصيف
ـ شركة سيفات لصناعة الأدوية.
كيف ستكون إعادة هيكلة هذه المؤسسات؟
من سيستفيد منها؟
من سيقبض ثمن كل ذلك؟
هذا ما سيمرّر مثلما مرّرت سابقا قرارات "الإصلاح الهيكلي" وقرارات الترفيع في سن التقاعد وكل القرارات المتعلقة بالخصخصة وكما حدث ويحدث في قطاعات التعليم والصحة والنقل.
لا شك أن المتضرر الأول من هذه السياسة هم الخدامة حيث سيخسرون مواطن شغلهم وتتحول هذه المؤسسات إلى ملكية للخواص بعد التفويت فيها لخلاص بعض ديون صندوق النّقد الدّول والبنك العالمي وتبقى دار لقمان على حالها لا بل تسوء الحال أكثر وأكثر: ارتفاع في نسب البطالة تدهور مستمر في القدرة الشرائية فساد مستشر في كل المجالات تهريب وسوق موازية محروسة بأباطرة من الفاسدين الذين لا يطالهم قانون.
26 أفريل 2021



#بشير_الحامدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس: الموجة الثالثة من وباء كوفيد 19: نحن في قلب الكارثة فه ...
- تونس: -مخزن مسكر ولا كرية مشومة- مرة أخرى حول أوضاع قطاع الت ...
- تونس: الأغلبية ومشروع التغيير الجذري أو بعبارة ماركس: كيف يم ...
- في تونس صراع الشقين البرجوازين -الشقيقان العدوان- المتواصل م ...
- تونس: من أجل مؤتمر عام للمقاومة يعدّ له وينجزه كل الذين يلتق ...
- تونس: انتفاض الفلاحين في -أولاد جاء بالله- و-البقالطة- ومهمة ...
- تعبيرات الغضب
- احتجاجات جانفي 2021 واختلاف المواقف منها في الساحة السياسية ...
- تونس: الهدف المباشر الآن: تغيير ميزان القوى لصالح الانتفاضة
- تونس:الثورة تحدث ولكن يبقى التأسيس للتغيير الجذري هو المشكلة ...
- تونس مهامنا اليوم: إسقاط منظومة الحكم التي ورثت نظام بن علي ...
- تحقيق الأحلام ليس بالهيّن
- تونس: ماذا حدث في 17 ديسمبر 2010
- الدور القذر الذي تلعبه اليوم بيروقراطية الاتحاد العام لتونسي ...
- تونس:زمن راشد الغنوشي وعبير موسى
- تونس: عشر سنوات على 17 ديسمبر: بعض استنتاجات للمعنيين. (الجز ...
- تونس: عشر سنوات على 17 ديسمبر: بعض استنتاجات للمعنيين. (الجز ...
- تونس: عشر سنوات على 17 ديسمبر: بعض استنتاجات للمعنيين. (الجز ...
- مأزق بيروقراطية الاتحاد العام التونسي للشغل الآن
- مبادرة الخروج من الأزمة... لقيادة إ.ع.ت .ش: محاولة يائسة لاس ...


المزيد.....




- السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية تسوق للحج التجاري با ...
- اسبانيا تعلن إرسال صواريخ باتريوت إلى كييف ومركبات مدرعة ودب ...
- السعودية.. إغلاق مطعم شهير في الرياض بعد تسمم 15 شخصا (فيديو ...
- حادث جديد يضرب طائرة من طراز -بوينغ- أثناء تحليقها في السماء ...
- كندا تخصص أكثر من مليوني دولار لصناعة المسيرات الأوكرانية
- مجلس جامعة كولومبيا الأمريكية يدعو للتحقيق مع الإدارة بعد اس ...
- عاجل | خليل الحية: تسلمنا في حركة حماس رد الاحتلال على موقف ...
- الحوثيون يعلنون استهداف سفينة نفط بريطانية وإسقاط مسيّرة أمي ...
- بعد الإعلان التركي عن تأجيلها.. البيت الأبيض يعلق على -زيارة ...
- ما الذي يحمله الوفد المصري إلى إسرائيل؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بشير الحامدي - تونس: القبول بشروط البنك الدولي الجديدة أو الإعلان الصريح عن إفلاس البلاد