أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - مذبحة قانا فى ماسبيرو















المزيد.....

مذبحة قانا فى ماسبيرو


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1631 - 2006 / 8 / 3 - 11:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قطعت كل تليفزيونات الدنيا إرسالها، وغيرت خريطة برامجها.. يوم الأحد الماضى.. إلا التليفزيون المصرى!
كل الكاميرات اتجهت إلى "قانا" فى الجنوب اللبنانى لتنقل بالصوت والصورة تفاصيل المجزرة الوحشية الإجرامية التى اقترفها الإسرائيليون البرابرة ضد الأطفال والنساء اللبنانيين فى هذه البلدة المنكوبة.. إلا تليفزيون ماسبيرو الذى اكتفى بنشر خبر مقتضب واستمر فى برامجه المعتادة فى برود شديد!
كل القنوات التليفزيونية الأجنبية والعربية كانت تتسابق مع بعضها البعض، وتسابق جميعها إيقاع الزمن، لتغطى كل شاردة وواردة فى هذه المجزرة المروعة، وتنقب عن تحليلات الخبراء والمسئولين عبر قارات الدنيا بأسرها وتقييمهم لتأثير هذا الحدث المأساوى على مستقبل العدوان الإسرائيلي – الأمريكى على لبنان.. إلا قنوات التليفزيون المصرى التى استمر معظمها فى بث المسلسلات والمنوعات والأغاني وكأن شيئا لم يكن، أو كأن هذه المجزرة وقعت فى بلاد الواق واق ضد كائنات فضائية لا تربطنا بهم أخوة تاريخية ووشائج قومية ومصالح مشتركة ومصير واحد وإرث ثقافى جامع ومحبة ممتدة عبر القرون بين أحفاد الفراعنة وأبناء بلاد الأرز.
حتى أننى لم أصدق عيناى وأنا أدير مفتاح التليفزيون فأجد تطورات مذبحة "قانا-2" تتناقلها كل القنوات الأجنبية والعربية، وعندما أبحث عن القناة الأولى للتليفزيون المصرى أجدها تبث فيلم "انتبهوا أيها السادة" الذى يحكى قصة الزبال الذى هزم أستاذ الجامعة وانتصر عليه حتى فى عقر داره مع أقرب أقربائه.
ولا اعتراض لى على الفيلم الذى هو أحد أفضل الأعمال التى قدمتها السينما المصرية، والذى هو بمثابة صرخة لتنبيه المجتمع ان هناك "حاجة غلط"، وخلل خطير يهدد مصر فى الصميم، بل لعل هذه الصرخة مناسبة الآن أكثر من أى وقت آخر.. لكن التمسك بعرضه فى نفس الوقت الذى تنفطر فيه قلوب كل المصريين من جراء "الهولوكوست الإسرائيلي" فى قانا، يعنى بلادة إحساس المسئولين عن تليفزيون ماسبيرو، واستهانتهم بمشاعر ملايين المواطنين المصريين، ناهيك عن تحديهم لمشاعر أشقائنا اللبنانيين، الذين طالما تعلقت أبصارهم بأرض الكنانة ليستلهموا منها النضال الوطنى وقيم الحق والخير والجمال فإذا بها تخذلهم وتخيب آمالهم.
وأظن أن أنس الفقى وزير الاعلام يجب عليه ان يتوقف أمام سلوك تليفزيون ماسبيرو يوم الأحد الماضى بالذات، وأن يزن هذا السلوك بالميزان المهنى الاعلامى البحث قبل ميزان السياسة ومتطلباتها وميزان المشاعر القومية التى ينبغى احترامها ومراعاة استحقاقاتها.
وبعد ان يزن هذا السلوك – بميزان الموضوعية الذى هو أكثر حساسية من ميزان الذهب- نتوقع منه أن يقول لنا نتيجة هذا الحساب وذاك النقد الذاتى.
وما يجعلنا نطالب انس الفقى بذلك ليس سببه فقط ان سلوك تليفزيون ماسبيرو كان يتسم بقدر كبير وفظيع من الجليطة والجلافة والاستفزاز وقلة الذوق وعدم الإحساس، بل أيضا أن الوزير كان قد وعد المصريين بـ "ثورة" فى متابعة الأحداث وقيام التليفزيون بوظيفته الإعلامية بروح احترافية ومهنية، وانه حقق بعض ما وعد من خلال برامج حوارية غير مسبوقة فى صراحتها، وأيضا من خلال تقديم خطوات لا بأس بها على طريق تقديم خدمة إخبارية أفضل سواء للأحداث العالمية أو العربية أو المحلية.. لكن كثيرا من هذه الخطوات الإيجابية إما تعثرت أو حوصرت أو تدجنت أو انتكست .. وكانت النتيجة هجرة شبه جماعية للمصريين الى الفضائيات العربية والأجنبية لمتابعة الأحداث الكبرى.
فالمشاهد المصرى ذكى .. ولا يحب أن يستخف أحد بعقله أو مشاعره.
وسلوك تليفزيون ماسبيرو – يوم جريمة قانا الثانية – مثال فج لهذا الاستخفاف غير المقبول – من جهاز إعلامى يحصل على ميزانيته وأجور وعلاوات كل العاملين فيه من جيوب نفس المواطنين الذين يحاول الالتفاف حول حقوقهم فى إعلام صادق وكفء.
وهذا النقد الشديد، والغاضب، من بلادة تليفزيون ماسبيرو يوم المجزرة الإسرائيلية النازية لا يتجاهل، ولا ينكر، أن بعض التقدم قد حدث فى هذا القطاع أو ذاك .. لكن وجود تحسن نسبى لا يعنى السكوت عن الهوة الشاسعة الكائنة بين ما هو كائن وما ينبغى أن يكون.
ثم إن الحكم ينصب على الاداء فى الأيام العصيبة، وليس فى الأيام العادية .. فماذا يفيد ان يبلى اللاعب بلاء حسنا فى شهور التدريب ثم يخفق إخفاقا شنيعا عندما يأتى يوم المباراة؟
ماذا يفيد أن تتفانى الجيوش فى التدريب والمناورات ثم تمنى بالهزيمة عندما يأتى يوم النزال فى ساحة الحرب الحقيقية؟!
ماذا يفيد ان يواظب التلميذ على حضور الدروس الخصوصية وغير الخصوصية طوال العام ثم عندما يحل يوم الامتحان يذهب الى السينما ليشاهد فيلم "انتبهوا ايها السادة" أو غيره من افلام جيدة أو رديئة .. لا يهم؟!
بالمثل ماذا يفيد أن يصنع تليفزيون ماسبيرو خطط تطوير ويستعين بخبراء محليين وأجانب وينتج عدة برامج جيدة نسبيا يذيعها على هذه القناة أو تلك .. وعندما يقع حدث جلل ينسى كل المعايير المهنية التى تدرب عليها وتعود ربما الى عادتها القديمة؟!
فما بالك ان تحدث هذه النكسات فى أوقات تقع فيها كوارث خطيرة، بحجم مجزرة قانا، تمثل فى حد ذاتها مصيبة انسانية مروعة تستوجب التغطية الشاملة والتفصيلية والأخبارية والتحليلية، فضلا عن انها تمثل محطة محورية ربما تؤثر فى سير المعارك والصراع والتحالفات الاقليمية والدولية؟
وما بالك – أيضا – فى أن هذه النكسات ربما لا تزول آثارها بسرعة بل تظل كثيفة الحضور حتى بعد مرور الأيام والشهور والسنوات. ويكفى ان نضع انفسنا مكان اشقائنا اللبنانيين ليغلى الدم فى عروقنا غضبا من هذه البلادة التى تصرف بها تليفزيون ماسبيرو؟
أضف إلى ذلك أن الفضائيات ومحطات التليفزيون فى الشرق والغرب وبلاد تركب الأفيال، أوفدت مندوبين لها الى ساحة القتال وبؤرة الحدث لينقلوا للمشاهدين "دبة النملة" فى مسرح المعركة، بينما تليفزيون ماسبيرو - والاعلام المصرى عموما المرئى والمسموع والمقروء – يكتفى بنقل ما تيسر عن التليفزيونات الأخرى ولم يكلف خاطره بايفاد بعثة مدربة للقيام بهذا الواجب المهنى والسياسى ( وهذا يطرح بالمناسبة سؤالا فرعيا عما إذا كان قد اهتم اصلا بتدريب بعض العاملين به على مثل هذه التغطية الميدانية ، علما بأن لديه جيشا عرمرما يصل الى أربعين ألف شخص!
هذه كلها أمور تستوجب الفحص والتقييم الجدى والنقد الذاتى الذى لا يستهدف البحث عن كباش فداء بقدر ما يتوخى استخلاص الدروس والتوصل إلى اليات وبرامج محددة لتلافى أوجه الخلل والتقصير جنبا الى جنب مع إعادة النظر فى التوجه السياسى والمسئولية السياسية لهذا الجهاز الاعلامى الخطير.
ولا يجب أن ننسى ونحن نتجادل حول ذلك كله اننا نعيش فى ظل ثالث ثورة عرفتها البشرية بعد الثورة الزراعية والثورة الصناعية وهى ثورة المعلومات.. وهى ثورة لها تجليات وتأثيرات كبيرة ورهيبة ليس إلا جزئية تافهة منها تحرير الشعوب فى أى بقعة على ظهر الكرة الأرضية من أن يكونوا رهائن لـ "سيادة" أى "منظومة" اعلامية رسمية.
باختصار .. إذا فشل انس الفقى أو أى وزير للاعلام – إذا ما استمرت حقيبة الاعلام – فى تقديم الخدمة الاعلامية للمواطنين فى الوقت المناسب وبالمعايير الدولية السائدة، فان الناس سيديروا ظهورهم – ببساطة – إلى شاشات تليفزيون ماسبيرو التى لم تعد قادرة حتى عن أن توفر لهم متعة مشاهدة مباريات كرة القدم.
وبفضل هذه الثورة لم يعد الناس – فى أى مكان – رهائن لوزراء الاعلام، ثم بفضل زواج التليفزيون والكمبيوتر لم يعد المشاهد متمتعا فقط ب "حرية الفرجة" على ما يشاء ، وإنما أصبح أيضا متمتعا بـ "حرية التفاعل" الإيجابي مع وسائل الإعلام "الديجيتال".
لذلك .. فإن الحكمة الوحيدة التى نأخذها من رداءة خريطة القناة الأولى لتليفزيون ماسبيرو ويوم الأحد الدامى الماضى هى : "انتبهوا أيها السادة"!!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صورة حية من العراق إلى المعجبين بالديموقراطية تحت سنابك الاح ...
- مقاومة العدوان الإسرائيلي أولى بالرعاية من -كاترينا
- نصف قرن علي تأميم قناة السويس
- مأزق المراهنين على قراءة نعى المقاومة
- حكومة .. هوايتها زيادة نكد المواطنين
- إسرائيليون.. أفضل من المارينز العرب
- العراقيون يختلفون فى القاهرة على كل شئ.. ويتفقون على طلاق أم ...
- الطابور الخامس
- مقاومة المقاومة!!
- حسن نصر الله يستحق اللوم
- -المغامرة - الإسرائيلية الجديدة.. تحلم بنهاية التاريخ وامتلا ...
- يفضلونها -جارية- .. ونريدها -صاحبة جلالة-
- من حق الجماعة الصحفية أن تفرح.. وأن تواصل مسيرة الأحلام
- المساعدات الأمريكية تنتهى عام 2009 .. فما هو البديل .. وهل ق ...
- لماذا يكرهون الصحفيين .. ولا يستغنون عن الصحافة؟!
- مبادرة راجي عنايت
- لماذا يتلذذ -ترزية القوانين- بحبس الصحفيين؟!
- اغتيال مهنة الصحافة
- »شاهد شاف كل حاجة« يعيد فتح ملفات المعونة الأمريكية
- »أربعين مليار« يا أولاد الحلال!!


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - مذبحة قانا فى ماسبيرو