أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - سعد هجرس - لماذا يتلذذ -ترزية القوانين- بحبس الصحفيين؟!















المزيد.....

لماذا يتلذذ -ترزية القوانين- بحبس الصحفيين؟!


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1603 - 2006 / 7 / 6 - 09:51
المحور: الصحافة والاعلام
    


هذه حكومة عجيبة الشأن .. فهى تتفنن فى أن تضع نفسها موضع الشبهات، وأن تصنع الأزمات بدلاً من أن تقوم بحل المشاكل، وأن تضاعف عدد أعدائها وتخسر أقرب حلفائها، وتزيد الطين بلة كل يوم فى مشاكل جديدة فى الوقت الذى تعانى فيه من وطأة مشاكل قديمة تجعل شعبيتها فى الحضيض.
فقبل أن ينسى الناس فضيحة العبَّارة التى هوت إلى قاع البحر الأحمر وأزهقت أرواح أكثر من ألف من المصريين الأبرياء، والإدارة السيئة لأزمة القضاة، والتعامل اللامعقول مع أزمة المهندسين وغيرهم من المهنيين والنقابيي،ن والتداعيات المعلقة لزلزال البورصة، والذيول المعلقة لحوادث الارهاب وحلقات مسلسل الفتنة الطائفية، بل حتى الملابسات السخيفة لحكاية التلميذة آلاء مجاهد التى نجحت فى امتحان التعبير بقرار جمهورى .. بعد أن عجزت الحكومة بجلال قدرها عن اتخاذ موقف فى هذا الشأن الهين..
قبل أن تتبدد أصداء كل هذه السلبيات وغيرها، شاءت الحكومة ان تزج بنفسها فى مشكلة جديدة مع الصحفيين.
والأغرب أن المعركة التى تصر الحكومة على أن تدخلها ضد الصحفيين وحرية الصحافة ستكون معركة خاسرة، ولا يتصور عاقل أن تحقق فيها هذه الحكومة أية مكاسب عاجلة أو آجلة، بل إنها على الأرجح ستفقد فيها قطاعاً لا يستهان به من أقرب حلفائها ومؤيديها، مثلما خسرت حكومة سابقة لها المعركة التى دخلتها ضد الصحفيين عام 1995 بشأن القانون 93 غير المأسوف عليه.
لكن لا أحد – فى الحكومة – يريد أن يتعلم أو يستوعب دروس الماضى والحاضر.
فهذه الحكومة العجيبة هى التى أساءت إلى رئيس الدولة شخصياً، عندما ظلت تراوغ وتتلكأ وتتهرب من تطبيق وعده للصحفيين والأمة بأسرها فى 23 فبراير 2004 باتخاذ الإجراءات اللازمة لالغاء عقوبة الحبس فى قضايا النشر.
ثم بعد مرور أكثر من عامين وأربعة أشهر على صدور الوعد الرئاسى تمخضت الحكومة وولدت مشروعاً يتناقض نصاً وروحاً مع مضمون الوعد الرئاسى.
فهذا المشروع الحكومى المعروض حالياً على المؤسسات التشريعية لا يلغى الحبس، بل يبقى على هذه العقوبة البالية التى نبذتها تشريعات الأغلبية الساحقة من بلدان العالم. واستخدمت فى ذلك أساليب تشبه ألاعيب الحواة. فرغم أن مشروع القانون الحكومى ألغى الحبس فى المادتين 303 و 306 الخاصتين بالقذف والسب إلا أنه قام باستحداث مسمى جديد هو "الطعن فى ذمة الأفراد" وأضافه إلى نص المادة 308 من القانون التى يقول منطوقها: "إذا تضمن العيب أو الاهانة أو السب الذى ارتكب بأحدى الطرق المبينة فى المادة 171 طعناً فى عرض المجنى عليه أو ذمته أو خدشاً لسمعة العائلات تكون العقوبة فى جميع الأحوال الحبس بالاضافة إلى الغرامة .. ".
ثم عندما تبين لـ "ترزية القوانين" أن هذه المادة رائحتها سيئة جداً واستفزازية بصورة فاضحة تفتق ذهنهم عن حيلة أكثر سخافة هى نقل مضمون المادة 308 إلى المادة 303 وجعل عقوبة الحبس لمدة تصل إلى سنتين جوازية!
كما أبقى المشروع الحكومى على الحبس فى المادة 181 التى تقول بالنص "يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل على عشرين ألف جنيه او باحدى هاتين العقوبتين كل من عاب .. فى حق ملك أو رئيس دولة أجنبية".
وهذا يعنى ان المصريين جميعاً، صحفيين وغير صحفيين، مهددون بالحبس إذا أهانوا رئيس إسرائيل مثلا بسبب جرائم الابادة الجماعية للشعب الفلسطينى.
وينص المشروع الحكومى ايضا على عقوبة الحبس فى المادة 184 الخاصة بأهانة المؤسسات والمصالح العامة. وهذه من الغرائب لأن هذه المادة تعنى أن يؤدى القذف فى حق إحدى المصالح ( كمصلحة المجارى مثلا) إلى عقوبة الحبس، بينما عقوبة القذف فى حق رئيس الوزراء بجلال قدره هى الغرامة!
إذن المشروع الحكومى ناطح بالرأس وعد رئيس الجمهورية بإلغاء عقوبة الحبس فى قضايا النشر، وأصر على الإبقاء عليها على النحو المشار إليه.
ولم يكتف بذلك .. بل إنه استحدث "اختراعات" جديدة مثل اختراع "الطعن فى ذمة الأفراد".
وهذا الاختراع يثير تساؤلات كثيرة من حيث أنه يمثل تحصيناً للفساد والمفسدين، ويشهر سيفاً مخيفاً على رقاب أى صحفى يحاول الاقتراب من ملفات الفساد التى لا تنفصل بطبيعة الحال عن "ذمة الأفراد".
فلماذا تضع الحكومة نفسها موضع الشبهات بتحصينها للفساد؟!
قد يقول قائل أن المشروع الحكومى يحاول حماية الأفراد من الطعن فى ذمتهم دون دليل.
ونحن لسنا مع التشكيك فى ذمة هذا الشخص أو ذاك دون سند أو دليل، ولسنا مع التشهير بخلق الله بالحق أو بالباطل .. لكننا فى الوقت نفسه لسنا مع وضع شروط تعجيزية على حق الصحفى – وغير الصحفى – فى فتح ملفات الفساد، فمثل هذه الشروط التعجيزية تصبح فى حقيقة الأمر حماية وحصانة للمفسدين الحاليين، والمحتملين، خاصة مع استمرار القيود على حرية الحصول على المعلومات، وعدم تجريم المسئول الذى يحجب هذه المعلومات.
ثم إننا لسنا ضد عقاب الصحفى الذى يثبت تجاوزه للأصول المهنية بهذا الصدد، بل نقول أن كل بلاد العالم المتحضر تقصر هذا العقاب على الغرامة المالية. ونضيف إلى ذلك انه فى حال الغاء عقوبة الحبس وتوفير تدفق المعلومات يصبح من واجب نقابة الصحفيين تفعيل ميثاق الشرف الصحفى الذى يحتوى على عقوبات متدرجة تصل إلى حد الشطب من جداول النقابة.
أما العقوبات الواردة فى المشروع الحكومى، بما فيها من حبس، فانما تمثل تحصينا للفساد والمفسدين، فى الوقت الذى تقوض فيه أحد الدعائم الأساسية للصحافة، وتعيدها إلى الوراء عشرات السنين، وتحولها إلى نشرات حكومية بلا لون أو طعم أو رائحة.
وتتضاعف سلبيات هذا المشروع الحكومى المعادى لحرية الصحافة، اذا نظرنا إليه من زاوية أنه يأتى فى وقت كانت الأمة تتطلع فيه إلى التقدم خطوة إلى الأمام على طريق الاصلاح السياسى والدستورى فاذا به يعيدنا خطوات إلى الوراء من حيث انه يضرب حرية الصحافة فى الصميم. وغنى عن البيان أن حرية الصحافة هى جوهر قضية الحريات عموماً، وقضية الحريات هى جوهر الاصلاح السياسى والدستورى المنشود.
ومع ذلك .. فأننى لست مغرقا فى التشاؤم .. بل أرى بوادر تبعث على الأمل.
اول هذه البوادر وأهمها عودة الروح إلى الجماعة الصحفية ووقوف الصحفيين صفاً واحداً دفاعاً عن حرية الصحافة رغم تعدد مدارسهم الفكرية والسياسية.
وكم كانت سعادتى وأنا أشاهد على شاشات قناة "الجزيرة" دهشة المذيع اللامع محمد كريشان عندما استضاف الزميل يحيى قلاش سكرتير عام النقابة والزميل مجدى الدقاق رئيس تحرير مجلة الهلال لمناقشة هذه القضية متصوراً أنهما سيشتبكان. فاذا به يجد مجدى الدقاق يقول أن انتماءه للحزب الوطنى ولمؤسسه صحفية "قومية" لا يجعله يقف ضد حرية الصحافة، ويعلن على الملأ بشجاعة معارضته للمشروع الحكومى وانحيازه لحرية الصحافة. فما كان من المذيع اللامع إلا أن قال عبارة جميلة لا ينبغى أن تفوتنا دلالتها هى أن أجمل ما فى الصحفيين المصريين أنهم يحبون مهنتهم أكثر من أى شئ آخر، ويضعون حرية الصحافة فوق كل الاعتبارات. وهذا صحيح وأعتقد أن هذا الموقف لن يكون مقصوراً على مجدى الدقاق بل سيشمل على الأرجح غالبية الزملاء الصحفيين فى المؤسسات الصحفية القومية.
البادرة الثانية التى تبعث على الأمل هى أن الصحفيين لا يقفون وحدهم فى هذه المعركة التى لم يسعوا إليها بل فرضت عليهم فرضاً. وأنما تقف معهم كل القوى الديموقراطية فى هذا البلد.
وليس هذا غريباً .. لأن حرية الصحافة ليست امتيازاً للصحفيين وإنما هى درع للمجتمع بأسره وحصانة له ضد تحالف الاستبداد والفساد.
والصحفيون عندما يدافعون عن حرية صاحبة الجلالة، فأنهم لا يدافعون عن حق الصحفى فى استباحة أعراض الناس او انتهاك خصوصيتهم او التنطع على شئونهم الخاصة، ناهيك عن الطعن فى ذمتهم او تلويث سمعتهم، فهذه كلها أمور مرفوضة ويتصدى لها الصحفيون المحترمون قبل غيرهم، وإنما هم يدافعون عن حقهم فى تعقب الفساد والمفسدين. وهذه هى خلاصة المعركة على بلاطة.. ودون لف أو دوران او تستر وراء شعارات رنانة يعرف الجميع أنها ليست بيت القصيد.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اغتيال مهنة الصحافة
- »شاهد شاف كل حاجة« يعيد فتح ملفات المعونة الأمريكية
- »أربعين مليار« يا أولاد الحلال!!
- وزارة مرفوعة من الخدمة!
- يا وزير التعليم .. ماذا أنت فاعل فى هذه الفضيحة؟!
- هل يستسلم الوزراء لعبث الصغار؟!
- الدكتور حسن سليم يكشف خفايا مفاوضات -المساعدات- الأمريكية
- حسام بدراوي
- نبيل الهلالى
- بعد الرحيل الجماعي لرموز أجياله المتعاقبة.. اليسار يتشح بالس ...
- اليوم .. الصحافة فى محكمة الجنايات 2
- غداً .. الصحافة فى محكمة الجنايات
- اختلفوا علي كل شيء.. واتفقوا علي معاداة العلمانية
- معضلة أحمد عز
- الارهاب .. على الطريقة الكندية
- رسالة من كندا إلي أحمد نظيف.. ابن مونتريال
- »ثلاثية« المصريين بين الوطن والمهجر
- حاجة تقرف!
- ماليزيا تغادر سبنسة العالم الثالث.. وتلحق بقطار التقدم عام 2 ...
- الخصخصة.. وسنينها - 1


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - سعد هجرس - لماذا يتلذذ -ترزية القوانين- بحبس الصحفيين؟!