أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - نصف قرن علي تأميم قناة السويس















المزيد.....

نصف قرن علي تأميم قناة السويس


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1628 - 2006 / 7 / 31 - 11:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أمس الأربعاء.. يسجل مرور نصف قرن علي افتتاح قناة السويس. وهذه مناسبة بالغة الأهمية وحافلة بالدلالات.. وكانت تستحق أن نتوقف أمامها بالتأمل والتحليل والتقييم واستخلاص الدروس. لكنها مرت دون اكتراث، اللهم إلا من بعض الكلمات الاحتفالية، من باب تأدية الواجب وليس أكثر.
وربما تكون الحرب الضروس الدائرة في بلاد الأرز إثر العدوان الغاشم الذي شنته إسرائيل علي لبنان قد ساهمت في سحب الأضواء والاهتمام اللازم بهذه المناسبة، مع أنه توجد علاقة بشكل ما بين ما حدث منذ خمسين عاما علي أرض الكنانة وما يحدث الآن علي أرض بلاد الأرز والإبداع والجمال.
ولعل كثيرين من أبناء الأجيال الشابة ينظرون إلي قناة السويس كمجرد ممر مائي، وهذه بكل تأكيد رؤية قاصرة وبالغة السطحية.
ويكفي أن تقارنوا هذه الصورة السطحية مع العبارة التالية للمؤرخ البريطاني الكبير هالفورد هوسكنز التي يقول فيها:
»لم يؤثر عمل إنساني مادي علي علاقات الأمم بصورة أكثر عمقا مثل شق قناة السويس. فمن الصعوبة بمكان أن نتصور إنجازا بشريا آخر استطاع أن يغير الطبيعة أكثر مما فعلت هذه القناة، حيث استطاعت العملية الجغرافية البسيطة التي ولدت بها قناة السويس أن تختزل قارة بأكملها، هي القارة الأفريقية، وأن تعيد وضع مصر والشرق العربي في قلب الدنيا وبؤرة خريطة العالم«.
وليس في هذا القول ذرة من المبالغة لأن قناة السويس أثرت بالفعل علي مجري الأحداث العالمية وأثرت بالدرجة الأولي علي مصر، حيث يعد تاريخها جزءا لا يتجزأ من تاريخ مصر الحديث، فكانت ذريعة لاحتلال مصر من الإنجليز عام 1882، كما كانت سبب العدوان الثلاثي علي البلاد عام 1956، واستشهد علي ضفافها آلاف من الجنود المصريين في كل الحروب.. عام 1956 و1967 وأعوام حرب الاستنزاف، ثم حرب أكتوبر 1973.
كما كان فتحها وإغلاقها مرتبطا بفصول دراما الصراع العربي ـ الإسرائيلي الذي ما يزال محتدما.
ومثلما كان حفرها جزءا من تراجيديا مؤلمة لوقوع مصر في براثن القوي الأجنبية والمطامع الاستعمارية، كان نضال الشعب المصري من أجل استرداد ملكيتها ملحمة وطنية انتهت في 26 يوليو 1956 بقرار التأميم المدوي.
والعجيب أن المصريين قد راودهم منذ آلاف السنين حلم ربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، ولذلك نجد حكام مصر القدماء اهتموا بربط البحرين ولكن بشكل غير مباشر عن طريق توصيلهما بنهر النيل، ومن أشهر هذه القنوات:
> قناة الملك سنوسرت الثالث عام 1874 قبل الميلاد.
> قناة سيتي الأول عام 1310 قبل الميلاد.
> قناة تاو عام 610 قبل الميلاد.
> قناة دارا الأول عام 510 قبل الميلاد.
> قناة بطليموس الثاني عام 285 قبل الميلاد.
> قناة الرومان عام 117 قبل الميلاد.
> ثم قناة أمير المؤمنين التي شقها عمرو بن العاص بعد الفتح الإسلامي لمصر تنفيذا لتعليمات أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عام 640م واستمرت هذه القناة في العمل حتي عام 775 ميلادية.
هذا الولع بربط البحرين، بصورة أو أخري، كان بطبيعة الحال نابعا من تلبيته لاحتياجات استراتيجية حربية، وحاجات أخري اقتصادية وتجارية.
وبعد قيام الرحالة فاسكو دا جاما باكتشاف رأس الرجاء الصالح لم تعد السفن تمر علي مصر بل تدور حول القارة الأفريقية. وبعد قيام بريطانيا »العظمي« بضم الهند إلي »التاج« البريطاني والإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس أصبح طريق رأس الرجاء الصالح واقعا تحت النفوذ البريطاني، الأمر الذي أثار حفيظة المنافس التقليدي للإنجليز، أى الفرنسيين، الذين وجدوا في حفر قناة السويس الحل الوحيد لكسر هذا الاحتكار البريطاني. وأثناء وجود الحملة الفرنسية بمصر كلف نابليون بونابرت أحد مهندسيه، ويدعي لوبيير، بدراسة إمكانية شق قناة تصل بين البحرين، وكان ذلك عام 1799. لكن تقرير لوبيير انتهي إلي استحالة ذلك نظرا لاعتقاده بأن منسوب مياه البحر الأحمر أعلي من منسوب مياه البحر الأبيض المتوسط.
ثم عندما تولي محمد علي باشا حكم مصر جاءت بعثة من أتباع »سان سيمون« الاشتراكي الفرنسي لإقناعه بالمشروع، وكان ركيزتهم في مصر فرديناند دي ليسبس نائب القنصل الفرنسي بمصر وقتها، وعرضوا الفكرة علي محمد علي باشا لكنه فضل إنشاء القناطر الخيرية علي النيل للتقليل من إهدار ماء النيل في البحر.
لكن دي ليسبس لم ييأس ونجح مع سعيد باشا عام 1854 فيما فشل فيه مع محمد علي باشا عام 1833، وحصل منه علي عقد الامتياز الأول لقناة السويس لمدة 99 عاما من تاريخ افتتاحها واعترضت إنجلترا بشدة علي هذا المشروع خوفا علي مصالحها في الهند.
وبعبارة أخري فإن إنشاء قناة السويس جاء استجابة لحاجات الثورة الصناعية واستخدام البخار في السفن. هذه الثورة قضت علي مشاكل السفن الشراعية وضعف حركة الملاحة. وهذه مسألة مهمة جدا لمتطلبات الثورة الصناعية في أوروبا وما رافقها من حملات توسع استعماري أوروبي في العالم القديم أي آسيا وإفريقيا بحثا عن المواد الخام اللازمة للصناعة ووصولا إلي أسواق خارجية لتصريف منتجات هذه الصناعة البازغة وكان هذا هو السبب الرئيسي للإلحاح علي شق قناة السويس والدليل علي الارتباط بين الأمرين أن عدد السفن التي عبرت هذه القناة في العام الأول لافتتاحها وصل إلي عشرة آلاف سفينة وهذا رقم هائل بمعايير تلك الأيام منذ قرن ونصف قرن من الزمان.
ثم تضاعف الاحتياج إلي قناة السويس بعد اكتشاف البترول في المنطقة العربية والدور الكبير الذي لعبه الذهب الأسود في صنع الحضارة الغربية وازدهارها.
ومن المفارقات العجيبة أن نفس القناة التي لعبت هذه الاحتياجات المهولة لأوروبا في ذلك الحين كانت بمثابة تراجيديا مروعة للبلد الذي تم شقها في أرضه وللمصريين الذين كان من المفترض أن يكونوا أول المستفيدين.
أول الفصول الحزينة في هذه التراجيديا الكئيبة خاص بألوف مؤلفة من أجدادنا المصريين التعساء الذين تم إجبارهم علي الذهاب إلي منطقة القناة بصورة وحشية حتي إن صحيفة ستاندارد البريطانية وصفت هذه الجريمة بقولها: "كان هؤلاء العمال التعساء يسحبون سيرا علي الأقدام إلي منطقة الحفر، وقد ربط بعضهم إلي بعض مثل قطعان العبيد التي يسوقها تجار الرقيق من الأقاليم الداخلية إلي سواحل القارة السمراء بل إن الأطفال لم يفلتوا من هذه السخرة حيث نصت المادة الثانية من لائحة استخدام العمال المصريين الصادرة في 20 يوليو 1856 علي أن العمال الذين تقل أعمارهم عن 12 عاما تكون أجورهم قرش صاغ واحدا وتصرف لهم جراية. وبالطبع كانت مواقع العمل محرومة من أي مرافق فتحولت إلي ساحة للأوبئة ابتداء من الكوليرا وانتهاء بالجدري.
والجريمة الأبشع أن المشرفين علي شق هذه القناة لم يهتموا بتوفير مياه الشرب لهؤلاء الآلاف من المصريين البؤساء الذين مات منهم أكثر من 120 ألف إنسان إما بسبب العطش أو السخرة والضرب بالكرباج أو فتك الأوبئة القاتلة.
وفضلا عن هذه الخسارة البشرية الفادحة تعرض الاقتصاد المصري لأضرار جسيمة من جراء مشروع شق القناة. وكانت أسباب ذلك متعددة: أولا إبعاد الفلاحين عن أرضهم وإجبارهم علي العمل في حفر القناة، ويكفي أن نتصور تسخير 30 ألف فلاح كل شهر علي مدار العام أي 360 ألف فلاح في السنة الواحدة وإبعادهم عن أرضهم لتعرف حجم الخراب الذي حل بالزراعة وضعا في الاعتبار أن عدد سكان مصر عام 1862 كان يقل عن خمسة ملايين نسمة أي أن النسبة لم تكن قليلة.
ومع أن المصريين قدموا آلاف الضحايا في حفر القناة فإن شركة القناة لم تمنح فرصة عمل لمصري واحد منذ افتتاحها حتي نهاية الحرب العالمية الأول. ويقرر محمود يونس أول رئيس مصري لقناة السويس بعد تأميمها أن عدد المصريين في شركة القناة عام 1936 أي بعد انقضاء ثلثي أجل الامتياز لم يتجاوز ثلاثة فقط!
ويضيف محمود يونس أن الحكومة المصرية لم تكتف بتقديم الأيدي العاملة لشق القناة بل أسهمت في تمويل المشروع إسهاما يكاد يستغرق تكاليف الإنشاء بأكملها ولم يقتصر دور مصر علي المأساة الإنسانية التي سخرت للشركة تلك المقادير الهائلة من الوقود البشري بل قامت مصر أيضا بوضع الخزانة تحت تصرف دي ليسبس وشركاه حين كانت الأمة في أشد الحاجة إلي استثمار موارد إنتاجها في النهوض بالاقتصاد القومي.
ولتوضيح ذلك يقول محمود يونس إن رأسمال الشركة العالمية لقناة السويس البحرية قد تحدد عند إنشائها بـ 200 مليون فرنك ذهبي أي 8 ملايين جنيه، مجزأة علي 400 ألف سهم قيمة السهم عشرون جنيها.
وافتتح الاكتتاب في 5 نوفمبر 1858 وأقفل في 30 نوفمبر ذاته.
وحتي مايو 1860 كان هناك 112.242 سهما دون بيع كاد كسادها يقضي علي الشركة في المهد، لولا أن سارع سعيد باشا إلي نجدة صديقه دي ليسبس واشتري الأسهم البائرة.
فأصبح لمصر 177.642 سهما (لأن مصر كانت قد اكتتبت سابقا في 64 الف سهم) تشكل 44% من رأس مال الشركة، وتبلغ قيمتها 3.552.840جنيها مصريا.
وقد اضطر سعيد باشا الي رهن مساحات كبيرة من اراضي مصر قال انها املاكه لدي مؤسسة مالية فرنسية، ليستدين قيمة القسط الواجب اداؤه من ثمن هذه الاسهم عند شرائها وحتي يلم القارئ بخطورة هذه الصفقة بالنسبة لمصر يجدر ذكر ان الدخل القومي المصري لم يتجاوز في ذلك الوقت خمسة ملايين جنيه في السنة.
ولما اعتلي اسماعيل باشا عرش مصر، احتكم الي امبراطور فرنسا لفض نزاع نشب بينه وبين الشركة، فاصدر نابليون الثالث في 6 يوليه 1864 اغرب حكم سمع به البشر قضي بان تدفع مصر لشركة القناة 3.360.000 جنيه مقابل تنازل الشركة عن بعض الشروط النصب والاحتيال التي استدرج دي لسبس صديقه سعيد باشا اليها وها هي تفاصيل الغرامة بالجنيه المصري:
ـ 1.520.000 لقاء تنازل الشركة عن تسخير المصريين!
ـ 1.200.000 نظير اعادة الاراضي الزائدة علي حاجة الشركة والممنوحة لها بلا ثمن!
ـ 400.000 نظير حفر قناة المياه العذبة
ـ 240.000 تعويضا عن الرسوم التي كانت ستتقاضاها الشركة من قنة المياه العذبة
ـ 3.660.000 اجمالي الغرامة
وجملة القول ان الشركة ابتزت من الحكومة المصرية نصف رأسمالها تقريباً (44% بالضبط) عن طريق الاسهم التي فرضها دي لسبس علي الخديوي فرضا.
واغتصبت الشركة نصف رأسمالها الثاني تحت ستار المزاعم التعويضية التي اقرها الامبراطور نابليون الثالث في حكمه الجائر.
واستلبت الشركة 1.600.000 جنيه مقابل تنازلاتها الوهمية عن املاك هي في اصلها هبه منا، وعن مبان اقمناها من دون اجر بسواعدنا، وعن اعفاءات جمركية ما لبثت ان استردتها.
واضطررنا لاداء المبالغ سالفة الذكر الي عقد قروض سلمتنا لانياب زبانية ومرايين سرقوا منا ملايين الجنيهات عن طريق الرشوة والربا الفاحش.
كما دفعنا سوء حال ماليتنا وتدهور اقتصاد بلادنا الي بيع اسهمنا »بل اهدائها« الي بريطانيا وبيع نصيبنا من ارباح القناة.
فاذا اضفنا الي ذلك كله قيمة الخسارة التي تكبدها الاقتصاد المصري من هجر الفلاحين مزارعهم التي لاتقل عن مليون جنيه في السنة، فقد كان رخاء مصر قد افسده نزع الفلاحين من حقولهم ونقلهم الي منطقة القناة بطريقة ظالمة غير قانونية.
نقول اذا احصينا المبالغ التي دفعناها نقدا واضفنا اليها قيمة ما انخفض من دخلنا بسبب اعمال الحفر، اتضح لنا ان اسهام مصر المالي لا يتوقف على رأس المال فحسب بل يغطي تكاليف الانشاء باكملها.. وظلت مصر لاكثر من نصف قرن لاتستفيد مليماً واحداً من قناة السويس، بعد ان فقدت اسهمها وحصتها في الارباح. وفي سنة 1937 عندما الغيت الامتيازات الاجنبية بدأت الشركة تدفع الي الحكومة المصرية 300 الف جنيه كل سنة علي سبيل الاتاوة وبمقتضي اتفاقية 7 مارس 1949 ابطلت الاتاوة. وتعهدت الشركة بان تدفع للحكومة المصرية في اول يوليه من كل سنة ابتداء من عام 1949 حصة من دخلها بنسبة 7% من ارباحها الاجمالية. وكانت هذه الحصة في السندات التي سبقت التأميم تناهز المليون جنيه.
هذا ماكنا نتقاضاه فعلا من قناة السويس حتي يوم التأميم مليون جنيه من 35 مليون كسبتها الشركة في عام 1955.
هذه الحقائق المروعة التي قدمها لنا محمود يونس وقام بعرضها الزميل احمد ابو المعاطي في جريدة »الخليج« وكتب مقدمة بليغة لها الزميل احمد الجمال (ومن المخجل ان تنشر ذلك جريدة خليجية ولاتقوم به جريدة مصرية!).
اقول ان هذه الحقائق المروعة ترد علي الثرثرة التافهة لاولئك »المصريين« الذين يجادلون في »شرعية« قرار تأميم القناة.
ومع ذلك فان هذه الحقائق المؤلمة ليست الا نصف الوقائع، ويبقي النصف الثاني متمثلاً في »الجدوي الاقتصادية« للتأمم الذي سمح اولاً بحرية الحركة لبناء السد العالي.. وهذا المشروع الاخير ـ شأنه شأن القناة ـ يمثل »جراحة جغرافية« مذهلة، الأول ربطت البحرين والثانية روضت نهر النيل وقضت علي »الغرق« و»الشرق« ووفرت امكانية التوسع في الارض المنزرعة باكثر من مليوني فدان اي اضافة ارض تساوي ثلث الرقعة الزراعية، كما حولت ري الحياض الي ري دائم وضمان الزراعة في اشح السنين.
وتوليد طاقة كهربية هائلة تصل الي 10 مليار كيلو وات / ساعة بسعر منخفض يصل الي 6 مليمات للكيلو وات/ ساعة مع امكان نقل جزء كبيرة منها الي القاهرة بسعر مليمين للكيلو وات/ ساعة.
ومعلوم ان البنك الدولي تراجع عن تمويل هذا المشروع التنموي المهم وكان ذلك هو السبب الرئيسي لاعلان جمال عبد الناصر فى 26 يوليه 1956 تأميم الشركة العالمية البحرية لقناة السويس، التي وصفها ـ عن حق ـ بانها »شركة نصب« اغتصبت حقوق المصريين، مؤكدا ان التاريخ لن يعيد نفسه، وان يوجين بلاك رئيس البنك الدولي لن يلعب نفس الدور الذي لعبه دي ليسبس وان مصر سوف تبني السد العالي، لذلك ستقوم بتحصيل الدخل السنوي للقناة والذي كان يقدر بمائة مليون دولار في ذلك الحين.
وتعد ايرادات قناة السويس حاليا احد المصادر الرئيسية للدخل القومي في مصر، وفي العام الماضي حققت القناة دخلا سنويا غير مسبوق بلغ ثلاثة مليارات و290 مليون دولار. اي ان قناة السويس تأتي في المركز الثالث بين مصادر الدخل القومي الاربعة الرئيسية للاقتصاد المصري اذ ان السياحة تأتي في المركز الاول، تليها تحويلات المصريين العاملين في الخارج، ثم ايرادات قناة السويس، وبعد ذلك البترول والغاز الطبيعي.
وعلي جهة الاجمال حققت القناة دخلا قدره 47 مليار دولار منذ افتتاحها الثاني عام 1975 عقب حرب اكتوبر حيث عبرتها 543 الف سفينة من مختلف الانواع.
ومثلما كان اقتران القناة بالاستعمار هو نقطة ضعفها في الماضي..
تمثل اسرائيل التهديد الرئيسي لها في الحاضر.. هذا التهديد يتمثل في قناة البحرين، التي تربط بين البحر الاحمر والبحر الميت، وهو مشروع سيمثل في المستقبل خطراً داهما علي مصير قناة السويس اذا ما تم تنفيذه خاصة وانه يحظي بمباركة الولايات المتحدة الامريكية. وأعلن البنك الدولي عن استعداده لتمويله (ويالها من مفارقة!).
اذن نحن لسنا ازاء مجرد ممر مائي، فتاريخ القناة ـ كما رأينا ـ هو تاريخ مصر الحديثة، واذا كان نهر النيل هو »شريان« حياة ارض الكنانة فان القناة هي »وريدها« ومثلما كان انشاؤها ذريعة لاحتلال مصر، كان تأميمها بداية لمسيرة احلام نبيلة تمتزج فيها طموحات الاستقلال السياسي بالتنمية الانسانية تحت رايات السيادة الوطنية، وهي احلام تحولت في بعض الاحيان الي كوابيس، لكنها مع ذلك لم تفارق وجدان الاجيال المتعاقبة وفي كل اللحظات الفارقة كانت قناة السويس شاهداً..
منذ نظر نابليون بونابرت علي موقعها المتخيل علي الخريطة في القرن السابع عشر وقال وهو يمهد للحملة الفرنسية »علينا ان نسيطر علي مصر وان نحفر قناة بين البحرين الابيض المتوسط والاحمر لكي ننزل الهزيمة بالانجليز«.
حتي نجح الفرنسي دي لسبس عام 1854 في الحصول من والي مصر سعيد باشا علي امتياز حفرها بشروط وصفها المؤرخ البريطاني ادوارد ديزي بقوله »لم يحدث ان تم منح امتياز يقدم تلك المزايا للحاصل عليه، ويلقي تلك الاعباء علي عاتق من اصدره مثل امتياز قناة السويس«.
ثم تهادت اوجيني امبراطورة فرنسا الجميلة علي ضفافها بعد ان حفرها اجدادنا المصريون الغلابة، ومات الالاف منهم تحت ترابها، وسارت متأبطة ذراع الخديو اسماعيل باشا في حفل افتتاحها الاسطوري الذي كلف خزانة مصر مليونا و400 الف جنيه، وهذا رقم فلكي بحسابات تلك الايام.
وظل المصريون محرومين من ثمارها او الاقتراب من ادارتها حتي جاء عبد الناصر منذ نصف قرن واعادها الي سيادة الوطن.. لتشارك في تنميته في اليوم بينما يجادل البعض منا في »مشروع« قراره بالتأميم... فضلاً عن ان البعض الاخر لم يجد لقرار عبد الناصر التاريخي وصفا سوي »المغامرة«.. الذي يتهمون به حسن نصر الله اليوم لمحاولة تأميم نهر الليطني والوزان وحمايتهما من الصهاينة.. وما اشبه الليلة بالبارحة!!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مأزق المراهنين على قراءة نعى المقاومة
- حكومة .. هوايتها زيادة نكد المواطنين
- إسرائيليون.. أفضل من المارينز العرب
- العراقيون يختلفون فى القاهرة على كل شئ.. ويتفقون على طلاق أم ...
- الطابور الخامس
- مقاومة المقاومة!!
- حسن نصر الله يستحق اللوم
- -المغامرة - الإسرائيلية الجديدة.. تحلم بنهاية التاريخ وامتلا ...
- يفضلونها -جارية- .. ونريدها -صاحبة جلالة-
- من حق الجماعة الصحفية أن تفرح.. وأن تواصل مسيرة الأحلام
- المساعدات الأمريكية تنتهى عام 2009 .. فما هو البديل .. وهل ق ...
- لماذا يكرهون الصحفيين .. ولا يستغنون عن الصحافة؟!
- مبادرة راجي عنايت
- لماذا يتلذذ -ترزية القوانين- بحبس الصحفيين؟!
- اغتيال مهنة الصحافة
- »شاهد شاف كل حاجة« يعيد فتح ملفات المعونة الأمريكية
- »أربعين مليار« يا أولاد الحلال!!
- وزارة مرفوعة من الخدمة!
- يا وزير التعليم .. ماذا أنت فاعل فى هذه الفضيحة؟!
- هل يستسلم الوزراء لعبث الصغار؟!


المزيد.....




- ماذا قال الحوثيون عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الجام ...
- شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول ...
- الجيش الأميركي بدأ المهمة.. حقائق عن الرصيف البحري بنظام -جل ...
- فترة غريبة في السياسة الأميركية
- مسؤول أميركي: واشنطن ستعلن عن شراء أسلحة بقيمة 6 مليارات دول ...
- حرب غزة.. احتجاجات في عدد من الجامعات الأميركية
- واشنطن تنتقد تراجع الحريات في العراق
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- جامعة جنوب كاليفورنيا تلغي حفل التخرج بعد احتجاجات مناهضة لح ...
- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - نصف قرن علي تأميم قناة السويس