أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملهم جديد - أقوى رجل في العالم














المزيد.....

أقوى رجل في العالم


ملهم جديد

الحوار المتمدن-العدد: 6868 - 2021 / 4 / 13 - 03:27
المحور: الادب والفن
    


في البيت المهيب المطلي باللون الأبيض وسط عاصمة الإمبراطورية ، و وراء المكتب الأنيق المصنوع من خشب اللوز، و الذي كان قد جلس خلفه الآباء المؤسسون على مدى أكثر من مائتي عام ، يجلس من مازال رسميا الرجل الأقوى في العالم . تأمل ساعة الحائط قبالته ،و فكّر بأنها ربما هي الأخرى قد تحالفت مع أعدائه ، فلم تتوقف ، أو على الأقل تتباطأ ، لتتيح له ما يكفي من الوقت من أجل التفكير في طريقة يعكس فيه قدره السيء ، و كان حنقه يزداد ، كلما حدس بأن عقاربها أصبحت أكثر تسارعا مما كانت عليه في السابق ، فلا يستبعد أنها ربما هي ، أيضا، سوف تمد له ألسنتها في تمام الساعة الثانية عشر من ظهيرة يوم الأربعاء القادم ،عندما يصبح الرئيس السابق " المواطن دونالد ترامب" و الرجل الأكثر ضعفا في العالم . ضاق صدره، و اجتاحته قشعريرة رجل معلق بحبل متآكل يتمزق ببطء ، بينما يحاول و هو يتأرجح في الهواء ، التمسك به بكلتي يديه، متجنبا ما استطاع، النظر نحو قاع البئر ،حيث تنتظره العقارب و الأفاعي الذي كان قد ربّاها و درٌبها أعداؤه طيلة السنوات الأربع الماضية منتظرين هذه اللحظة . وقف فجأة و صرخ " لكني ما زلت الرئيس " ،و خبط بيده البيضاء الصغيرة على سطح المكتب الزجاجي، فاهتزت الصورة العائلية التي كان مصور الرئاسة قد التقطها أيام الزمن الجميل للعائلة السعيدة في الحديقة الخلفية للبيت الأبيض . و كان مازال واقفا ، عندما ازداد غضبه، فخبط بيده للمرة الثانية، مرددا نفس العبارة " لكني مازلت الرئيس "، و مرة أخرى اهتزت الصورة العائلية ، ثم لم تلبث أن سقطت من على المكتب، فَسَمع صوت تحطم زجاج إطارها على البلاط اللامع ، و خشي أن يدور حول المكتب لتيفحصها ،فتتأكد هواجسه بشأن الأيام السوداء التي تنتظره خارج السور المُحصَّن . و كان من الممكن ،في الظروف العادية، أن يجلب صوت الخبطتين عشرات المعاونين و المستشارين للإطمئنان على أن الرئيس بخير ، غير أن السكون لم يلبث أن عاد أكثر ثقلا . شعر بألم في الركبتين، و جلس متهالكا على الكرسي الوثير، بعد أن اختطف نظرة نحو باب المكتب الذي لم يفتحه أحد طيلة الأربع و العشرين ساعة السابقة ،سوى خادمه الذي كان قد سأل فيما إذا كان عليه جلب الطعام في الوقت المعتاد ، فأشار الرئيس "بلا" ثم قال "لا تفتح الباب مرة أخرى إذا لم أطلبك " أمرك سيدي " قال الخادم ، أغلق الباب بهدوء ،و مشى في الممر الطويل نحو جناح الخدمة، نظر الخادم إلى ساعة يده ،و شعر بأن الساعة بطيئة على غير عادتها ، نزعها من معصمه ،و حركها بقوة آملا أن تتسارع عقاربها ،و تحل ظهيرة يوم الأربعاء القادم قبل وقتها المعتاد ، و ابتسم للخاطر الذي راوده " كم كان جميلا لو كان الوقت عبدا للرغبات "، من دون أن يدري ،بأن الرئيس ،الذي كان ما زال مسترخيا بيأس على كرسيه ،يردد و هو مغمض العينين ،نفس العبارة ! .
تناول الرئيس هاتفه النقال، فتحه ثم أطفأه عدة مرات ، متحاشيا النظر إلى أيقونة "تويتر" ،حيث ينتظره خلفها أكثر من ثمانين مليون متابع ، لكنه، و هو الرجل الأقوى في العالم ،لا يستطيع مخاطبتهم بحجة تهديد ما يقوله للأمن القومي في البلد الشاسع الذي يتربع على سدة عرشه! "يا للمفارقة" ، هكذا عنونت إحدى الصحف ،المتناثرة على مكتبه الوضع الذي وجد نفسه فيه ، نهض غاضبا مرة أخرى ، تفوه بكلمات بذيئة ،و صرخ " إنها مؤامرة و ليست مفارقة يا أولاد القحبة " ،ثم شعر برغبة بالبكاء ، غير أنه تمالك نفسه ، عاد و جلس، بينما شفتاه ترتجفان، من دون أن يستطيع استيعاب كيف من الممكن لفقير في جبال الهملايا ، أو لعامل مكسيكي يحاول قطع الصحراء الحدودية للوصول إلى أميركا ، أو لمسلم ممنوع من دخول البلاد ، أو لعدة مليارات من البشر الذين لا يحبهم و يحتقرهم ،أن يستطيعوا التواصل من خلال هذه المنصة الأمريكية ،و لا يستطيع هو ،الذي ما زال الرئيس الرسمي لأمريكا، و الرجل الأقوى في العالم، من استعمالها ! و إذا لم يكن في الأمر مؤامرة ، ماذا يمكن أن يكون ! فتح هاتفه مرة أخرى و لمس أيقونة تويتر ، حاول فتح حسابه، و لمعت أمام عينيه للمرة الألف عبارة " آسفين حسابك مغلق "، ازداد غضبه، فأخذ يتمتم تارة ، و يصرخ تارة أخرى ،من دون أن يكف عن لمس حسابه محاولا فتحه ، ليقرأ نفس العبارة الباردة و الحاسمة . تناول الريموت كونترول و فتح التلفزيون ، فجمدت عيناه على لقطة من فيلم أجنبي يتحدث فيه الناس بلغة غريبة ، بينما ركًّزت الكاميرا على مشهد كلب مربوط بشجرة على الرصيف المقابل لمطعم مختص بشواء اللحم ، كان الناس يدخلون و يخرجون ، يأكلون و يتجشأوون ، فيدور الكلب حول نفسه تارة ، و حول الشجرة تارة أخر ، تارة يعوي، و تارة يلحس لعابه، من دون أن يلتفت إليه أحد ، و بحركة لا إرادية، نظر الرئيس إلى الهاتف الذي كان ما زال في يده ، فتحه ، فلمعت أيقونة " تويتر" مرة أخرى ، و من جدوى ، و بأصابع مرتجفة ، استمر ، و بيأس قاتل، محاولا فتح حسابه ، و مضى بعض الوقت، قبل أن ينتبه ،إلى أنه كان قد أخذ يدور حول نفسه تارة ،و حول مكتبه تارة أخرى! وللمرة الأولى في حياته، اختبر الرجل الأقوى في العالم معنى أن يكون وحيدا و لا يلتفت إليه أحد ، بينما كان بالكاد يستطيع سماع عواء خافت طويل يخرج من النقطة الأبعد في حنجرته . وقف قبالة الشاشة الكبيرة ، و قذف تلفونه اتجاهها ،بعد أن شعر بأن ما يشاهده على الشاشة، و ما يشعر به في أعماقه، ليس مصادفة بريئة ! و لم يكد يعود إلى كرسيه ، حتى شعر بالإعياء، أغمض عينيه ،و كانت هذه هي المرة الأولى التي يغفو فيها طيلة اليومين السابقين ، بينما تابعت العقارب الرشيقة للساعة حركتها ، و قطعت ما يكفي من الوقت ،لتؤكد ،ما فتئت توكده منذ اختراعها، بأن الوقت مثل الموت ، قدر لا يستطيع، حتى الرجل الأقوى في العالم ،الهروب منه .



#ملهم_جديد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدهشة
- السيرة الموجزة لحياة المواطن (م ع ع)
- في مديح السيكارة
- بدل ضائع
- ندامة الأرمني
- رجل حر ، لكن! / قصة قصيرة
- صديقي الفأر
- الفك
- رجل حر ، و لكن ! / قصة قصيرة
- هل يستحق المجد الأدبي عناء السعي إليه / ترجمة ملهم جديد عن م ...
- صديقي الأميريكي
- دور النخب الثقافية و السياسية في الأزمة السورية وفي صياغة أس ...
- دور النظام السياسي الحاكم في الأزمة السورية
- الصغيرة و الحرب
- وداعاً يا قرطاج/ قصة قصيرة
- في مكتب السيد الرئيس / قصة قصيرة
- قصة قصيرة
- حكاية ليست للروي / قصة قصيرة
- على الجبهه الشمالية
- على باب السيد الرئيس / قصة قصيرة جدا


المزيد.....




- فيلم -هجرة- للسعودية شهد أمين يفوز بجائزة -NETPAC- في مهرجان ...
- مهرجان البندقية السينمائي: اختتام دورة تميزت بحضور قوي للسيا ...
- -التربية-: إعادة جلسة امتحان اللغة العربية لطلبة قطاع غزة في ...
- يوم في حياة صحيفة مكتوبة بخط اليد في بنغلاديش
- محطة القطارات التاريخية بإسطنبول تخوض صراع البقاء وسط تطلعات ...
- براءة متوحشة أو -أفيون الكرادلة- لمحمد الحباشة
- مصر.. فيلم ضي يتناول مرض -الألبينو- بمشاركة محمد منير
- أولريكة الخميس: الفنون الإسلامية جسر للتفاهم في متحف الآغا خ ...
- من -الغريب- إلى الشاشة.. الرواية بين النص والصورة
- محمد خسّاني.. رقصة الممثل الجزائري في كليب الرابور المغربي د ...


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملهم جديد - أقوى رجل في العالم