أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملهم جديد - على الجبهه الشمالية














المزيد.....

على الجبهه الشمالية


ملهم جديد

الحوار المتمدن-العدد: 4569 - 2014 / 9 / 9 - 12:13
المحور: الادب والفن
    


كانت الجدة التي اعتادت الجلوس على عتبة بيتها و التحديق باتجاه الغرب حيث ترتفع هضبة قليلة الإرتفاع لا يفصلها عن بيتها سوى واد صغير يخترقه نهر القرية ، قد بدأت بالتململ ، تحركت ببطئ من دون أن تنهض ، أرجعت جزعها إلى الوراء ، و رفعت يدها اليمنى المرتجفة علها تساعدها بالتخفيف من حرارة شمس آب التي كانت قد توسطت السماء و بدأت ببث أشعتها فوق أسطح البيوت المتواضعة . كانت الجدة تتابع التحديق عندما سألت حفيدها فجأة " على أية جبهة يقاتل والدك ؟" تجاهل الحفيد الواقف تحت شجرة التوت السؤال و تابع النظر نحو الأعلى ، حيث كان عصفور الدوري يقفز من غصن إلى آخر مرحا بعد أن أكل الطعام الذي كان الحفيد قد وضعه له في القفص المفتوح على أمل أن ينغلق عليه الباب أوتوماتيكيا . هم الصغير بالصعود إلى الشجرة و تكرار المحاولة مرة أخرى عندما سمع جدته تسأل مرة أخرى " على اية جبهة يقاتل والدك ؟ " . تأفف الحفيد و لم يجب ، فعلى مدى سنتين كاملتين منذ أن استٌدعي والده للخدمة العسكرية الإحتياطية و الجدة لا تكف سؤال أفراد العائلة عن الجبهة التي يقاتل فيها ابنها الذي كان تنقل بين عدة جبهات في الحرب الأهلية ، ومع أن آخر المعلومات تقول بأنه موجود على جبهة العاصمة ، إلا أن العائلة اتفقت على أن يكون الجواب على سؤال الجدة الدائم بأنه " على الجبهة الشمالية " آملين أن يعلق هذا الجواب بذاكرتها وتكف عن تكرار السؤال . اقترب الحفيد من جدته و حاول إقناعها بالجلوس تحت شجرة التوت ، " أنت هنا يا لعين ؟! " " كنت في الدكان " رد الحفيد مبتسما ،" على أية جبهة يقاتل والدك " كررت الجدة السؤال "على الجبهة الشمالية " . أجاب الحفيد و عاد إلى تحت شجرة التوت ، فكر قليلا و كان يهم بتسلق الشجرة لإنزال القفص و معاودة الكرة مرة أخرى للقبض على العصفور عندما صرخت جدته " اركض إلى ساحة القرية ، لمعت سيارة الإسعاف التابعة للحكومة على الطريق العام فوق الهضبة " و تابعت " يارب اجعله خير " بينما كان قلبها يخفق بقوة " و كيف عرفت بأنها سيارة الإسعاف الحكومية و ليست سيارة البريد ، أو بوسطة القرية ؟! " سأل الحفيد و ركض باتجاه الساحة فقط من أجل مراضاتها ، عندما وصل إلى الساحة فوجئ بسيارة الإسعاف الحكومية و قد وصلت للتو ، " كيف رأت السيارة وهي لا تستطيع أن تراني و أنا على مبعدة عدة أمتار منها تحت شجرة التوت ؟! " هز الحفيد رأسه و عاد للنظر باتجاه سيارة الإسعاف التي بدأ عسكري برتبة مساعد بالترجل منها، كان شخصا مربوع القامة ، يرتدي بزة عسكرية مرقطة ، أحمر الوجه وعلى سحنته جدية مصطنعة تقتضيها اللحظة ، مد يده إلى جيبه و سحب منديلا قماشيا متسخا ،. مخط فيه مرتين و كان يهم بأن يمخط فيه للمرة الثالثة عندما غير رأيه ، و بدأ يمسح به العرق عن جبينه . أعاد المنديل إلى جيبه ، و بالملف الرسمي الذي كان في يده بدأ بتهوية وجهه . كان الساحة خالية في مثل هذا الوقت من الظهيرة ، حيث خلد أهل القرية إلى القيلولة بعد تناول وجبة الغذاء . التفت المساعد إلى الحفيد و سأله بجدية بدت أقرب إلى الغضب " أين تسكن عائلة الصالح ؟"" في الحارة التحتانية " أجاب الحفيد و بدأ بالمشي باتجاه بيت جدته الذي لم يكد يصله حتى علت أصوات العويل والبكاء القادمة من الحارة التحتانية . وقف الحفيد قبالة جدته ، كانت ما تزال جالسة كما تركها ، تبكي بصمت ، و تمسح دموعها بمنديلها و قبل أن يبدأ بالكلام قالت الجدة " صبَّر الله والدته ، الله يرحمك يا سامي " استغرب الحفيد و سأل جدته " و كيف عرفت بأنه سامي الصالح ؟!" سمعت عويل والدته " " و كيف عرفت بأنه عويل والدته ؟!" مدت العجوز يديها الضعيفتين ، و سحبت الحفيد نحوها لتجلسه في حضنها ، و بما يشبه الهمس قالت " عندما تعيش في قرية نصف رجالها يخدمون في جيش يقاتل منذ مائة عام ، يصبح من السهل أن تعرف الأمهات من أصوات عويلهن " كان يهم بالإفلات منها و العودة إلى تحت شجرة التوت ،عندما أمسكت بيديه لتشده صوبها و تبدأ بتقبيله بينما كانت تهمس في أذنه " أريد فقط أن أعيش حتى أرى والدك ، و بعدها سأصلي للرب كي أموت قبل أن أراك تغادر هذا البيت من أجل الحرب " " و لكن الحرب سوف تنتهي ياجدتي " قال الحفيد، قبلته مرة أخرى و عاودت الهمس " هكذا كنت أقول عندما ذهب جدك للحرب و كنت ما زلت صبية ، مرت سنوات و أنا أنتظره على نفس هذه العتبة التي أنتظر عليها والدك ، و إلى الآن لم يعد جدك ".



#ملهم_جديد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على باب السيد الرئيس / قصة قصيرة جدا
- الحبل
- الرأس المقطوع
- الشرق
- العاشق / قصة قصيرة
- القنَّاص
- حدث في الأسبوع الماضي /قصة قصيرة جداً
- تلك الرائحة
- المعارضة السورية و دور الضحية
- المؤامرة و المؤامرة ....ثم المؤامرة
- رائحة ثقيلة


المزيد.....




- صدور كتاب تكريمي لمحمد بن عيسى -رجل الدولة وأيقونة الثقافة- ...
- كل ما تحتاج معرفته عن جوائز نوبل للعام 2025
- -سلام لغزة-.. الفنانون العرب يودّعون الحرب برسائل أمل وتضامن ...
- فيلسوف العبثية والفوضى يفوز بجائزة نوبل للآداب
- سلسلة أفلام المقاطعة.. حكاية المقاومة السلمية من الجزيرة 360 ...
- إيقاف نجم الفنون القتالية ماكغريغور 18 شهرا
- نار حرب غزة تصل صناعة السينما الفلسطينية والإسرائيلية
- المجري لازلو كراسنهوركاي يفوز بنوبل للآداب 2025
- آباء يأملون استبدال شاشات الأطفال بالكتب بمعرض الرياض للكتاب ...
- حضرت الفصائل وغُيِّب الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني


المزيد.....

- شهريار / كمال التاغوتي
- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملهم جديد - على الجبهه الشمالية