|
في مكتب السيد الرئيس / قصة قصيرة
ملهم جديد
الحوار المتمدن-العدد: 4669 - 2014 / 12 / 22 - 10:39
المحور:
الادب والفن
نهض عن كرسيه و اتجه نحو النافذة ، بعد أن أمر حاجبه بإدخال وزير الدفاع . لم ينتبه الرئيس إلى جمال السماء الزرقاء بعد أسبوع طويل معتم لم تتوقف فيه الأمطار عن الهطول ، كما لم ينتبه إلى زقزقة العصافير و هي تحتفل على طريقتها بعودة الشمس . كان ما زال واقفا خلف النافذة ، عندما دوت خلفه خبطة حذاء وزيره على بلاط المكتب اللامع كقطعة من الكريستال . كان الرئيس قد أمر بتغيير البلاط عشرات المرات في العشرين سنة الأخيرة ، و لم يتوقف عدم رضاه و تذمره ، حتى انضم إلى مهندسي القصر مهندس شاب فهم على التو رغبة الجنرال في إكساء مكتبه ببلاط يضاعف من صوت ارتطام أحذية من يدخلون المكتب بالأرض و هم يؤدون التحية العسكرية . لم يلتفت خلفه ، و تابع التحديق بالعاصمة التي تمتد من سفح الجبل الذي يقبع قصره على قمته ، و حتى المطار البعيد الذي كان بالكاد يُرى ، و لم يكن هناك من علامة على وجوده سوى الدخان الأسود الذي كان ما زال يتصاعد منه ، بعد القصف الذي تعرض له في الأيام الماضية قبل الإتفاق على الهدنة التي يحمل وزير دفاعه نسخة منه ليوقعها الرئيس قبل العودة إلى طاولة المفاوضات . كان وزير الدفاع ما زال واقفا كصنم في وسط المكتب الأنيق و الموحش . " ضع الورقة على المكتب " " أمرك سيدي " تقدم الوزير بهدوء متحاشيا إصدار أي صوت . بعد أن وضع الورقة عاد إلى حيث كان يقف منتظرا ، و لم يكن ليُؤْنِس وحدته تلك، سوى نحلة بدأت تحوم فوق سطح المكتب الزجاجي ، حيث قدَّر بأنها تبحث عن بقايا العسل الذي ،ربما، لم تصله ممسحة الحاجب بعد تناول الرئيس لفطوره . و بينما كان ما زال يفكر إذا كان من الحكمة أن يقول " أية أوامر أخرى سيدي " أو الإنتظار ، استدار الرئيس و اتجه نحو كرسي المكتب . كانت الورقة أمامه و لم يكن ليحتاج سوى إلى قلم سارع الوزير إلى مناولته إياه ، و العودة حيث كان يقف . " سآخذ باقتراحك و أوافق على الهدنة. " ارتبك الوزير الذي لا يتذكر بأنه سُئل عن رأيه في الهدنة ، و مع أنه كان قد بدأ يعاني في السنوات القليلة الماضية من النسيان و فقدان متقطع للذاكرة ، إلا أنه كان متأكدا بأن الرئيس لم يسأله عن رأيه . كان الرئيس ما زال يحدّق فيه، فهز برأسه ، ثم تابع الرئيس" اقتراحك ليس سيئا ، فالهدنة فترة ضرورية للتحضير من أجل متابعة الحرب " ، ابتسم بعدها ، و طلب بلهجة ودودة من وزير دفاعه الجلوس . ربما كانت هذه هي المرة الثانية التي يجلس فيها وزير الدفاع في المكتب طيلة السنوات العشرين الماضية. شعر الوزير بالإسترخاء ، ففك الزر الأخير في ياقة قميصه المشدودة على رقبته المنتفخة ، و تردد لبعض الوقت، قبل أن يتجرأ و يطرح السؤال الذي سوف يكلفه حياته فيما بعد " و إذا لم تحصل الحرب ؟." تغيرت ملامح الرئيس و اختفت الأسنان اللامعة في فكه ، حدّق في وزيره و قال " إذا لم تحصل الحرب تكون فترة الهدنة قد ذهبت هدرا ." تلعثم الوزير و كان يود أن يقول شيئا عندما أكمل الرئيس ، و كان صوته قد بدأ بالإرتفاع " و لأنني أكره الهدر فلا بد أن تحصل الحرب ."
#ملهم_جديد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة قصيرة
-
حكاية ليست للروي / قصة قصيرة
-
على الجبهه الشمالية
-
على باب السيد الرئيس / قصة قصيرة جدا
-
الحبل
-
الرأس المقطوع
-
الشرق
-
العاشق / قصة قصيرة
-
القنَّاص
-
حدث في الأسبوع الماضي /قصة قصيرة جداً
-
تلك الرائحة
-
المعارضة السورية و دور الضحية
-
المؤامرة و المؤامرة ....ثم المؤامرة
-
رائحة ثقيلة
المزيد.....
-
فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ
...
-
انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا
...
-
صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة
...
-
الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف
...
-
حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال
...
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
-
الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم
...
-
الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
-
أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم
...
-
-جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|