|
ماذا لو كان شهر رمضان إجازة فعلية مدفوعة الأجر؟
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 6860 - 2021 / 4 / 5 - 21:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
على الرغم من ارتباط الأخلاق والصلاح في عقل المسلمين بالتدين ، إلا أن الحقيقة الأمر تبقى مجافية ومُخالفة لواقع وحال بلاد المسلمين ، حيث نجد أن الفساد الإدراي والرشاوى ، والمحسوبيات ، وضياع الحقوق ، وغياب العدالة والمساواة ، وقلة تقدير الإنسان وعدم احترام حقوقه ، لا يستشري إلا في المجتمعات الأكثر تديناً ، وليس هذا الترابط بين التدين والفساد من قبيل المصادفة ، بل له أسباب كامنة في محددات السلوكيات القائمة على الالتزام بالطقوس المظاهرية للدين ، والتي ترجعها العديد من الدراسات إلى عدم اهتمام دين الشيوخ والدعاة الجدد بالمعاملات المادية بين البشر بقدر اهتمامه بالجوانب الإيمانية التي تجعل الإيمان شرطاً لنوال الجنة بينما العمل الصالح وحده ليس شرطاً لنوالها ، كما هو سائد بين العامة المتأثرة بتلك الطقوسية الظاهرية أكثر بكثير من تأثرها بقواعد العلاقات والمعاملات في الدين الحنيف ، والذي يُعتبر فيه الذنب الديني الجسيم هو التجديف وليست سلوكيات الفساد المجتمعي ، وأن الإساءة الكبرى في الدين هي الإساءة لرجال الدين والمرائين من الناس -والكثير من البشر مُراؤون بطبيعتهم ، مع إختلاف النسبة والدرجة - وليست الإساءة هي فيما يلحق الأذى بالإنسان ويمتهن حقوقه ويستهتر بالقوانين والتشريعات المنظمة لمجتمعاته ، وغير ذلك كثير من المفاهيم والسلوكيات الانحرافية التي لا يتولد منها وعنها إلا ما يغرق الأفراد والمجتمعات في وحل الفساد - الذي شرحته منظمة الشفافية الدولية بأنه "استغلال السلطة من أجل المنفعة الخاصة، وعرفه البنك الدولي على أنه "إساءة استخدام الوظيفة العامة للكسب الخاص- الذي يلوي أصحاب ما يعرف بــ"الدين الشعبي" أعناق الآيات والأحاديث لتحويل الكثير من أنواع اداتالفس ومصطلحاتها ، إلى بديهيات تزج بغير المسلم الصالح في النار بالرغم من أعماله الصالحة ، وتخلد المسلم في جنان الخلد ولو كان فاسداً ، الأمر الذي يدفع بالفاسدين إلى المبالغة في الموازنة بين جرائم فسادهم -كلما زاد- في حق المجتمعات بالتعبد التمويهي ، وكأنهم يتملقون به إلى الله ليتغاضى عن مفاسدهم.. وما السلوكيات الهجينة التي اعتاد إتيانها مع حلول كل رمضان من عينة من الموظفين الذين ماتت ضمائرُهم المِهنية ، وانعدمَ لديهم حِسُّ المسؤولية ، وأصبحوا لا يستشعرونَ قيمة ما يُزاولونه من عمل ، ولا حرمة عندهم للمال الذي يصرفونه على عوائلهم ويطعمونَ منه أبناءهم ، الذين يحولون هذا الشهر الفضيل إلى شهر إجازة غير معلنة ، يكثر فيه النوم نهارا ، ويطول خلاله السهر ليلا ، وتضمحلّ فيها ساعات القيام بالواجب الوظيفي ، وتتسع أثناءها ساعات الاسترخاء والكسل ، حيث نرى الواحد من هؤلاء الموظفين الذين لا يستحقون المال الذي يجنونهُ من وراء وظائفهم ، يصلُ متأخراً لموقع العمل وهو يتمطى في مشيته ، وقبل أن يدخل مكتبه المدفون تحت أكوام الملفات والأوراق والأشعال المُؤجلة ، يبدأ بالسلام على جميع زملائه ، ويقفُ عند الذين يعملونَ معه ببرودٍ قاتل، يتحدث مع هذا وذاك ، ليس عن أمور العمل الذي يكسبُ من ورائه ، تم ينتقل إلى التقليب في حاسوب الشغل عن برامج التواصل الاجتماعي ، والتنقل بين المواقع ، يقرأ أخبارها غير المتعلقة بوظيفته ، تم يفتح هاتفهُ الخلوي ليُحدثَ أشخاصاً ما فيما لا ينتمي لخدمة المواطنين الذين يتقاضى أجره من جيوبهم ، ظنا منه أنه بذلك يمارس حريته ، بينما حقيقة ما يمارسه ليس سوى التملص من المسؤولية والفرار من الحرية ، الذي يخلق الفوضى المدمرة التي تحول المؤسسات الحكومية والإدارات والمكاتب والورشات إلى مساحات مفتوحة لممارسة الكسل ، وتجعل من رمضان أقل شهور السنة إنتاجا . فماذا لو قررت الدولة أن تجعل من شهر رمضان إجازة فعلية مدفوعة الأجر يمكن خصم أيامها من إجازات بقية العام؟ لأن التجربة بينت بأن بقاء الموظف أو العامل في بيته يكلّف الدولة أقلّ بكثير ممّا يكلفه استهلاك الطاقة داخل مواقع العمل التي لا يسمع فيها غير طنين لازمة "اللهم إني صائم" التي يموه بها المنافقون المراؤون عن إفلاسهم البيّن .. حميد طولست [email protected] مدير جريدة"منتدى سايس" الورقية الجهوية الصادرة من فاس رئيس نشر "منتدى سايس" الإليكترونية رئيس نشر جريدة " الأحداث العربية" الوطنية. عضو مؤسس لجمعية المدونين المغاربة. عضو المكتب التنفيذي لرابطة الصحافة الإلكترونية. عضو المكتب التنفيدي للمنتدى المغربي لحقوق الإنسان لجهة فاس مكناس عضو المكتب التنفيدي لـ "لمرصد الدولي للإعلام وحقوق الأنسان
#حميد_طولست (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رب ضارة نافعة !
-
عبثية حربٍ ضروسٍ على رُفات امرأة !
-
صمت المرأة على الشماتة أكثر وقعا من الشماتة وأشد إيلاما منها
...
-
لا تحيق الشماتة إلا بأصحابها !
-
رفض تقنين القنب الهندي لا صلة له بالدليل العلمي .
-
في تكريم لاعب كبير في حياته وكبير في مماته.
-
ريادة المغرب في عملية التلقيح.
-
انتفاضة نيام الأمة ، عفوا، نوابها !
-
الكمامة Le baillonوخطورتها على البيئة.
-
الأمزيغي رائد في تقديره للمرأة .
-
اعادة التدوير ، توفير وليس تقتيرا !
-
إظهار المحبة أبقى للمودة والألفة.
-
تعددية حزبية مفرطة بدون رهانات سياسية !
-
مذمة الناقص شهادة بالكامل.
-
لا يفل الحقد والكراهية إلا الحب، فلماذا لا نحتفل به وقد دعا
...
-
معضلة الانتخابات9
-
فاس لا تئن من الفقر والجوع فقط !
-
ليس بالتفاؤل وحده تتحقق الأماني !
-
ما هو الإنسان إن لم يكن سؤالاً؟.
-
معضلة الانتخابات8
المزيد.....
-
فيديو.. إصابات في إطلاق نار في حي يهودي في نيويورك
-
يسرائيل هيوم: أنباء عن 7 مصابين في حادث إطلاق نار بحي يهودي
...
-
3 قتلى في إطلاق نار بحي يهودي في نيويورك
-
راهبة أمريكية: حماس حركة مقاومة تدافع عن شعبها.. والمسيحيون
...
-
الاحتلال يغلق مدخل سلفيت الشمالي
-
الحاخام الأكبر لليهود السفارديم في -إسرائيل- يهاجم نتنياهو و
...
-
كنائس بروتستانتية تدعو الحكومة الهولندية للاعتراف بدولة فلسط
...
-
الرئيس السوري يؤكد دور الكنيسة في ترسيخ أواصر المواطنة والوح
...
-
إيهود باراك: نتنياهو يكذب كما يتنفس.. وترامب لا يفهم شيئا في
...
-
راهبة أميركية: حماس حركة مقاومة والمسيحيون يعانون بسبب الاحت
...
المزيد.....
-
علي قتل فاطمة الزهراء , جريمة في يترب
/ حسين العراقي
-
المثقف العربي بين النظام و بنية النظام
/ أحمد التاوتي
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
المزيد.....
|