أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاتن نور - رهط من الرجال














المزيد.....

رهط من الرجال


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 6853 - 2021 / 3 / 29 - 01:50
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


عندما نضع في كفة ميزان امرأة بقامة فكرية عالمية سامقة، ونضع في الكفة الأخرى رهطاً من الرجال، أي رهط غير معرّف؛ ونفعل هذا في معرض الإشادة بوزن المرأة وإرثها النضالي؛ فإننا نكشف، سهواً، عن مساحة البؤس الإجتماعي المتجذّر فينا. وتذهب إشادتنا بالمرأة في مهب الريح.
المعرّف لا يشاد به بنكرات.
هي امرأة عظيمة بعشرة رجال / هو رجل عظيم بعشر نساء
في الجملتين، ثمة إشادة ضمنية بعشرة أشخاص نكرات، لا نعرف عنهم أكثر من جنسهم. بمعنى، إسباغ عظمة لا مسوغ لها على جنس الرجال في الجملة الأولى، وعلى جنس النساء في الثانية. فعشرة من الرجال، لا على التعيين، يعادلون امرأة عظيمة ومعرّفة بعظمتها. هكذا نحطّ من قيمة امرأة في معرض تثمين قيمتها، عندما يغلبنا التصوّر النمطي المتداول عن كل جنس.
وهذا هو هراء الجنوسة العنصري لمن لا يعرفه. وجيفة البئر المتوارثة والمحميّة من الضياع، التي لا ينجو من روائحها النفاثة، حتى أهل الفكر والثقافة. والمهتمون منهم بقضية المرأة والعقل ضد النقل السلفي.
بيد أن الإشادة برهط من النساء النكرات، في معرض الإشادة برجل معرّف بعظمته، بوضعهنّ في كفة الميزان بالمقابل؛ ليس لها تلك السوق الرائجة. ومن الحيف أن يكون. لكنها قد تبين الحيف النظير في مقولة الإتجاه الآخر الشائعة.

وكثرما يحصل مثل هذا السهو الثقيل عند الحديث عن المرأة، فيقع المتحدث المناصر لقضيتها في مطبات الفهم العرفي-التراثي السائد عنها. حيث تلوح ظلال الصورة الرجعية والنظرة الدونيّة في أفق تناوله وفي خضم تعريته للأعراف البالية والمفاهيم المنتهية الصلاحية.
فالتقّول مثلاً، بتسخير المرأة واستغلالها في سوق التجارة الإباحيّة، هو بحد ذاته انتقاص من شأن المرأة ووضعها في منزلة متدنّية عن الرجل. ولا يختلف تصويرها كسلعة تتقاذفها سوح الإبتذال والتجارة الرخيصة، عن نظرة التشييء التراثي المتداول، باعتبار المرأة سلعة تنتقل ملكيتها من سلطة الأب إلى سلطة الزوج. من المؤسف أننا لا نكف عن تسليع المرأة سهواً، وتهزيلها حتى في أوج الدفاع عنها.

ضغط الحياة، والصراع المستميت من أجل البقاء؛ قد يدفع الإنسان إلى خرق المحظورات الإجتماعية والأخلاقية من أجل العيش. فلا فاصلة هنا إذا كنا نتحدث عن قضية مساواة ولا نريد حيفاً بذكر أو أنثى، بتحميل أحدهما مسؤولية خيار الآخر. أو توريط كفة لتبرئة كفة والتعاطف معها كضحية في ميزان متهالك نريده أن يستقيم أفقياً، بتساوي كفتيه في تحمّل المسؤوليات. ومسؤولية الوصاية الذاتية قبل أي شيء.
تبقى السبل الإباحية سوق عمل مفتوحة لمن يريدها من الرجال والنساء، والنساء يدخلن السوق بعقولهن وإرادتهن كطريق مختصرة للتكسّب مثلما يدخلها الرجال. البدائل متوافرة دائماً لمن يريدها. واعتبار المرأة ضحية مُسخرَة، والتذرّع نيابة عنها بالعوز والحاجة وشظف العيش؛ ينطوي على تسقيط ضمني لعقلها وإرادتها.

حسناً.. هذا مشهد بسيط؛ أحدهم يحمل كاميرا ويصور فيديو لامرأة تنزع ثيابها وتستحم في حوض جاكوزي. في هذا العمل، من سخّر من؟
هل الرجل سخّر المرأة لإنتاج وتسويق فيلم إباحي، أم المرأة سخّرت الرجل، وسخرت كاميرته، معدّاته الفنية وحوضه الجاكوزي؟
أي سخرّت رأسمال مشروعه البورنوغرافي، فقط لتصويرها بوضع خاص لا جهد فيه، لكنه يجذب الزبائن ويفيض عليها برزق جزيل، غير آبهة بمسألة الأخلاق والشرف كزميلها الرجل تماماً.

وعلى المحك وخارج الصندوق: لماذ لا ننظر بعين المساواة في هكذا أحوال إذا كنا من دعاتها، ونتظلّم للمرأة والرجل على حد سواء؟
ولماذا نفترض ثمة تسخير من طرف لطرف، ولا ننظر للطرفين كطاقم عمل، لا أخلاقي بالمنظور الاجتماعي؟
وإذا كان صاحب رأس المال هو المُسـخِر، فقد سخّر ماله، وفي المقابل سخّرت المرأة ما هو ملك صرف لها. رأسمال مقابل رأسمال. وينبغي أن نتظلّم للأثنين إذا كنا مهتمون بالتظلّم، ونشهد عجلة الحياة المتسارعة وهي تدوس الرجل والمرأة بإملاءاتها، كما تدوسهما الحضارة بضروراتها غير الضرورية، وتسحب الاثنين إلى سوق رائجة تستقطب اعداداً هائلة من الزبائن المتزايدة بشكل مطرد.
يمكن لنا أن نتأمل تبادل المواقع بين الرجل والمرأة في المشهد، ربما ستفيض تساؤلات من نوع آخر تفيدنا كرياضية عقلية.
وبعد، كلنا مسخرون لهتك ما نستطيع هتكه في الوقت الصعب. ومسألة تسخير الإنسان للإنسان من ضروب الهتك القديم منذ البدء، وهو القضية الأهم العابرة للجنوسة.

وتبقى قضية المرأة جزء من واقع مخيض. ومن قضية أكبر من قضية جنس بعينه، قضية وعي عام وجهل متوارث، وحضارة ذكورية تسببت بكساد معرفي وركود، فلقت الإنسان إلى جبهتين يتمرغ بوحولها كلا الجنسين ويتبادلان الإمتهان والتحايا. وجهل بالعوامل الاقتصادية وأهمية الاستقلال للفرد للتخلص من سلطة العائل والتحرر من طاعة المعيل. وجهل بمفهوم الشرف. لأننا والحمد لله مؤمنون بالشرف السفليّ. وكرسنا ثقافتنا بما فيها من عدّة وعتاد لأجله.
لكننا قد ننجو، لو سقطت عنا بعض الأقنعة الثقيلة، وبدأ رهط من الرجال، ورهط من النساء، التفكير صدفة، خارج الصندوق.. ولو لبعض الوقت.



#فاتن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مساحات
- رقصة داليا
- سفر الأنثى
- ذلك الشيء
- التجميل في سوق العدم 2
- التجميل في سوق العدم
- مرايا
- كيف تكون وطنياً بلا حدود
- لا يأتي فجأة
- لا وقت عندي
- رسائل الصمت 2
- رسائل الصمت
- لتمسّك يدي
- قنديل
- بصمة المدينة
- صفعة المطر
- كلنا عنصريون
- المثليّة الجنسية والحتميّة الاجتماعية
- بوصلة التنوير العدمي
- لنارِكَ هذا اللوح


المزيد.....




- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...
- دراسة: الوحدة قد تسبب زيادة الوزن عند النساء!
- تدريب 2 “سياسات الحماية من أجل بيئة عمل آمنة للنساء في المجت ...
- الطفلة جانيت.. اغتصاب وقتل رضيعة سودانية يهز الشارع المصري
- -اغتصاب الرجال والنساء-.. ناشطون يكشفون ما يحدث بسجون إيران ...
- ?حركة طالبان تمنع التعليم للفتيات فوق الصف السادس
- -حرب شاملة- على النساء.. ماذا يحدث في إيران؟
- الشرطة الإيرانية متورطة في تعذيب واغتصاب محتجزات/ين من الأقل ...
- “بدون تشويش أو انقطاع” تردد قنوات الاطفال الجديدة 2024 القمر ...
- ناشطة إيرانية تدعو النساء إلى استخدام -سلاح الإنستغرام-


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - فاتن نور - رهط من الرجال