أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - فاتن نور - كلنا عنصريون















المزيد.....

كلنا عنصريون


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 6588 - 2020 / 6 / 9 - 01:52
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


هل العنصرية أمر شنيع؟

قد يستفزّك هذا السؤال، لأنك قمت بتأطيره لا شعورياً، بعنصرية البشر ضد البشر. وفي هذا الإطار، حتى العنصري حد النخاع، يكره عنصرية غيره، ويعتبرها أمراً شنيعاً.
بينما السؤال في الحقيقة، مفتوح على مصراعيه. وقد يبدو هزلياً، لو تم تأطيره بعنصرية البشر ضد الحيوان. مع أن الإنسان يقترف أبشع أنواع الجرائم العنصرية بحق الحيوان كل يوم. وما زال يحمل الجينات المسؤولة عن نمو ذيل..
..كلنا عنصريون بشكل أو آخر، بدرجة أو أخرى.. لكن ليس كلنا يدري بعنصريته..

نحن البشر، مدججون بالأحلام والطموحات والتخيلات، هذا شيء رائع بالتأكيد. لكن الجهل بسماتنا التطورية أو نكرانها لا يقدم حلاً. والتفكير بالتمني، لا يلغي النزوع العنصري الطبيعي عند البشر.
ربما علينا أن نترك أقنعتنا بعض الوقت. ونتخلى عن المغالاة في تقييم جنسنا البشري مأخوذين بمظاهره وأساطيره الجميلة، ونقلل عادات الاستغراق المملة، في تمييز أنفسنا عن سائر الحيوانات.

في كتابه الموسوم "لا تختلف كثيرا" يشير عالم الأحياء الأمريكي البروفسور ناياثن لنتس، المتخصص في بيولوجيا الخلية وعلم الوراثة؛ إلى أن الكثير من سمات الإنسان نجدها في الحيوان، والكثير من سمات الحيوان نجدها في الإنسان. فالبشر والحيوانات، شكلتهم نفس القوى التطورية التنافسية والتعاونية عبر الزمن. والسلوك البشري لا يختلف، بذلك القدر الكبير الذي كنا نظنه في السابق، عن السلوك الحيواني. ويمكننا من خلال تتبع ودراسة سلوك الحيوانات، معرفة الكثير والمدهش عن أنفسنا..انتهى
عالم الحيوان، هو المرآة التي ينبغي أن نقف أمامها طويلاً، لكننا لا نفعل ذلك، لأنها مرآة صادقة، تسرّح المظاهر الخادعة عابرة إلى الجذور.

وكان الكاتب الفرنسي آرثر دو غوبينو، عميد المدرسة العرقية سيئة الصيت والسمعة في القرن التاسع عشر؛ قد صنف الجنس البشري بيولوجياً، إلى ثلاث سلالات رئيسية أو مجاميع,بينها فروقات جينية وراثية؛ المجموعة القوقازية البيضاء، مجموعة المغول الصفراء، ومجموعة الزنوج السوداء. وكل مجموعة تتكون بدورها من مجاميع فرعية لا تخلو بدورها من فروقات وراثية.
وتنعكس هذه الفروقات بين السلالات والمجاميع، على الصفات الجسمانية الظاهرة، التي يستند عليها البشر للتمييز فيما بينهم في أكثر الأحوال، كلون البشرة وطول القامة وشكل الرأس والوجه وما إلى ذلك. لكن العنصرية لا تقف عند حدود التمييز العرقي، فالفروقات الأثنية والثقافية والدينية، قد تكون بالمقابل أساساً للتمييز العنصري.

ومع أختلاف الأعراق من الناحية الجينية والوراثية، حسب علم الأحياء التطوري. وهذا ليس أمراً سيئاً أو مشيناً. لكن التصنيف العرقي لم يعد مقبولاً بعد الحرب العالمية الثانية، لأنه تصنيف جامد، يستند على الصفات البيولوجية فحسب لتصنيف البشر، ولأن العرق، يتطور بالاختلاط والتزاوج والهجرة إلى أثنيات وقوميات مختلفة، تكتسب خصانص وصفات اجتماعية مشتركة اضافة لصفاتها البيولوجية. ولا ينبغي للتصنيف العرقي العلمي بأي حال، أن ينحدر برثاثة فكرية أو سياسية إلى تخندقات بيولوجية - انتقائية، تطيح بمفهوم الدولة والمواطنة. وتفسد المفاهيم الإنسانية النبيلة، بعنصرية تعاملها مع نتائج الدراسات الجينومية وعلم الوراثة.

الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي. تحتدم في دواخله مجموعة غرائز فطرية مركبة، وتحكمه بين العدوانية والسلمية. والعيش الجماعي، بصفته انتقاءً طبيعياً يلبي حاجات البقاء للفرد بشكل أفضل ضمن الجماعة؛ ينطوي ضمناً على "عنصرية كامنة" ضد الجماعات الأخرى المنافسة، أو الضعيفة التي يمكن هتكها لمصلحة الجماعة الأقوى..
العنصرية ليست سمة دخيلة قادمة من الفضاء. أو من تخوم التنشئة، إنما هي طاقة كامنة في أغوار النفس البشرية، أغوارها الجينية، ونكران هذه الحقيقة لن يفيدنا بشيء.
وقد تتحول الطاقة العنصرية الكامنة إلى طاقة عنصرية متحركة، بالتحفيز الثقافي أو العقائدي لتأدية أغراض محددة في دوامات الصراع من أجل البقاء. أو حتى بالتحفيز العلمي، عندما يساء فهم العلوم أو يساء توظيفها لتحقيق مآرب سياسية أو طموحات مريضة.
علم الأحياء والوراثة، على سبيل المثال، كان قد حفزّ عرضياً، النعرات العنصرية في العالم، التي اجتاحت بعض العقول القيادية. وكانت النازية، مثالاً، قد سعت إلى تفريغ المانيا في قالب دولة قومية - عرقية باهتة، بقوة التحفيز وعبر توظيفها اليوجينا أو علم تحسين النسل لتصفية الفئات الاجتماعية الضعيفة جينياً أو غير المرغوب بها، فالشعوب الجرمانية، بتصورات النازيين، هي العرق الرئيسي والفرع الأنقى من الجنس الآري؛ ودقت طبول الانتقاء العرقي حتى تحول الزواج والإنجاب، في الرايخ الثالث، الى مهمة قومية، وواجب ووطني مقدس منوط باللائقين عنصرياً لا غير.

وقد تبقى "العنصرية الكامنة" خامدة في طيات اللاشعور، إذا كانت البيئة الثقافية الحاضنة بيئة نظيفة، تعنى بالحقوق على قدم المساواة، بمعية التحفيز الثقافي المضاد للثقافات العنصرية المتفشية في العالم.

الحقيقة التي يجهلها كثيرون، خصوصاً هواة الضجيج، هي أن موت النزعة العنصرية على مستوى الدستور والتشريع القانوني في مجتمع ما، لا يعني موتها في نفوس أفراد المجتمع. المهم هنالك ردع وعقوبة، وهناك قانون يكفل حق التظاهر والاحتجاج السلمي ضد الممارسات العنصرية..
وإن موت النزعة العنصرية على مستوى الدستور والتشريع، من جهة ثانية، لا يعني أن المجتمع سيكون مثاليّاً بعلاقاته الخارجية، ولا تكون له أية ممارسات عنصرية خارج نطاق جغرافيته.
وهذه الحقيقة تكشف ما وراء الكثير من الظواهر السياسية السيئة التي تستفزنا وتثير عجبنا، مثل الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير أو طبيعة التعامل مع حقوق الإنسان في المجتمع الدولي.

ضرب من الفنتازيا، أن يكون الطموح، موت النزعة العنصرية الكامنة في نفوس البشر. ربما الطموح الأقرب للواقعية، هو محاولة الحفاظ عليها كامنة في أغوارها، بعدم اللجوء إلى تحفيزها ثقافياً وسياسيا وعقائدياً، كيلا ينطلق الوحش العنصري في أرجاء غابتنا الجميلة، هائجاً بين دوامات الصراع.

June 08, 2020



#فاتن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثليّة الجنسية والحتميّة الاجتماعية
- بوصلة التنوير العدمي
- لنارِكَ هذا اللوح
- جيسيكا..5
- جيسيكا..4
- جيسيكا..3
- جيسيكا..2
- جيسيكا
- العلمانية ضد محاربة الأديان..
- حوار عن العقل النقلي
- وزارة التعليم العالي وتحديات الكعب والتنورة
- تحريض..
- وجه الحقيقة والحقن بالبوتكس
- الوجه الآخر للإرهاب
- الفاتيكان معقل الراسخين في الاستثمار
- كوكتيل أسئلة دينية..4
- كوكتيل أسئلة دينية..3
- الكرة الخفية والإله الخفي
- كوكتيل أسئلة دينية..2
- ورقة التوت يا وطن الضجر


المزيد.....




- حادثة طعن دامية في حي سكني بأمريكا تسفر عن 4 قتلى و7 جرحى
- صواريخ -حزب الله- تضرب صباحا مستوطنتين إسرائيليتن وتسهتدف مس ...
- عباس يمنح الثقة للتشكيلة الجديدة للحكومة
- من شولا كوهين إلى إم كامل، كيف تجمع إسرائيل معلوماتها من لبن ...
- فيديو:البحرية الكولومبية تصادر 3 أطنان من الكوكايين في البحر ...
- شجار جماعي عنيف في مطار باريس إثر ترحيل ناشط كردي إلى تركيا ...
- شاهد: محققون على متن سفينة دالي التي أسقطت جسر بالتيمور
- لافروف: لن يكون من الضروري الاعتراف بشرعية زيلينسكي كرئيس بع ...
- القاهرة.. مائدة إفطار تضم آلاف المصريين
- زيلينسكي: قواتنا ليست جاهزة للدفاع عن نفسها ضد أي هجوم روسي ...


المزيد.....

- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون
- في مسعى لمعالجة أزمة الهجرة عبر المتوسط / إدريس ولد القابلة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - فاتن نور - كلنا عنصريون