أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - كشك الأفاعي















المزيد.....

كشك الأفاعي


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 6851 - 2021 / 3 / 27 - 12:22
المحور: الادب والفن
    


الناس أسرار، الناس أجناس، وراء كل شخص حكاية، خلف كل قناع ثمة سر، قد يكون مخجلاً وغريباً ومعيباً، وقد يموت معه دون أن يسمع به حتى أقرب المقربين، هذا إذا لم ينفضح الأمر لسبب ما.

كانت قاعة المؤتمرات الكبيرة في مدينة ستراسبورغ تعج بالمحامين ورجال القانون والاقتصاد. كان الجميع منشغلاً بكلام رئيس ومنظم الحدث، كانوا ملتفين حوله كالنحل، يستمعون إلى تعليقاته ومزحاته الخفيفة وملاطفاته، كانوا مسحورين بشخصه.
في تلك الساعات، في تلك الليلة تناسى جميعهم ما الذي يخبئه الرجل الملسون وراء قناعه الجميل. تصرف المدعوون وكأن كل شيء بخير، كما لو أنهم لا يعرفون عنه شيئاً، فعلوا ذلك لمجرد أنه أحد هؤلاء الأشخاص الذين لديهم ما يقولونه في مدينة ستراسبورغ الغامضة.

الشيء الغبي في هذا الحمار العجوز هو أنه اعتاد السفر إلى تونس بانتظام، لا ليتسكع مع النساء الأكبر سناً أو مع الشابات الأصغر سناً، كلا، إنه يحب الأطفال وحسب، لا لمساعدتهم أو التبرع لهم لمداواة أمراضهم، بل لممارسة الجنس معهم! تحديداً مع الأولاد الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين ست وتسع سنوات. وهؤلاء الأطفال لا يفعلون بالطبع ذلك طواعية، لا يختارون أن يتورطوا مع رجل عجوز، بل هم مجبرون على فعل ذلك معه، ربما الفقر والأهل من يدفعهم ويجبرهم على إرضاء الحمار.

ما رويته وسأرويه لكم هنا طفا على شاشة تأملاتي خلال جلسة الأمس مع أصدقائي. حدث هذا بعدما روى لنا الشاب أشوريل كيف اختُطفَ ذات مرة من محطة قطار مدينة فرايبورغ الألمانية، اختُطفَ بإرادته من قبل محامي ألماني محترم الهيئة.

كان الألماني رودولف موسهامر مصمم أزياء في مدينة ميونيخ وكانت تربطه علاقة قوية وغريبة الأطوار مع أمه. كان غنياً ولم يكن لديه إمرأة ولا أولاد.

اعتاد رودولف على تناول طعام العشاء في المطاعم الفاخرة أو في مطعمه الخاص. بعد ذلك يصعد إلى سيارته من طراز رولز رويس، يتجول بها حول محطة القطارات الضخمة أو بالقرب من منازل طالبي اللجوء ليجد من يقدّم له خدمات جنسية مقابل المال، كانت كراته المستهدفة، ضحاياه، تنتمي إلى شريحة الشباب الأجانب من عمر الزهور، من أولئك الذين هربوا من بلدانهم طلباً للمال والنساء والأمان. وإذا ما واجهته صعوبات في الوصول إلى هدفه كان رودولف يلجأ عندئذ إلى القوادين المعروفين في المدينة لتأمين طلبه من وجبات السعادة.

واستمر على فعلته هذه في دفع المال للشباب مقابل ممارسة الجنس معه إلى أن التقى ذات مساء بالشاب العراقي الكردي عبد الله. كان رودولف حينها قد تجاوز الستين من عمره.

في ذلك المساء، في منزل رودولف الفاهر، اختلف عبد الله معه على الأجرة المستحقة لقاء الخدمة الجنسية. لم يكن رودولف راضياً على ما يبدو فرفض إعطاء عبد الله الأجر المتفق عليه بقيمة ألفي يورو، وأراد طرده مهدداً إياه بالشرطة. وفي لمح البصر تناول عبد الله كابل الهاتف من على الطاولة، لف به عنق الأمير رودولف وظل يخنقه إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة.

كان الشاب عبد الله في تلك الأيام قد تقدّم بطلب لجوء وحصل على تصريح إقامة ساري المفعول، كان يعمل في أحد المطاعم الرخيصة، كان مثقلاً بالديون ومدمناً على آلات القمار، كان ضيفاً مناوباً في غرف ألعاب القمار الموزعة حول محطة القطار. كثيراً ما كان يشتكي من ظلم الحياة له ومن أنه لا يملك إلا القليل من المال بينما الآخرون أثرياء للغاية ويمتلكون المنازل والمحلات والسيارات الباهظة.

وهذا ما حصل تقريباً مع صديقي أشوريل في مدينة فرايبورغ!

كان المحامي الألماني لوكاس شميد قد ضاق ذرعاً بتصرفات النساء اللواتي وقع بحبهن، فتحول بميوله الجنسية والعاطفية، بالأحرى وسّع دائرة توجهاته الجنسية وصار مزدوج الميول الجنسي، لكنه بات مع الأيام يفضل جنسياً الذكور على الإناث. فيما بعد اكتشف لوكاس أن ميوله العاطفية الجديدة لم تكن وليدة المصادفة ولا نتيجة معاناته مع النساء وردة فعله الانتقامية على سلوكهن معه، بل كانت مخزّنة في داخله منذ بدء مشاعره بالتبلور لكنه لم يجرؤ على الإفصاح عنها إلا متأخراً.

بدأ باكتشاف ميوله للجنس نفسه في وقت مبكر من مراهقته. حدث هذا يوم دخل رجل غريب لزيارة أمه التي كانت قد انفصلت عن أبيه بعد سنوات قليلة من ولادة لوكاس. في ذلك النهار جلس لوكاس مع أمه وصديقها الجديد. حين دخلت أمه المطبخ لإعداد القهوة تبادل صديق أمه نظرات نارية معه، شعر لوكاس بنار حقيقية تسري في شرايينه، الشيء الذي دفعه للحملقة إلى الزاوية السرية الكائنة بين فخذي الضيف. وقبل عودة الأم من المطبخ استطاع الرجل بحنكة الاتفاق على موعد مع لوكاس في الصالة الرياضية التي يشرف عليها.

في مساء ذلك اليوم لم يتمكن لوكاس من النوم مطمئناً، هرب من غرفته متوجهاً إلى غرفة أمه وعشيقها وراح يتلصلص عليهما مستمتعاً بآهات أمه متماهياً بجسدها وآن لمح عضو عشيقها المنتفخ تبلل كلسونه بسائل لزج دون إرادته.

بعد سنوات على تلك الحادثة توفيت أمه بمرض السرطان وورث عنها الكثير من المال والعقارات. كان حينها ما يزال طالباً في كلية الحقوق. استطاع بماله إغواء إحدى زميلاته وعرض عليها الزواج، فوافقت المرأة على الفور. لكنهما لم يتزوجا ولم تدم علاقتهما طويلاً. فقد أخذ يكتشف استغلالها وخياناتها له يوماً بعد يوم.

الخيانة الأولى التي اكتشفها وعذبته طويلاً كانت خيانتها له بلغة العيون. حدث الأمر في عيد ميلاده، يومها دعا إلى بيته كل الأصدقاء من طرفها وطرفه. وهم يحتسون الخمر ويتسامرون جالسين على مخدات ووسائد موزعة في أرجاء غرفة الجلوس الكبيرة رأى صديقته الجالسة بين فخذيه والآخذة من ركبتيه مُتّكأً لساعديها، رآها في المرآة المقابلة دون أن تراه هي، رآها تتبادل نظرات نارية مع أحد أصدقائه المقربين ذكّرته بالنظرات القديمة التي تبادلها مع عشيق أمه.

وفي مرة لاحقة كان قد قبل دعوة أصدقائهما المشتركين لقضاء احتفال رأس السنة في أحد الأكواخ المنتشرة في الغابة السوداء، سافر إليهم بصحبتها وهناك اكتشف خيانتها له بلغة الأصابع.

على بعد أكثر من خمس كيلومترات من الكوخ الذي يقصدانه تعطلت سيارة لوكاس، بدت صديقته عصبية نوعاً ما ودون أن تستشيره اتصلت بصديق لهما يقضي عادة كل تحركاته ومشاويره مستعملاً موتوره الجبلي وطلبت منه المجيء فوراً لإنقاذهما من الثلج المتراكم وإيصالهما إلى الكوخ. في تلك الساعة رأى لوكاس الحبور والطمأنينة في عيني حبيبته وكيف صعدت على الموتور بشغف وكيف أخذت مكانها خلف صديقهما واحتضنته بقوة وكأنه سندها وعشيقها. بينما وقف لوكاس منتظراً عودة الموتور وسائقه ليقلَّه إلى الكوخ.

وفي مناسبة عيد ميلادها وبسبب شغفها وولعها برياضة الهبوط بالمظلات أهداها لوكاس رحلة مدفوعة التكاليف لمدة ثلاثة أيام يقضيانها في أوتيل ريفي في أحد السهوب المخصصة لرياضات المغامرة وألعاب الهواء الممتعة الخطيرة التي تتطلب من الشخص الممارس جرأة كبيرة وشجاعة عالية.

هناك يعمل محترفوا القفز من المظلات على تدريب القادمين لهذا الغرض أو حمل الراغبين منهم والقفز بهم ومعهم من علو أكثر من 10.000 متراً. في الموعد المحدّد رفضت صديقة لوكاس القفز المظلي الترادفي برفقة إمراة وانتابتها حالة هلع شديدة ولم تقبل إلا القفز بحماية رجل، فكان لها ما أرادت. سلّمت نفسها للرجل القوي وشعرت بالاسترخاء معه، بينما شعر لوكاس بالغيرة تنهشه وبكرهه لصديقته خاصة حالما راقبها في الجوّ ولمح فيها صورة العصفورة المنتشية المحتمية بجناحي نسر يركبها.

حين تعرّف أشوريل على المحامي لوكاس مصادفة لم يكن قد بلغ من العمر أكثر من ستة عشر عاماً وكان قد مضى على تواجده في ألمانيا حوالي أربعة أعوام. كان أشوريل يعمل أيامها بالأسود مع شخص ألماني اسمه مانفريد لديه ورشة صغيرة لفحص واختبار وتبديل أجهزة إطفاء الحرائق في الأبنية الخاصة والعامة. ولأن لمطافئ الحريق عمر حياتي طويل يصل إلى حوالي عشرين عاماً، لذا طلب صاحب الورشة من أشوريل الذي تعرّف إليه في إحدى الخمارات أن يقوم بتخريب مطافئ الحريق في بعض الأبنية التي يحددها له مقابل أجر مادي مغر.

عمل أشوريل مع مانفريد لعدة أشهر وسهر معه في الخمارة عدة مرات وشم معه خطوط كوكايين كثيرة، فعل ذلك كله دون أن يعلم أن صاحب الورشة يعمل في الليل قواداً عند الرجال الأغنياء من أصحاب التوجهات الجنسية غير المعتادة.

في إحدى المرات حصل ما لم يفكر أشوريل به أبداً. دعاه مانفريد للقاء خاص في مقهى أوتيل المدينة لتوقيع عقد عمل نظامي مع رجل قانون غني طالما بحث عن شاب يافع لديه القدرة على تحمل مسؤولية الاهتمام بشؤون منزله الكبير المحاط بحديقة وسور عال. لم يكن هذا الرجل سوى المحامي لوكاس شميد.

بعد يومين من بدء أشوريل عمله عثرت الشرطة على جثة المحامي عارياً في غرفة الساونا في الطابق تحت أرضي من منزله.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية شلعوط
- لغز الحقيبة البنية
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -26-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -25-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -24-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -23-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -22-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -21-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -20-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -19-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -18-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -17-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -16-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -15-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -14-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -13-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -12-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -11-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -10-
- شفرات حلاقة صالحة للتدوير -9-


المزيد.....




- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - كشك الأفاعي