أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - المسرح الآن، أكثر من أي وقت مضى.. بمناسبة يوم المسرح العالمي















المزيد.....

المسرح الآن، أكثر من أي وقت مضى.. بمناسبة يوم المسرح العالمي


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 6851 - 2021 / 3 / 27 - 05:29
المحور: الادب والفن
    


الإغلاق. تلك هي الكلمة الصادمة التي سادت عام 2020، عام الجائحة، في كل مكان. ولكن في قطاع المسرح، لم تكن كلمة "إغلاق" تعني مدلولها الصحي المجتمعي الحكومي العالمي فحسب، بل كانت تعني بكل بساطة إغلاق أبواب المسارح وطرد المتفرجين خارجها. ونظرا لبروتوكولات التباعد الاجتماعي التي تحظر التجمعات البشرية، استجاب صانعو المسرح بشكل خلاق لجائحة كورونا التي اجتاحت العالم، من خلال التحول إلى أنماط الأداء عبر الإنترنت والرقمنة وتدفق الوسائط التي تستخدم الراديو والهاتف. إنها خطوة شجاعة للانتقال عبر الإنترنت بالكامل، مع مشاركات Zoom، وترانسميديا، والأفلام الوثائقية للعروض السابقة، والدراما الصوتية، ولقطات العرض المسجلة مسبقًا، ودمج المسرح والرقص والفنون الرقمية الإبداعية، قد تفتح فهمًا أوسع لما يمكن أن يكون عليه المسرح بعد كورونا.
لقد تطلب هذا التغيير في كيفية أداء المسرح إعادة النظر في الأفكار القديمة حول ما يعنيه أن تكون عضوًا في جمهور المسرح وفاعلا في زمرة صانعيه: كيف تغير الوصول إلى المسرح؟ ما الآداب المتوقعة؟ كيف تغيرت أفكار الخصوصية والألفة، القرب والبعد، الحضور والغياب؟
تشير مقالة حديثة نشرت في صحيفة نيويورك تايمز إلى أن الانفجار الحالي للمسرح الرقمي هو مجرد وسيلة للاحتفاظ بالمكان القديم قبل أن نتمكن من العودة إلى المسرح الحقيقي. لكن هذا يتجاهل الاستجابات الإبداعية لفناني المسرح الذين أظهروا أن المسرح ليس مرتبطًا بشكل واضح بصالات العرض المسرحي. فوجود مبنى عام لارتياد المسرحيات المعروضة ليس ضروريا للأداء المسرحي ولا لانوجاد الفرجة وجمهورها. في الواقع، كان العديد من الفنانين ينشئون أعمالًا مبتكرة عبر الإنترنت قبل فترة طويلة من انتشار الوباء، هنا وهناك عبر أنحاء العالم. ومع تفكير المسارح في العودة إلى المساحات المادية، يجدر النظر في كيفية تأثير التحول الرقمي على أعراف وسنن المشاهدة ودراسة التوقعات بخصوص ذلك في المستقبل. إن الأفكار المعاد التفاوض بشأنها وإعادة تصورها حول الوصول، والمجتمع، والتفاعل، الناتجة عن أحكام الضرورة، هي فرصة لإعادة التفكير في المسرح. لا ينبغي أبدا تجاهل ما حصل وتداعياته حتى ولو كانت قريبة العهد، عند العودة إلى الحياة والأماكن العامة، ومزاولة الأنشطة كما السابق. ومع ذلك، فإن الحاجة إلى التواصل، والانخراط في أنماط جسدية من الاهتمام وتجربة أنماط مجتمعية في مساحة مشتركة لا تزال قائمة. بالنظر إلى أننا لا نعرف متى سيصبح الفيروس مرضًا يمكن التحكم فيه، أو ما إذا كان بإمكاننا توقع أوبئة مماثلة في حياتنا، فلا يمكن أن يستمر مفهومنا للعرض المسرحي كما كان قبل COVID-19. لذلك وجب على رجال المسرح ونسائه التفكير في حلول سريعة ومنطقية وممكنة التطبيق ضمن الحدود المتاحة لكل عائلة مسرحية حسب ظروفها المعاشة، وتحت ضغط قوانين السلط المهيمنة.
من هنا أرى، ومن زاويتي، إن ما يمكن عمله دون كلف عالية ودون شطط في توخي تكنولوجيا حديثة وأجهزة قد لا يمتلكها جلنا أو بعضنا، لبعض الوقت أو لكله، يتمثل في ما يلي:
_ على المؤلف المسرحي من الآن أن يراعي عدد الممثلين على الخشبة ومسافات الأمان فيما بينهم والتقليل جهد الإمكان من التقارب الجسدي.
_ على المخرج المسرحي الالتجاء الى جلسات الاستماع والتداول مع الممثلين والتقنيين عبر وسائط الإنترنت أو الهاتف او الراديو، وأن يعتمد التمارين وتدريب الممثلين بشكل تواصلي خطي مع كل عنصر على حدة باستعمال تقنية السكايب مثلا.
_ على الممثل المسرحي أن يفكر في سلامته الصحية ويدرس جيدا وضعه على خشبة المسرح والمسافات التي ستفصله عن باقي الممثلين والحركات التي سيؤديها، أو حتى ربما الأقنعة الصحية التي سيرتديها خلال تقديم العرض أمام جمهور خضع أساسا للبروتوكول الصحي، فلقد بدأت بعض عواصم المسرح في العالم تفكر في أقنعة خاصة للممثلين كحل مفترض لقادم الأيام.
_ على المنتج المسرحي أن يوفر عنصر تنسيق أو أكثر للربط المحكم ما بين فريق الإخراج وفريق التمثيل باستعمال الوسائط الرقمية الحديثة، وتقرير ما إذا كان العرض النهائي سيتم في مكان حقيقي كعرض متكامل، أم سيتم تسجيله وحفظه وبالتالي بثه على منصات رقمية معتمدة للغرض مثل يوتيوب وغيره.
إذن، ماذا يحمل لنا المستقبل؟
يمكن أن يصبح التسجيل الذاتي هو المعيار في الاختبارات والكاستينغات، ويمكن أن يميل التدريب والبروفات نحو تفاعل المجموعات الصغيرة والكتل الأصغر. يمكن للمسرح التشاركي أن يغير شكله لتأدية العروض عبر ترانسميديا أي تدفق الوسائط وتقنية زووم كأدوات تشاركية. يمكن تطوير التقنيات التي تناسب لغة المسرح بشكل أفضل لتعزيز تجربة مشاهدة المحتوى المسجل مسبقًا. ويمكن أن تصبح التقنيات التي تمكّن من مشاركة فناني الأداء المتزامن في الواقع المختلط وعروض الواقع المعزز، متاحة بسهولة عبر الإنترنت. قد تتحسن تقنية القناع الكوروني، أي الماسك الطبي، للسماح للفنانين بمزيد من التعبير الصوتي واستجلاء الفروق الدقيقة، بينما يمكن أن تصبح تقنية معدات الحماية الشخصية أكثر تعقيدًا لتصبح جزءًا لا يتجزأ من تصميم الأزياء وتسمح بالتقارب ما بين الممثلين. ربما سيتم إعادة تصور هندسة المسرح للسماح بالجلوس حسب الطلب، مع مراعاة البرتوكولات الصحية.
في الأشهر الأولى للجائحة، عندما عرض المسرح الوطني في لندن، بطريقة البث الرقمي، مسرحية خادم سيدين من تأليف كارلو غولدوني، وهو مؤلف من القرن الثامن عشر، بلغ عدد المشاهدين المذهل قرابة المليونين ونصف مليون مشاهد على مدار أسبوع واحد فقط. وطبعا هذا لا يقارن أبدا بسعة الجلوس في مبنى مسرح عادي، مما لا يمكن أن يحلم به أي منتج مسرحي على الإطلاق. وتستشهد الباحثة المختصة في شكسبير، إيرين سوليفان، بتقرير مجلس الفنون في المملكة المتحدة المعنون "من الحياة إلى الرقمنة" للإشارة إلى إمكانات الأداء المتدفق عبر الإنترنت لزيادة وصول الجمهور إلى المسرح: "يبدو أن البث الرقمي يجذب أعضاء أصغر سناً وأقل ثراءً وأكثر تنوعًا عرقيًا من السكان". هذا الوصول المتزايد مهم بشكل خاص في ضوء الوعي المتزايد بعدم إمكانية الوصول إلى المسرح على نطاق أوسع. فقد تم إحراز بعض التقدم للترحيب بشكل أفضل بأعضاء الجمهور من ذوي الاحتياجات الخاصة، لكن القضايا المنهجية المتعلقة بالعنصرية والطبقية والقدرة على المنافسة تستمر في استبعاد العديد من المتفرجين المحتملين.
وفي هذا السياق، سياق رقمنة الموجود المسرحي وبثه عبر الإنترنت، قام مستخدمو تطبيق التواصل الاجتماعي Tik-Tok في أواخر 2020 بالتعهد الجماعي لإنشاء مسرحية موسيقية على أساس فيلم ديزني الشهير "راتاتووي" الذي انتج عام 2007. فقام أحد مستخدمي تيك توك بإنشاء أغنية كوميدية قصيرة تكريماً لريمي، الشخصية الرئيسية في الفيلم، قام المستخدمون بعد ذلك بإعادة مزج مقاطع الفيديو وإضافتها إلى بعضها البعض لتصور موسيقى كاملة، بما في ذلك التصميم الرائع وتصميم الرقصات والمزيد من الأغاني. تم بث عرض تقديمي افتراضي للحفل، من إنتاج Seaview Productions، لمدة 72 ساعة على TodayTix بدءًا من يناير 2021 لصالح The Actors Fund. جمع الحفل ما يقارب المليون دولار لصالح صندوق إعانة الممثلين الذين فقدوا أعمالهم خلال الجائحة.
ملحوظة أخيرة مهمة بخصوص الماسك الطبي أو القناع الكوروني، وعلاقته بفناني الأداء، والمسرحيين من ضمنهم بطبيعة الحال، تندرج تحت ما بات يصطلح عليه الآن في أوروبا "معدات الحماية الشخصية". فلأجل السماح لفناني الأداء بالعودة للأداء العام مرة أخرى أثناء الوباء، بدأت مجموعة متنوعة من المنظمات في تطوير وتسويق معدات الحماية الشخصية المتخصصة. وهكذا تم صنع مجموعة متنوعة من الأقنعة المتخصصة للمغنين أولا. إذ يمكن شفط أقنعة القماش التقليدية في الفم أثناء الأداء وإخماد أصوات فناني الأداء، لذلك تحتوي أقنعة المغنين الجديدة على بنية سطحية وداخلية توفر مساحة مترجرجة مع إبقاء القماش بعيدًا عن الوجه. كما تم إنتاج أقنعة أخرى لموسيقيي آلات النفخ النحاسية بما في ذلك مكونات لتغطية أجراس الآلات حسب الحاجة. وابتكرت العديد من مدارس الموسيقى ومعاهدها بروتوكولات تتعلق باستخدام معدات الحماية الشخصية كجزء من عودتهم إلى الحرم الجامعي.
أخيرا،
نحن كثيرًا ما نسمع أننا نعيش في عالم "ما بعد الحقيقة". وفي جميع أنحاء العالم، يراهن السياسيون عديمو الضمير والانتهازيون الفاسدون، على شعور الناس بالارتباك أو الإحباط لدرجة أنهم يغلقون أعينهم عن الظلم والقسوة والفقر، ويقدمون المسرح، عبر قرارات غلقه، قربانا على مذبح الواقع بحجة المرض والجائحة. لكننا اليوم نحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى تنوع الأصوات وتنوع الألوان وتنوع الرؤى وتنوع الأفكار. إننا نحتاج الى المسرح. العرض مستمر رغم كل شيء.



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سنتان وثمانية أشهر وثمانية وعشرون ليلة: ألف ليلة وليلة كما ي ...
- سلمان رشدي متحدثا عن الشعر والقصة القصيرة والخيال..
- الثدي المقطوع: فارس اللامعقول يترجل..
- نجيب عياد: نحو هوية عربية للسينما..
- رواية ما بعد الحداثة وتكنيك المرايا المتقابلة: -المرآة والقط ...
- في بنية التفهم الأدبي: الأدب والقراءة والتأويل..
- الغموض بوصفه ظاهرة شعرية
- الخيال والعالم: تداخل النص والمعنى في شعر والاس ستيفنز
- الشاعر وتراثه
- سوق الشيوخ
- بنية اللغة الشعرية: سبع ملاحظات على أطروحة جان كوهين..
- كيف نظر فْريدْ هَاليدايْ للعربِ والمسلمين
- طريق داخل حسن
- لا تكنْ متفاخراً يا موتُ-قصيدة جون دون- ترجمة حكمت الحاج
- الشّعرُ عِلْمَاً..
- الشاعر وقناع الأناقة
- تمييزات، ديون، استجابات.. حول التلقي والتأويل
- والاس ستيفنز: الوضوح الخادع..
- مدخل إلى التحليل البنيوي للنصوص
- جَهنَّمُ..


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - المسرح الآن، أكثر من أي وقت مضى.. بمناسبة يوم المسرح العالمي