أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - في بنية التفهم الأدبي: الأدب والقراءة والتأويل..















المزيد.....

في بنية التفهم الأدبي: الأدب والقراءة والتأويل..


حكمت الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 6802 - 2021 / 1 / 31 - 18:53
المحور: الادب والفن
    


__________________________
ما الأدب؟
كيف يستجيب القارئ لعملٍ أدبيٍّ ما، وكيف يبدأ في تقييمه؟ يحاول كتاب "بنية التفهم الأدبي" الصادر في جزئين عن مطبوعات جامعة كامبريدج عام 1978 والذي صدرت طبعته الالكترونية عام 2013، الإجابة على هذه الأسئلة الرئيسية، والأسئلة الفرعية ذات الصلة.
في الفصول الثلاثة الأولى من الكتاب، يدحض المؤلف النظريات الراسخة القائلة بأن "الأدب" له لغة خاصة به، ويقدم نظرة ثاقبة حول مفهوم "الحقيقة الأدبية" وكيف أن العاطفة هي ركيزته الأساسية. في الفصول المتبقية، يبني المؤلف ويوضح بشكل كامل النظرية القائلة بأن فهم العمل الأدبي يأتي عبر مرحلتين متكاملتين: أولاها، الأحكام حول النوايا الجمالية للمؤلف (التفسير)؛ وثانيها: تقدير المواصفات الجمالية للعمل (التقييم).
ولكن، ما هو الأدب؟
إن فهم الأدب لا يعني بالضرورة القابلية على التنظير للأدب، كذلك فإن القدرة على التنظير الأدبي لا تعني بالضرورة وجود "فهم" للأدب يتماشى مع التنظير له.
إن نظريات الأدب هي دائما صنفان: نظريات ينصب اهتمامها على "الفعل"، ونظريات ينصب اهتمامها على "الموضوع".
هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، فإننا نستطيع أن نصنف نظريات الأدب بالاستناد إلى المقولتين الفلسفيتين، معرفة الكيف، ومعرفة الأين، إلى نظريات تحديدية [من الحد] ونظريات امتدادية [عبر الزمن] وستكون لدينا في المحصلة ثلاثة أنماط من النظريات وهي:
1) الأدب يستعمل لغة خاصة أو يستعمل اللغة بطريقة خاصة تجعله مختلفا عن أنواع الكتابة الأخرى.
2) الأدب مجاله الحقيقي هو الانفعالات والانطباعات والقابلية على التأثير. والحقائق التي تكتنفه ليست الا حقائق نسبية.
3) الأدب بوصفه أحد مصادر المعلومات أي أحد مصادر المعرفة الإنسانية.

فهل نستطيع بالاعتماد على منطوق النظريات أعلاه أن نعرف ما هو الأدب؟
فيما يخص الفقرة الأولى، فإن بعض "الأدب" قد يستخدم لغة غامضة أو متكلفة دلاليا. لكن أشكال الخطابات الأخرى قد تستخدم لغة كهذه، وإن لغة مثل هذه اللغة لا تصنع أدبا إلا إذا كانت لها أهمية أو لها وظيفة محدّدة. وبالنسبة للفقرة الثانية فإن العمل الأدبي قد يولـّد الانفعالات إلاّ أنّ هذه هي حقيقة طارئة ولا نستطيع ربطها منطقيا بالعمل الأدبي ذاته. كذلك فإنّ العمل الأدبي، الفقرة الثالثة أعلاه، يمكن اعتباره مصدرا مزودا للمعلومات إلاّ أنّنا في اللحظة التي "نقاربه" فيها على هذا الأساس لا تكون قراءتنا له أدبية.
فما هو الأدب إذن؟
بهذا الشكل من الحجاج والاختصام النقديين يقدم لنا الناقد المعاصر والأستاذ في جامعة كامبريدج "شتاين أولسون" مجمل آرائه في تعريف الأدب ومفهوم القراءة والتأويل. والكاتب في الوقت الذي يقول بشكل حاسم بأنّ مؤسّسة الأدب/ أو الأدب كمؤسّسة/ هي أو هو نتاج "لا تاريخي"، وإنّ على من يريد معرفة ما هو الأدب أن يدرس كتابات النقاد عن الأعمال الأدبية، فإنّه وبنفس اللهجة الحاسمة ومنذ البدء يقرر لنا هذا التعريف: الأدب هو مجموعة من القواعد والتواطؤات الضمنية للقراءة. وما هذا الكتاب الذي بين أيدينا في الحقيقة إلاّ رحلة وعرة في ثنايا وخبايا هذا التعريف الصعب.
يقول "شتاين أولسون" إنّ العمل الأدبي يهدف إلى إنتاج استجابة جمالية، أي أنّ هدف المؤلف/ خالق النص/ سيكون هو "القبول لدى القارئ". ويختلف العمل الأدبي عن أي "نص" آخر وذلك بقدرته على القيام بأداء دور معين وسط مجموعة من القراء. ويحدد هذا الدور بمفاهيم وممارسات ينقدها القراء، ويجب أن تكون هذه المفاهيم والممارسات التي تحدد دور العمل الأدبي في مجموعة من القراء هي موضوع تحليل بالنسبة للمنظر الأدبي. إنّ النص يتكون من مجموعة من الجمل وما يميز موقف القارئ من النص هو رفضه أن يرى النص كجمل متلاحقة متراكمة فوق بعضها البعض فقط. بل أنّ هناك دوما محاولة لفرض أو لخلق نوع من "البنية" على النص المقروء، وذلك بتقسيمه ومن ثم بربط الأجزاء المقسمة في نظام أو صيغة ما ويسمى "أولسن" هذه الأجزاء بـ "القطع" أو "القطعات" إن صحّ التعبير.
إذن، ما يجعلُ من نصٍّ ما، نصا أدبيا هو الحقيقة التالية: إنّ القارئ يبحث دوما عن طريقة لتجزئة النص إلى "قطعات" يستطيع أن يضمنها ويربطها في نظام معين.
ولكن، ما هي هذه القطعة، وما هي القطعات؟
يحدّد "أولسن" للقطعة ميزات أربع:
1) أن لا يكون لها موضوع.
2) أن تكون معبرة عن موقف المتكلم عن موضوعه.
3) أن يكون لها رتبة أو درجة.
4) أن تكون لها مقومات أسلوبية.
هذه، القطعات، ليست لها أهمية تذكر سوى كونها أجزاء في كل. وكل أهميتها تكمن في تراكمها وتراصها فقط، أمّا بالنسبة للأدب فإنّ مبدأ "الوظيفة" يضمن لكل قطعة أهمية خاصة، وعلى الناقد تبيان هذه الأهمية.

شرعية التأويل..
إنّ تأويل المؤلف لعمله الأدبي أمر على غاية من الأهمية، ولكنه ليس بالضرورة التأويل الصحيح، بل أنّه واحد من التأويلات فحسب. وكثيرا ما يكون تأويل النقاد أقرب إلى الجزم والدقة من تأويل المؤلف نفسه.
إنّ أهمّ ما في العملية هو أن يقوم "القارئ" بعد قراءة العمل الأدبي بخلق أرضية أولى، وبعد ذلك ينزل إلى "الباطن" حيث القطعات المختلفة، كما تقدّم في الحديث، وذلك من أجل أن يغني هذه الفرضية. إذ يغير من تفاصيلها ومن ثم يربط (صعودا إلى التعميم والشمول) ببقية أوجه العمل التي سيقوم بشأنها أيضا بنفس العملية، مُتوصِّلاً في النهاية إلى التأويل الأخير.
ويحدّد "شتاين أولسن" مقايسات خاصة تضمن شرعية التأويل يمكن إجمالها في ما يلي:
1) قياس التكملة: ويكون الوصف التأويلي للقطعة كاملا إذا كانت كافة جوانبها المختلفة تسهم في مستوى وصفي أرفع.
2) قياس الصحة: يكون تأويلٌ ما تأويلاً صحيحاً لعملٍ ما، إذا استطاع الناقد أن يـُظهر بأنّ المؤلف سيؤيد، عبر العمل نفسه طبعا، إنّ التأويل هذا، أي تأويل الناقد، هو تأويل المؤلف لعمله، وذلك عبر تعليقات المؤلف أو عبر سُنن أو أعراف أدبية أو غير أدبية متعارف عليها.
3) قياس الشمول: يكون التأويل شاملا أكثر من غيره إذا استطاع أن يجعل أقل كمية ممكنة من النص تقاوم هذا التأويل.
4) قياس التماسك: يكون التأويل أكثر تماسكا من غيره إذا أبقى أقل عدد ممكن من "قطعات" العمل تقاوم هذا التأويل.
5) قياس الثقل: يكون التأويل أكثر ثقلا ورصانة من غيره بالنسبة لقطعة أو لمجموعة من القطعات عندما يؤدي وظائف جمالية أكثر وأكبر، وإذا كان هذا التأويل يحيل فقط لعالم مشترك في مختلف التأويلات.
ونصل هنا إلى الملاحظة المهمة إذ يقول "أولسن" أنّه (عندما يتوفّر لتأويل ما القياس الأول والثاني أي قياس التكملة والصحة فإنّ التأويل سيكون "معقولا"، أما إذا ما توفرت القياسات جميعها فإنّ التأويل سيكون "مقبولا").
في نهاية حجاجه، في محاولة للإجابة على السؤال الرئيسي "لماذا يعتبر الأدب مهمًا؟"، يصف مؤلف كتاب "بنية التفهم الأدبي" الدكتور "شتاين أولسن" الأدب على أنه "مؤسسة"، وبالتالي يصوغ لنا في هذا السياق روابط للأدب مع تيارات الفلسفة المعاصرة التي ترى أن كل عمل بشري في بنيته الفوقية إنما هو عمل منظم ومحدّد من قبل المؤسسات الاجتماعية.



#حكمت_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغموض بوصفه ظاهرة شعرية
- الخيال والعالم: تداخل النص والمعنى في شعر والاس ستيفنز
- الشاعر وتراثه
- سوق الشيوخ
- بنية اللغة الشعرية: سبع ملاحظات على أطروحة جان كوهين..
- كيف نظر فْريدْ هَاليدايْ للعربِ والمسلمين
- طريق داخل حسن
- لا تكنْ متفاخراً يا موتُ-قصيدة جون دون- ترجمة حكمت الحاج
- الشّعرُ عِلْمَاً..
- الشاعر وقناع الأناقة
- تمييزات، ديون، استجابات.. حول التلقي والتأويل
- والاس ستيفنز: الوضوح الخادع..
- مدخل إلى التحليل البنيوي للنصوص
- جَهنَّمُ..
- سـِحْـرٌ بابـلـيٌ أو هوروسكوب..
- وأمطرت ليلة القدر شعرا وكلمات..
- الفكرُ العربي إرهاصاتٍ وأعلاماً..
- الغراب والدودة
- الكلام المستعاد: منعطف وتجاوز وصداقات..
- معجزة من تحت الأرض..


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حكمت الحاج - في بنية التفهم الأدبي: الأدب والقراءة والتأويل..