أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - كامل داود - دراسة في سوسيولوجيا الأسلام /الدكتور علي الوردي















المزيد.....

دراسة في سوسيولوجيا الأسلام /الدكتور علي الوردي


كامل داود
باحث

(رويَ اêيçï المïèçل ئ الكêçè في الïيوçنيé)


الحوار المتمدن-العدد: 6850 - 2021 / 3 / 24 - 12:11
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


دأب الدكتور علي الوردي (1913-1995) ومنذ بواكير منجزه العلمي الكبير و ريادته لعلم الاجتماع العربي ، على التعرض بجرأة ووضوح للإشكاليات الكبرى التي تهيمن على التركيبة الذهنية العربية والكشف عن محددات وخفايا الأنساق السلوكية فيها .
ويبدو ذلك واضحا منذ كتابه الاول "دراسة في سوسيولوجيا الإسلام" وهو رسالته للماجستير التي نالها بدرجة شرف عام 1948من جامعة تكساس في امريكا ولم يأذن بترجمته ونشره باللغة العربية في حياته ، مكتفيا بالقول عندما يُسأَل عنه، إن "أوان ترجمته لم يحن بعد" لذا تأخرت ترجمته حتى عام 2013 بعد رحيل مؤلفة بأكثر من عقدين .
تقدمت الكتاب في طبعته الاولى ، دراسة رصينة عن منهج علي الوردي قدمها "الدكتور حسين الهنداوي" المتخصص بالفلسفة مبينا اجتراح الوردي لمنهج نقدي جدلي خاص به وان كان لجدل " هيجل " ملامح واضحة في ذلك ويرى الهنداوي ان منهج الوردي هو تركيبة فريدة من عناصر شتى معقدة ومتنافرة من الموروث الثقافي العربي، ابن خلدون ( صراع البداوة والحضارة ) ، ( ازدواج الشخصية ) روبرت ماكايفر ، ( التناشز الاجتماعي ) وليم اوغوبرن ، ( علم النفس الاجتماعي ) هربرت ميد والفلسفة الهيجلية وقوانين التناقض ، وفي هذا الجانب ينبه الهنداوي الى ملاحظة مهمة في كتابات الوردي ، وهي ان ضعف الاهتمام الاكاديمي الامريكي بفلسفة كارل ماركس وهيجل حال دون تعمق الوردي بمؤلفاتهما (ص26)
وحينما انتقل الوردي من الفلسفة الى علم الاجتماع ، سحب ابن خلدون وماركس وهيجل ومونتسكيو معه وعكف على البحث في حوادث وظواهر المجتمع العراقي وتدوينها وتحليلها والتي صارت اكثر فأكثر شهرة واثارة للسجالات بسبب روحها المشبعة بمفاهيم الصراع والتطور والحرية( ص45 ) اما حينما يكون الدين ظاهرة اجتماعية فان الغرض من علم اجتماع الدين هو دراسة العلاقات المتبادلة بين الدين والمجتمع واشكال التفاعل التي تحدث بينهما ، وواقع الامر ان هناك نقص في الدراسات الاجتماعية الاسلامية ، بل يرى على الوردي عزوف الدارسين عن محاولة دراسة التفاعل الحاصل بين الدين الاسلامي والمجتمع الذي ازدهر فيه وان الكتاب الذي نشر في انكلترا عام 1931 تحت عنوان ( سوسيولوجيا الاسلام ) لا يختلف كثيرا عن اي كتاب كتب حول الاسلام فهو يتناول النظريات التي تتعلق بمختلف المراحل التي مر بها المجتمع الاسلامي ومحاولة الكشف عن مدى قبول الناس الذين اعتنقوا الاسلام لفكرة انقيادهم له
( ص47 ) وذلك ما يختلف به الوردي موضحا اياه في المقدمة ، فهو يحسب ان الاسلام ظاهرة سياسية دينية فهو يختلف عن المسيحية لأن الاسلام لا يقول (اعط لقيصر ما لقيصر واعط لله ما لله ) بل ان الاسلام يؤمن ان قيصر هو وكيل الله وهما يعملان سوية (ص54)
يضع علي الوردي في صدارة استنتاجاته مفتاح السوسيولوجية الاسلامية بأشارته الى اختلاف المسلمين و منذ ولادة الاسلام بين قراءتين متصارعتين احدهما واقعية والاخرى مثالية و هو ما ما عني به هذا الكتاب (ص49 ) مؤكدا ان هذا الاختلاف قد احتدم خلال العصور الاسلامية المتلاحقة و بشكل جلي.
قد تبدو هيكلية الكتاب غريبة عما اعتدناه من كتب الوردي من حيث التبويب و التقسيم لان الكتاب اصلا رسالة ماجستير اتبع فيها المتطلبات الاكاديمية ، لذا جاء على فصول ستة احتوت عنوان الرسالة، بل حملت الكثير من التنبؤ فيما يتعلق بالطائفية السياسية في وقتنا هذا واستطاعت ان تمنهج التنقيب التاريخي عن جذورها، مشيرة الى أن المذهبين الأسلاميين مرا بأطوار التطور نفسها والتفاعل الاجتماعي نفسه لذلك يتشابهان في الكثير من خصائصهما والاختلاف محصور في زاوية النظر لكل منهما ، السنة يرون الاسلام مشروع سياسي مقدس فتح بقاع العالم ويرى الشيعة ان فتوحات الاسلام ليست مهمة بقدر معاملة الفاتحين لرعاياهم ودرجة اخلاصهم للدين وهو اساس الصراع بين المثالية والواقعية ، ومن الناحية السوسيولوجية يرى الكاتب ان لا يوجد حق مطلق وباطل مطلق لذا احتدم الصراع بين المدرستين وكلاهما يرى ان الآخر قد ابتعد عن الحق و جانَب الصواب ، فقضية الخلافة على سبيل المثال ،قد أثيرت بعد وفاة الرسول وظهر السؤال من الذي سيخلفه في الزعامة الدينية و رئاسة الدولة واصبح هو النقطة الاساسية في الخلاف السني الشيعي، وقد يكون هذا السؤال مشابه للاختلاف بين الديمقراطية ونظرية الحق الالهي ولكن علي الوردي يرى ان الخلاف بين السنة والشيعة هو ليس اختلاف بين الديمقراطية وعقيدة الحق الالهي كما يبدو من اول وهلة بل انه خلاف بين الواقعية والمثالية فقد استخدم السنة الديمقراطية غطاءً لموقفهم الواقعي والدليل ان الخلافة يمكن ان تنال بالقوة والغصب ، وهنا ينتقد الوردي طروحات المستشرق بندلي جوزي في اعتقاده للأصل الفارسي للتشيع والذي ينسى فيه ان اصل الخلاف هو اجتماعي وليس عرقي اذ يقول : ( يميل اي قوم سواء كانوا فرسا او عربا الى فعل الشيء ذاته اذا كانوا تحت الظروف الاجتماعية نفسها التي مر بها الشيعة كجماعة اجتماعية متميزة ) (ص83) و يندرج تحت ذلك القول ان التسنن ميزة عربية بدوية، و واحدة من ثقافات البادية وهنا يؤكد الوردي ملاحظة توينبي بأن البدو وبشكل عام ضمن الحضارات الرتيبة التي ظلت على قيد الحياة ولكنها فشلت في ان تنمو كباقي الحضارات .
ان المذهب عند الوردي لا يزدهر الا في بيئته المناسبة فالبدو لا يتحملون ميول الاذعان المتبلورة في المباني الفكرية والسلوكية الشيعية، فيما نرى ان التشيع يروج في البلدان الزراعية وعلى ذلك كانت الكوفة بلد التشيع ، فقد استوطنها البدريون من الصحابة اما القرشيون ذهبوا الى الشام .
ان الاسلام لم ينشأ اولا كنظام سياسي ديني فقد بدأ دينا محضا في الدعوة المكية وما حدث من تغيير فأنه حدث بعد الهجرة واستطاع جذب نوعين من الناس هما المسحوقين والبدو ، و من الطبيعي ملاحظة التشابه بين المسيحية والاسلام حيث ان الدين كمذهب مثالي يتبناه المضطهدون ضد المؤسسة الدينية الرسمية ولكن عند تحولهم الى كتلة كبيرة يصنعون مؤسسة دينية تضطهد مخالفيها، اي يبدأ الدين مسيرته كحركة ثورية ويصبح تدريجيا مؤسسة رسمية و عندما يلتمس السلطة يبدأ الاستبداد جولته ولا يستثنى من ذلك المسلمون المختلفون مع المؤسسة الاسلامية وهنا يتحول الصراع داخل الاسلام واصوله، صراع الظالم والمظلوم، وفي مقارنة لامحة يكشف الوردي عن تشابه كبير بين الموالي في الامبراطوريات الاسلامية الذين لجأوا الى التشيع كرد فعل ضد مضطهديهم وبين رعايا الامبراطورية الرومانية الذين لجأوا الى الديانة المسيحية (ص137) وينطبق الشيء نفسه على الزنوج في امريكا.
وبقدر تعلق الامر بالشيعة فأنهم لا يملكون وسيلة للانتقام من وحشية وغطرسة مضطهديهم سوى تأسيس بعض المثل العليا الخيالية التي يمكنهم من خلالها ان يشجبوهم (ص 147 ) فالأمام عندهم يختلف عن الخليفة عند السنة لذلك لا يمكن ان يفهم التشيع بدون فهم شخصية الأمام ، و استدل الدكتور الوردي على ذلك بشخصية علي ابن ابي طالب الفريدة ، فهو نواة التشيع وهو لا يفهم الاملاءات ولا الحلول الوسطى ، و مُثل الاسلام هي دليله الوحيد ونبله الرفيع وهمته العالية التي لم يستطع محيطه ان يستوعبها انه يمثل جميع انواع الثورة ضد تلوث المثل العليا ولأن المثالية والرخاء المادي لا يسيران معا فقد خسر علي الدنيا بكل جزئياتها، هذا من جانب القدوة اما من الجانب الاجتماعي فأن الشيعة معروفين بإقامه الاحتفالات الحاشدة و الكبيرة لأحياء ذكرى أئمتهم ، ان ذلك يبدو للمراقب السطحي و كأنهم يفضلون أئمتهم على النبي، و لكنهم يجدون في أئمتهم الذين اضطهدهم الخلفاء رمزا لثورتهم (ص133)
ويرى الوردي في انطباعات السير برسي سايكس عن " التشابيه " مجانبة عن الصواب، فهو يعتَقد بقرب الصلة من اعتقاد الصلب عند المسيح ، و ان هذا المستشرق يجد الشيعة في التشابيه يظهرون الحسين قد قدم نفسه للقتل من اجل ان يطهر نفوسهم من الذنوب وهذا معتقد مسيحي كما لا يخفى .
ان الكتاب في فصوله الستة و التي تحمل عنوانات بالغة الأهمية في التاريخ العربي الاسلامي و هي على التوالي : الخلاف السني الشيعي، قضية الخلافة، طبيعة الإسلام، الصراع داخل الإسلام وأصوله، صراع الظالم والمظلوم، علي ومعضلة الإسلام، و غيرها من الإشكاليات التي ما برحت تحرك محورا للاستقطاب الفكري ومعتركا تنظيريا تمتد تداعياته على مساحة سوسيولوجية واسعة أدرك علي الوردي مبكرا مبانيها بنباهة قادته الى التفرد بين (مفكري العراق الحديث جميعا في مجال علم الاجتماع ، وليس هنالك الى ايامنا من حقق هذا القدر من النجاح حتى شعبيا ) ص17



#كامل_داود (هاشتاغ)       رويَ_اêيçï_المïèçل_ئ_الكêçè_في_الïيوçنيé#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاعران في معطف واحد -- (في الأدب المقارن ) قصيدة المومس العم ...
- الكهانة والنبوة عند العرب
- الليفياثان المصري
- مغالاة في تنميط الشخصية العراقية
- مقاربة الى الاقتتال الاثني
- المحروسة وهندسة الانتفاضة
- البحث عن الدين في العقل الحديث
- سوسيولوجيا العشوائيات
- حفريات في اصول الشريعة الاسلامية
- عالم -امين معلوف- المختل
- الموروث من ثقافة الاحتجاج
- مناهج شَلِّه وأعْبُرْ
- سوسيولوجيا السلطة
- التطرف في النظم الديمقراطية
- مستويان للتطرف الديني
- قراءة في :(ثلاثية الحلم القرمطي ) د.محي الدين اللاذقاني- مكت ...
- مناهج التعليم وإعاقة النهضة
- الإضحاك .... ذلك الفن المضني
- تِيه الرأسمالية في العراق
- تجليات الطبقة الوسطى


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي
- دستور العراق / محمد سلمان حسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - كامل داود - دراسة في سوسيولوجيا الأسلام /الدكتور علي الوردي