أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقية عروق منصور - ابن الحارة الذي اصبح مخرجا سينمائيا في هوليود














المزيد.....

ابن الحارة الذي اصبح مخرجا سينمائيا في هوليود


شوقية عروق منصور

الحوار المتمدن-العدد: 6846 - 2021 / 3 / 20 - 18:33
المحور: الادب والفن
    


هاني أبو أسعد أبن أم هاني .. الجارة الهادئة ذات الصوت الرفيع الوقور .. ابن العائلة الكبيرة التي كانت تطوي بيوتها على أطفال ، وتلف تواجدها بالالتصاق بين بعضهم البعض ، وبيوتهم تدل على مشاعرهم المتماسكة وحاضرهم الجالس فوق عتبات الغد.
هاني أبو أسعد ابن حي الميدان أو حارة الشاعر مطلق عبد الخالق – الشاعر الذي ما زال ينتظر لافتة تحمل اسمه ، تدل على روحه الهائمة التي تطوف في الحي ، حيث هناك اهمال متعاقب من قبل بلدية الناصرة للحي القديم .
وحين تغلي الذكريات فوق نار الزمن ، يطل الصبي هاني الذي يحاول خلق لعبة يشترك فيها مع صبيان الحارة ، تكون اللمة والأصوات والصراخ المنشور على حبال البراءة والضجيج الذي يسحب الهدوء ، عندها تطل الجارة أم سليمان ملوحة بظلال عصاة كانت يوماً غصناً نضراً في شجرة رمان ، يهرب الأولاد ولكنهم سرعان ما يعودون الى الساحة ، فيطل الجار " ابو سمير " من النافذة وهو في حالة نعاس وتذمر يوحي بانكسار بلور نومه – نومة الظهيرة طقس من طقوسه اليومية الروتينية – ويبدأ بلعن الاولاد وعائلاتهم ويهددهم بالضرب وسلخ الجلد .. وينفرط عقد الأولاد هاربين من غضبه .. ثم بعد ساعات يرجعون الى الساحة والحذر يتصاعد من همهماتهم وخطواتهم ويطمئنون عندما يرون " ابو سمير " يرتشف القهوة على شرفة منزله .. فقد زال الخطر فلن ينفذ تهديده ووعيده ، ويعود الضجيج مختبئاً في لعبة الغميضة أو في لعبة كرة القدم او من خلال شجار بين بعضهم البعض حول سرقة البنانير ومن فاز ومن قام بالغش .
وميض يضيء الذاكرة العميقة ودورة السنوات تدخن لفافة تبغ على مفترق العمر الضيق ، ووجه الصبي هاني غرق في نهر الغياب والبعد ولم يعد لخيال الطفولة سوى صدى يحصي الايام وبعض آثار في الحارة نجت من بين اصابع البناء والهدم ، وبقي جزء من الساحة التي كانوا يلعبون فوقها حتى اليوم ، حيث يلعب اولادهم الآن على الجزء المتبقي من الساحة .
تفرق أبناء الحارة و ترسبت طبقات الوجوه ، كل واحد حمل قنديله وسار في دربه ، ولم أتوقع ان يحمل هاني قنديل الاخراج السينمائي ، أو المهنة غير المتوقعة ، ولكن دائماً الصغار يفاجئوننا .. يمنحوننا عبق الدهشة التي تتوضأ بابتسامة الغرابة ولا نصدق ان هؤلاء الاطفال اصبحوا كباراً يحركون خارطة الوجود .
أضاءت الرحلة الفسفورية الاخراجية لهاني أبو أسعد السينما الفلسطينية ، فكانت أفلام ( عرس رنا 2002 ) و ( يا طير الطاير 2015) و ( عمر 2013) ويبقى فلم ( الجنة الآن 2005 ) رقماً صعباً في أهمية رسالة الشاشة السينمائية ، حين عالج من خلال القضية الفلسطينية ظاهرة الاستشهاد ، ففي فلم ( الجنة الآن ) حلق المخرج هاني أبو أسعد بأجنحته وتأمل جسداً وذاكرة وموقفاً فلسطينياً ، ونصب فخاً لمرحلة هامة سقطت في ابجدية التساؤل وما زالت تفجر عذوبة ودماً ، حيث كان الواقع الفلسطيني يتململ وانقسم الشعب الفلسطيني بين مؤيد ومعارض للعمليات الاستشهادية.
من خلال قصة شابين فلسطينيين يستعدان لأن يتحولا الى قنبلتين بشريتين كانت الأحداث تتوالى وتركز على حالة اليأس التي أصابت جيل الشباب ، ومن هنا كان المخرج من خلال الاحداث يفجر السؤال المحير الذي يخلع الانسانية من جذورها ، كيف يتحول شاب مليء بالحيوية الى قنبلة موقوتة ؟ الدوافع و الأسباب ؟
مهما اختلفت العناوين تبقى النتيجة واحدة شباب يذهبون بإرادتهما الى الموت ، يحملان المتفجرات ، وفي اللحظة الحاسمة يكون القرار النهائي التردد والتراجع .
لقد وضع المخرج هاني أبو أسعد أصبعه من خلال كتابة واخراج قصة فلم ( الجنة الآن ) على الجرح النازف وعلى التساؤل المر والصعب ، وصور حالة اللحظة الحاسمة المعلقة بين الحياة والموت وحين يسألان الشابين ماذا سيحدث بعد العملية التفجيرية تكون الاجابة ( سيأتي اثنان من الملائكة ويأخذونكما الى الجنة ) !!
ولا ننسى أن هاني أبو أسعد فتح ملف العمليات الاستشهادية الفلسطينية بجرأة وأكد أن القضية الفلسطينية حاضرة بوجدانه ومنحها حقلاً خاصاً وقيمة انسانية عليا ومرر رسالته التي تقول ( الذي لا يخشى ظلمة القبر لا يخاف شيئاً ) حسب قول احد الفلاسفة.
المفاجأة كانت اقتحام هاني أبو اسعد هوليوود معقل الفن وقلعة صناعة السينما فكان أول عربي يخرج فلماً أمريكيا من انتاج شركة " فوكس للقرن العشرين " أكبر شركات الإنتاج والتوزيع في العالم ، بعنوان ( الجبل بيننا ) من بطولة البريطانيين "كيت وينسلت " بطلة فلم تيتانك و " ادريس البا " الذي نال جائزة أحسن ممثل عن دوره في فلم "مانديلا " حيث جسد شخصية الزعيم الافريقي نلسون مانديلا .
نجاح المخرج هاني أبو أسعد في الوصول الى هوليوود واخراجه فلماً يصنف في خانة الصعوبة ، فقد تم تصويره بين الثلوج ، لأن قصة الفلم تحكي عن طائرة تسقط فوق منطقة جبلية مغطاة بالثلوج ، يموت الجميع وتبقى البطلة كيت والبطل ادريس على قيد الحياة حيث يتجلى الصراع مع الطبيعة القاسية وشهوة الانسان للحياة ورفض الموت .
أفلام هاني أبو أسعد جميعها تدور حول القضية الفلسطينية ومعاناة المواطن الفلسطيني البسيط ، وقد نجح في رؤيته السينمائية وحصل على جائزة " جولدن غلوب " الكرة الذهبية عن فلم " الجنة الآن " ورشح فلم " عمر " لأوسكار أحسن فلم أجنبي ، وبصماته واضحة على مسيرة السينما الفلسطينية ، لكن الآن في هوليوود سيبتعد عن قضيته ويسجل نجاحه في مجال الهم الإنساني الأكبر .
الوصول الى هوليوود يكسب الوجه الفلسطيني جسراً الى العالم ، فعندما يقف هاني أبو أسعد ملوحاً بالجوائز والعبق الفلسطيني خارجاً من شخصيته ، نلوح نحن بأعلامنا الفلسطينية ونوقع بأصواتنا ان هذا المبدع منا والينا ، وسأضيف أنا انه أبن حارتنا ونشأ وتربى في حي الميدان في الناصرة ، ووجه الطفولي ما زال على مرايا الذاكرة وجدران الحارة .



#شوقية_عروق_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في شهر المرأة .. شهر آذار أنحني تقديساً لأم أحمد جرار
- في شهر آذار من يتذكر يارا وأطوار
- البن والجرح العميق -
- عزت العلايلي في الطريق ايلات
- نبض المكان وحرير الذكريات
- لماذا لاتوجد صبية فلسطينية تكتب مذكراتها مثل آنا فرانك
- البحر لنا والشاطىء لنا
- الأنوثة تباع بالكيلو في الأسواق العربية
- ام كلثوم غني لشوارع التطبيع
- الجماجم ليست للغفران
- زمن فهد الكورونا
- في زمن حسن شاكوش
- الوجه الآخر الذي عرفته وداعاً للنجمة نادية لطفي
- نعمة تعانق جثة القانون واسراء عانق جثة النسيان
- عندما يسرق الأسير الفلسطيني ابنه من وراء القضبان
- نرفع العلم فيموت الأسير
- لا تتزوجوا إلا الجميلات
- يا عنب الخليل كن سماً على المحتل
- القبلة الزجاجية
- استقالة ورقة التوت - قصة قصيرة


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شوقية عروق منصور - ابن الحارة الذي اصبح مخرجا سينمائيا في هوليود