أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - *ظِلٌّ في الزُّقاقِ مُرعِبٌ*














المزيد.....

*ظِلٌّ في الزُّقاقِ مُرعِبٌ*


علي الجنابي
كاتب

(Ali . El-ganabi)


الحوار المتمدن-العدد: 6844 - 2021 / 3 / 18 - 14:42
المحور: الادب والفن
    


حدَّثَنيَ المساءُ..
(جمالُ البيانِ أن يُصَيِّرَ من حَدَثٍ صغيرٍ وذليل، مقطوعةَ نثرٍ مُؤطَّرةً بطيفٍ من تراتيل، وليسَ ضرورةً للحدثِ أن يكون عظيمَ الشأن وفضيل، كي يرتقيَ به القلمُ كمرشدٍ لعبراتهِ ودليل) .
قبلَ نِصفِ قرنٍ من زَمنٍ وأزيدُ على النصف لفيفاً من نكهاتِ حججٍ دوّارةً تحيل ، لعلّهُ كان الزمانُ الأخيرِ لنكهاتِ ذاك الودِّ الأصيل.
وفي العاشرةِ ليلاً، وفي غشاوةِ الأمنِ تحت دفءِ ذلكُمُ الزمن الجميل،
كان الصبيُّ متَّكئاً بظهرهِ الى عمودِ نورٍ في زقاقِ حيِّهِ الطويل.
زقاقٌ ترابيٌّ حالكةٌ ظلمَتُهُ ماخلا قنديلَاً علا عمودَهُ، ثمَّ عموداً آخرَ بعيداً عن عمودِهِ بقليل.
العمودانِ نورُهما ناعسٌ، وكلٌّ يبثُّ بنورٍ منهُ لزقاقِ الحيِّ خجولٍ وضئيل،
لعلّ أتربةَ الزقاق أذهبت بريقَهما، فما أحدهما لنورِهِ بضنينٍ على الزقاقِ ولا بخيل،
بل هما صامدانِ بين أعمدةِ الزقاقِ الثّكلى بقناديلِها، فهذا عمودٌ ضريرٌ وذا عمودٌ آخرٌ مرتجفٌ نورُهُ وعليل،
وذاك عمودٌ مِعوَّجٌ عن صراطِ السلكِ المستقيم، وهناكَ عمودٌ كادَ أن ينتفضَ مُتمرِّدَاً على الصراطِ فيميل.
كانَ بصَرُ الصبيِّ شاخصاً لمجرَّةٍ من برغشٍ وهوامٍ دوّارةٍ في فمِ القنديلِ ،
منهمكةٍ في تفعيلٍ من سرعٍ ومناوراتٍ ولربما هو تسبيحٌ وتهليل.
وكانت نفسُهُ مطمئنَةٌ أنَّ المجرَّةَ لن تتمدَّدَ أفلاكَها فتهبطَ فتسقطَ على يافوخهِ كطيرٍ من أبابيل.
وما كانَ يزعجُهُ إلا رنينَ نقنقةٍ لضفدعٍ واحدٍ غَبيٍّ، أو لعلّه أنينُ عرعرةٍ لصرصورٍ سَبيٍّ.
قعدَ الصبيُّ ساعةً متسائلاً بدهشةٍ وذهولٍ عن تماوجِ مجرَّتِهِ بتسارعٍ عجيبٍ ودوام تعجيل!
وكيفَ تسنى لها أن لا تتناثرَ أو على أقلِّ حسبانٍ أن تستطيل؟
وكيفَ إنعدمَ الصدامُ بين كويكباتها، وذاك أمرٌ خارقٌ، بل يستحيل.
كان الصبيُّ مستغرقاً في تأمّلهِ كإستغراق أهلهِ خلفَ الجدارِ في حديقةِ الدارِ في نومٍ ثقيل.
فجأةً وفي لمحةٍ من بصرٍ ..
أطبقَ على الصبيِّ خطفاً وغلَّفَهُ ظلٌّ حالكٌ مكوَّرٌ مُرعِبٌ وعصيٌّ عن فهمٍ وتأويل.
صَعِقَ الصبيُّ، وتَيَبَّسَ النبضُ فيه، وإنحبسَ في فؤادهِ العويل،
بيدَ أنّ ظلَّ الشؤمَ ذاك غادرَ من فورِهِ رأسَ الصبيِّ دون أذىً أو تنكيل،
إذ كان الظلُّ ظلَّ الحاجِّ مُكوَّرَ الظهرِ جارنا " أبي عقيل"، إذ كان عائداً من مقهى الحيِّ، إثرَ سهرةٍ من سمرٍ ومن أقاويل.
لا تثريبَ على "أبي عقيل" وغفرَ له اللهُ العليُّ الجليل، فبصرُهُ لايرتَدُّ إليهِ كاشفاً له مافي دربِهِ من دخيل،
وما ظنناهُ تَنَبَهَ لأوقيةٍ من لحمٍ متأمِّلةٍ في ليلٍ بسبيل، مُلتَحِفَةٍ دشداشةً سمراء لونُها، لا زُخرفَ فيها ولا تكحيل، ولا لباسَ عورةٍ تحتها قطُّ، فما كان يسمحُ بلباسٍ في طياتها: مصرفُ أبيهِ والتمويل، ولا يقبلُ بنعلٍ يرافقها كخليلٍ وللأناقة تكميل، فالتمويلُ كان كافراً بالتنعيل.
هاهي عقودُ الدهرِ قد مرَّت خاطفةً بلا توقفٍ ولا إنتظارٍ ولا تعطيل..
ما نسيَ الصبيُّ الأوقيةُ اللحمِ المتأمِّلةُ في مجرَّةِ براغشِها ببهجةٍ وتفصيلٍ، في أحضانِ عمودِ النورِ ذاكَ تبتغي التأصيل،
مانسيَ ولن ينسى هولَ الصعقةِ من ظلٍّ غشيَها من ذلكمُ الشيخِ الكهيل، لأنّها لم تصعقَ -حتى هذه اللحظةِ- برعبٍ مثله في حلٍّ حلَّتْ به وفي ترحيل.



#علي_الجنابي (هاشتاغ)       Ali_._El-ganabi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روبةُ عَرَب
- *مِن أبنِ الرافدين لديارِ الحرمين*
- نريدُ إسلام كما يريدُهُ صدام
- شَيّءٌ مِنَ الأُف
- الصمتُ الناطق
- هجاءُ الأخِلّاء
- زفرةٌ معَ أبي العَتاهية
- تَفصيلٌ‮ لرحلَتي‮ حَجٍّ‮ غَيرِ مبرورٍ
- طُرفةُ صَديقتي الخَالة
- * إتيكيتُ ذي السيجارةِ *
- القُدسُ!
- أَفَحقاً يَتَعامَلُ الإلهُ بالآجل؟
- ( رأسُ الشهرةِ : فسحةُ شاشةٍ )
- (نصف سي سي)
- *القصفُ : سَأَلَنِي فطَأطَأتُ بِلا جَوَاب! *
- أفحقّاً يتعاملُ إلهُنا ب (الرِّشوة) !
- *وإذ نحنُ حَولَ مائِدَتِنا قُعودٌ*
- كيلا تَخلُوَ الأكمامُ مِن ثَمَراتِها
- (وَكُلٌّ مُغرَمٌ بِلَيلَاهُ يَاحَمدَانَ)!
- *حقائق الخطى*


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي الجنابي - *ظِلٌّ في الزُّقاقِ مُرعِبٌ*