أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم بن رجيبة - كيف نصنع مجتمعا ثريا؟















المزيد.....

كيف نصنع مجتمعا ثريا؟


حاتم بن رجيبة

الحوار المتمدن-العدد: 6840 - 2021 / 3 / 14 - 17:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما هي الثروة؟ متى تعتبر جماعة ما ثرية؟ هل دول الخليج البترولية غنية؟ هل روسيا بمواردها المرعبة ثرية؟ هل الصين بنسب نموها السنوية الهائلة و مصانعها الأكثر من عدد النحل ثرية؟ كيف تعتبر دولة ما ثرية وكيف تراكم ثروتها و تضاعفها ؟

هناك معايير عديدة لقياس ثروة الجماعات.أقدمها هي الدخل الفردي والإنتاج القومي الخام. لكنها لم تعد كافية ولا تعط توصيفا دقيقا لثراء الفرد. أحسنها هي نسبة الفقر والمقاييس التي تراعي درجة التعلم والرفاه والمحافظة على المحيط و نجاعة النظام الصحي. فحسب مقاييس الثروة الحديثة فإن بلدان أوروبا الغربية وشمال أمريكا وأستراليا واليابان هي أثرى الدول. وأفقرها هي الدول الإفريقية جنوب الصحراء.

فالدول الثرية بالمعنى الحديث والعميق هي من في خزائنها كميات هائلة من المال ومن توزعها بشكل عادل على جميع مواطنيها كما تهتم بإنفاق عال وتصرف ناجع في قطاعات مثل التعليم والصحة والبنية التحتية و مقاومة التلوث كالغازات السامة والضجيج والاسثمار السخي في البحث العلمي.

سأهتم أولا بالسياسات الناجحة لملء خزائن الدولة بالأموال. فبدون موارد لا يكون هناك إنفاق ولا استثمار.

-من المعلوم أن أهم موارد الدولة هي الجباية على الأشخاص والشركات وعائدات المؤسسات العمومية و استثماراتها. فمن مصلحة الدولة حتى تتحصل على مداخيل كبيرة من الجباية أن تكون نسبة التشغيل مرتفعة وعدد المؤسسات الخاصة ضخم وأن تكون المؤسسات العمومية رابحة أو على الأقل غير خاسرة و عائدات الممتلكات العامة كأراضي فلاحية وعقارات مرتفعة.

ترتبط نسبة التشغيل ارتباطا وثيقا بعدد المؤسسات خاصة كانت أو دولية. لذلك وجب على الدولة ممثلة في أحزابها السياسية وخاصة الحاكمة وفي أجهزتها المسيرة أن تسهل عمل هذه المؤسسات وتوفر كل الظروف المساعدة على إنشائها وازدهارها.

- من يريد إنشاء مؤسسة يحتاج إلى عدة ظروف مناسبة وأقل قدر ممكن من العوائق. من العوامل المساعدة على نجاح المؤسسات هي: نسبة التأهيل المرتفعة أي أن يكون المؤسس وبقية الأجراء ذوي تكوين تعليمي ومهني عالي، فوجب على الدولة أن توفر نظاما تعليميا راقيا تكون فيه نسبة الرسوب والإنقطاع المبكر منخفضة أو معدومة ونسبة التكوين الجامعي وتحصيل درجات متقدمة من التعليم والتأهيل المهني مرتفعة. من البديهي أن تضخ الدولة أموالا طائلة وتنتهج أساليب حديثة وناجعة في التلقين والتدريب. فالكثير من الدول الغربية توظف مدرسين في كل قسم وتحدد عددا منخفضا من المتعلمين وتضع برامج خاصة بالمهاجرين وأبنائهم وذوي الإعاقات والإحتياجات الخاصة حتى يندمجوا في سوق التشغيل كما تقدم حصصا للتدارك والدعم مجانيا و تساعد على إعادة الإلتحاق وتحسين الشهائد المدرسية بالمدارس الليلية والدراسة عن بعد...

- يحتاج صاحب المؤسسة إلى عمال بصحة جيدة حتى لا ينقطعوا مبكرا أو يتكرر غيابهم بعد أن استثمر فيهم الأموال الطائلة وتحصلوا على خبرة واسعة. لذلك وجب على الدولة أن توفر نظاما صحيا متطورا يهتم بالوقاية والتثقيف الصحي و يستثمر في البحث الجامعي لتطوير الأدوية وسبل العلاج و تطبق برامج مراقبة صارمة ، فيكون الإنفاق تبعا لذلك كبيرا.

-المستثمر بحاجة إلى مؤسسات مالية مقرضة تمكنه من السيولة المطلوبة ورأس مال كاف بأساليب مرنة وغير مجحفة وشفافة. تقرضه حسب الكفاءة و توقعات المشروع ولا لحسابات الحسب والعلاقات والرشوة والمحاباة. لذلك وجب على الدولة أن تكون قطاعا بنكيا متطورا وتشجع الإدخار بمقاومة العوائق القانونية والعقلية الدينية المتخلفة كرفض الربا لدى المسلمين مثلا ومحاربة استغلال القطاع البنكي والمالي للمضاربة والقمار. كما وجب أن يكون النظام السياسي ديمقراطيا يرتكز على الشفافية والتعددية وعلوية القانون والمراقبة المستمرة ومكافحة الفساد وتركيز أنظمة الحوكمة الرشيدة.

- على الدولة محاربة الإحتكار وتأمين المنافسة الحرة. فليس أسوأ من أن يهزم المستثمر من منافسين غير نزيهين، لا يعتمدون على الكفاءة والنجاعة وانما على طاقات إجرامية كتكوين كارتلات أو أعمال تخريبية ضده أو افتكاك الصفقات بطرق مافياوية مثل التهديد والرشوة واقتصاد الأصهار والإبتزاز... لذلك وجب على الدولة أن تمنع الإحتكار بتأسيس مؤسسات للغرض تكون لها سلطات كبيرة وأجهزة فعالة قوية للزجر والمراقبة: لها أنياب. كما أن يكون جهاز الشرطة والعدل والتشريعات والديوانة عصريا ومتطورا وناجعا لمكافحة الجريمة المنظمة والعصابات مثل عصابات المافيا والقضاء على الفساد و التهريب و الإقتصاد الموازي. فليس من أهم من عنصر المنافسة الحرة النزيهة لتحقيق اقتصاد سوق متطور. وعلى الدولة أن توفره.

-على الدولة أن تحمي الملكية الخاصة فكل التجارب الشيوعية باءت بالفشل الذريع ولم تنجح إلا المجتمعات التي أباحت وأمنت الملكية الخاصة للمتلكات ولوسائل الإنتاج. كما على الدولة أن تحمي الممتلكات الفكرية والعلمية والإبداعية لمواطنيها وتحميها من السرقة والمحاكاة، فهي تندرج ضمن الممتلكات الخاصة. ذلك لأنها تمثل وازعا كبيرا للعمل والخلق والإبتكار والإنتاج.

- على الدولة أن تشجع الخوصصة ما أمكن ذلك ومتى لم تكن ضارة بالمجتمع ومصالح المجموعة. فليس من أصعب من أن تراقب الدولة عمل مؤسساتها فذلك يتطلب بيروقراطية كبيرة تعيق نجاعة المؤسسة. فالخواص أنجع بكثير في تسيير المؤسسات ورفع الإنتاجية وتطوير القدرة التنافسية و جودة المنتوجات والتكيف المرن والسريع مع متطلبات الحرفاء والسوق. على الدولة إذا تشجيع الخوصصة مع المراقبة الضيقة والصارمة لعمل هذه المؤسسات حتى تحترم المعايير الصحية والقانونية والأخلاقية ولا تتعداها حتى تقلص من المصاريف: مثل مقدار الأجور وإجراءات حماية المحيط والعمال ومنع التهرب الضريبي أو الإبتزاز الجنسي أو الهرسلة وما إلى غير ذلك...

-على الدولة أن تسير مؤسساتها والتي يتعذر إيلائها للقطاع الخاص بطرق حديثة تماثل الطرق المتبعة في القطاع الخاص لتكون ذات قدرة تنافسية ونجاعة عالية مثل طرق رفع الإنتاجية ورفع جودة المنتوج والخدمة واحترام مطالب الزبائن وتقليل التكلفة...

- يجب تشريك العمال في تسيير المؤسسة في كل القطاعات والمؤسسات العامة والخاصة. لأن العمال هم شركاء للمستثمر وليسوا أجراء فقط. الأجير هو مرادف للعبد والبهيمة. بينما العامل المشارك في اتخاذ القرارات كل حسب موقعه من سلسلة الإنتاج هو أقرب إلى الإنسان: الفاعل والمفكر والناضج. وهو عامل جوهري لرفع الإنتاج وفتق ملكة الخلق والإبتكار ودرجة انصهار العملة في الشركة، فيرتفع الرضا و تقل الغيابات المرضية ومغادرة المؤسسة.

- على الدولة أن ترفع القدرة الشرائية لمواطنيها بأن تكون أجورهم مرتفعة وأن يتحصلوا على نسب من الأرباح وأن تكون الجباية منخفضة قدر الإمكان وأن تكون تصاعدية، ترتفع الجباية كلما كانت الثروة مرتفعة وتلغيها على الفئات الضعيفة.فالكثير من أثرياء اليوم ورثوا جاههم من أجداد مجرمين وإقطاعين وناهبين ومستغلين ومستعمرين أفاقين، لذلك وجب انتزاع قدر كبير من ثرواتهم عن طريق جباية مرتفعة كتكفير و جبر للضرر الذي لحق الفقراء و نسلهم و المجموعة ككل على امتداد قرون عديدة. على الدولة أن تسن قوانين اجتماعية لفائدة العمال لأنهم الأضعف في العلاقة بالأعراف وأن تضمن تكوين مجالس عمالية تحميهم داخل المؤسسة ونقابات ومنظمات عمالية تناضل لتحقيق مطالبهم في المجتمع. الأعراف في العادة لهم من المال ما يجعلهم في موقع قوة أمام العمال وما على الدولة إلا أن تحميهم من المجرمين ومن الإحتكار.

-يمكن الإستغناء على التنصيص على حرية تنقل الأفراد وحرية اختيار مركز العمل ونوعه. فجل المجتمعات أباحت ذلك ولم يبق نظام القن والإلزام الحرفي إلا من غياهب التاريخ وفي مجتمعات محدودة كالهند مثلا.

تبعا لما تقدم كانت هناك شروط وظروف دنيا دونها لن يتحقق الثراء لجل أفراد المجموعة أبدا. وهو أن تكون الدولة ديمقراطية وتعددية ودولة قانون ومؤسسات وبها مجتمع مدني متطور من جمعيات ومنظمات تسهر على مصالح منخرطيها. كما يجب أن يكون اقتصاد السوق هو السائد لأنه هو الأنجع إلى جانب الدولة المراقبة والفاعلة في الميدان الإقتصادي وصاحبة الفصل والقول دائما. لا يكسر شوكتها لا أصحاب المال ولا حاملو السلاح و لا اقراب العمامات. الشعب يبقى صاحب السيادة وليس حزب واحد أو فكر واحد أو دين أو أي دوغما. كما على الدولة أن تسهر على أن يكون التعليم والصحة والبنية التحتية والأمن من أهم أولوياتها وأن تقتصد أكثر ما يمكن في النفقات بأن توفر أدوات مراقبة صارمة في البرلمان وأجهزة الدولة لمنع التبذير في مشاريع تافهة ولا نفع منها أو الإندفاع إلى حروب جائرة قصد استعمار الغير أو الظهور بمظهر القوي الفاعل مع كبار العالم .

فليس إذا بالمدهش أن تكون الدول الغربية الديمقراطية والتعددية والليبرالية هي أكثر دول العالم ثراء. و لا داعي أن ننتطر أن تكون دول مثل الصين وروسيا ثرية فرغم أنها مصنعة ودخلها القومي مرتفع و نسب النمو باهرة تبقى دول غير ثرية لأن مواطنيها فقراء، لأن توزيع الثروة غير عادل بالمرة. دول دكتاتورية بلا رقيب ولا حسيب لغياب الديمقراطية. أما دول الخليج والدول البترولية فحدث ولا حرج فعلاوة كونها غير مصنعة فهي دول دكتاتورية وشمولية جزء ضئيل جدا ينعم بثراء فاحش وسواد الشعب فقير وتعليمه سيء وبنية تحتية مترهلة وتلوث محيطي مفزع وحريات منعدمة...

كما وجب التذكير بأن تحطم الدول فكرة أن بعض الإختصاصات لا يمكن خوصصتها مثل الصحة والتعليم والجيش وصنع الأسلحة والأمن وتوفير الماء الصالح للشراب على الأقل جزئيا. ففي الدول الغربية نجحت الخوصصة في جل الميادين والمجالات فالمدارس و الجامعات و المستشفيات و مصانع الأسلحة و فرق الجيش الخاصة تعمل جنبا إلى جنب مع مثيلاتها الحكومية. وفشل الخوصصة في مجالات كانت حكرا على الحكومة سببه نظام الحكم غير الديمقراطي أين يستشري الفساد وليست الخوصصة بحد ذاتها.



#حاتم_بن_رجيبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سبل التوزيع العادل للثروة
- مدن الملح ،،بادية الظلمات،، لعبد الرحمان منيف أو تأسيس الممل ...
- رواية شرق المتوسط لعبد الرحمان منيف أو أي نوع من الكفاح نحتا ...
- مدن الملح ،، الأخدود،، تحليل
- ،أولاد حارتنا،، أو،، الله مات،، لنجيب محفوظ
- مدن الملح ،،التيه،، لعبد الرحمن منيف : تحليل
- العالم الإسلامي ما بعد الخلافة
- الأحزاب التونسية الفاشلة
- في ذكرى المحرقة !
- الهجرة شر أم نعمة؟
- أسباب التضخم الرهيب في فنزويلا
- لماذا تعاضد أمريكا إسرائيل؟
- ،،وديع وساذج،، قصة قصيرة
- بهيمة وإنسان
- آفة الإقطاع
- سيارة المستقبل
- ،،فلسطين،، نهاية أليمة خير من ألم لا ينتهي
- كارثية الصنمية في ،، مسك وعنبر وفيض مقدس ،، لمحمود شاهين
- ألم الوعي في رواية ،،ثرثرة فوق النيل ،، لنجيب محفوظ
- يسار أم يمين؟


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم بن رجيبة - كيف نصنع مجتمعا ثريا؟