أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - هل كلمة -كلب- تنبح ؟














المزيد.....

هل كلمة -كلب- تنبح ؟


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6810 - 2021 / 2 / 9 - 22:28
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أركيولوجيا العدم
١٤ - هل كلمة "كلب" تنبح ؟

في بعض لحظات التعب والإرهاق اليومي من العمل ومن العلاقات البشرية الروتينية، قد يتسائل عقل أو وعي لإنسان لم يتراخى عقله ولم يترك عادة التفكير مثلما تساءل سبينوزا "هل كلمة كلب تنبح ؟" بطبيعة الحال السؤال يبدو غريبا لأول وهلة ثم مضحكا ولا نستطيع إلا أن نجيب بالنفي بدون تردد. ذلك أن "النباح" هو فعل حقيقي ينتج صوتا حقيقيا تمارسه الكلاب والحيوانات من نفس الفصيلة، وأحيانا يطلق مجازا على بعض الفصائل من البشر كالصحفي والشاعر والكاتب والسياسي والمثقف وغيرهم، الذين أطلق عليهم بول نيزان Paul Nizan إسم كلاب الحراسة Chiens de garde، والذين يمارسون النباح في كل هذه المهن أو الوظائف من أجل قول شيء ما أو إخفاءه. الكلمة لا تستطيع أن تنبح، لأن "كلمة" كلب ليست كلبا، كما أن "كلمة" خبز لا تشبع الجائع لأنها غير قابلة للأكل، و"كلمة" دولار لن تشتري لك ولو عود كبريت. وهذه الإستحالة المنطقية الأولية تنطبق بطبيعة الحال على كل ما نسميه بالفن والأعمال الفنية أو المجال الجمالي عموما، وبالذات المجال التصويري والفنون البصرية بصفة أكثر تحديدا. فـ "صورة" الكلب لا تنبح، كما أن "صورة" الخروف المشوي لن تشبع الجائع ولن تعطيه حتى رائحة الشواء. العمل الفني لغويا كان أو بلاستيكيا لا يستطيع أن يأثر ماديا أو يغير واقعية الأشياء، لأن المجال الفني يتعلق بـ "الخيال والمخيلة" وليس بالواقع أو الإدراك. العمل الفني لا يستطيع سوى أن يثير الخيال، أو يوجه الفكر نحو زوايا معينة من الواقع، ولكن فعاليته تتركز في إثارة الأحاسيس والعواطف ويجعلنا "نعيش" - بطريقة إفتراضية - مواقف إصطناعية لفترة محدودة ثم نستيقظ ونعود إلى وعينا العادي - أي الإدراك الحسي - والإهتمام بالأمور العادية الأكثر إلحاحا والأكثر نباحا، فننظر إلى الساعة ونقيم وضعنا بالنسبة للجدول والبرنامج اليومي العام. غير أن هذا لا يعني أن الكلمات والصور والأصوات لا أهمية لها في حياتنا الواقعية، أو أنها غير قادرة على "الإيحاء" وخلق حالات وأجواء نفسية لها أهميتها في حياتنا الفكرية والعملية، غير أن هذا التأثير غالبا ما يكون ناتجا عن "التفكير" لاحقا في التجربة الجمالية المعاشة في تأمل العمل الفني، لوحة أم مسرحية أو فيلم سينيمائي أو قصيدة شعرية. فنحن لا نستطيع أن نشاهد فيلما أو مسرحية ونحللها فكريا في نفس الوقت. "كلمة" كلب لا يمكن أن تنبح، بمعنى أنها لا يمكن أن تصدر الصوت الذي نسميه نباحا لأن الكلمة ليست كلبا. ولكن عندما نقول "هناك أمام باب البيت كلب ينبح"، فإن الجملة تفيد بأن كلمة "كلب" أصبحت تشير إلى كلب حقيقي أمام الباب يمارس عادته في النباح كلما مر أحد لا يعرفه أمام البيت الذي يحرسه. يبدو أن المشكلة تتعقد تدريجيا، ففي البداية وضعنا كلمة "كلمة" أمام كلمة "كلب" لنجعل الكلب مجرد كلمة نخطها على الورق أو ننطقها في الفراغ، وفي الجملة الثانية تحولت "كلمة" كلب إلى كلب حقيقي ينبح.. فبأي معجزة تم هذا التحول؟
وفي بعض الحالات الأخرى حيث يمكن للصورة إصدار هذا الصوت في حالة مشهد سينمائي مثلا، فإن الإستحالة مع ذلك تبقى قائمة، رغم أن صورة الكلب يمكن أن تصدر صوت النباح، غير أن الموقف كلية غير حقيقي، فالكلب ليس كلبا حقيقيا، إنه مجرد صورة مسطحة بدون أبعاد، ملونة أو بالأبيض والأسود، وكذلك النباح مجرد تسجيل صوتي يمكن إيقافه وإعادته ورفع الصوت وخفضه حسب ما نشاء.
ونرى هنا بأن الإجابة على التساؤل الذي ورد سابقا والمنسوب إلى سبينوزا ليس بالسهولة المفترضة في البداية.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحرف الأول
- الحرب ضد العدم
- الآلة والدولار والزمن
- إصطياد الزمن
- طعم الكارثة
- العدمية والثورة
- العدمية وأخلاق العبيد
- الرجل والملح
- الجهادية ليست حركة عدمية
- ضجيج الأشياء
- ميلانكوليا
- السلطة والمال والكينونة
- خلق الله الأنف لحمل النظارات ..
- معنى الحياة والموت
- قذارة البشر .. والآلهة
- عبثية الإنتحار
- لا تنظر للقمر
- إنتحار الآلهة
- ماذا يفعل الله طوال اليوم ؟
- أركيولوجيا العدم


المزيد.....




- بعيدا عن الكاميرا.. بايدن يتحدث عن السعودية والدول العربية و ...
- دراسة تحذر من خطر صحي ينجم عن تناول الإيبوبروفين بكثرة
- منعطفٌ إلى الأبد
- خبير عسكري: لندن وواشنطن تجندان إرهاببين عبر قناة -صوت خراسا ...
- -متحرش بالنساء-.. شاهدات عيان يكشفن معلومات جديدة عن أحد إره ...
- تتشاركان برأسين وقلبين.. زواج أشهر توأم ملتصق في العالم (صور ...
- حريق ضخم يلتهم مبنى شاهقا في البرازيل (فيديو)
- الدفاعات الروسية تسقط 15 صاروخا أوكرانيا استهدفت بيلغورود
- اغتيال زعيم يكره القهوة برصاصة صدئة!
- زاخاروفا: صمت مجلس أوروبا على هجوم -كروكوس- الإرهابي وصمة عا ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - هل كلمة -كلب- تنبح ؟