أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - ميلانكوليا














المزيد.....

ميلانكوليا


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6795 - 2021 / 1 / 22 - 21:32
المحور: الادب والفن
    


ظل يتسكع طوال النهار من شارع لشارع، ومن مقهى لمقهى، زار عدة مكاتب، وقابل عدة أشخاص، تحدث معهم، سألوه عما يستطيع أن يفعله في الحياة، طلبوا منه أوراقا وطوابع وصورا، وأخبروه بضرورة العودة في اليوم التالي. سار طويلا بجانب النهر العكر الذي يجتاز المدينة، والتقط خشبة صغيرة تآكلها الماء والريح ووضعها في جيبه، وقبل مغيب الشمس بقليل قرر العودة. زاوية المبنى تقسم الشمس إلى شطرين برتقاليين، وتحجب نصف السماء، والمبنى ذاته يبدو له للمرة الأولى بهذا اللون الاسمنتي الكالح، حيث تفوح منه رائحة العمل المرهق للعمال المهاجرين، تقطعه بالطول أو عموديا عدة ميازيب صدئة تمتد من السقف حتى أسفلت الشارع، وأفقيا مجموعة من الخطوط الاسمنتية بعدد الطوابق، تشكل قواعد النوافذ التي تصطف بانتظام، مكونة شكلا هندسيا يشبه رسوم الأطفال. مجموعة من الصناديق أو المربعات، بعضها مضيء، وبعضها الآخر مجرد بقع سوداء. يقف عند الجهة المقابلة للمبنى، ينتظر توقف حركة السيارات حتى يعبر إلى الجهة الأخرى، وحينما نظر إلى المبنى مرة ثانية، اكتشف بدهشة انه لم يفكر مطلقا حتى اليوم في بشاعة هذا المكان الذي حشر فيه منذ زمن لا يستطيع تقديره بدقة. ورفع عينيه عن الخطوط البيضاء العريضة المرسومة على الاسفلت، لتحدد المكان الذي يستطيع أن يعبر فيه الشارع، يغالبه نوع غريب من الشك، وشاعرا ببعض القلق لعدم توقف السيارات عن الحركة، الواحدة تلو الأخرى. لاحظ مجموعة من الملابس المتدلية من عدة نوافذ، وتعرف على قمصانه وملابسه الداخلية القديمة، لم يكن يعرف أن ملابسه تنشر وتجفف في الشارع بهذه الطريقة المخجلة، وأحس بنفسه كأنه يقف عاريا على الرصيف. نظر حوله، ولكن لم يكن أي مخلوق يهتم بأن يعرف إن كان عاريا أم لا. وتعرف على نبتة الجيرانيوم الصغيرة تزينها عدة زهور وردية اللون رغم فقدانها لأغلب أوراقها، شجرة الجيرانيوم الصغيرة التي اشتراها من بائعة الزهور في الشارع،. الهدية الوحيدة التي قدمها لابنته قبل أن تغادره منذ عدة أشهر، والتي لا يعرف عنها أي شيء حتى الآن. منذ ذلك اليوم لم ير شجرة الجيرانيوم، سوى في هذه اللحظة، وتسائل في نفسه وهو يعبر الشارع أخيرا .. لماذا على أن أعرف إن كانت زوجتي أم ابنتي هي التي وضعت شجرة الجيرانيوم على النافذة ؟.. أية أهمية ؟ عبر الشارع واجتاز السلم الحجري المظلم الذي لا ينتهي، والذي تفوح منه رائحة رطبة نفاذة لم يستطع مطلقا أن يحدد مصدرها، وتوقف عند باب شقته ليتنفس بعمق. اتكأ على الحائط ليفتش في جيوبه عن المفتاح، واغمض عينيه.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السلطة والمال والكينونة
- خلق الله الأنف لحمل النظارات ..
- معنى الحياة والموت
- قذارة البشر .. والآلهة
- عبثية الإنتحار
- لا تنظر للقمر
- إنتحار الآلهة
- ماذا يفعل الله طوال اليوم ؟
- أركيولوجيا العدم
- ضجيج الآلهة البلهاء
- وحدة الله
- الثورة على الله وأزلامه
- القطار الأخرس
- كوشيز .. الهندي الذي نزف حمرته
- مقبرة الحروف
- عن المحاجر والمحابر
- لا تستنشق عبير الورود
- ضرورة البراكسيس
- الإنتحار العقلي
- الإنسان إله أم حيوان؟


المزيد.....




- موسيقى للحيوانات المرهقة.. ملاجئ الولايات المتحدة الأمريكية ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- فيديو صادم.. الرصاص يخرس الموسيقى ويحول احتفالا إلى مأساة
- كيف حال قرار بريطاني دون أن تصبح دبي جزءاً من الهند؟
- يجتمعان في فيلم -Avengers: Doomsday-.. روبرت داوني جونيور يش ...
- -ونفس الشريف لها غايتان-… كيف تناول الشعراء مفهوم التضحية في ...
- 10 أيام فقط لإنجاز فيلم سينمائي كامل.. الإنتاج الافتراضي يكس ...
- كيف تُغيّرنا الكلمات؟ علم اللغة البيئي ورحلة البحث عن لغة تن ...
- ما مصير السجادة الحمراء بعد انتهاء مهرجان كان السينمائي؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعود سالم - ميلانكوليا