|
الحزن العراقي / انعكس ذلك على الشعر والحنجرة .
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6807 - 2021 / 2 / 6 - 11:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ هذه التقارير بادئ ذي بدء ، ليست بالجديدة في واقع الأمر ، فالعراق ذاق من ويلات الحروب ما يكفيه وتفشى وفاض بحيث أنه اكتسب مناعة فريدة يتفرد بها عن محيطه العربي ، لكن سقوطه اليوم في وحل الفساد لم يكن عادي بل إستثنائي بإمتياز ، قالت التقارير الدولية الأخيرة ، نسبة الفقر وصلت بين ال40 مليون عراقي إلى 42 % ، وهؤلاء حسب معاينات طواقم الاممية يواجهون الحرمان والنقص بالتعليم والتغذية والرعاية الصحية والانفلات الأمني في أماكن تجمعاتهم ، بالإضافة إلى شح في مياه الشرب ، بل إذ افترضنا أنها توفرت ، فالماء غير صالحة للاداميين ، وهذا الخراب المقصود صنع حالة شعبية متوترة ، غاضبة ، وحزينة ، تعيش على الدوام بقلق نتيجة الضغوط النفسية ، في السابق كان الحزن ناتج عن الحروب المتواصلة ، أما ما هو جديد ، بالطبع بفضل الفساد المالي والإداري واللاوطنية ، عكس ذلك على حياة الإنسان ، والمتتبع لمسيرة الغناء والشعر العراقي سيجد حجم الآهات بهما ، بل سيجد الباحث أن الحزن قد أنعكس على الشعر لدرجة السيطرة ، بل أكثر من ذلك ، الحزن يبدو مخزنً بالحنجرة ، لأن بحة الصوت ، يكاد لا يفلت منها عراقي ، وبالتالي لم يعد في طول وعرض الجغرافيا العراقية مكان مقبول للعيش لكي لا نقول معدوم ، فالفرد والعائلة والمجتمع والدولة ، الجميع حُزناء .
ليس خافياً إن العراق بلد غني نفطياً وزراعياً ويمتلك نهرين ، دجلة والفرات ، الأمر الذي يثير السؤال القاطع ، أهذا هو العراق الذي نعرفه وسمعنا عنه في التاريخ المعاصر والقديم ، أهذا هو البلد الذي كان استاذ الجامعة يُعتبر من صفوة المجتمع والذي تحول مع الديمقراطية إلى عامل حداده لتجليس السيارات أو سائق تاكسي ، وفي هذه المعمعة والخلط الأوراق نستحضر من الذاكر الشعرية العراقية إحدى القصائد التى تُعبر عن حجم الحزن في اوساط المجتمع العراقي ، يقول الشاعر ( يا دنيتي ليه أنا حالي غريب / القلب يشكي جروح من دون أسباب/ أجلس وفي قلبي طعون وتغريب / والعين كل الوقت تبكي من الأحباب / يا دنيتي تكفيني / ليه صرت عايش طول عمري بتعذيب / فالموت أرحم في زمن ما به أحباب ) ، وهكذا بدا العراق منذ الاحتلال يتربع على عرش الفساد العالمي ، لا ينافسه سوى دول مثل الصومال وجنوب السودان وسوريا وفنزويلا واليمن وغينيا وأفغانستان .
مرّ الوقت ، قد يراه البعض على أنه بمثابة وقت مستقطع من زمن التحول الديمقراطي ، لكن لم تكن هناك معارضة حقيقية تمتلك حق الرفض ، وفي ضوء المؤشرات الدولية وايضاً مع مراجعة الوقائع على الأراضي العراقية ، لا أحد بالطبع يجازف بالقول إن محاولات مصطفى الكاظمي رئيس الحكومة ، حول مكافحة الفساد أو ملاحقة الفاسدين سوف تكون نزهة أو طريقها معبدة بالورود ، لأن بالتأكيد مراكز القوى إياها لا يتمتعون فقط بقواعد عشائرية ذات عقلية ضيقة أو مذهبية متشبعين بسرديات جنونية ، بل لأنهم يمتلكون منظومة تسليحية تتفوق في هيكلتها على أجهزت الدولة ، إذنً ، مجيئ الكاظمي إلى رئاسة الوزراء كان يقف وراءه الشارع المنتفض والذي أعاد بفضل دماء الذين سقطوا برصاص القتلة ، صياغة الأسئلة القديمة بطريقة حديثة تواكب العصر الحديث ، وهي بالتأكيد بعيدة كل البعد عن الطائفية القاتلة وما يترتب عليها من معارك افسادية وحروب أهلية ، والصحيح أيضاً ، أن التركة السابقة التى حملها الكاظمي والمنتفضين معاً ، لم تكن بسيطة والصحيح أيضاً ، أن الانتفاضة الشعبية لم تتمكن من إجتثاث الطغمة الفاسدة التى حكمت العراق بالرواية الفاسدة ، وهذه الرواية أسست بصراحة ثقافة الفساد وايضاً التبعية وإعلاء المذهبية والكراهية للوطنية العراقية التى شرعنت لكل هذا الفساد ، وبالتالي مهمة الكاظمي ليست بهذه السهولة التى يعتقد البعض ، بل مشكلة العراق أنه محاصر بين جارتين ، الإيرانية والسورية ، والنظامين حسب المؤشرات الدولية ، تشير إلى أن معدلات الفساد فيهما أكثر من جارهم العراقي ، رغم الاستقرار النوعي في إيران ، وبالتالي المرء لا يُبالغ عندما يجزم بأن العراق تحول إلى دولة فاشلة عندما استولت إيران عليه وتابعينها ، وفي مقدمة هذا الفشل ، اعتمدوا الإنفاق على حاجات وهمية ومشاريع تضليلية وإهمال بقصد مُتعمد للتعليم ، فهؤلاء اختلقوا مؤسسات تحسن إدارة الفساد وتُبدع بفنون فريدة في تطوريه والتملص بإتقان من المحاسبة .
لكن ما يميز الكاظمي ، أن الشارع بأغلب مكوناته حتى الآن يقف وراءه ، لأنه بإختصار أخذ على عاتقه إعادة بعض الشعبية الضائعة للنظام الحالي ولا يجوز المقارنة بينه والمنظومة التى حكمت سابقاً ، بالفعل الشعب يتأمل خيراً ، بالطبع ليس بالخير الكثير ، لكن يتوقع على الأقل أن يضع البلد على طريق الخلاص ، وهذا يستدعي من الكاظمي أن يفكر بعمق من أجل المشاركة بالانتخابات القادمة بقائمة وطنية واحدة ، تشمل وجوه شبابية جديدة ومن جمع المكونات المختلفة والتى تؤمن بالوطن وترفض التبعية . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شريكة الحكم والدم / ميانمار الجغرافيا العصية على الإتحاد .
-
الصراع المتواصل بين الديمقراطية الليبرالية والاستقراطية اليم
...
-
تونس الجديدة / صراع بين الاخوة الديمقراطيون على مراكز القوى
...
-
ماذا يريد نتنياهو من الهند ... بعد الشرق الاوسط والمغرب العر
...
-
بعد الشرق الاوسط والمغرب العربي وصولاً لافريقيا ، ماذا يريد
...
-
بين القديم والحديث ، عالم يتغير لا يعترف باللبوث ...
-
اختيارات الرئيس الأمريكي بايدن دلالة على إستراتيجيته الخارجي
...
-
خمسمائة عاماً حتى تمكنت إمبراطورية التاج إقامة دولة اسرائيل
...
-
إذا وجد المخرج الجيد يمكن ايجاد عمل مميز ..
-
بعد يهودية الدولة تخطو الصهيونية بخطى ثابتة إلى المملكة السل
...
-
الربيع الأسود أي زمن هذا ...
-
الجميع يتجسس على الجميع ...
-
التاريخ فن قبل أن يكون علم / المغرب الأقصى والارتباط التاريخ
...
-
فرسان التيار
-
الطاقة الإيجابية / بين العقد الاجتماعي والاستعمار والاجتهاد
...
-
عدم استقرار المغرب ، فرصة للعبث في شمال أفريقيا ...
-
من الضروري للمعارضة العربية مراجعة الطريقة التى تفكر بها ...
-
الشعار الأول والثاني والعاشر لجهاز الموساد ( أقتل اولاً ) ..
...
-
ها نحن نعود معاً كما حلمنا يا صديقي ..
-
البحث عن الهواء النقي ...
المزيد.....
-
مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق
...
-
بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا
...
-
الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
-
-وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم
...
-
بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا
...
-
عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر
...
-
خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
-
مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
-
الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو
...
-
مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|