أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكريا كردي - عصر الغوغاء الرشيد














المزيد.....

عصر الغوغاء الرشيد


زكريا كردي
باحث في الفلسفة

(Zakaria Kurdi)


الحوار المتمدن-العدد: 6789 - 2021 / 1 / 15 - 00:13
المحور: الادب والفن
    


ثار الغوغاء يبتغون رييعاً لأوطانهم و يطلبون له الحرية ..
احتل الغوغاء الساحات العامة يُسقطون النظام وينتصرون للفوضى ..
اقتحم الغوغاء المبنى الحكومي " الكابيتول ..
دمر الغوغاء تماثيل قوس النصر ..
قطع الغوغاء رأس تمثال أبو العلاء المعري..فعل الغوغاء كذا وكذا .. الخ
أخبار كثيرة تطالعنا عن الغوغاء وثقاقة الغوغاء وسلوكيات الغوغاء ،،
ترى من هم الغوغاء ?!
و من هم أولئك العامة ، الدهماء أو السوقة الذين يملأون الورى، ويعومون في زبد أنفسهم ، وتلهيهم ثرثرة الساقية عن هيابة المحيط ..؟
" الغوغاء " لفظة تعني في معظم قواميس اللغة : الضَّجَّةُ أو الْفَوْضَى التي تصدر عن سَفَلَةِ النَّاسِ ، أو الهمج أو الرِّعاع من النَّاس ، الذين سُمّوا كذلك لكثرة لغطهم وصياحهم".
لكن - وبحسب فهمي البسيط وتفكري الأبسط فيهم - فإن صفاتهم المميزة ، باتت تتلخص عندي في أنهم :
- أناس ذوي ذوات معمهة وبسيطة ، ونفوس ساذجة، ليست بمنعة بتاتاً عن التشارك كلياً مع الاخرين ،
- و بأنهم عبارة عن أفهام انفعالية سطحية، ذات حماسة منفلشة ، لا تنقطع عن التأثر بالآخرين، ولا تتوقف عن الانشغال بالتقليد والمحاكاة لهم.
- أناس تستوطنهم العواطف الجوفاء ، و تذهلهم زخرفات القول في اللغة ، عن أية تأملات فكرية أو حقائق موضوعية.
- تسكنهم هواجس تفاصيل المبنى ، مهما أكلت من عميق الفهم او باطن المعنى ،
- لهذا تسلب أفهامهم حماسة الخُطب الرنانة فتبعدهم عن ادراك الحق، وتسرقهم الشعارات الطنانة من معرفة حقائق الواقع .
- هم قوم شديدو الايمان والتعلق بالمطلق ، والعقائد الدوغمائية ، ذوي تفكير وثوقي صلد ،
اعتنقوا معتقداتهم بالوراثة والتقليد ، من خلال نبرات الصوت وحركات الجسد ، وأما البراهين العقلية المنطقية فهي تثير نفورهم .
- يضيقون بسلسبيل الحكمة ، و يتميزون -بشكل عام- بأنهم قليلو الاصغاء ،
- تحكمهم خيلاء التصورات وعنجهية المقدرة ، ويعشقون بلاهة الحواف و بريق المظاهر.
-لذا تراهم سريعو التشاطر والتقليد والاندماج فيما بينهم..أو كما يقال عنهم : إذا اجتَمَعوا غَلَبوا، وإذا تَفَرَّقوا لم يُعرَفوا.
- و الغوغائيون - بعامة - هم تُبّاعٌ للفُرجة و سُلَابٌ للنغمة ، تشدُهم حركة المشهد و حرارته ، اكثر من برودة التفكير ، أو سكون التأمل بمعاني العبارة و حراك الحدث ..
- يفهمون ما يريدون أن يفهموا وحسب ، ولا يمتلكون ارادة الفهم النقدي الشاك المستقل .
- لذلك هم أبعد الناس عن فنون الحوار والتعلم ، و لايجيدون من أركانه سوى سرعة الإجابة والعناد .
- يكرهون التمحيص و السؤال ، و احكامهم أبعد ما تكون عن المنطق والحكم المنطقي ،
- أناس لا عبرة بهم ، و جلَّ مقولاتهم المعرفية في الحكم ، تكون مؤطرة فقط في سياق النهاية، اي انهم يقبلون الكل او يرفضون الكل..
لربما بقي من القول أحسنه وهو :
ان كل فرد منا ، فيه شيء ما من ضرام الغوغائية ،
بمعنى أن وباء الغوغائية لا تقتصر عدواه - للاسف - على الفرد الجاهل وحسب ، بل قد تتعداه الى الفرد العالم أيضاً ، ولكن حينئذ تكون فيه الغوغائية اكثر ضبطا واتزانا . ولكن تبقى - مع ذلك - خطرا داهماً على ينابيع الحقيقة ومرامي انبلاجها .
و لايخفى على الفهم الحصيف ، حقيقة أن كثير من الناس المتعلمين، ممن يُحسبون على اهل العلم والفكر و الثقافة ، هم متحضرون ظاهرياً فقط ، بينما في أعماقهم لا يزالون غوغاءا دهماء همج ، وربما أضل سبيلاً ..
تستوطنهم أحط القيم الغوغائية ، المتوارية خلف ربطة عنق فاخرة ، أو وثيقة شهادة من الورق المقوى ، غافية على حائط سلطة فاسدة ،
انها قيم رعناء تمكنت من أنفسهم على توالي الأجيال ، و ليس من السهل أن تزول عنهم دفعة واحدة ، بمجرد تقمصهم الأزياء الحديثة أو تشدقهم ببليغ العبارة أو حتى تسربلهم بأثواب من القداسة ..
قصارى القول :
كلما ازادد وعي المرء بحدود ذاته، وحصن فهمه بالتفكير الإنتقادي والمنطقي التجريبي العلمي المتين ، كلما اتسعت رؤيته للواقع ، وضاقت عنده مساحة اليقين التام والمضل ، في محيطات معارفه الخادعة.
وبالتالي ابتعد - نوعا ما - عن عالم الغوغاء والتدهور العقلي المريع.. الى براح غير ذي أمد بعيد ..
و رحم الله رهين المحبسين حين قال :
وما العلماءُ والجهّالُ إلاَّ
قريبٌ، حين تنظرُ من قريبِ

للحديث بقية ..



#زكريا_كردي (هاشتاغ)       Zakaria_Kurdi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من وحي كتاب -سيكولوجية الجماهير-
- أفكار حول أهمية العمل الخيري التطوعي
- - كوفيد 19 والنصف - مونودراما شعرية للشاعر - مزعل المزعل -
- ما هي الحقيقة ..؟!
- لصوص الفكر ..
- رأيٌ آخر..
- الدّين عندَ الفيلسوف إيمانويل كانط
- إنطباعات حول فيوض الشاعرة السورية - فينيق عليا عيسى -
- - الله - عند اسبينوزا..2
- - الله - عند اسبينوزا..
- هيغل - رُؤيَةٌ مُبَسّطة ..
- أفكار حول الطائفية الدينية ..
- وباء لغوي ..
- السؤالُ المُحَرّمْ ..!
- أفكار أولية حول مفهوم * الطرب * (3)
- أفكار أولية حول مفهوم * الطرب * (2)
- أفكار أولية حول مفهوم - الطَرَبْ -
- ما هي الفلسفة .. ؟ (3)
- ما هي الفلسفة ..؟ (2)
- ما هي الفلسفة ..؟ (1)


المزيد.....




- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...
- “عيد الرّعاة” بجبل سمامة: الثقافة آليّة فعّالة في مواجهة الإ ...
- مراكش.. المدينة الحمراء تجمع شعراء العالم وتعبر بهم إلى عالم ...
- حرمان مغني الراب الإيراني المحكوم عليه بالإعدام من الهاتف
- فيلم -العار- يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان موسكو السينمائي ...
- محكمة استئناف تؤيد أمرا للكشف عن نفقات مشاهدة الأفلام وتناول ...
- مصر.. الفنانة دينا الشربيني تحسم الجدل حول ارتباطها بالإعلام ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زكريا كردي - عصر الغوغاء الرشيد