أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزيز الخزرجي - هل يمكن إخضاع الحب للعقل؟















المزيد.....

هل يمكن إخضاع الحب للعقل؟


عزيز الخزرجي

الحوار المتمدن-العدد: 6787 - 2021 / 1 / 13 - 09:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هل يُمكن إخضاع الحُبّ للعقل!؟

يتعامل الناس و حتى الفلاسفة مع الحُبّ المجازي طبعاً .. بإجحاف و تطرف, بل مراجع الدين و العلماء حفظهم الله تعالى يعتبرون الحب شبه حرام و في أحسن الأحوال منبوذ و فيها كراهية شديدة, بينما يحللون زواج 1000 إمرأة لعملية جنسية, بل رأيت معممين أظهروا إستعدادهم للزنا بآلمحصنة بسبب تربيتهم المتخلفة و لعدم دركهم للحُب الحقيقيّ و جهلهم بأسراره و تكوّرهم على ذواتهم .. بإستثناء إشارة واحدة لنيتشه بقوله : [لقد حوّلتُ حُبّي الى الاله ، و ما الانسان في نظري الا كائن ناقص ما إن احببتهُ بتواضع حتى قتلني حبّه] ناهيك عن نظرة العرفاء التي لا مجال لعرضها هنا!

و قد بيّنا تفاصيل و أبعاد و آثار و دور العشق المجازي وصولا للحقيقي في الوجود؛ في سلسلة كونية بعنوان [أسرار العشق] و كذلك في كتابنا الموسوم بـ[الأسفار الكونية السبعة] و كذلك ضمن مقالات بعناوين مختلفة ..

فآلحُبّ ذلك الشعور ألإنسانيّ الكوني السّامي الذي يختلف عن العشق طبعاً .. ذلك ألذي يبدو لنا طبيعياً وفطرياً و كثيراً ما يظهر في لحظة أحياناً؛ و هي مشكلة وجوديّة فيزيائية و ميتافيزيقية تُغيير مسارات الحياة و الأقدار بشكل يعجز حتى العقل من كبح جماحه!

نهج الفلاسفة من سقراط إلى آخر فيلسوف وحتى أكثر الفقهاء؛ هو إخضاع كلّ شيء للعقلنة؛ ثم التحليل، ثم الخروج بلا نتائج, فبالنسبة للحُب ما يزال الأمر كما هو تقريباً, و لم يعطوا تفسيراً منطقيا لعلاقته التوافقية مع الأنسان أو إرتباطه بآلغيب بشكل من الاشكال.

و يبدو،، كما نستنتج من كتاب (الفلاسفة و الحب) للفرنسيتين (ماري لومونييه) و (أود لانسولان)؛ أنّ (الود مفقود بين الحُب و هؤلاء الذين غيروا البشرية) وغذوا عقلها و روحها أيضاً! و أنّ (لا تآلف بين الفلاسفة و الحب) بل حرام و ذنب ... أو لا حُبّ هناك أساساً!

كان آخر (فلاسفة الحُب)؛ هو البولوني سيجموند باومان الذي لم تتطرق لذكره مؤلفتا الكتاب السابق الذكر .. و قد رثى الحب في كتابه (ألحُب ألسّائل):
[أن لا حب هناك،، و أن (الحب المتحقق) صار أقرب إلى الموت .. في ثقافة إستهلاكية مثل ثقافتنا التي تفضل المنتجات ألجاهزة للاستخدام الفوري و السريع .. والإشباع اللحظي .. و النتائج التي لا تحتاج لجهد طويل ... بل صار الحُبّ مخيفاً كالموت .. و ربما مات؟ لأنّ ذلك يتطلب أن تخرج من ذاتك لأجل أن تستكشف الذات الأخرى .. أيّ تستكشف العالم .. و تمنحها ما تملك بكرم .. و تمدّ لها اليد حين تحتاج يداً .. و تبسط لها الكتف حين تتعب ..]

ما عاد الأمر كذلك،، وقبله،، كان الفيلسوف الألماني تيودور أدورنو،، يقول:
[إن الوجه التافه و اليائس للحبّ يبدو كأنه المنتصر] ..

أمّا (سقراط) الذي كان يصف نفسه بأنه (مولد أرواح ) لم يقول شيئاً مختلفاً عن ذلك ... مؤكداً:
[لقد أخطأ المدّاحون خطاً بالغاً حين زيّنوا الحب بكل أشكال الخير و الجّمال], أو أنهم .. في أفضل الأحوال .. لا يرون منه إلا جزءا من حقيقته ... و الخطأ ينشأ من اعتبار وجود الحُبّ متحققاً حين نُحَبّ و ليس حين نُحِبّ]، و لا نعتقد أن كلامه هذا جاء نتيجة كارثة زواجه بـ (كسانتيب) .. تلك المرأة المريعة التي اعتادت أن تسكب على رأسه الماء القذر .. و توبخه أمام تلاميذه .. و لم يكن يملك سوى أن يقول لها: [كم من مطر خفيف غلب رياحا عاتية]!؟ كانت فكرته تلك تنسجم مع فلسفته ..
و انتهى به الأمر بأن حوّل الحُب إلى شأن ميتافيزيقي .. ينتمي للسماء .. و ليس إلى الأرض ...!؟

يقول لنا الكتاب إنه رغم أنّ الحُبّ هو [الظرف القدري للسعادة عند البشر .. و العنصر الدائم لكلّ أشكال الدراما الأدبية .. فإنّ الفلاسفة قد أثاروه بتحفظ يشبه من يدخل إلى قفص الأسد .. و يخشى أن يؤكل حيا] .. و تفسير هذا الخوف عائد إلى (العقل)،، فهم ينظرون لهذه العاطفة بكثير من التعقل .. لأنهم مشغولون بتحرير الإنسان من كل أشكال العبودية ..

و الهرب من عبوديّة الحُب لا يمكن أن يتحقق .. سوى بطريقتين:
خيار الإيروتيكية .. أي الاستغراق في الحُب الجسدي من دون أيّة التزامات أخلاقيّة أو اجتماعيّة.
أو خيار الأفلاطونية .. أيّ التسامي على طريقة (جان جاك روسو) .. أو الشعراء العذريين.

وكلا الطريقتين وجهان لعملة واحدة؛
الأولى: هروب من الحُب عن طريق الجسد ..
الثانية: هروب من الحب عن طريق الروح ..

وكلاهما تحايل كبير على الذّات من خلال رفعها الوهمي .. و هما لا يؤدّيان غالباً سوى إلى الفناء المعنوي على شكل مرض أو جنون .. كما هوالحال في العشق الحقيقيّ ..
و تبقى كلمة الختام لمن كان حبيباً و عاشقاً لله وحده ..
برغم ما قالوا و نظّروا عن الحُب
كقول سقراط : [الحُب جحيم]
وكقول شكسبير : [الحُب جنون]
و كقول أرسطو : [ألحُبّ لعنة].
بعكس ما قاله سيّدنا محمد إبن عبد الله (ص) ألذي بعثه الله لنشر الرحمة و المحبة و التواضع, حيث قال:
[لا تدخلو الجنة حتي تؤمنو ولا تؤمنو حتي تحابوا]
وسُئل النبي يوماً : [من هم أحبّ الناس إليك؟ قـال : فاطمة و بعلها و بنوها, و فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني].
و قال(ص) : [لا يؤمن أحدكم حتى يُحب في الله و يكره في الله].
لهذا .. ألحُبّ ليس بجحيم و ليس بلعنه و ليس بجنون كما يقول أشهر الفلاسفة و الفقهاء و المعممين في تناقض صارخ!
بل الحُب رحمة حسب رسالة رسولنا الكريم و بأمر الله العلي القدير الذي قال
[و ما أرسلناك (يا محمد) إلا رحمة للعالمين], مختصراً بذلك كل الهدف من الخلق.
بإختصار وجيز و مع كل ما بيّنت لكم: (الحُبّ حُبلى بآلهموم) و في نفس الوقت لا بُدّ منه و (من لا يتحسس وجود الرّحمة الذي هو نتاج للحُبّ بداخله؛ فأنه خارج عن طور الأيمان و الأنسانية) .
لذلك لا يمكن إخضاع (الحُبّ) للعقل و المعادلات المادية و الرياضية و كما السائد اليوم للأسف .. بل الحُبّ مُتمرّد و خطير على الدّوام, ما لم تتدخل المشيئة الألهيّة فيه لمباركته و لمعرفة كنهه و أسراره, لأن الحُبّ الحقيقي وحده يجعل عاقبة الأنسان خيراً في الدارين.

ألعارف الحكيم عزيز حميد مجيد



#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاحظة للكوادر و اصحاب الشهادات العليا و مسؤولي المواقع الأع ...
- الصمت يختلف عن السكوت
- بعد نشري لموضوع تنويري عن مسائل مصيرية: أدناه واحدة مما كنت ...
- تعريف الفلسفة الكونية(عرض مبسّط)
- هل صحيح أننا من أحطّ الأمم؟
- الشورجة قلب العراق النابض
- بيان الفلاسفة لعام 2021م
- و (إضربوهن فإن أطعنكم فلا...)
- أحد أكبر جرائم البعث هي قصة (فاطمة)
- معلومات جديدة عن المخ
- ألخيار الأمثل للكورد الفيليية
- ملاحظات حول أفضل 100 كتاب في الألفية الثالثة
- ألمعيار الكوني في الفلسفة الكونية العزيزية:
- مقطع كوني من آخر مقال كتبته
- دور فلسفة الفلسفة في هداية العالم - الحلقة الأولى
- أيها العاشق : لا تضحيّ
- ألأزمنة البشرية المحروقة و حقوق الأنسان
- رسالتي الكونية التي غيّرت مسار التأريخ
- صدور كتاب فلسفة الفلسفة الكونيّة
- لا تُعاد هيبة الدولة بآلقوّة بل بآلعدالة:


المزيد.....




- كاميرا ترصد لحظة سقوط حطام صاروخ مشتعل في قطر
- هل كانت ضربة أمريكا على فوردو بإيران ضرورة أمنية أم مقامرة س ...
- الحرس الثوري يعلن استهداف قاعدة العديد الأمريكية في قطر والد ...
- رئيسة البرلمان الأوروبي عالقة في الشرق الأوسط بعد إغلاق الإم ...
- ترامب عن الرد الإيراني: -هجوم ضعيف-.. وحان الآن وقت السلام! ...
- من الإمارات إلى الأردن .. القواعد الأمريكية في الشرق الأوسط ...
- دراسة: الصيام المتناوب يتفوق على الحميات التقليدية
- الرئيس الفلسطيني يعين وزير خارجية جديدا
- أوروبا عالقة بين الرفض الضمني والقلق المعلن من التصعيد في إي ...
- دول خليجية تعيد فتح أجوائها بعد إغلاقها لساعات


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزيز الخزرجي - هل يمكن إخضاع الحب للعقل؟