عيد -كاذي-

وديع بكيطة
كاتب وباحث
(Bekkita Ouadie)

الحوار المتمدن-العدد: 6786 - 2021 / 1 / 12 - 16:03
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

يروى أن هذا العيد له علاقة بالحرانيين قديما، وهم جماعة كانوا يعظمون حكمائهم وفلاسفتهم ومنهم آروس، الذي ارتبط بهذا العيد، ويقال أنه تخاصم مع أهله وخرج قاصداً إلى بلد الهند (اليمن حاليا)، فخرجوا في طلبه فلحقوه وسأَلوه أن يرجع إليهم، فقال لهم: إني لا أدخل بعد هذا بلد حَرَان، ولكن أجيء إلى كاذي، وهو مكان في شرق حرَان وأتفقد مدينتكم.
وقد كانوا يخرجون في يوم عشرين من نيسان من كل سنة لتوقع عودة ذلك الحكيم، ويسمون ذلك العيد عيد "كاذي". فانتظارهم لعودة ذلك الحكيم كان مثل انتظار اليهود للمسيح، وترقب عودة المسيح بالنسبة لبعض المذاهب المسيحية، وانتظار بعض الطوائف الإسلامية للمهدي المنتظر، وهم يحفظون الجَناح الأيسر من الديك الذي يُذبَح في بيت سر الرجال، ويعلقونه على الحوامل وأعناق الصبيان على سبيل الحِرز، ليحفظهم من السوء، كما كانوا يقدسون الماء الذي يسقط من الآلهة في أيام من أيام اسطرونيقوس.
وترجع أغلب الاحتفالات الإنسانية في عصرنا إلى أصول دينية، يعتبر يوم رأس السنة الجديدة واحدا من أقدم هذه الأعياد، إذ أن قصة هذا العيد السنوي بدأت في فترة لم تكن فيها السنة الشمسية قد عرفت، وتتمثل الدورة الزمنية التي كانت معروفة آنذاك في الزمن المحصور بين بذر البذور وجني المحاصيل. احتفل البابليون ورثة السومريين بعيد رأس السنة في الاعتدال الربيعي أي أواخر شهر آذار/مارس، تبدأ الاحتفالات مع بدء الربيع وتستمر أحد عشر يوما مما يجعل احتفالات عصرنا الحالي تبدو باهتة إذا ما قورنت بها.
تبدأ الشعائر الدينية الطقسية، عندما يستيقظ الكاهن قبل الفجر بساعتين، فيغتسل في مياه نهر الفرات المقدسة، ويرفع ترنيمة إلى "مردوخ" إله الزراعة الأكبر متوسلا إليه أن يكون الموسم الجديد ذا عطاء وفير، ثم يقوم بحك بقايا الكبش المذبوح على جدار المعبد لكي تمتص أي سم قد يصيب الصرح المقدس ويفسد حصاد العام المقبل. دعيت تلك الطقوس "كوبورو" أي الخصب، وهي الكلمة نفسها التي دخلت العبرانية القديمة وسمي احتفالهم بها أيضا أي عيد "الكِبور" أي يوم الكفارة.
كان الطعام والخمر والأشربة الثقيلة تستهلك بكثرة في هذا العيد، ليس من أجل المتعة فقط بل لسبب أكثر أهمية، يتمثل بأن تكون كعربون تقدير ومحبة للاله مردوخ الذي أنعم عليهم بحصاد العام المنصرم. أما عن كيفية انتقال العيد من بداية الربيع إلى منتصف الشتاء فهي قصة أخرى.

#وديع_بكيطة (هاشتاغ)       Bekkita_Ouadie#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات