أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رياض عبد الحميد الطائي - معالم الحياة المعاصرة / 41















المزيد.....

معالم الحياة المعاصرة / 41


رياض عبد الحميد الطائي
كاتب

(Riyad A. Al-taii)


الحوار المتمدن-العدد: 6778 - 2021 / 1 / 4 - 14:39
المحور: المجتمع المدني
    


ـ السلوك هو المعيار الحقيقي للثقافة ، الانسان يقيّم بسلوكه ، السلوك نتاج ( قوانين البدن + قوانين المجتمع ) ، قوانين البدن نتاج الجينات الوراثية ، الانسان لا دور له في صنع قوانين بدنه , ان الحالة البدنية لكل انسان لها دور كبير وبعيد الاثر في صنع شخصيته وتحديد سلوكه ، الحالة البدنية تشمل ( الحالة الصحية ، القدرات العقلية وحالة الجهاز العصبي ، الحالة البنائية والهيكلية للبدن من حيث الحجم واللون والمتانة وطريقة التشكيل ) ، فمثلا الطفل الذي يشكو دائما من ضعف حالته الصحية نراه ينزوي بعيدا عن مشاركة اقرانه الاطفال في اللعب ، وهذه الحالة تؤدي به الى الانطواء ومن ثم ضعف الشخصية ، سلامة الجهاز العصبي تمنح الانسان الثقة العالية بالنفس وقوة الشخصية وتحميه من الوقوع في الامراض النفسية , ولكي تعالج الامراض النفسية ويستقيم السلوك ينبغي أولا معالجة منظومات البدن وخاصة المنظومة العقلية والعصبية ، فالاعصاب المنهكة تصنع نفوس سقيمة , والنفوس السقيمة تصاب بسهولة بالامراض النفسية , والامراض النفسية تنتج سلوكيات منحرفة قد تؤدي الى الاجرام اذا توفر الاستعداد الفطري الوراثي , اننا نعتقد ان مسؤولية الانسان عن تصرفاته ليست مطلقة لان الانسان يتحمل المسؤولية نسبة الى قدراته العقلية والنفسية التي أتاحتها له جيناته الوراثية وبيئته الاجتماعية والجغرافية , سلوك الانسان حتى وان كان نابعا من ارادته فان جيناته الوراثية تفعل فعلها في رسم معالم سلوكه او ردود افعاله الى جانب المؤثرات البيئية , فالجينات الوراثية يحملها الانسان في بدنه منذ ولادته وحتى مماته بكل عيوبها واشكالاتها كميراث له من أجداده ولا خيار له فيها وهي عامل مؤثر في توجيه سلوكه وتصرفاته , ولكن يمكن تشجيع الانسان باساليب عديدة على تنمية الصفات الايجابية في شخصيته ونبذ الصفات السلبية ، ومن الجدير بالذكر ان الكثير من الصفات الشخصية للانسان الايجابية اوالسلبية مثل الذكاء او الغباء , الشجاعة اوالجبن , الحرص او الاهمال , الشعور بالمسؤولية اواللامبالاة وغيرها من الصفات الشخصية التي تنعكس في السلوكيات انما هي تحت سيطرة وتحكم الجينات الوراثية للانسان ، وان الانسان يحملها ولكنه غير مسؤول عنها, كما ان المواد الكيميائية الطبيعية او الصناعية التي يتناولها الانسان كغذاء او دواء لها تأثير مؤقت على سلوكه وتصرفاته ايجابا او سلبا لانها تؤثر على النظام الكيميائي لبدنه لفترة زمنية محددة الا اذا أدمن عليها وخاصة الادمان على المؤثرات العقلية حينئذ تسبب تغييرا في النظام الكيميائي لبدنه , هذا وان الجينات الوراثية التي اكتسبها الانسان من والديه نقلا عن أجداده انما هي في جذورها البعيدة نتاج البيئة الاجتماعية والطبيعية التي عاش فيها الاجداد فمنحتهم تلك البيئة صفات وطباع بموجب قوانينها فاصبحوا ملزمين ومقيدين بها وأورثوها ابنائهم واحفادهم , وفي حالة حصول تعارض او تناقض بين قوانين البدن وقوانين المجتمع فان الانسان سيواجه موقفا صعبا للتصرف قد يدفعه الى الازدواجية او النفاق لغرض الموازنة بين قوانين بدنه وبين قوانين مجتمعه وظروف بيئته , وبالتأكيد تتأثر خيارات الانسان وقراراته بهذه العوامل مجتمعة , فالانسان يتمتع بحرية الاختيار ولكن حريته مقيدة بعوامل داخلية وخارجية : العوامل الداخلية تتعلق بقوانين جيناته الوراثية ، والعوامل الخارجية تتمثل في مؤثرات بيئته الاجتماعية ( حيث القيم والمعتقدات السائدة في المجتمع ) وتجاربه الشخصية القاسية والامراض والتحديات التي مر بها خلال حياته , واخيرا مؤثرات بيئته الجغرافية ( حيث المناخ والتضاريس ) ، ان الخصائص الجغرافية لأي بيئة طبيعية على الارض وفي الجو تترك آثارها وملامحها على طريقة معيشة البشر الذين يحيون فيها ونمط تفكيرهم وبالتالي على طبيعة الثقافة السائدة بينهم بقيمها واعرافها ، اي ان الثقافة العامة والسلوك الجمعي هما نتاج الجغرافية والاقتصاد ، وان الجغرافية والاقتصاد ومعهما القيم والاعراف السائدة يسهمون جميعا في تشكيل النظام الاجتماعي للمجموعة البشرية ، هذا النظام الاجتماعي يتفاعل مع البيئة الاجتماعية ويؤثر ويتأثر بها ، البيئة الاجتماعية تقوم بتشكيل الانماط السلوكية للافراد وكذلك الثقافة العامة ، اي بيئة اجتماعية تتشكل وتتبلور خصائصها وسماتها نتيجة تأثيرات ثلاثة عوامل وهي: (اولا) عامل اقتصادي ويشمل الاوضاع المعيشية والسكنية للافراد ، (ثانيا ) عامل جغرافي ويشمل طبيعة المناخ وتضاريس الارض ، (ثالثا) عامل ثقافي ويشمل طبيعة القيم والمعتقدات والاعراف السائدة في المجتمع وهي بمجملها تمثل الثقافة العامة ، وبالرغم من التأثير الكبير للعاملين الجغرافي والاقتصادي في تشكيل ملامح البيئة الاجتماعية الا ان للقيم والمعتقدات تأثيرا أكبر واعمق في رسم ملامح البيئة وتشكيل خصائصها الاجتماعية لتنعكس في النظام الاجتماعي العام ، فالانحطاط في الثقافة العامة او سوء القيم والمعتقدات الشائعة تنعكس سلبا على خصائص البيئة الاجتماعية وعلى النظام الاجتماعي برمته ، واستنادا الى هذه العوامل يمكن تفسير طبيعة السلوك الجمعي لافراد المجتمع ، واسلوب المجتمع في معالجة التحديات التي تواجهه ، ومعلوم ان معالم البيئة الطبيعية تتغير بشكل دائم مع الزمن ومع تطور حضارة الانسان لتنعكس على انماط معيشته ، وبالتالي فان الانماط السلوكية العامة والثقافة العامة في المجتمعات يجب ان تخضع لمنطق التغيير باستمرار ، وهذا ما يستوجب تطوير وتحديث النظام الاجتماعي بشكل دائم ، نستنتج مما سبق ان سلوك الانسان يكون نتاج تفاعلات ثلاثة عوامل خارجة عن ارادته وهي : 1 ) العامل الوراثي : ويتمثل في الانماط السلوكية التي ورثها الانسان من والديه والتي تظهر على شكل أفعال أو ردود أفعال تلقائية لا ارادية مماثلة للانماط الموروثة ، 2 ) العوامل الذاتية : وهي عوامل مكتسبة وتتمثل في الانماط السلوكية التي اكتسبها الانسان من تجاربه الشخصية ومعاناته ومن التحديات التي واجهته في حياته ، وحتى الامراض التي أصيب بها خلال حياته والتي تركت آثارها على قدراته البدنية او العقلية أو النفسية ، ومن الطبيعي ان الزمن يلعب دورا في احداث تغيير في السلوك الشخصي للانسان بحكم كبر السن وتوسع الخبرة في الحياة ، هذه العوامل كلها تعتبر تجارب ذاتية عميقة تسهم في رسم معالم شخصية الانسان وفي صنع سلوكياته ويورثها كأنماط سلوكية الى ابنائه فأحفاده ، 3 ) العوامل الموضوعية : وهي عوامل مكتسبة وتتمثل في الانماط السلوكية التي اكتسبها الانسان من خلال اساليب التربية التي تلقاها من أسرته منذ طفولته ، ومن نمط الثقافة العامة السائدة في مجتمعه والتي تنعكس لا اراديا في سلوكه ، وتشمل هذه العوامل طبيعة القيم والاعراف والمفاهيم الاخلاقية التي اكتسبها الانسان من أسرته ومن مجتمعه , هذه القيم والمفاهيم هي انعكاس لطبيعة المعتقدات والاعراف الاجتماعية او الثقافة السائدة في المجتمع ، وانعكاس لطبيعة الظروف المعيشية والاقتصادية والاوضاع السياسية في المجتمع , وكذلك هي انعكاس للاحداث التاريخية الماضية التي مر بها المجتمع والتي تركت رواسبها في اعماق الوجدان الجمعي , وكذلك هي انعكاس لعوامل البيئة الطبيعية المحيطة بالانسان وتشمل العوامل الجغرافية كالمؤثرات المناخية ( الحرارة وشدة اشعة الشمس ، والرطوبة ، والغبار ، والضغط الجوي ) من حيث الكمية والنوعية وطبيعة التضاريس والغطاء النباتي للارض التي يحيا عليها الانسان والتي تؤثر جميعها تأثيرا مباشرا على الحالة النفسية او المزاج العام وبالتالي على نمط سلوك الافراد ، وتسهم في صنع وتشكيل النمط السلوكي العام لافراد المجتمع او ما يسمى بالسلوك الجمعي ، ومن هذا المنطلق فانه ليس من المنطق ولا من العدل معاقبة الانسان المنحرف بعقوبة الموت عن تصرفاته المنحرفة الناجمة عن جينات معيوبة يحملها ميراثا من والديه , وبرأينا ان عقوبة الاعدام مهما كانت اسبابها ومبرراتها تعتبر عقوبة ظالمة وانتهاك لحقوق الانسان , ويمكن الاستعاضة عنها بوسائل عقاب او ردع مناسبة , الا في الظروف الامنية شديدة الخطورة التي قد يمر بها المجتمع وعندها يجوز تشريع عقوبة الاعدام ولفترة محددة تنتهي بزوال تلك الظروف وهذه تترك لتقديرات رجال الدولة الذين يتحملون مسؤولية ادارة الدولة ، واذا كان البعض يعتقد بان الغاء عقوبة الاعدام سيشجع على الاجرام فان رأينا هو ان الانسان المجرم او المنحرف هو انسان مريض وليس بحالة طبيعية , وان العلاج خير من العقاب , فمعالجة الاسباب الحقيقية للانحراف من الناحية الاجتماعية والطبية هو الاسلوب الصحيح في التعامل مع مشكلة الانحراف والاجرام , ان التدخل الطبي لمعالجة عيوب او اشكالات الجينات الوراثية وتصحيحها يسهم كثيرا في تحسين سلوك الانسان المنحرف ، وتقع على عاتق العلم مهمة انسانية عظيمة في ان يطور ابحاثه في مجال اصلاح الجينات الوراثية المعيوبة وتقويم الجينات المنحرفة
ـ هناك نظرية في تفسير السلوك تقول بان الانسان يولد على الفطرة ، وان الخير او الشر انما يكتسبه الانسان من مجتمعه ، نحن نرى بان هذه النظرية غير واقعية وغير علمية ، لان نوازع الخير اوالشر تولد مع الانسان فيحملها كما يحمل جيناته الوراثية ، الصفات الخيرة والشريرة تخضع لقوانين الوراثة ، فالشر نتاج خلل نفسي او عقلي ينتقل عبر الجينات الوراثية .. كما ان الخير نتاج حالة سليمة نفسيا وعقليا ينتقل ايضا عبر الجينات الوراثية ، فالانسان لا يمكن ان يكون شرير وعدواني اذا كان بحالة سليمة نفسيا وعقليا .. ونذكر بان سلوك الانسان ليس فقط نتاج جيناته الوراثية فهناك عوامل اخرى تدخل لاحقا بعد الولادة للتأثير على سلوك الانسان مثل ثقافة ومعتقدات المجتمع والظروف الصحية والمعيشية التي يمر بها الشخص
.... يتبع الجزء / 42



#رياض_عبد_الحميد_الطائي (هاشتاغ)       Riyad_A._Al-taii#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معالم الحياة المعاصرة / 40
- معالم الحياة المعاصرة / 39
- معالم الحياة المعاصرة / 38
- معالم الحياة المعاصرة / 37
- معالم الحياة المعاصرة / 36
- معالم الحياة المعاصرة / 35
- معالم الحياة المعاصرة / 34
- معالم الحياة المعاصرة / 33
- معالم الحياة المعاصرة / 32
- معالم الحياة المعاصرة / 31
- معالم الحياة المعاصرة / 30
- معالم الحياة المعاصرة / 29
- معالم الحياة المعاصرة / 28
- معالم الحياة المعاصرة / 27
- معالم الحياة المعاصرة / 26
- معالم الحياة المعاصرة / 25
- معالم الحياة المعاصرة / 24
- معالم الحياة المعاصرة / 23
- معالم الحياة المعاصرة / 22
- معالم الحياة المعاصرة / 21


المزيد.....




- -خطر شديد ومباشر-.. الأمم المتحدة تحذر من خطر ظهور -جبهة جدي ...
- إيران تصف الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ب ...
- إسرائيل: 276 شاحنة محملة بإمدادات الإغاثة وصلت إلى قطاع غزة ...
- مفوضية اللاجئين تطالب قبرص بالالتزام بالقانون في تعاملها مع ...
- لإغاثة السكان.. الإمارات أول دولة تنجح في الوصول لخان يونس
- سفارة روسيا لدى برلين تكشف سبب عدم دعوتها لحضور ذكرى تحرير م ...
- حادثة اصفهان بين خيبة الأمل الاسرائيلية وتضخيم الاعلام الغرب ...
- ردود فعل غاضبة للفلسطينيين تجاه الفيتو الأمريكي ضد العضوية ...
- اليونيسف تعلن استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني في العدوان ...
- اعتقالات في حرم جامعة كولومبيا خلال احتجاج طلابي مؤيد للفلسط ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رياض عبد الحميد الطائي - معالم الحياة المعاصرة / 41