أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جهاد الرنتيسي - السجون في فضاءات المسخرة














المزيد.....

السجون في فضاءات المسخرة


جهاد الرنتيسي

الحوار المتمدن-العدد: 6776 - 2021 / 1 / 1 - 16:35
المحور: الادب والفن
    


تترك رواية "العوسج" لعبداللطيف مهنا انطباعا بامكانية "مسخرة" حياة السجون دون افقادها ملامح ودلالات القسوة التي ارتبطت بها منذ ان عرفت البشرية عقوبة افقاد الانسان حريته.
تكاد تسميات واوصاف الامكنة ان تروي نصف الحكاية التي لا يتوانى صاحبها عن القول بانها تجربة شخصية حدثت في منطقة عرفت نظمها السياسية بالتمادي على انسانية الانسان.
اوصاف من قبيل "محمية البعوض" ، الـ "صندوق"، الـ"قمرة"، "المربع" ، "محمية البق" ، "سفينة نوح" ، "نزل المجانين"، "برج بابل المقلوب"، "الحاوية المربعة شديدة التجهم" بعض المفاتيح السحرية للعوالم المراد الغوص فيها مما يبقيها وتفاصيلها الدقيقة لصيقة الاذهان بعد القراءة.
في بعض الاحيان يأخذ وصف المكان واسقاطاته منحى المقارنات لاظهار نفسية السجين وحالاته كما هو الحال حين تتحول دورة المياة الى روضة من رياض الجنة او تفتح غرف الزنازين افواهها على حوش السجن.
توسيع مسخرة العوالم المراد مسخرتها يقود الى الظروف التي تجري فيها الاعتقالات، فهي مبنية على وشاية حول كتابة اشعار ويوميات في حالة الراوي، او انتقام الزعيم الفاقد لرجولته من عشيق زوجته، او تشابه الاسماء الدارجة كما هو حال البحث عن ابن الجارية.
في سياق التدليل على ذهنية القمع واستخدامات السجون يندرج اعتقال الحمار وصاحبه بعد ان الحق الاول الاذى بالاخير ولم يخرج الاثنان من ورطتهما الى بعد اسقاط المجني عليه حقه على الجاني.
ولا تبتعد ظروف السجن عن ملابسات الاعتقال حيث يتحول السجين الى خروف العيد الذي يجري تسمينه قبل ذبحه، ويظهر مصطلح وسادة الاحذية، ويتحول استخدام السخان الكهربائي الى ميزة تتيح لصاحبها معرفة الاخبار والتجول في مدى اوسع من المدى الذي يتجول فيه شركاءه في الزنرانة.
حالة السجين احدى مكونات هندسة المسخرة في الرواية، تتباين اوصافها لكنها لا تخرج عن السياق او تفقد تقاطعها مع حضور المكان، يطفو فيها الجسدي على النفسي حينا، والنفسي على الجسدي في احيان اخرى، دون ان يفقدا الخيط الرفيع الذي يربطهما ببعضهما البعض.
تصبح اقدام السجين في احدى الحالات لوحة رعب سوريالية زاخرة بخطوط تقاطعت وتشابكت، اومنمنمات على اجساد بائسة في حالة اخرى، وفي كثير من الاحيان يفقد السجين عقله بعد الحط من كرامته والتفنن في انتزاع اخر ذرة من كبريائه.
حرص الراوي على انسنة السجان بعض تفاصيل مسخرة المشهد، ففي بعض الاحيان يظهر ديكا منتوف الريش يحاول تنفيس عقده على السجناء، وفي احيان اخرى اقرب الى البعير الشارد، وبينهما الحارس الطيب الذي لا يخفي تعاطفه مع المسجونين.
اعتاد القارئ العربي على تفنن الرواية في التوصيف الجاد لبشاعة السجن والسجان وظروف الاعتقال، الامر الذي يختلف مع العوسج حيث يتيح فعل المسخرة غير المألوف ـ في هذه الحالة ـ توسيع هامش النظر الى السجون العربية باعتبارها حالة غير بعيدة في غرائبيتها وكاريكاتوريتها عن نشوء دول المنطقة وتحولاتها والحياة السياسية فيها، ولا يخلو مثل هذه الاعمال من محاولة لفتح مديات القدرة على التعايش مع واقع يصعب احتماله، وربما اظهار مفارقته للعادي، وابقاء تغييره بعض اولويات التفكير.



#جهاد_الرنتيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهنا يحاكي منيف في عوالم العوسج
- التابوه اليهودي
- احاجي بسيسو في يوم الوثيقة
- مراوغة المحكي والاستعصاء على التجنيس
- حفر اعمق في طبقات العنف اليمني
- ما سقط من عهدة حنظلة
- نجمان لسماء واحدة
- قشور المستعمرة السعيدة
- على صفيح ملتقى رواية المستعمرة السعيدة
- ضلالة الروائيين العرب في المستعمرة السعيدة
- ماجد ابو شرار .. نموذج فلسطيني للمثقف الغرامشي
- تبعيث ولحدنة
- في تسييس الضمير الفلسطيني
- ما اثقل التركة
- كنت فلسطينيا
- في غواية المسالك
- في المسالة الكردية
- مقامرة المالكي تتجاوز الخطوط الحمراء
- فهلوة المالكي
- في الطريق الى جنيف 2


المزيد.....




- -أولُ الكلماتِ في لغةِ الهوى- قصيدة جديدة للشاعرة عزة عيسى
- “برقم الجلوس والاسم إعرف نتيجتك”رسميًا موعد إعلان نتيجة الدب ...
- “الإعلان الثاني “مسلسل المؤسس عثمان الحلقه 164 مترجمة كاملة ...
- اختتام أعمال منتدى -الساحة الحمراء- للكتاب في موسكو
- عثمان 164 الاعلان 3 مترجم.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 164 الم ...
- فيلم مغربي -ممنوع على أقل من 16 سنة-.. ونجمته تؤكد: -المشاهد ...
- نمو كبير في الطلب على دراسة اللغة الروسية في إفريقيا
- الحرب والغرب، والثقافة
- -الإله والمعنى في زمن الحداثة-.. رفيق عبد السلام: هزيمتنا سي ...
- مصر.. قرار من جهات التحقيق بخصوص صاحب واقعة الصفع من عمرو دي ...


المزيد.....

- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جهاد الرنتيسي - السجون في فضاءات المسخرة