أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - خطوات راسخة















المزيد.....

خطوات راسخة


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 6774 - 2020 / 12 / 29 - 16:18
المحور: الادب والفن
    


دينا سَليم حَنحن - أستراليا.

عندما تغتالني التنهيدةُ، أُحَاطُ بخاناتٍ من الأرق، فأختزلُ أحلامي الكبيرةَ بحلم واحدٍ صغيرٍ، وأقولُ كفى، حلمي هو زيارةُ الأماكنِ جميعِها التي داسَ فيها المعلمُ الأول، وكذلك حيث داسَ الأنبياءُ ورجالُ الله الصالحون، لم يكن الأمر مستحيلا أن أعبرَ ثنايا التاريخِ، وأطلّعَ على تتابعِ الحضاراتِ في بلد مُتَنازعٍ عليه يدعى فلسطين.
زرتُ مقاماتِ الأولياءِ الصالحين، والمغاراتِ التي باتوا فيها، والينابيعَ التي شربوا منها، وحتى الأشجارَ التي استراحوا في ظلِّها.
لكن، خصصّتُ هذه المقالة، بكلماتها المقيدةِ، لبعض الأماكنِ التي زرتهُا، والتقطتُ لها صورا بعدستِي الخاصةِ، وسوف أنقلُكم مع السيد المسيح في مسيرة حياته، وُلدَ في بيتِ لحم، وأمضى طفولتَه في الناصرة، وشبّ في الجليل، ومَكثَ في القدس، فيها تألمَّ وصُلب، وترك بصماتِه في أنحاء فلسطينَ كلّها.

فلسطينُ، والمفردةُ آراميةٌ، لغةُ السيد، ومعناها: فليس: المبارك، أو المقدس. طين: معناها الأراضي، أو طين الزيتون/ أرض الزيت.
من يولدُ في فلسطينَ، يكبُر على الطّللِ، وينهمكُ في البحث عن الآثار التاريخيةِ، ربما بالفطرةِ، أو بسبب حبِّ الاستطلاعِ والتشويقِ، فكلُّ بناءٍ قديمٍ يحوي أحداثا وأسبابا لبنائِه، والبناءُ، يعني الحياةَ الاجتماعيةَ، والعمرانَ، والازدهارَ.
آثرتُ الكتابةَ عن بعضِ الكنائسِ التي شُيّدَت، بعد صعودِ المسيحِ إلى السماء بسنواتٍ عديدةٍ، والتي حملتْ ذكرياتٍ، وحكاياتٍ، وعِظاتٍ، ومعجزاتٍ.

وبما أنّ الموضوعَ يتّسِعُ لعشراتِ الكتبِ سوف أختصرُ وأبقى في الجليل، وهي كلمةٌ عبريةٌ، معناها الشكلُ البيضويُّ، وينقسمُ الجليلُ إلى عدة أقسامٍ، وفي كل قسمٍ تَنَامتِ القرى والمدنُ على شكلٍ بيضويٍّ، مرّ بها السيدُ عند التقائِه بالعامة.
أما بحيرةُ طبريا، وتقعُ في الجليلِ الشرقي، ففيها حصلتِ الكثيرُ من الأحداث والمعجزاتِ، ظهورُ السيد وهو يسيرُ على الماء على مرأى من عيونِ تلاميذِه وظنوه شبحا، وهناك قام بتهدئةِ العاصفةِ التي كادت أن تودي بسفينة تلاميذه، وهناك ظهر لهم بعدَ القيامة، على الشاطىء وهم عائدون من الصيد بالشباك فارغةً من السمك، قال لهم من بعيد " ألقُوا الشبكةَ إلى يمين السفينة "، وحيث ناولهم خبزا وأطعمهم سمكا، في المكان ذاتِه عندما قام بشواء السمكِ وإطعام تلاميذِه بيده.
بُنيت على بحر طبريا كنيسةُ بطرس، الطابغةُ، بحجارتها السوداءِ، شأنُها شأنُ المباني جميعِها في المدينة الأثريةِ، استخدُمتِ الحجارةُ التي قذفتها الانفجاراتُ البركانيةُ المتتاليةُ في العمران، حصل آخرُها قبل أربعة آلاف سنةٍ، وتبعد الكنيسة مئتي متر عن الشاطىء، من يزور المكان يلاحظ الصخور السودَ المنتشرةَ في الأنحاء.

في القرن الخامسِ الميلادي، شُيّدت كنيسةٌ حديثةٌ على أنقاض بيتِ بطرسَ الحقيقي، على شاطىء بحيرةِ طبريا، وتمّ الحفاظُ على آثار البيتِ القديمِ الذي تردّد عليه المسيح.
وأقيمَت في الحِقبة البيزنطيةِ كنيسةُ القديسين، بطرسَ وبولسَ في كفرِ ناحومَ، على مشارف بحيرةِ طبريا، لقد اختار يسوعُ المسيحُ أن يعيش السنواتِ الثلاث َ الأخيرة من حياته في مدينته، كفرِ ناحوم.
ومن المعجزات التي قام بها، شفاءُ غلامٍ عمل خادما لدى قائدِ المئةِ في كفرِ ناحوم.

فعلتُ كما قيل: "عندما ترقصُ، لا يكون هدفُك الوصولُ إلى مكانٍ ما في ساحة الرقص، لكنك تحرصُ على الاستمتاعِ بكلِّ خطوةٍ"! زرتُ الأماكن وفي كل مرة كنت أجدُ المزيدَ الممتعَ الذي دعاني إلى النبش مجددا.
وطئتُ شاطىءَ البحيرة حافيةَ القدمين، فالسعادةُ تكمُن هنا، هكذا أخبرتُ نفسي، توقفتُ في مكاني للتأمل، شعورٌ خفيٌّ يدَعُ البحرَ يقتربُ مني ويأخذُني من حاضري ويذهبُ بي إلى الماضي الذي لم أعشْه، أستطيعُ أن أقول، إنّ إيمانيَ بالمسيح إيمانٌ عاديٌّ جدا، لست من المتلهفين أو الطامحين، ولا من المتزمتين أو المنغلقين، ولست تواقةً إلى البكاء كما يفعلُ البعضُ، لكنني أشعرُ بسعادة الاكتشافِ وزيادةِ المعرفةِ التي تحفزني على اكتشاف المزيد، فالطرقاتُ التي سلكها السيدُ ما تزال تعجّ بخطواتِه، مفعمةً بالأمانِ، والقداسة، والمحبة، والاطمئنان، وتستكين إليها الروح دون تردد.
طارت قُبعتي فانحنيتُ لالتقاطِها، هربتْ مع الريح واستقرت أعلى الصخور الواقعةِ في نتوءٍ ضيقٍ، حيث أقف تماما، استُخدم المكانُ سابقا ميناءً لسفن الصيد، قالوا، ترجّل السيد من هنا وقصد الشاطىء، المسافةُ ضيقةٌ، والكنيسةُ التي بُنيت فيما بعد على صخرة، والصخرةُ محفوظةٌ، استخدمها مائدةً جهزها المسيح للتلاميذ الذين عادوا من الصيد دون أن يعرفوا من يكون، رُفِعت إشارةٌ كتب عليها Mensa Christi.
لم يمتطِ المعلمُ فرسًا، ولم يأتِ محاربا، ولم يسعَ إلى نشرِ نبؤته بالقوة، بل فعل مثلما فعل الفلاسفةُ القدماءُ، المشاؤون وتبعَه الناسُ، قدّم أمثلة اتخذَها من الواقع، ولم يأمر أحدا بالاستماع، ولم يُنظّر أو يُحكّم أو يُملي، فقط تحدث عن واقع معاش، وأوصى تلاميذه بعدم إخضاع أو إلزام أحد للاستماع، وأصبح صديق الفقراء، والمحتاجين، والمعذبين، والمرضى.

شارك أيضا في الحياة الاجتماعية، وبارك الخبزَ، وقام بتحويل الماءِ إلى خَمر في عرسٍ أقيم في قانا الجليل، قدّس الزواج بين الرجل والمرأة، ورفعهما إلى مقام سرّ إلهيّ، وأقيمَت كنيسة العُرس، في المكان ذاته في قرية كفر كنا، في الجليل الأسفل، تبعد 18 كم عن بحيرة طبريا، خصصت الكنيسة لطقوس الزفاف، وتأسست في القرن السادس عشر ميلادي.

لن أنبش في النبؤات، وليست مهمتي، بل سأذهب بكم إلى المدينة التي رفضت المعلم، الناصرة، فقال عندما بدأ يعلّم يوم السبت في المجمع، واجتمع عليه اليهود رافضين الاستماع له: " ليس نبي بلا كرامة إلا في وطنه، وبين أقربائه وفي بيته ".
احتفظت ناصرةُ الجليل، وحتى اليوم بالأماكنِ التي بُشّرت فيها العذراء مريمُ بحَملها، كما احتفظت بنبع الماء الذي شربَ منه السيدُ عندما مارس مهنة النجارة، كما احتفظت بالزقاقات التي ركض فيها طفلا وسار فيها شابا يافعا.
إن أحسستَ بالعطش وأنت في الناصرة، عَرّجْ حيث النبعة الجارية داخل كنيسة البشارة للروم الأرثوذكس، املأ كفك واشرب، من هناك يبدأ مِشوارٌ جديدٌ.



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحياة مستنقع
- تيفولي - ايطاليا
- من يافا إلى بيروت
- منطقة كانغرو بوينت
- فظاظة اللسان
- مش غلط أتذكر
- رحلة إلى جزيرة جيمس بوند - تايلاند.
- رحلة الهجرة، إصرار وواقع.
- حملت البومة الأمنيات
- رحلة إلى شلالات هوكا - نيوزيلاندا
- الساعة المقدسة
- الأقصر وأسوان وحِكَم أحيقار - سقطة برديات يمكنها أن تغيّر ال ...
- أقاوم النّوم بالنّعاس
- زِند طائِر البوم
- دينا سليم حَنحَن.. هجرة أسترالية فجّرت ينابيع الأدب
- كورونا عصر وزمان - نَبتَ الضّحك وخرج من قيده.
- بتعرفوا شو ؟
- جيل ضائع بين أهل الكهف والمجرات.
- حكاية البئر والراعي
- الطريق إلى حيث نريد ولا نريد – تايلاند.


المزيد.....




- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - خطوات راسخة