أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - يا الله!!














المزيد.....

يا الله!!


مختار سعد شحاته

الحوار المتمدن-العدد: 6773 - 2020 / 12 / 28 - 17:54
المحور: الادب والفن
    


إلى روح ح. م:

جاءني الله على سحابة كبيرة...
لم يكن عابثًا كما أخبروني،
رفعني كما يُرفع العارفون نحو السماء، وقال في أذني مباشرة...
أنا الله؛ فلا تخف...

طأطأت رأسي، وحاولت البكاء، والحكاية عن كل الخيانات التي صمدت عليها روحي...

وحاولت أن أخبره عن أمي وطفلتي وابني وأخ غريب عن الدنيا زيفوه في الغربة وعاد بلا روحه التي غادرتنا...

حاولت أن أخبره عن الثورة التي كانت وعن الأحلام التي ماتت، وعن الأصدقاء، وعن الذين ارتمينا تحت أقدام المحبة حتى يرضوا...

حاولت أن أحدثه عن المطاردات والمطارات والقتل واغتيال أطفالنا في الشوارع وعن صديق له لحية بطول الذراع...

حاولت وحاولت وحاولت... وقلت وقلت وقلت...

حدثته عن الميلاد الجديد في أرض بعيدة، وعن مدينة قررت في لحظة أنني لا أناسبها، وعن أرض طردتني منها الخيانة وما اشتكيت...

حاولت صدقوني أن أسأله في النهاية لماذا سندخل النار؟ وعن معنى العذاب المقارن مع فقدي...

الله فوق السحابة صامت،
جليل...

يرى كل العالم هناك ويعرف؛ فلماذا لا يجيب؟!

يا رب أنزلني مرة أخرى لآخذهما في حضني، وأشتري حذاءها الجديد؛ ولعبته التي يريد...

ربما أحتاج الآن أن أمسح دمعة أمي التي أفزعوها وخوفوها بالحكايات عني وعن ذلك المجنون الذي حولوني...

يا الله أنزلني،
لا أحب السحاب!!

يا الله كيف تعرف عن فقد طفلين، وأنت لم تلد ولم تولد، ولم يكن لك صاحبة ولا ولد؟!

لماذا استثنيت نفسك من هذا الامتياز؟!! وطعم المرارة التي تقذفها الصور؟!
لماذا يا ربّ أنت وحيد؟! وكيف تقضي كل الحياة محرومًا من هذا الأمل؟!!

يا الله؛ هل يعرف النور من عاش أبدًا بلا ولد؟!

أرجوك!!
هذا عقلي الذي جردتني منه، وهذا عمري الذي شاخ على عيني، وهذا جنوني، وهذا جنوحي، وهذي صلاتي، وهذا وردي الصباح والمساء، وهذا دفتر ندمي على سوء اختياراتي، وهذا خيار يقولون عنه مكتوب، وهذا ولد، وهذه بنت، وهذا ألم، وهذه غرفتي، وهذا أنا وحيد، وهذا أنت الأحد، فلماذا لا يكفي الثمن؟!

يا الله!!
هنأتُ جارًا بالعيد، وغسلت شجرة الميلاد ككل عام بالدموع، وانتظرتك في منتصف الليل كما أخبرونا صغارًا، أشعلتُ شمعة، صليت في الليل، سجدت عند أقدام تمثال، رفعت وجهي للسماء، ناشدت ماء النهر، هامست النجوم، قلت للقمر حين كان بدرًا، أنت جميل، وقلت للشمس أنت إله، قدست بقرة، انحنيت أمام النار، تمسحت بالضريح الذي قالوا أن ولي الله نام فيه للمرة الأخيرة، صعدت قلاية في الدير، بكيت مرات على كل حائط العمر، وشجعت شابين على الإلحاد، يظنان أن الكون محض انفجار عظيم، وكنتُ أنانيًا ولم أخبرهما عنك سوى أنك وحيد، لم يلد ولم يولد، بكيا كثيرًا، وطلبا مني الحديث عنك أكثر...

صرت مجنونا يخاطب العصافير كلما عبرت حديقة بيتي الجديد، كلما رأيت صورة أمي تقول يا (حبيبي رد لي حبيبي، ورد على حبيبي كل حبيب)...

يا الله،
عام جديد، عام سعيد، وأنا وأنت بلا ولد.



#مختار_سعد_شحاته (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة فائضة في كتاب -حتى ينتهي النفط- لصامولي شيلكه
- النزلة
- طفلة بروتستانتية وطفل يحب النبي
- رسالة إلى صديقي المجهول
- من تجليات الخلوة
- دين أمي.
- ضريح التنوير المصري يدفنه إبراهيم عيسى بفيلم صاحب المقام
- أشباه المدن
- الشيخ أحا
- خرافة الصنم والأجيال المستقبلية
- فاصل من تاريخ النشر العربي وأزمته الآنية
- بلوك وريح قلبك؛ بلا مثلي بلا ديني متشدد!!
- رسائل إلى المشترى، الرسالة الرابعة
- المرأة والفيزياء
- حكايات كتاب الألم المقدس
- ترامب... البطل الشعبي العنصري
- طفلان
- مرآة السيارة
- نص البنت التحتاني، كله حلاوة رباني. (أزمة المهرجانات)
- الطفلة


المزيد.....




- «أوديسيوس المشرقي» .. كتاب سردي جديد لبولص آدم
- -أكثر الرجال شرا على وجه الأرض-.. منتج سينمائي بريطاني يشن ه ...
- حسن الشافعي.. -الزامل اليمني- يدفع الموسيقي المصري للاعتذار ...
- رواد عالم الموضة في الشرق الأوسط يتوجهون إلى موسكو لحضور قمة ...
- سحر الطريق.. 4 أفلام عائلية تشجعك على المغامرة والاستكشاف
- -الكمبري-.. الآلة الرئيسية في موسيقى -كناوة-، كيف يتم تصنيعه ...
- شآبيب المعرفة الأزلية
- جرحٌ على جبين الرَّحالة ليوناردو.. رواية ألم الغربة والجرح ا ...
- المغرب.. معجبة تثير الجدل بتصرفها في حفل الفنان سعد لمجرد
- لحظات مؤثرة بين كوبولا وهيرتسوغ في مهرجان فينيسيا السينمائي ...


المزيد.....

- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مختار سعد شحاته - يا الله!!