أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اخلاص موسى فرنسيس - تناقضات...من المجموعة القصصية -على مرمى قٌبلة-














المزيد.....

تناقضات...من المجموعة القصصية -على مرمى قٌبلة-


اخلاص موسى فرنسيس
(Eklas Francis)


الحوار المتمدن-العدد: 6754 - 2020 / 12 / 7 - 04:28
المحور: الادب والفن
    


متثاقلة تحت حملها، وشنط السفر، شنطة حمراء على كتفها، وأخرى سوداء تشدّ كتفيها بقوة إلى الوراء، ترتدي شعرها المسدل على كتفيها كنهر على جبينها، خان المنديل الأحمر الذي يحضن شعرها، وهربت الخصلات تقبل جبينها وهي فخورة بحريتها، ومن وراء نظارته عينان تبحثان عن شيء ما، حبّتا زيتون عسليّ تتدلّيان من بين ظلال الرمشين اللذين يحرصان على حمايتها برفة وبلحظها بين الفينة والأخرى. حذاؤها البنيّ المفتوح من جنبيه يحرص على أن يطأ الأرض، ويثبتها بها لئلّا تطير في فضاء المطار، عندها من سيردها تستقلّ طيارة التيه، تبيع الحاضر وتشتري الحلم، تسير على غير هدى، تدخل المحلات التجارية القابعة في بهو المطار، تبحث بين البضائع المعروضة على شيء ما ، كلّ من رآها سألها بابتسامة: هل يستطيع مساعدتها؟
تردّ بابتسامة وإيماءة من الرأس:
لا، شكرًا.
ما تبحث عنه ليس معروضًا على رفوف المحلات في المطار، ما تبحث عنه لا يبتاع في أيّ مزاد، ما تبحث عنه هذه المخلوقة التي جاءت إلى هذا العالم بغلطة ارتكبها في ليلة ما والداها.
أول تحيّة كانت للحياة في صرخة، وكأنّها تبكي وجعها قبل الأوان، مثل موج البحر أفكارها وأحاسيسها تائهة دون ذلك الطيف الذي تبحث عنه.
حاولت أن تجده في وجوه المسافرين، وفي جوازات السفر تبحث عن ذاتها، ولكن دون جدوى.
جالت في المقاهي، احتست القهوة والكابتشينو، لعلّها ترتق جرح ضياع وتيه، لعلّ الشتاء يتغيّر إلى ربيع، حتى السماء باحت بالمطر حزنًا على الرحيل تشاركها السماء البكاء، وتمطر كالرحيل بغير أوان.
لم يجبرها أحد على هذا العشق بل سارت إليه بخطى متسارعة حين ابتسمت لها الحياة أخيرًا برجل حلّ في قلبها ضيفًا دائمًا سكن بل أسكنته وأعطته إقامة أبدية، وهي تعرف أنّها فتحت باب جهنّم على قلبها، تعلم مخاطر فعلتها، تجمعها معه سويعات قليلة، وتباعد بينهما الكرة الأرضية التاريخ والجغرافيا، سويعات وثلاث قبلات كانت الحياة، صرخت بوجهه ألا تفهم، هذا ما تبقى لي وأنا في مطارات الحنين مسافرة بلا هدف، أحمل تذاكر العشّاق من بلد إلى بلد، أهرب منّي، أطاردني علّني أجدني، أحملك كالطفل في أحشائي، وأحمل نغمة الصوت مجنونة، أعاني شغب المشاعر امرأة خاطرة في بال الذكرى.
أنّبها ضميرها، وهي تلمح من خلف الزجاج الفاصل بينها وبين ذاك الرجل الأسمر الذي كانت أقصى أمانيه أن يجلس معها لساعات يتأمّل وجهها، ويسمع صوتها وضحكتها، لم يكن من الرجال المتطلبين أبدًا، يرضيه أن ترمقه بنظرة، أو تقول له نكتة سخيفة، وكانت تستجدي الكلمات، وتكسر برودة الجلسات الطويلة المليئة بشتى أنواع الأحاديث عن العمل والشغل والثرثرة الفارغة، وهي تعرف جيدًا أنّه ينتظر الفرصة تلو الفرصة كي يقفز من حجرة صمته، ليقول بصراحة: أعشقك، ويعود إلى صمته الطويل، كأنّه أحد أعمدة الهياكل المرمية على ضفاف النيل، صامتة لو أتيح لها أن تتكلّم لقالت الكثير، وكتبت عن الإجحاف الذي مورس بحقّها من أقرب الأقربين من أبناء البلد، رجت في سريرتها أن يتركها وشأنها، فهي في البعد عنه بمقدار قربها من حبيب روحها وعشقها الأوحد، كيف تخبره أنّ قلبها مشغول بسواه، وهي تعلم أنّها ستقضي عليه؟
تركته خلف الزجاج، وسارت في خطى بدت له فراشة تنتقل من زهرة إلى زهرة، وكم تمنّى أن يقفز فوق السور يخطفها إليه، ويهرب لها إلى آخر الدنيا، وهي في دوّامة، وأقصى أمنياتها اتّصال هاتفيّ عبر الأسلاك يحملها على أجنحة العشق السرمدية من شقيق الروح.



#اخلاص_موسى_فرنسيس (هاشتاغ)       Eklas_Francis#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في رواية اخلاص فرنسيس “رغبات مهشّمة- عرض ونقد مصطفى ال ...
- مثقلين بالوجع
- البيوتُ، الأماكنُ، والذّكرياتُ
- “علاوي” على موعد مع الحياة
- فستان أزرق فارغ منّي.
- فيروز فعل الإيمان والغبطة
- يوم الطفل العالمي
- الوردة ذات التويجات المبعثرة (مصطفى النجار)
- اعترافات
- -تجلّيات حب- شعر مصطفى النجار
- قراءة في عنوان ديواني -وأمضي في جنوني- بقلم الشاعر جميل داري
- ثريات الحبق
- الجميل النائم
- حلم تفتّح في أباريق الندى
- نهاية كورونا
- هو وطنٌ
- القلب المقدس
- عزلةٌ
- الحب يلد الأطفال
- قراءة في قصيدة -لاءاتُ جسد- للشاعرة حياة قالوش


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اخلاص موسى فرنسيس - تناقضات...من المجموعة القصصية -على مرمى قٌبلة-