أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اخلاص موسى فرنسيس - الجميل النائم














المزيد.....

الجميل النائم


اخلاص موسى فرنسيس
(Eklas Francis)


الحوار المتمدن-العدد: 6721 - 2020 / 11 / 2 - 08:54
المحور: الادب والفن
    


سواء كان رجلا وينام بإرادته أم لا
الأهمّ هذه تجربتها هي، تفكّر وهي تنظر إلى من يشغل حيّزاً كبيراً من سريرها.
الجميلات النائمات منذ قرأتها، وهي تقضّ مضجع روحها، الفتيات النائمات، والرجال الذين انتهت صلاحيتهم، وأصبحت قدرتهم على الممارسة سطوراً باهتة على صفحات التنهدات، وحسرات على أيام مضت، وذكرى لحظات حميمة تؤجّج كلّ شيء ما عدا ....فأصبح الرجال زبائن هذا المنزل الذي بين الأشجار الكثيفة على شاطىء البحر، وكأنّي به منزل خارج من عمق البحر، من عمق الأساطير، يخفي بين جدرانه المزخرفة سرّاً دفيناً، يشدّ من الرجال اليائس القادر على الدفع، كي يضطجع في حضرة الجمال. لا يؤمّ هذا البيت أيّ كان بل له زبائنه المميّزون. كان الرجل منهم يستلقي الى جانب فتاة خُدّرت قبل أن يراها، وممنوعة عليه إن تحرّكت رجولته، ممنوع عليه تدنيس هذه الجميلة النائمة. يا لهذا العقاب الوخيم المسموح به كلّ شيء والفتاة لا تشعر بأن هناك رجلاً سبعينيّاً أو ثمانينيّاً ينام إلى جانبها، يتحسّس مواطن الحياة فيها ليشعر أنّه حيّ، يتمدّد إلى جانب الجسد العاري، وأحيانًا ربما لا يلمسه بل يتأمّله أو يتحدّث إليه مفضياً لواعج قلبه لحسناء نائمة، ويبلع أقراص المنوّم المخصّصة له، ليسافر في رحلة الأحلام والذكريات، وفي الصباح يوقظه صوت الواقع، صوت امرأة أخرى من عالم آخر وكأنّها وجدت كي تُذكّر كلّ من هؤلاء الزبائن بعجزهم ومحدوديتهم. قد تجاوزت الأربعين، ولم تعد تصلح لتكون إحدى الجميلات النائمات، تسأل بابتسامتها المبتذلة كيف كانت ليلتك؟ هل وجدت راحتك؟ وما كنت تنشد بين أحضان الجميلة؟
وماذا عن الراحة في أحضان الجميل؟
كانت قد خرجت من الحمّام الدافئ للتوّ، لفّت شعرها الأسود الطويل بمنشفة بيضاء، وجسدها الأسمر بأخرى، تحمل شتى أنواع الزهور، لم تتجاوز ال٦٧ من العمر، وجسدها ما زال متماسكاً، والمنشفة التي تشدّ الصدر جعلته يبدو أجمل. تأمّلت انعكاس صورتها، وفي خيالها صورة الفتيات النائمات، وبالتحديد الجميلة ذات الشعر الأسود التي تنام بعفوية على الوسادة حيث راحت أنامله تسير بين خصلاته فتفوح رائحة الطفولة منه.
رفعت يدها وبدون أدنى تفكير حلّت المنشفة التي تكبّل شعرها الأسود، وتركته ينسدل على كتفيها ووجهها نزولاً حتى صدرها الذي تأجّج، وانتعش من ملامسة الخصلات الدافئة، فارتعش جسدها تحت المنشفة، فراحت تهشّ خصلات الشعر عن جبينها بأطراف أناملها، ما كشف استدارة عنقها البضّ الذي ما زال يبدو فتيّاً لعمرها، فسارت تتحسّسه، وتنثر العطر خلف الأذن، وتلمس بروية أرنبة أذنيها، وانحدرت تشقّ طريقها إلى الصدر المشدود الذي تأهّب تحت بخار اللمسات، فشعرت بضيق، تستعيد في ذاكرتها كيف رفع الغطاء عن الجميلة النائمة، وأخذ يدها في راحة يديه، ومن ثمّ وضعها على صدره، وفي حركة عفوية حرّرت النهد والجسد من قبضة المنشفة، وتركتها تسقط أرضاً. داستها برفق، وراحت تحدّق في انعكاس صورتها في المرآة. ما زال البخار الدافئ يتصاعد كالبخور من كلّ مسام فيه، لم تنل منه السنون إلّا قليلًا، بدا أشدّ تماسكًاً تحت وطأة الرغبة واللمسة والرعشة، وفي داخلها تشتعل رغبة ابنة الثلاثين. استدارت، وبعين ويد فاحصة جابت معابد روحها التي تسكن هضاب جسدها، محاوره وسهوله ومغاوره وأخاديده، وفي شفتيها رغبة لقبلة دافئة.
يقول أدونيس: إنّ الجسد هو هدية الروح للروح، إذن لهذا الجسد حقّ الاهتمام الروحيّ، كلاهما يكتملان معًا، وما نحن إلّا أرواح ترتدي هذا الجسد الفاني الذي يشبه شجرة، كانت بذرة ثمّ نبتة، ثمّ كبرت، وامتدّت أغصانها للريح تعانقها، فطرحتها مكسورة، وتشلعت أغصانها تحت عوامل الطبيعة ودورة الحياة، شاخت وقطعت من أرض الأحياء. هذا الجسد الذي حكم عليه بالفناء بعد فترة زمنية محدّدة حيث لا تفلح بعدها العقاقير ولا الجراحة كي تحيي رميم العظام، وتعيد إليها ما تآكل، واندحر وانحسر. الجسد يشيخ أمّا الروح فلا تعرف عمراً. الجمال الخارجي يفنى، ولكن الروح تزهو وتزهر، الجسد يشتهي، والروح ترويه، وتعطيه، وتهذبه، الجسد يطلب، يبرد، يتألم، يبكي، يضحك، يحترق، يتأثّر تحت كلّ العوامل الزمنية. ألم يخلقه الله هكذا له احتياجاته؟ ألم يجعل لكلّ عضو من أعضاء جسدنا وظيفة يقوم بها؟ إذن لا تطفئوا الجسد.



#اخلاص_موسى_فرنسيس (هاشتاغ)       Eklas_Francis#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حلم تفتّح في أباريق الندى
- نهاية كورونا
- هو وطنٌ
- القلب المقدس
- عزلةٌ
- الحب يلد الأطفال
- قراءة في قصيدة -لاءاتُ جسد- للشاعرة حياة قالوش
- قراءة في قصيدة -لا تسافر- للدكتور عبدالحكيم الزبيدي
- للحرية وداعاً
- لا تنسَني
- -نهوضُ القرنفلِ- الشاعر مصطفى النجار
- -مناديلُ ملونةٌ-الشاعر مصطفى النجار
- -القنديل- للشاعر مصطفى النجار
- حوار مع الاستاذة فاطمة قبيسي -المطالبة بالعدالة الاجتماعيّة-
- ويبقى الحبّ ملاذًا في زمن كورونا.
- إرهاصات
- قصيدة للشاعر مصطفى النجار -ذاكرةُ المشهدِ-
- -القصيدة- مصطفى النجار
- ذاكرةُ المشهدِ - مصطفى النجار
- قبلَ الزّوالِ بقبلةٍ


المزيد.....




- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - اخلاص موسى فرنسيس - الجميل النائم