أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفرفار العياشي - احتجاجات منتصف الليل.. الخفافيش لا تخرج إلا ليلا















المزيد.....

احتجاجات منتصف الليل.. الخفافيش لا تخرج إلا ليلا


الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)


الحوار المتمدن-العدد: 6746 - 2020 / 11 / 28 - 14:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لواحدة ليلا , الكل نائم بعد يوم صعب وعصيب , التقارير المتتالية الصادرة عن وزارة الصحة بازدياد عدد المصابين و انتقاله إلى بؤر محلية يزيد الأمور تعقيدا و توثرا .

الدولة بكل مؤسساتها تعمل ليلا ونهارا و تبصم على عائد تدبيري اعترف به الجميع و قدره الوطنيون حق تقديره , و أشاد به الأجانب , لدرجة ان مقولة المغرب دولة الاستثناء أصبحت بديهية و مسلما به .

الدولة كانت حاضرة و أصبحت مرئية في كل الزوايا , و في تفاصيل حياة الناس و قضايا المجتمع من توفير العلاجات و تامين المؤن , و الحفاظ على الأمن و السلم الاجتماعي , و ضمان الاستقرار النفسي و الحفاظ على الإنتاج الاقتصادي الأساسي , اظافة الى بناء حملات للتوعية قادتها السلطات بتميز، وأنتجت تجاوبا منقطع النظير يعكس حجم الانسجام بين الملك و الشعب, و بين مؤسسات الدولة و المجتمع .

كارل شميد المفكر الألماني، اعتبر ان الدولة القوية تظهر في وقت الأزمات الكبرى, وهو ما كان جليا من الحضور المتوازن للدولة و كل مؤسساتها في تدبير أزمة قاتلة , لدرجة ان دولا كبيرة و متقدمة فشلت في تدبير الأزمة و هو ما عبر عنه رئيس الوزراء الايطالي : لقد انتهت كل حلول الأرض , فالأمر مكفول لأمر السماء , و هي إشارة على حالة اللا- جدوى و عدم فعالية الدولة لتطويق تداعيات فيروس قاتل .

دولة حاضرة و مجتمع مدني يقظ , و متملك لمصيره و قد امسك بوعي شفاف و حقيقي الأزمة و تداعياتها , ادرك قيمة الحضور الايجابي، و أن بناء المستقبل يكون عبر الحضور في وقت الشدة، و النتيجة ترافع و تعبئة شاملة تجسدت في حجم الانسجام و حجم الانخراط و الالتزام بقرارات الدولة، حيت اختفى التافهون، وكل البقايا الاجتماعية بتعبير السوسيولوجي الايطالي باريتو، كل من لا ينتج و لا يؤدي وظيفة في منظومة الانتاج , وإنما يعيش على مجهود الآخرين وتتغذى على التفاهة.

البارحة ,و بشكل صادم، عشرات المواطنيين يخرجون ليلا في فعل احتجاجي على الله , و على فيروس مواجهته موكولة للعلم و ليس عن طريق الصراخ و البكاء، وهو خروج صادم يكشف ان الخارجون ليلا هم اشبه بخفافيش ازعجها النور و الحقيقة و العائد التدبيري الفعال لازمة , عبر ثلاث مؤشرات لتشابه :

المؤشر الاول غزو منتصف الليل

بشكل غير متوقع و بعد يوم طويل من العمل , و الساعة الواحدة ليلا و الكل نائم , الأطفال و الأمهات و العجزة و المرضى و من تعبوا طيلة النهار من اجل توفير الحماية لمن ينامون نهارا و يستيقظون ليلا .

كل الغزوات كانت تنطلق من فكرة مقدسة ان من يملك الحق هو من يكبر و بالتالي ينتصر , لذا كان صراخ الجهاديين الجدد و الدين اكتسبوا شجاعة بعد ان فرغت الساحات و نام الناس, و اطمأنت السلطات على الجميع على امل معركة جديدة ضد فيروس فتاك قاتل . لكن الجهاديون الجدد، و أميل إلى تسميتهم بخفافيش الظلام او بغزوة الخفافيش لعدة اعتبارات أهمها :

ان الخافيش لا تعيش إلا في الظلام و لا تخرج إلا في الظلام , فالنور شرط هروبها , لذا النزول ليلا في غزوة الشوارع الفارغة ازعاجا للمرضى و الاطفال و الشيوخ و العجزة و لكل الامنيين في منازلهم .

ان تصيح الله اكبر كبيرا و الحمد لله كثيرا ليس دليلا على امتلاك الحق , لان من يمتلك الحق لا يصرخ و لا يخرج الى المواجهات مختبئا , ففرسان الاسلام لا يخافون و لا يختبئون و لا يزعجون . ربما انصار علي كانوا يهللون , و انصار معاوية كانوا يهللون كذلك , و كلا من الجيشين يقوده صحابي مبشر بالجنة .

التهليل و التكبير اثناء القتل هو فكر داعشي , لدرجة ان الغرب جعلها سبة و دليلا على تناقض العقل الاسلامي , و هو ما عبرت عنه المستشارة الالمانية ميركل : ان المسلمين جعلوا الله مع القاتل ومع المقتول في مشهد سريالي يجعل العاقل مجنونا , فالقاتل يردد الله اكبر و المقتول يردد الله اكبر . هذا التناقض المؤلم هو ما عبر عنه بحزن عميق الروائي ئ العربي إبراهيم نصر الله, و في روايته الرائعة زمن الخيول البيضاء , يتساءل امام بشاعة الوضع و ماساويته يلزمنا قلوب اكبر لكي تتسع لكل هذا الاسى و لكل هذه الأوجاع والإحزان ؟

قول الحق يشترط قوة القائل , فالخروج في منتصف الليل هو مؤشر على ان مفعول الجبن كان مضاعفا من خلال استغلال خلو الساحات من اجل بناء فنتازيا احتجاج , و استغلال ظرف استثنائي حيت الكل مجند من اجل مواجهة الموت .

ربما , تجربة هؤلاء الجهاديين الجدد و الذين لا يملكون الا الصراخ و الكثير من الجبن , تجعل منهم خفافيش تنتعش في الظلام و تقتات على راحة الاخرين

المؤشر الثاني : خفافيش تزعج الاطفال و الشيوخ

ماوقع البارحة شبيهة باكتساح الخفافيش لشمال استراليا سنة 2012. وهي قصة اوردها الصحفي المتخصص في شؤون الخافيش كيرين باري جونز و الذي كتب أن الخفافيش ليست فقط مزعجة، بل إنها تسلب الأطفال النوم، و ان الخافيش تسببت بحالات اكتئاب للكثير من ساكنة المنطقة.

و ان مجلس مقاطعة يوروبودالا خصص سنة 2021 مبلغ 2.5 مليون للتخلص من الخفافيش المسببة للازعاج و الكثير من الاذى لاسيما منع الأطفال من النوم.

اورد الصحفي ان مجلس المقاطعة قرر قطع الأشجار من اجل التخلص من الخفافيش وهو الاقتراح الذي لقي معارضة شديدة , و تم استبداله عن طريق إزعاج أعشاشهم بماكينات دخان، وضوضاء عالية تخرج من مكبرات صوت قوية وأضواء قوية قبل الفجر، ويحذر المجلس من أن البشر القريبين سيتحملون أسابيع من النوم المضطرب

هجوم الخافيش على مدن استراليا , و ما نتج عنها من نتائج من أهمها ازعاج الأطفال وحرمانهم من النوم , لعل حكاية الامس وخروج من المحتجين على فيروس غير مرئي و بعد الواحدة صباحا وهم يصرخون , عبر اقحام الله في جريمة حرمان الاطفال من النوم , حرمان العجزة من النوم , حرمان المتعبيين من الحق في راحة . و هو ما يشكل خروجا صريحا عن النص القراني سورة النبأ الايتين التاسعة و العاشرة مصداقا لقول الله تعالي : وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا 򞑿﴾ وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا �﴾ وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا .

هؤلاء جعلو الله سببا في حرمان الاطفال من نومهم و هي حكاية تشبه و تتقاطع مه مرويات الصحفي الاسرائيلي ادم شاف في حكايته التي تفسر لماذا يكره الطفل الاسرائيلي الرسول محمد , حيت يتم تصوير الرسول الكريم باللص وسارق السعادة من أطفال إسرائيل، مضمون الحكاية انه في المناسبات الدينية يشتري الآباء اليهود لأبنائهم ملابس وهدايا قبل يوم العيد ويتم تخزينها بعد أن يراها الأطفال، في انتظار حلول العيد وفرحة العيد بتسلم الهدايا، ولكن صبيحة العيد وبعمل مسرحي ماكر تظهر علامات الحزن والأسى وسط العائلة والطفل يسأل أين لعبي؟أين ملابسي؟ليخبره الأب:إنها سرقت. والطفل يسأل: من سرقها؟ فيجيب الأب:إنه محمد زعيم العرب قد سرق لعبك وملابسك بعد أن تسلل ليلا . فيثور الطفل ليذهب مسرعا ليأخذ لعبة في شكل بندقية ويخرج للشارع يريد أن يستعيد لعبته المسروقة من سارق اسمه محمد ومن قوم محمد اللصوص الذين يريدون سرقة سعادته حسب التوصيف اليهودي.

ربما حكاية تتقاطع مع حكاية الخروج المزعج , انها جعلت من الله مزعجا للاطفال و الرضع و هو تصور عدواني يجعل من المقدس طريقا للتدمير و العنف , واسلوبا لبناء الكراهية و الحقد , عكس روح الإسلام و عظمة القران و الذي جعل للحرب اخلاقا و ووضع للسيوف اخلاقا .

المؤشر الثالث : كائنات يزعجها النور

المؤشر الثالث , على ان الخارجون ليلا , هو خارجون عن القانون , خارجون عن النظام و خارجون عن القيم الدينية و المجتمعية , من يفكر في الظلام و يخطط في الظلام لا يمكن ان يعلن عصيانه الا في الظلام و لا ينفذ مخططاته الا في لظلام .

هؤلاء يتشابهون و الخفافيش في كراهية النور , بل ان النور شرط لا ختفائهم وهروبهم , ما تقوم بالدولة و المجتمع اليقظ من انجازات في لحظات صعبة و قاسية يثير الاحترام و التقدير , كبريات الصحف العالمية بمن فيها تلك التي عادت المغرب و سياسات المغرب كثيرا تكتب باندهاش عن الدرس المغربي و عن الاستثناء المغربي و عن الوحدة المغربية و عن اهمية المواطن المغربي و كيف فضل جلالة الملك المواطن و صحة المواطن على الاقتصاد و عائداته المرتبطة بالخارج .

الاكيد ان معركة المغرب و المغاربة دولة و مجتمعا , ملكا و شعبا ليست الان , و ان مواجهتهم قادمة بلا شك من اجل بناء وطن بلا حقد.



#الفرفار_العياشي (هاشتاغ)       Elfarfar_Elayachi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فيروس كرونا والهروب من الحقيقة
- العالم القروي و التحولات الاجتماعية في زمن العولمة دراسة است ...
- جائحة كورنا : الحاجة الى دولة سبينوزا
- ازمة فيروس كورونا و انسحاب الاليات التقيلة .
- لماذا تحترم النساء قرارات الحظر ويقاومه الذكور؟
- فيروس كورونا و المعرفة القاتلة
- التواصل الافتراضي و الهوس بالذات: - السيلفي نموذجا -
- التهرب الضريبي : و قيم المواطنة السلبية دراسة استكشافية بمنط ...
- العنف الرياضي ومجموعات الالتراس : طبيعته و اسبابه مقاربة سوس ...
- برنامج انطلاقة : الحاجة الى استعادة الدولة القوية .
- حين صبح الخبز تجارة !
- التجمع الوطني للاحرار و مسار الثقة : الانتصار للمساواة و فوض ...
- اخنوش و الطريق الى الجنة !
- روتيني اليومي : حين تنتصر التفاهة
- علمني و الدي حب الوطن و عدم كره الاغنياء
- حزب العدالة والتنمية واسلمة الفعل السياسي
- الصحراء و الزمن المغربي
- الأسس المرجعية لفكرة -الثورة من الأعلى- عند محمد حسن الوزاني
- الديموقراطية بين فكري سبينوزا و علال الفاسي
- المؤسسات السجنية و المعمار : مقاربة سوسيولوجية


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفرفار العياشي - احتجاجات منتصف الليل.. الخفافيش لا تخرج إلا ليلا