أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفرفار العياشي - فيروس كرونا والهروب من الحقيقة














المزيد.....

فيروس كرونا والهروب من الحقيقة


الفرفار العياشي
كاتب و استاذ علم الاجتماع جامعة ابن زهر اكادير المغرب

(Elfarfar Elayachi)


الحوار المتمدن-العدد: 6746 - 2020 / 11 / 28 - 14:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


اختار العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي اللجوء الى سلاح السخرية في التعاطي مع انتشار فيروس كورونا، من خلال تعليقات ذات حمولة سياسية سلبية ، ينتقد من خلالها هؤلاء كيفية تعاطي الدولة مع الفيروس .

حجم التعليقات و حجم السخرية كان كثيفا و متضخما , تكشف حجم اللاثقة في مؤسسات الدولة لاسيما وزارة الصحة في التعامل مع الوضع و توفير الحماية للمواطنين بدءا من حماية الحدود , الى توفير العلاجات و الخطط الاستباقية و توفير البنيات التحتية للاستقبال , و جاهزية المؤسسات الصحية و العلاجية للتعمل مع الوضع , لاشئ استثني من السخرية السوداء .

مئات التدوينات تكشف حجم اللاثقة و السخرية من الدولة و مؤسساتها , وهي رسائل مهمة يجب الانتباه اليها , غير ان واقعة حضيت بالكثير من المتابعة يتعلق الامر بفيديو مسجل بايران يؤثق مشهد شاب في الشارع العام يصبح بأعلى صوته انه مصاب بالفيروس , و يطلب نجدة من رجل دين شيعي معمم قابله بالشارع العام , الاخير يغير الاتجاه و يسرع هاربا خوفا ان يلحقه الشاب أمام اندهاش المارة , و الذين بقوا يتابعون بسخرية الموقف , كيف يهرب رجل دين كان متخصصا في الدعوة الى الموت من اجل ملاقاة الحسين و علي في الجنة ؟

و اقعة هروب رجل الدين المعمم تكشف منطق تفكير رجال الدين اثناء الازمات , و في اوقات الشدة أي حين يقفون امام الموت وجها لوجه . و هم المتخصصون في الدعوة الى الله و الدعوة الى للموت و الترحيب به و مواجهته بشجاعة , اعتبارا ان تجربة الحياة الدنيوية مجرد قنطرة مرور نحو العالم الحقيقي و الخالد , و ان السعادة لا تقيم هنا , و لكن هناك قرب الحسين والحسن و اللقاء معهما .

الحكاية , بسيطة لكنها عميقة تكشف كيف يتعامل اصحاب النصائح في اوقات الشدة , أي حين يكون امامهم فرصة لاختباراقوالهم , من خلال القدرة على مواجهة الموت باعتباره الحقيقة الاخيرة في عالم الحياة , لان الهروب يعني انهيار منظومة القيم التي ينادون بها .

المشهد له دلالات كثيفة , كيف ان مواطنا عاديا استطاع الاستهزاء برجل دين يقدم نفسه انه المالك الوحيد للحقيقة, و انه الوحيد الذي يعرف طريق الجنة و كيفية الوصول اليها , مواطن عادي جعل رجل الدين مجرد نكثة و هو يتظاهر انه مصاب , و يطلب نجدة ممن يعتقدون انهم يملكون قوارب نجاة في اوقات الشدة .

بلا شك اصبح الدين وسيلة من اجل السلطة و المال و ليس طريقا الى الله , والى مملكة الرب كما كتب عنها القديس او غسطين .

نحن امام تابث سلوكي , يتقاسمه كل التجار انهم يخافون الموت , بما في ذلك تجار الدين , بقدر حبهم للحياة و المال يخشون الموت , بقدر اصرارهم على الحياة و الاستفادة من نعمها . هو تصرف مخالف و معاكس كلية للقيم الدينية المؤسسة على الفدائية و التضحية و مساعدة الاخرين

ما وقع يكشف أننا أمام فكر زائف و انتهازي يبحث عن الحياة و الجاه و السلطة و المال , فينتج الكثير من الاوهام الخطابات المخادعة و التي تنهار اما الحقيقة و الواقع.

الهروب هو عدم القدرة على مواجهة الحقيقة و الخوف منها , المعمم يفر هاربا , لدرجة انه رفع جلبابه الى الاعلى حتى تزداد سرعته , لانه يدرك ان شرط البقاء مرتبط بالقدرة على الابتعاد باكبر مسافة ممكنة مع شاب, وهي مفارقة تستعصي على الفهم كيف لعجوز ان يكون أكثر سرعة من شاب . ربما الجواب يكمن في الحافزية و الرغبة في الحياة.فالسرعة في الهروب تعني السرعة في التخلي عن الافكار و القيم المحمولة حول الدنيا و الاخرة و الجنة و الموت .

الترحيب بالموت يعني استقبال الحقيقة , و عدم الرهبة امامه و انما التعامل معه كمعطى طبيعي مثل كل الأفعال اليومية و الاعتيادية للإنسان , عدم الخوف من الموت معناه التحرر من سلطة الجسد و غواية الجسد , و هو امر موكول للعظماء فقط و ليس للتجار .

التاريخ الانساني يحتفظ بالكثير من الشواهد , أهمها حكاية سقراط حين حكم عليه بالإعدام بشرب السم , بعد الحكم يتدخل اصد قاء ه لإخراجه من السجن بعد تقديم رشوة لحارس السجن .

المفارقة ان السجان قبل الرشوة, و لكن السجين سقراط رفض الخروج , مؤكدا لتلاميذته انه يرفض ان يهرب كي يعيش الجسد ؟ فقرر البقاء حتى يموت الجسد ليبقى الفكر خالدا , وحتى لا يقال ان سقراط قد تخلى عن افكاره في اوقت الشدة ؟

الفضيلة تبنى في الداخل و عبر الانسجام مع الذات من خلال التحكم و الانتصار على الجسد , و ليس الفرار من اجل البقاء على قيد الحياة كما فعل المعمم امام شاب يتسلى به .
بناء الفضيلة لا يتحقق بالدروس و المواعيض و الفتاوي و الخطب الباردة لكن من خلال الانسجام بين القول والفعل عبر تحويل المعتقدات الى سلوك . و ليس التخلي عن كل القيم من اجل الحيياة و التشبث بها .

فيروس لاكرونا كشف و مازال يكشف الكثير من الحقائق الصادمة منها :

التوظيف السياسي للفيروس كما وقع بالجزائر من اجل ايقاف زخم الاحتجاج بدعوى منع انتشار الفيروس اثناء التظاهرات .

و كيف ان شركات حولت الفيروس الى وسيلة لجني الاموال .

و كيف ان الصين استطاعت شراء اسهم الشركات الكبيرة بعد انهيار اسهمها .

كما كشف ارتفاع منسوب اللاتقة المرتفع بين الدولة و المواطن المغربي .

كما كشف ان رجال الدين الذين كانوا يصرون ان مهمتهم هي اعداد الناس للموت و استقبال الموت كانوا اول من فر حفاظا على حياته تاركا وراءه كل الخطب و الوصايا حول الموت والاستعداد للموت من اجل الجنة واللقاء مع الحسين.



#الفرفار_العياشي (هاشتاغ)       Elfarfar_Elayachi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم القروي و التحولات الاجتماعية في زمن العولمة دراسة است ...
- جائحة كورنا : الحاجة الى دولة سبينوزا
- ازمة فيروس كورونا و انسحاب الاليات التقيلة .
- لماذا تحترم النساء قرارات الحظر ويقاومه الذكور؟
- فيروس كورونا و المعرفة القاتلة
- التواصل الافتراضي و الهوس بالذات: - السيلفي نموذجا -
- التهرب الضريبي : و قيم المواطنة السلبية دراسة استكشافية بمنط ...
- العنف الرياضي ومجموعات الالتراس : طبيعته و اسبابه مقاربة سوس ...
- برنامج انطلاقة : الحاجة الى استعادة الدولة القوية .
- حين صبح الخبز تجارة !
- التجمع الوطني للاحرار و مسار الثقة : الانتصار للمساواة و فوض ...
- اخنوش و الطريق الى الجنة !
- روتيني اليومي : حين تنتصر التفاهة
- علمني و الدي حب الوطن و عدم كره الاغنياء
- حزب العدالة والتنمية واسلمة الفعل السياسي
- الصحراء و الزمن المغربي
- الأسس المرجعية لفكرة -الثورة من الأعلى- عند محمد حسن الوزاني
- الديموقراطية بين فكري سبينوزا و علال الفاسي
- المؤسسات السجنية و المعمار : مقاربة سوسيولوجية
- هاجر و الخرطوم ؟


المزيد.....




- مبنى قديم تجمّد بالزمن خلال ترميمه يكشف عن تقنية البناء الرو ...
- خبير يشرح كيف حدثت كارثة جسر بالتيمور بجهاز محاكاة من داخل س ...
- بيان من الخارجية السعودية ردا على تدابير محكمة العدل الدولية ...
- شاهد: الاحتفال بخميس العهد بموكب -الفيلق الإسباني- في ملقة ...
- فيديو: مقتل شخص على الأقل في أول قصف روسي لخاركيف منذ 2022
- شريحة بلاكويل الإلكترونية -ثورة- في الذكاء الاصطناعي
- بايدن يرد على سخرية ترامب بفيديو
- بعد أكثر من 10 سنوات من الغياب.. -سباق المقاهي- يعود إلى بار ...
- بافل دوروف يعلن حظر -تلغرام- آلاف الحسابات الداعية للإرهاب و ...
- مصر.. أنباء عن تعيين نائب أو أكثر للسيسي بعد أداء اليمين الد ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - الفرفار العياشي - فيروس كرونا والهروب من الحقيقة