أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - مَصْيَدَة الكركارات















المزيد.....

مَصْيَدَة الكركارات


ادريس الواغيش

الحوار المتمدن-العدد: 6735 - 2020 / 11 / 17 - 21:16
المحور: الادب والفن
    


في ظل انشغالات الولايات المتحدة بحمى انتخاباتها وروسيا بصراع "ناغورني قره باغ" بين أرمينيا وأذربيجان والصين بالبحث عن لقاح كورونا، سقط مرتزقة البوليساريو ومعهم جنرالات الجزائر بشكل مدوي في معبر الكركارات الحُدودي، بعد أن نصب لهم المغرب كمينا بإحكام وعلى طريقة "المْعَلمين الكبار" ليذيقهم مرارة الخيبة والهزيمة مرتين، الأولى مرارة مزمنة يعيشونها في مخيمات تندوف في ظل تردي الأوضاع المعيشية والاجتماعية بشكل مزري والثانية بالمنطقة العازلة، وقد حاولوا أن يجعلوا منها "مسمار جُحا" في خاصرة المغرب الجنوبية، وبين غباوة البوليساريو ومن يساندهم ودهاء ساسة المغرب وحكمته تبسط مرارات أخرى وخُسران مُبين.
نعرف أنه كان بإمكان الجيش المغربي أن يمشط المنطقة بتدخل عسكري قوي من الوهلة الأولى، بالنظر لما يتوفر عليه من قوة وخبرة وعتاد حربي وما راكمه من تجارب ومناوشات في الصحراء ومناطق أخرى، وما يمتلكه من إمكانات عسكرية ومدنية هائلة من اليوم الأول: أقمار اصطناعية تحلق في الفضاء وترسل صورا على مدار الساعة، طائرات حربية من نوع الأباتشي وال F- 16 المتطورتين، راجمات صواريخ ودبابات أمريكية عالية الدقة وترسانة حربية مهولة، لكنه مع ذلك لم يفعل، وتمهل المغرب بنظرة السياسي الحكيم ورسم هدفه بدقة واتبع الطرق القانونية والديبلوماسية المُمكنة، بعد أن أشهد العالم والأطراف المعنية بالأمر على جرم المرتزقة، قبل أن يعطي الملك محمد السادس بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة أوامره للجيش بالتدخل لفتح معبر الكركارات وفق ما يفرضه الموقف والضرورة، ولغبائهم وتعطل بصيرتهم وعماء من يخطط لهم، أصبح مرتزقة البوليساريو يمارسون عملا أقرب إلى مهام قطاع الطرق، وهنا يكمن الفرق بين بصيرة السياسي المحنك الذي يفكر بعقله وعمقه الاستراتيجي وبين العسكري الذي يفكر بأنيته وفوهة بندقيته.
وبعيدا عن الحسابات الاستراتيجية للقوى الكبرى ودسائس الأعمال المخابراتية للقوى العظمى التي تخطط لكل ما يجري من نزاعات في مناطق كثيرة من العالم، يلزمنا هنا ثقافة أخرى مختلفة لتفكيكها وتحليله،
تبقى دولة الجزائر واحدة من الدول التي أصابتها لعنة الصحراء المغربية، وشاركها أغلب من كان يساندها مذاق هذه اللعنة، لذا نجدها قد أفلست اقتصاديا وسياسيا أو انطفأ نجمها بشكل نهائي، والأمثلة هنا كثيرة، لن تكون جارتنا الجزائر أولاها ولا دولة جنوب إفريقيا آخرها، وإذا دخلنا حيث يرقد الشيطان بين ثنايا التفاصيل، سنجد دولا أخرى مثل ليبيا وكوبا وفنزويلا وغيرها، الأمور هنا كما يقال دائما بخواتمها، وخاتمة هذه الدول وزعمائها لا تسر أحدا من متتبعي أثرهم.
ماذا جنت دولة الجزائر وشعبها من وراء تجييش كل هذه الدول ومرتزقتها ضد مصالح المغرب ومعاكسته في وحدته الترابية بشكل عام أو صحرائه في الجنوب بشكل خاص، إلا مزيدا من العزلة والخسران إن على المستوى الإقليمي والقاري أو العربي والدولي، إن لم نقل على جميع المستويات.
وجاءت رصاصة الرحمة على جبهة المرتزقة كأنها نزلت من السماء، خطأ جسيم تمثل في غلق معبر الكركارات أمام حركة الشاحنات التجارية المغربية والإفريقية والأوروبية ليعري كل أوراق جنرالات الجزائر وسياستهم وإعلام دولتهم، وتركهم في العراء وحيدين منبوذين دوليا وإفريقيا وحتى عربيا، مل المنتظم الدولي ومجلس الأمن من أطروحتهم وتبرأ من فعلتهم في معبر "الكركارات"، ولم يستطع مناصروهم من بعض الزعماء الإفريقيين قراءة مسودة كانوا قد أعدوها في مجلس الأمن. كنا نتمنى أن يهتم جنرالات الجزائر بمخططات التنمية في بلادهم، وقد ضخ الغاز والبترول مليارات الدولارات في خزينتهم، كي تصبح جارتنا الشرقية قوة اقتصادية بجانبنا، نفخر بها مثل بعض دول الخليج أو دول نمور آسيا باقتصاد قوي وناطحات سحاب تعلو سماء الجزائر العاصمة أو وهران، وتصبح "دولة الجنرالات" نموذجا لنا ولدول العالم الثالث في التنمية، لكنها فضلت العناد ومنطق الحرب والمعاكسة والحسد، والنتيجة أنها ضيعت فرصة الإقلاع الاقتصادي بعدما أن تخلت عنها روسيا المنشغلة بمحيطها الإقليمي بعد تفكك الاتحاد السوفياتي ومعه المعسكر الشرقي، وتمسكت الجزائر بمنطق العسكر القديم وبمعاكسة المغرب في وحدته الترابية ومضايقته في تنميته وإقلاعه الاقتصادي.
وإذا كان التوتر في الصحراء جنوب المغرب قد وحد الشعب المغربي بكل أطيافه واصطف وراء الجيش المغربي وجلالة الملك، فإن العكس حصل على الطرف الآخر في الجزائر، وإن أنكر المنكرون، إذ حدثت انشقاقات انضافت إلى حراك الشارع الجزائري المُزمن في كبريات المدن مطالبا برحيل شيوخ الجنرالات عن قصر المرادية من أجل تحقيق دولة مدنية، وازدادت التفرقة بين مؤيد لأطروحات العساكر ومعارض لها، واعتبر كثيرون من الأصفياء في الجزائر أن ما يجري في الصحراء هو شأن مغربي ولا علاقة للجزائر به، بعد كل الذي جرى ويجري في الصحراء المغربية من اعترافات بالجملة بمغربية الصحراء وفتح قنصليات عربية وإفريقية في مدينتي العيون والداخلة، وبدأت كثير من الأصوات الجزائرية تدعو جهارا لترك المغرب وشأنه في صحرائه.
ويمكننا في الأخير أن نستخلص ما يلي:
- ظهور روح تضامن قوي بين كل أطياف الشعب المغربي في الداخل والخارج، واستعداد الشعب المغربي حمل السلاح من أجل قضيته الأولى، لأن الصحراء قضية شعب أكثر منها قضية ملك أو حكومةن لأن الحكومات راحلة ومتغيرة والصحراء باقية.
- تعرية بعض الخونة والطيور المعادية، على قلتها، تغني خارج السرب المغربي
- وقوف أغلب الدول العربية إلى جانب المغرب في قضية وحدته الترابية
- لم يتخل الإعلام الجزائري عن تكرار أسطوانات قديمة ومشروخة، من قبيل: "العدو الكلاسيكي" أو "مساندة حركات التحرر" وأيضا "حكرونا المغاربة" التي ما فتئ جنرالات الجزائر يكررونها منذ مناوشات حرب الرمال سنة 1963
- الاتحاد الأوروبي يشدد على حرية التنقل في معبر الكرمارات، لينضاف بدوره خصما صريحا للطرف المعادي لوحدتنا الترابية
- عجز المينورسو عن اتخاذ أي إجراء في حق قطاع الطرق، وعلى المغرب أن يتصرف وفق ما تمليه عليه مصالحه الوطنية العليا
- تطبيق القانون المغربي على الصحراويين في الجنوب كما يطبق على المغاربة في الشمال، فيما يتعلق بوحدة المغرب الترابية
- انزياح الموقف الموريتاني تدريجيا نحو المغرب، ونتفهم بالتأكيد هذا التحول التدريجي ونعرف أسبابه
- فشل عساكر الجزائر في المراهنة على حصول مجزرة في المنطقة العازلة بالكركارات من خلال الزج بحفنة من المدنيين ومعهم بعض العسكريين المندسين معهم، لأنها ربما كانت تريد أن تتخلص من شرذمتها بشكل جزئي، في انتظار التعامل من تبقى في مخيمات تندوف
وأخيرا وجب أن نشكر قواتنا المسلحة الملكية على تعاملها باحترافية عالية في طرد المرتزقة دون إسالة قطرة دم واحدة، دون أن ننسى العمل الجبار الذي قام به وزير الخارجية ناصر بوريطة رجل الديبلوماسية المغربية بامتياز، بعد أن طبع المرحلة بنجاحاته في حلحلة هذا الملف بشكل إيجابي، وأن نطلب الهداية لإخواننا الصحراويين ممّن غـرّر بهم جنرالات الجزائر وظللهم الإعلام المزيف في المخيمات، لأنهم يبقون في الأول والأخير مواطنون مغاربة.



#ادريس_الواغيش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب يتّجه بثبات نحو العُمق الإفريقي والجزائر حائرَة...!!
- أبْحَثُ عنّي فيّ...!
- نوستالجيا: الرّباط، بدءا بالإعفاء من الخِدمَة العَسكرية وانت ...
- بين زمَان الشاعر وزَمَن المُغَنّي...!!
- حاملو الشهادات العليا: بين اكتساب المَعرفة وتوظيفها...!!
- حاملو الشهادات العليا بين اكتساب المَعرفة وتوظيفها...!!
- محمد بوهلال قيدُوم الصَّحفيّين بفاس يُصدرُ -في الضفة الأخرى- ...
- مدن بأسمائها... !!
- قصة قصيرة: لا شيء أعجَبني
- تارودانت مَسافة نَأي وحُسن نسَاء
- القراءة والإبداع مع العُزلة الاختيارية وليس مع الحَجر الصّحّ ...
- الزّمَنُ الخِصْبُ في -يوميَات مُعلم في الجَبل-
- عبد الرّحمن اليوسفي، المُستثنى منَ الأصل
- يومَ ضعتُ في واحَة -تُودْغَى-
- الجَمعُ بين السّيناريو والإخراج أضرّ بمُسلسل -سلمَات أبو الب ...
- تولستوي في تَافرَاوت
- وُجُوهٌ عَمَّدَتْهَا شَمْسُ الظّهيرَة
- الحَظّ لُعبَةٌ لا أتْقِنُها
- كورُونا والأرَضَة التي أكَلت عَصَا سيّدنا سُليمان...!!
- عَرّافاتٌ تَعْلِكْنَ الكَلام - Des voyantes qui mâchent des ...


المزيد.....




- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ادريس الواغيش - مَصْيَدَة الكركارات