أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نائل الطوخي - كرنفال الكرة و الادب على ناصية العالم














المزيد.....

كرنفال الكرة و الادب على ناصية العالم


نائل الطوخي

الحوار المتمدن-العدد: 1606 - 2006 / 7 / 9 - 09:21
المحور: الادب والفن
    


الجلوس في آخر المدرجات امتياز يحترمه جيدا المجانين و محترفو الشغب. منذ خلقها الله و احتلها الأسبان كان هذا الموقع من العالم هو نصيب القارة الأكثر إجراما و الأكثر إبداعا في التاريخ، أمريكا اللاتينية. في جنوب غرب الكوكب يمكن للقارة السمراء أن تري العالم بتأمل أكبر، تقذفه بالبن و التانجو و الثورات المتعاقبة، و لكن الأهم من كل شيء، يمكنها أن تتعرض لتيارين شديدين من الهواء يتلاطمان عندها كما هو جدير بناصية العالم، تيار الأدب و الكرة، تعيد إنتاجهما ثم تبصقهما علي سائر الأركان.

عندما حلل كونديرا تاريخ الرواية الأوروبية مشبها إياه بشوطين لكرة القدم أغفل أمرا مهما، حيث أوروبا هي قارة الرصانة، قارة التقاليد التي تنمو ببطء، أما اندفاعة الأهداف المفاجئة في الأدب فلا تعرفها إلا أمريكا الجنوبية. لنتذكر تقليد البوم و كيف ترسخ في خمسين عاما متجاوزا كل ما تفعله أوروبا خلال قرون ثلاثة. الاشتعال المفاجئ للأدب اللاتيني، البوم، أو كما يترجم أحيانا، الصرعة، يذكرنا بالعمر القصير جدا للاعبي الكرة و لنجوميتهم. لا يكادون يحققون شيئا حتي يكتشفوا أنهم قد هرموا و لم يعودوا يصلحون إلا للتعليق أو التدريب، و هو أبعد شيء عن الأدب، بمعناه المؤسسي الوقور، و أقربه إلي الجنون. التوهج السريع ثم الانطفاء المفاجئ و الأكثر سرعة كان من نصيب الأرجنتيني دييجو مارادونا الذي لم يرد بتعاطيه المنشطات إلا تطبيق حكمة أدبية صميمة: مزيد من المخدرات يعني خيالا أكثر عظمة، في الكتابة و اللعب علي حد سواء.
تلاعب أمريكا اللاتينية أوروبا، المنافس التقليدي، و لا ننسي أنه بمفهوم ما، استعماري بالطبع، فإن الفضل في اكتشاف القارة السمراء يرجع للقارة البيضاء. العلاقات بينهما معقدة، بدأت كرة القدم في البرازيل من أوروبا. جاء الإنجليز باللعبة إلي هذا البلد. لسنوات لم يكن هناك لاعب أو مشجع واحد أسود. بعد فترة قصيرة ستصبح كرة القدم لعبة شعبية رائجة في الشوارع و علي الشواطئ البرازيلية. ستشتهر اللعبة هناك للغاية، سيتم تشبيه شهرة الأديب البرازيلي الشهير جورجي أمادو بشهرة بيليه، و سيقال إن منصب مدرب المنتخب القومي البرازيلي أهم من منصب رئيس الجمهورية. كذلك ستتلقي العديد من الدول الأوروبية الهزيمة علي يد المنتخب البرازيلي الذي لم يتخلف عن المونديال مرة واحدة خلال السبعة عشر عاما السابقة. هذا الصعود حدث بخبرة أوروبية إضافية، فكثير من اللاعبين البرازيليين تعاقدوا مع نواد أوروبية مثل رونالدو مع نادي برشلونة الأسباني و سقراط مع نادي فلورنسا الإيطالي، و عادوا إلي بلادهم قائدين إياها نحو المونديالات المتعاقبة. في نفس الوقت سنجد بورخس، و هو الأرجنتيني ذو الثقافة الإنجليزية، هو الذي يفتتح الاهتمام بالأدب اللاتيني في فرنسا عندما يلقي محاضرة عن أمريكا اللاتينية. المعني في الحالتين هو تمريرة أوروبية، واثقة من نفسها إلي حد العمي، للمنتخب اللاتيني الناشئ، و لكن المنتخب الناشئ يكشف عن خبرة رهيبة. يسدد اللاتينيون هدفا نهائيا في الشبكة الأوروبية. و تبقي المفارقة المريرة في أن هدفي بورخس، و معه مواطنه كورتاثر كذلك، هما بالتحديد من لم يتم تسديدهما في شباك لجنة نوبل باستوكهولم. كان هذا انتصارا أوروبيا علي الأدب اللاتيني لا يوازيه إلا خروج البرازيل و الأرجنتين هذا العام من المونديال علي يد فرنسا و ألمانيا، و هما رمز أوروبا العريقة. كل شيء في القارة المجرمة يختلط ببعضه، في كرنفال كبير. لا حدود للأدب أو للسياسة أو لرقص السامبا، و التي تؤدي في الملعب كصلاة بعد كل هدف. كذلك ينسي باولو كويلهو نفسه، فيلبس قناع ساحر الصحراء و يوجه نصائحه لمشجعي البرازيل في كأس العالم: لقد قدم رونالدو و مازال يقدم الكثير للبرازيل. أود أن أري الناس تعامله في حب و تقدير و تقبل و تسامح و ليس في انتقاد و رفض. الحب هو ما سيجعله يتحسن و يقدم ما عنده. هذا الحب سيدفعه دفعة عظيمة. مثلما في رواياته، يحاكي كويلهو الحكماء الآسيويين. يمحي الحدود بين الأدب و الدين و الكرة. يجعل الكون كله يتآمر لصالح البرازيل، فقط إذا رغبت البرازيل في مصلحتها بعمق.
كان بورخس يتخيل كونا يسميه البعض مكتبة، كونا لامتناهيا يحوي قاعات خماسية ملتصقة ببعضها البعض. ربما كان يتخيل في ذات الوقت كرة القدم ذات الرقع سداسية الأضلاع التي يمكنها الجري في الملعب بلا نهاية مثلما مكتبة بابل هي بلا نهاية. و إذ تصبح كرة القدم هي الكون/ المكتبة أفلا يكون في ذلك إشارة إلي أنها هي حبة الفاصوليا التي يري فيها المتصوفة العالم كله كما في قصته الشهيرة الألف؟ هل كان هذا هو الطموح المكبوت و النهائي للكاتب الأعمي الذي يعيش علي ناصية العالم: رؤية الكرة الأرضية كلها داخل نموذج دائري، بلا بداية و لا نهاية، صلب و إنما مراوغ و متهرب دوما، مثل كرة القدم؟



#نائل_الطوخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بلدوزر.. تجار حشيش و مقابر.. تاريخ ملاحقة الكتاب الرخيص
- أدب المتدينين في إسرائيل و شيطنة الآخر
- يرسم نفسه، يكتبها، و يهدي فنه للعالم، مرايا الفنان بيكار
- فيروز و الرحابنة.. صوت عصي على الوصف و مسرح يعري النزاعات و ...
- كأس العالم.. إن شاء الله.. القضية الفلسطينية على الجدار العا ...
- عن تشابه الأحذية برغم كل شيء، حذاء الجيش و حذاء الباليه
- شاعر إسرائيلي: تصوروا أننا نقتل و خلاص! تصوروا أننا أشرار جد ...
- كومبارس الكتابة و الثورة المؤجلة
- ميتاعام.. الوقوف على نقيض الحفل التنكري الإسرائيلي
- كتب السوبر ماركت.. عمارة يعقوبيان بجوار اللانشون و الشامبو
- مينا.. جسر أدبي من الإسكندرية لنيوأورليانز
- بين رسم الحدود و تمزيقها.. علاء خالد و أمكنة للتسامح
- إميل حبيبي.. فلسطيني منفي عن إبداعه
- الاديب الاسرائيلي أ. ب. يهوشواع ليهود أمريكا: لسنا منكم
- كيف اختفى القبطي؟ و لماذا لم نشعر به عندما ظهر.. صورت الأقبا ...
- قاسم حداد و فاضل العزاوي في القاهرة, إلهان, واحد للحكمة و ثا ...
- الاستقلال اليهودي و جراح النكبة
- ردا على الرسوم الدانماركية.. مسابقة إسرائيلية لأفضل الكاريكا ...
- الفلسطينيون الخارجون من سجن أريحا ..حاولت إسرائيل تعريتهم فأ ...
- أمهات يعملن ضد قيم الأمومة بنشاط


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نائل الطوخي - كرنفال الكرة و الادب على ناصية العالم