أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نائل الطوخي - الاستقلال اليهودي و جراح النكبة














المزيد.....

الاستقلال اليهودي و جراح النكبة


نائل الطوخي

الحوار المتمدن-العدد: 1549 - 2006 / 5 / 13 - 11:13
المحور: القضية الفلسطينية
    


بين الاستقلال و النكبة حدود طويلة, هي الحدود التي صنعتها الصهيونية عندما أرادت عزل يهودها عن القرى العربية, فطردت أهلها صانعة بذلك نكبتهم و صائغة عبارة "يوم الاستقلال" لتمهر بها مذابحها باسم مثير للخيال, اسم يجعل من اليهود شعبا محتلا من قبل شعوب أخرى, هي الشعوب التي عاشوا بينها, و حانت لحظة استقلالهم الآن, حيث في عالمها التطهري لا إمكان لتعايش أناس ينتمون لديانات و قوميات مختلفة سويا. في هذه الأيام يحتفل الاسرائيليون بيوم الاستقلال, و هو ذكرى تأسيس دولتهم, و يبث التليفزيون الإسرائيلي تمجيده لل"بطولات" الصهيونية, عاميا تماما عن رؤية الجانب المنكوب, الشريد بسبب "استقلال" مزعوم, لم ينتج عنه إلا تبعية أكبر لكل الأطراف.
في إطار محاولة لإنتاج ذاكرة بديلة للضحايا, سارت مؤخرا بقرب جبل الكرمل, في قرية أم الزينات, مظاهرة اشترك فيها ألفان و خمسمائة شخصا للإشارة إلى الذكرى الثامنة و الخمسين للنكبة. شارك في المظاهرة عرب و اليهود ممن ينتمون لحركات مدنية و سياسية. حملت المظاهرة أعلاما عليها أسماء القرى التي حرقت و هجرت في 48, و هي تبلغ حوالي 530 قرية تقريبا, و قد شارك المؤرخ الإسرائيلي الشهير, و الأستاذ بجامعة حيفا, إيلان بابيه, في هذه المظاهرة, قائلا لصحيفة هاآرتس أن جوهر الاعتراف بما حدث في 48 يرمز إلى تجاوز حاجز الإنكار. "سوف يثبت الاعتراف أن الحل العملي لمشكلة اللاجئين لن يكون سيناريو فيلم رعب كما تحاول الحكومة و المؤسسة تصويره لسنوات طويلة." كذلك أشار إلى أن "عدد اليهود يزداد من سنة لسنة في هذه المظاهرات, مما يثبت أن المجتمع المدني الإسرائيلي , بخلاف المؤسسة و الحكومات الإسرائيلية على اختلافها, لا ينكر النكبة".
لم يكن هذا الاحتفاء بالذاكرة البديلة هو الوحيد من نوعه, فإلى جانب تلك التظاهرة و المقامة في الضفة الغربية, أقيمت أمسية في مسرح تموناه في تل أبيب حاولت مقاربة تلك الذاكرة. تحدث في الأمسية إسرئيليون و فلسطينيون, ممن كانوا ضحية لقصف جوي, معركة عسكرية, إساءة معاملة, أو حتى عمليات فلسطينية داخل الخط الأخضر. كانت الأمسية عبارة عن محاولة منح صوت لمن ماتوا بسبب الصهيونية, أو بسبب يوم "الاستقلال" هذا, و من لا زالوا يموتون. قالت عن المتحدثين القاصة و الصحفية في هاآرتس أورنا كوزين : "لقد تحدثوا جيدا, عبروا عن الحقائق البسيطة, تحدثوا عن أقربائهم الذين ماتوا, و استخلصوا من فقدانهم الاستنتاج الجمعي المطلوب: ينبغي فعل كل شيء لأجل وقف العنف. الاحتلال هو أساس الشر. يجب وقف الاحتلال" . و قارنت كوزين بين هذه الذاكرة البديلة و بين الذاكرة الرسمية التي تقدمها الدولة الاسرائيلية: "خرجت بمشاعر مختلطة من هذا الاحتفال البديل, برغم أنه مفضل في وجهة نظري, بالطبع, على احتفالات يوم الذاكرة الإسرائيلية الرسمية."
لم تطعن هذه الذاكرة البديلة فقط في أحادية الصوت الصهيوني و عماه عن رؤية القرى العربية المحروقة في 48, بل كذلك في ذلك الاحتفاء المبالغ فيه بالموتى و إعادة التذكير بهم. هذا الحب للموت و اتخاذه حجر أساس لبناء القومية هو شيء ليس بعيدا كل هذا الحد عن الصهيونية, التي احتفت بالدم منذ بدايتها, فيما يبدو مقرفا لكثيرين, إحداهم بالطبع هي أورنا كوزين, و يشاركها هذا القرف كذلك الشاعر بني تسيبار الذي يقول في مقاله بهاآرتس, رابطا الاحتفالات, و التي من ضمنها إذاعة أسماء القتلى الإسرائيليين في الحروب المختلفة عشية يوم "الاستقلال", رابطا إياها بمجيء حزب العمل إلى السلطة بعد سنوات طويلة من حكم الليكود: "إحدى الخسائر الكبيرة, التي تسببت فيها السلطة الشريرة لليكود, تكمن في أن تخليد الموتى قد غطى على ذكرى الناس الذين قام لأجلهم الاحتفال. كان الليكود طول الزمن في مشكلة, حيث أن من أقاموا الدولة كانوا أناسا يحتقرونه, و لم يكن هو موجودا في الحروب الأربع الكبرى لإسرائيل. و لذا فهو مهتم بتحويل كل الموتى في كل الحروب, الشرعية و الأقل شرعية, إلى كتلة واحدة من خلال محو الوجه الإنساني لكل قتيل."
كذلك قامت, بمناسبة ذكرى يوم "الاستقلال" ذاكرة بديلة من مكان آخر, ففي كتاب صدر حديثا بعنوان "القلة أمام الكثرة" ضم عدة مقالات لعدد من المؤرخين الإسرائيليين, تمت محاولة دراسة مجاز "الإسرائيليين القلائل الذين هزموا العرب الكثر". و فحص كم أن هذا المجاز كان منذ قيام الدولة, و بالتحديد في الحرب الحاسمة عام 48, مجازا مغلوطا لا يهدف إلا للحفاظ على صورة الدولة الضعيفة الرقيقة التي لا تنتصر إلا بقوة أبنائها الروحية فحسب. و هو المجاز الذي استقاه الاسرائيليون المحدثون من حروب المكابيين اليهود ضد الرومان قديما, ففي كل حروب إسرائيل كانت هي الدولة الأكثر عتادا و تفوقا عسكريا, بل و قوة عددية أيضا اعترف بها خطاب بن جوريون الذي قال فيه عام 1963 بشكل لا واع: "حتى لو بدا ذلك مختلفا فإننا نملك الآن جيشا أكبر مما يملكونه", و برغم هذا فلقد كان بن جوريون واحدا من أكثر من تبنوا مجاز "الإسرائيليين القلائل الذين يهزمون العرب الكثر". و في مقاله بالكتاب يتساءل الدكتور مردخاي براون عن هذا المجاز و هل مازال فاعلا حتى اليوم, و يجيب بأنه مازال فاعلا "فحقيقة أنه قد نجح في تجنيد عدد كاف من القوات لأجل هزيمة الدول العربية, و الحاجة لإيجاد درجة من الفخار القومي اليوم, يضمنان عدم تغير الصورة الشائعة لما حدث في عام 1948 في الذاكرة القومية ". و هو ما يجعل من الذاكرة الرسمية الإسرائيلية, بعناصرها و مجازاتها المألوفة, هي الذاكرة المتسيدة برغم كل شيء, و هي التي تحتفظ بطغيانها على كل الذاكرات الأخرى, التي تحاول, و تفشل دوما, في زعزعة هيمنة الصوت الواحد للمجتمع الإسرائيلي.



#نائل_الطوخي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ردا على الرسوم الدانماركية.. مسابقة إسرائيلية لأفضل الكاريكا ...
- الفلسطينيون الخارجون من سجن أريحا ..حاولت إسرائيل تعريتهم فأ ...
- أمهات يعملن ضد قيم الأمومة بنشاط
- عن إنكار الهولوكست.. القيم الغربية , إذا كان هناك ما يسمى با ...
- على ضوء الرسوم الدانمركية: عفاريت العنصرية الإسرائيلية تنطلق ...
- عن عملي كتايبيست حقير.. عالم بلا حبر أو دم
- إسرائيل, الجيتو اليهودي المحاط بالرومان و النازيين و العرب
- سوق الكتاب الاسرائيلي.. شكوى من انخفاض النوزيع لعشرين الف نس ...
- في النقاش حول رسام الكاريكاتير الدانماركي: العقم المطلق لحري ...
- عن الأدب الموصوف بأنه عبري. عن الجامعات المصرية و الإسرائيلي ...
- لماذا لا أدلع نفسي؟ لماذا لا أكتب مقالا عني؟
- البورنو في آخر أخبار حالة شارون الصحية
- الأديب الإسرائيلي دافيد غروسمان يمزق الضمادات بين الهولوكست ...
- فيلم الجنة الآن للفلسطيني هاني أبو أسعد.. إزاحة الستار عن ال ...
- أن يصبح الجنود الإسرائيليين جنودنا, أبناءنا الوسيمين
- سؤال في هاآرتس: لماذا لا يكون المطرب محمد منير قد مجد الإرها ...
- حوار مع نائل الطوخي في السفير اللبنانية: كلمة السر عندي إربا ...
- تموت أمي فتحيا الكتابة
- كتاب إسرائيلي يرصد: تقاطع الذكورة و النزعة العسكرية الإسرائي ...
- مجلة ميتاعام الإسرائيلية.. التعاطف مع المعاناة الفلسطينية لم ...


المزيد.....




- معلومة قد تذهلك.. كيف يمكن لاستخدام الليزر أن يصبح -جريمة جن ...
- عاصفة تغرق نيويورك: فيضانات في مترو الأنفاق وانقطاع كهرباء و ...
- هيركي عائلتي الكبيرة
- نحو ربع مليون ضحية في 2024 .. رقم قياسي للعنف المنزلي في ألم ...
- غضب واسع بعد صفع راكب مسلم على متن طائرة هندية
- دراسة: أكثر من 10 آلاف نوع مهدد بالانقراض بشدة
- بين الصمت والتواطؤ.. الموقف التشيكي من حرب غزة يثير الجدل
- تركا ابنهما خلفهما بالمطار لأجل ألا يخسرا تذاكر السفر
- في تقرير لافت.. الاستخبارات التركية توصي ببناء ملاجئ وأنظمة ...
- لماذا أُثيرت قضية “خور عبد الله” الآن؟ ومن يقف وراءها؟


المزيد.....

- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نائل الطوخي - الاستقلال اليهودي و جراح النكبة